بعد ساعات فقط من توليه منصبه في العشرين من كانون الثاني الماضي، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتعليق المساعدات الأمريكية الخارجية لمدة تسعين يومًا، بحجة تقييم هذه المساعدات ومدