شكّل التنافس على إعلان ضم المستوطنات والأغوار في الضفة الغربية مادةً انتخابيةً بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان الأسبق ورئيس تحالف «أزرق أبيض» (كحول لافان بالعبرية) بِني غانتس. فقد أعلن نتنياهو وغانتس عن نيتهما فعل ذلك بعد تشكيل الحكومة.
ورغم الفرق في الطروحات إلاّ إنَّها تقود كلها إلى الضم ولو ضمنيًا، فغانتس يرفض الخروج من المستوطنات ويعلن عن نيته ضمها لكن من خلال مفاوضات مع السلطة الفلسطينية؛ السلطة التي فتحت هي ذاتها باب الضم منذ توقيعها اتفاقية أوسلو لإقامة دولة على 22% من مساحة فلسطين، وأرجأت عدة قضايا من بينها المستوطنات إلى مفاوضات الحل النهائي.
أما نتنياهو، الذي تبدو حظوظه أعلى اليوم لتشكيل الحكومة مع تقدمه في النتائج شبه النهائية للانتخابات في نسختها الثالثة، فيشير باستمرار إلى نيته ضم المستوطنات والأغوار والمناطق المحيطة مثل البحر الميت مباشرةً بعد فوزه بالانتخابات، أو يعلن أحيانًا انتظار خطة ترامب لفعل ذلك.
بالتالي، فإن احتمال الضم أصبح أكثر واقعية من قبل، مما يستدعي الأسئلة حول التداعيات العملية لذلك على حياة الفلسطينيين في المناطق التي سيتم ضمها، فضلًا عن التداعيات السياسية على القضية الفلسطينية برمتها.
النقاش السياسي حول الضم
تزايد الحديث سياسيًا عن ضم المستوطنات في السنوات الأخيرة. فعام 2010، طُرح مشروع قانون في الكنيست لضم المستوطنات في الضفة الغربية باعتبارها أراضٍ إسرائيلية. وعام 2013، دعا نفتالي بينت وزير الجيش الحالي إلى ضم مناطق من الضفة الغربية إلى «إسرائيل»، وهو ما عبّر عنه مؤخرًا في مؤتمر حول التوسع الاستيطاني بالقول إن «إسرائيل ستقوم بكل ما هو ممكن لتكون مناطق «ج» جزءًا من دولة إسرائيل». ومناطق «ج» هي تصنيف تم استحداثه ضمن اتفاقية أوسلو لتقسيم الضفة الغربية، وهو يتبع للسيادة الإسرائيلية أساسًا بشكلٍ كامل، وفيه تتركز المستوطنات الإسرائيلية. وتشكل هذه المناطق 61% من الضفة الغربية.
في عام 2014، أشار رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست زئيف إليكن إلى أنَّه لا يوجد مفر من ضم تدريجي لأجزاء من الضفة الغربية. وفي تشرين الثاني من العام نفسه، تم الإعلان عن سريان القانون الإسرائيلي على المستوطنات في ضم ضمني وغير مباشر.
وكان أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» قد تصدر الحديث عن الضم في حملاته الانتخابية، حيث برز فيها شعار «أم الفحم لفلسطين، وأريئيل لإسرائيل»، في إشارة للتخلص من عدد كبير من الفلسطينيين في «إسرائيل»، وتعبيرًا عن ضم بقية المستوطنات، التي تعد إريئيل واحدة من أكبرها.
أما حزب الليكود، فقد صوت في اجتماع لجنته المركزية في 31 كانون الأول 2018 على قرار يدفع نواب الحزب في الكنيست إلى طرح قانون لضم الضفة الغربية إلى «إسرائيل». جاء ذلك بعد أشهر من طلب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين فحص إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية.
كما ناقش الكنيست إمكانية ضم مستوطنة معاليه أدوميم للقدس، وقبل الانتخابات الإسرائيلية السابقة بيوم واحد، جدد نتنياهو تصريحاته بشأن ضم المستوطنات في الخليل للسيادة الإسرائيلية.
تسويق الضم في «صفقة القرن»
فعليًا، كان أول ضم لمناطق من الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة عام 1948 بعد أيام من حرب 1967، بفرض القوانين الإسرائيلية على 71 كيلومترًا مربعًا من الضفة الغربية في القدس الشرقية.[1] كما اعتبر الكنيست الإسرائيلي عام 1980، في قانون أساس، أن القدس «الكاملة والموحّدة هي عاصمة إسرائيل»، وبذلك تصبح خاضعةً تمامًا للدولة من ناحية قانونية ويسري عليها ما يسري على المناطق المحتلة عام 1948.
أما «صفقة القرن»، فجاءت لتتوج كل الطرح السياسي من قبل الأحزاب الإسرائيلية حول المستوطنات والضم والضفة الغربية،[2] فالصفقة التي ترفض إخراج أي أحد من مكان سكنه، تشير إلى أنَّ السيطرة -أي الفلسطينية- على الضفة الغربية ستشكل تهديدًا وجوديًا لدولة «إسرائيل» خاصة أنَّ تجاربها في الانسحاب كانت مريرة، بحسب الوثيقة.
كما أضافت الوثيقة أنَّ الانسحاب من الأراضي التي احتلت في حرب «دفاعية» كان أمرًا نادرًا تاريخيًا، ورغم ذلك، انسحبت «إسرائيل» من 88% من سيناء. وطرحت الوثيقة دمج 97% من الإسرائيليين في الضفة الغربية بالمناطق الإسرائيلية المجاورة، أما الغور الذي اعتبر مكانًا حاسمًا في الأمن القومي لـ«إسرائيل»، فيبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
وفي سياق إعلان «صفقة القرن»، بينّ نتنياهو أنَّ خطوات الضم لا تتم بشكلٍ أحادي بل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، كما صرح بأن حكومته تعمل على تغيير مكانة أراضٍ في الضفة الغربية لتحولها إلى جزء من «إسرائيل» إلى الأبد. جاء هذا التصريح بعد الإعلان عن تشكيل لجنة إسرائيلية-أمريكية تعمل على رسم خريطة للأراضي التي سيتم فرض السيادة الإسرائيلية عليها، وعقدت اللجنة أول اجتماع لها لترسيم الحدود في مستوطنة أريئيل.
أما واحدة من إحدى الخطوات العملية نحو الضم، فكانت إعلان بناء 3000 وحدة سكنية في مستوطنة غفعات همتوس و2200 في مستوطنة هار حوما، مما سيؤدي إلى عزل الأحياء العربية في شرق القدس عن الضفة الغربية.
بالتالي، سُوِّق الضم كضرورة أمنية لـ«إسرائيل» في الأساس، رغم أنَّه يخدم أمورًا أخرى. فالأغوار مناطق مهمة زراعيًا، وتتركز فيها العديد من آبار المياه، وتريد «إسرائيل» السيطرة عليها بشكلٍ كامل دون أنَّ تتقاسمها مع أحد. كما أن السيطرة على الأغوار تحول عمليًا دون وجود أي سيادة للسلطة الفلسطينية على مناطقها، فضلًا عن أنها مساحات كبيرة بعدد سكان قليل، وبذلك فهي منطقة «مثالية» للضم.
ماذا بشأن السكان؟
رغم السؤال الديمغرافي المتعلق بسكان هذه المناطق من الفلسطينيين، يصعب القول إن ضم مناطق «ج» أمر مقلق «لإسرائيل». فإلى جانب وقوف الولايات المتحدة معها، والإقرار بذلك في مقترح التسوية الذي يمكّن «إسرائيل» من اتخاذ عدة خطوات عملية تغير ظروف التفاوض مستقبلًا أو تحسمها على أرض الواقع، فإن هذه المناطق التي تشكل حوالي 60% من الضفة الغربية لا تحتوي على كثافة سكانية عالية. فبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبلغ عدد الفلسطينيين والفلسطينيات في مناطق «ج» أقل من 400 ألف نسمة، وهو أعلى التقديرات لهذا العدد. فالمصادر الإسرائيلية تشير إلى وجود 100-200 ألف فلسطيني وفلسطينية في هذه المناطق، وهو رقم يمكن استيعابه. وبذلك تضم إسرائيل مساحة كبيرة بعدد قليل من السكان، وتحقق الشرط الأمني والاستراتيجي والاقتصادي.
وتشير بنود الصفقة إلى أنه لن يتم نقل أي من السكان، لكن التعامل الإجرائي معهم ليس واضحًا، وجزء كبير من التصريحات الإسرائيلية والأمريكية بهذا الخصوص يتعامل مع الأرض وكأنها فارغة. لكن الواضح هو أن وجود الفلسطينيين في هذه الأراضي يمثل «مشكلة». ففي كانون الثاني، صرح السفير الأميركي في «إسرائيل»، المستوطن ديفيد فريدمان، بأن «يهودا والسامرة [التوصيف الإسرائيلي لجزء من الضفة الغربية] هي الأصعب والأكثر تعقيدًا من بين القضايا، بسبب التجمع السكاني الفلسطيني الكبير فيها».
أما وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، فقالت في شباط 2019 إنه إذا تم تطبيق السيادة الإسرائيلية على مناطق «ج»، وهو ما تدعو شاكيد إليه، فإن سكانها «سيكونون مواطنين في دولة إسرائيل ولهم حق التصويت في الكنيست». لكن العديدين في «إسرائيل» رفضوا هذا الرأي، ومن بينهم نائب وزير «الدفاع»، الحاخام إيلي بن داهان، الذي اعتبر أن ضم مناطق من الضفة الغربية لا يعني إعطاء العرب فيها الحق في التصويت، بل قد يعني منحهم وضعًا شبيهًا بوضع فلسطيني القدس، أي أقرب للإقامة التي ترافقها بعض الحقوق المدنية، فضلًا عن تشكيكه بدقة البيانات التي توفر السلطة الفلسطينية حول أعداد السكان في مناطق «ج».
إمعان في التحكم بالحركة
وإلى جانب الـ400 ألف فلسطيني وفلسطينية الذين يعيشون في مناطق «ج»، يعيش حوالي المليون فلسطيني وفلسطينية بجانب المستوطنات والجدار، وفي حال ضم هذه المستوطنات «لإسرائيل» بشكلٍ تام سيعاني سكان هذه المناطق من مشاكل في التنقل. إذ يشير تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، إلى أن الضم سيفرض قيودًا على تنقل الفلسطينيين في مناطق «ج»، فهم يستخدمون طرق المستوطنات بالإضافة إلى منظومة الحواجز المحيطة وما تشمله، لذا فإن الضم سيعزل هذه المناطق عن بقية المناطق الفلسطينية الأخرى في الضفة، أو سيواجه سكانها صعوبات أكبر في التنقل.
أما مناطق «أ» و«ب»، فتتوزع على 165 «جزيرة» منعزلة، يربط بينها طرق موجودة في مناطق «ج» غالبًا. بالتالي، فإن ضم كافة مناطق «ج» يعني تحويل هذه مناطق «أ» و«ب» إلى معازل. ففي الوقت الحالي يُمنع الفلسطينيون من استخدام ستة طرق رئيسية في الضفة الغربية بشكلٍ كامل وأربعة أخرى بشكلٍ جزئي. وبالإضافة لذلك، ستستمر السيطرة الكاملة على المعابر، كما هو واقع الحال، ويظل تنقل الفلسطينيين خارج فلسطين محكومًا بموافقة الاحتلال.
محدودية الأرض وصعوبات البناء
يوجد في مناطق «ج» حوالي 125 مستوطنة وقرابة 100 بؤرة استيطانية. وتشكل الأراضي المبنية عليها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية 2% من المساحة السطحية للمنطقة. لكن المساحة التي تسيطر عليها المستوطنات فعليًا هي 42% من مساحة الضفة،[3] وذلك نتيجة لمجموعة من الإجراءات الإسرائيلية. فمن خلال شبكة الطرق والنقاط الأمنية والمناطق الفارغة التي تصادر لضمان أمن المستوطنات، يتم تحييد هذا الكم الكبير من الأراضي، ويمنع الفلسطينيون بالتالي من استخدامه في البناء.
في حال الضم، قد لا يتم الاستحواذ رسميًا على كل هذه المساحة، لكن سيتم بالتأكيد الاستحواذ على جزءٍ منها، خاصةً وأنَّ الصفقة لا تفترض قيام دولة فلسطينية، ولا تشير لوجود الحدود بشكل صريح، فتشير مثلًا إلى أنَّ المستوطنات في المناطق الفلسطينية ستحصل على طرق تربطها بـ«إسرائيل». وبذلك، تبقى الحدود الفاصلة سائلة ومرنة، كما تعاملت معها «إسرائيل» تاريخيًا، ويبقى جزء من هذه الأراضي محيدًا.
ورغم أنَّ المستوطنات مبنية على مساحات صغيرة ومتناثرة إلى حد كبير، إلا أنها بنيت في أماكن قريبة من التجمعات السكانية الفلسطينية وهو ما يعيق التوسع العمراني الفلسطيني في المستقبل.[4]
المقلق في ذلك هو أنَّ مناطق «ج» تشكل خزان الضفة الغربية من الأراضي التي يمكن استثمارها في البناء والتوسع، خاصة وأنَّ القدرة الاستيعابية لمناطق «ج» أكبر، فهي تحتوي على 532 تجمعًا فلسطينيًا، 240 منها ما يزال نصفه متاحًا للبناء. ويعود ذلك للسياسات الإسرائيلية في منح (أو منع) تراخيص البناء، إلى جانب محدودية مناطق «أ» و«ب».
يعيش في الضفة الغربية الآن 2.9 مليون فلسطيني وفلسطينية، 2.5 مليون منهم يعيشون في مناطق «أ» و«ب»، بحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. أيّ أنَّ أغلبية سكان الضفة الغربية يعيشون على 39% منها فقط، وبمعدل كثافة يصل إلى حوالي 1000 نسمة لكل كيلومتر مربّع. قلة السيطرة على الأراضي تعني محدودية إمكانية البناء أو توفير الخدمات، وتثبيت الوضع الراهن، وإعاقة أي إمكانية استيعاب للسكان حتى في الضفة الغربية في السنوات القادمة.
تكريس احتكار المياه
تعاني عادةً الضفة الغربية من أزمة مياه تشتد في فصل الصيف، وتعود هذه الأزمة بالأساس لسيطرة «إسرائيل» على كافة مصادر المياه، وتثبيت هذه السيطرة ضمن اتفاقية أوسلو التي كانت مرحلية في حينه ولكنها تحولت إلى وضع ثابت مع عدم إكمال مفاوضات الحل النهائي. منحت الاتفاقية الاحتلال السيطرة على 80% من مصادر المياه الجوفية الجبلية المشتركة في الضفة الغربية، ولا تستطيع السلطة استغلال الحصة المخصصة لها في الاتفاقية لصعوبات استخراج المياه وضعف البنية التحتية، مما يدفع السلطة الفلسطينية إلى شراء المياه من شركة «مكوروت» الإسرائيلية، مما يعزز التبعية للاحتلال.
ويوجد في الأغوار المسيطر عليها إسرائيليًا، والتي ستبقى كذلك بحسب الصفقة، الحوض المائي الشرقي الذي يعد الأكبر في فلسطين، إذ تستغل «إسرائيل» 85% من المياه فيه، كما تسيطر على 55% من مياه نهر الأردن. وبذلك، تتحكم «إسرائيل» بأهم مصادر المياه الموجودة في الضفة الغربية، وبمنطقة زراعية مهمة يستهلك المستوطن فيها ثمانية أضعاف ما يستهلكه الفلسطيني من المياه، مما يتيح للمستوطنين التمتع بحياة أفضل وتطوير زراعته على حساب الفلسطينيين.
لم تولي «صفقة القرن» موضوع المياه اهتمامًا كبيرًا، إذ جاء البند الذي يخص المياه فضفاضًا ولا يضع أي حصص واضحة، فيما دعت الصفقة إلى أنَّ يعترف الطرفان بحقوق المياه المتبادلة والموافقة على مشاركتها بشكلٍ مُنصف. وبالنظر للوضع القائم، فالأرجح هو تثبيت ما تم تنفيذه فعليًا، خاصة إذا تمت تجزئة تنفيذ بنود الصفقة.
الزراعة في الأغوار
تعد الأغوار من المناطق الخصبة في فلسطين والأكثر قابلية للزراعة، وتبلغ مساحتها مع شمالي البحر الميت 1.6 مليون دونم، وتشكل 30% من مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها 65 ألف فلسطيني، و11 ألف مستوطن، ويصنف ما يقارب 88% منها ضمن مناطق «ج». وحتى في الوضع الحالي، يمنع الفلسطينيون من استخدام 85% من مساحة الأغوار أساسًا.
تعاني الأغوار من أزمة في المباني، فبحسب منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية، هدمت «إسرائيل» 689 وحدة سكنية خلال الأعوام 2006-2017، كما هدمت 806 مبنىً يستخدم لتربية الحيوانات ولأغراض زراعية منذ بداية 2012 وحتى نهاية أيلول 2017. كما يجبر جيش الاحتلال سكان التجمعات في الأغوار على إخلاء أماكن سكنهم بحجة أنهم في مناطق عسكرية تجري فيها تدريبات، حيث تشكل المناطق العسكرية في الأغوار 45% منها، أي 786 ألف دونم.
أما المناطق المزروعة في الأغوار، فتدرّ 60% من ناتج الخضار الفلسطيني، وهي بذلك تعد من أهم الأماكن الزراعية، رغم عدم استغلالها بشكل كامل بسبب السياسات الإسرائيلية. وفي حال الضم وترسيخ السيطرة الإسرائيلية، فهذا سيعني خسارةً إضافية لهذا الإنتاج.
خاتمة
رسميًا، لم توافق السلطة الفلسطينية على «صفقة القرن»، التي شكلت هزيمةً لها وللنهج الذي تتبعه. كما رفضت الفصائل الفلسطينية الصفقة، وخرجت عدة مسيرات مناهضة لها أما بتنظيم من السلطة في مراكز المدن، أو بشكل شعبي عفوي على نقاط التماس.
أما الموقف الإسرائيلي، فأوضح تعبير عنه كان تصفيق نتنياهو لترامب خلال إعلان الصفقة. فهي تحقق ما يريده نتنياهو على الأرض، وتتوافق مع الوعود التي قدمها لناخبيه بضم المستوطنات، ويمكن تطبيقها من خلال لجنة ترسيم الحدود. أما البنود السياسية والتوافق مع الفلسطينيين عليها من خلال المفاوضات فليست ذات أهمية كبيرة بالنسبة له، فالمفاوضات متوقفة منذ ما يقارب ست سنوات.
ختامًا، فإن الصفقة كرّست أهم طرح إسرائيلي في الآونة الأخيرة، وهو ضم المستوطنات، والسيطرة المستمرة على مناطق «ج»، وعدم إخراج منطقة الأغوار من السيادة الإسرائيلية، وهو ما بدأت «إسرائيل» العمل عليه منذ عقود. وفي حال تحقق الضم، فستستمر معاناة فلسطينيي الضفة؛ فالتنقل سيزيد صعوبةً، وكذلك إمكانية التمدد والبناء، ومحاولة الاستقلال اقتصاديًا عن الاحتلال، رغم كل ما يروّج حول الطروحات الاقتصادية للحل.
-
الهوامش
[1] إيان س. لوستيك، «الارتباط المصيري ما بين إسرائيل والمعضلة الديمغرافية»، قضايا إسرائيلية العدد 71 (نوفمبر 2018)، ص 11.
[2] تقدير موقف صفقة القرن.. وعود وأوهام، التلفزيون العربي، 3/2/2020 على يوتيوب.
[3] سري مقدسي. فلسطين الوجه المعكوس احتلال يومي. ترجمة: أمين الأيوبي. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2011)، ص 69.
[4] أريئيل هاندل، «أين وإلى أين، ومتى في الأرض المحتلة؟ مقدمة لجغرافية الكارثة»، في كتاب سلطة الإقصاء الشامل تشريح الحكم الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تحرير: ساري حنفي وعدي أوفير وميخال غيفوني. (بيروت: مركز درسات الوحدة العربية، 2012)، ص 245-246.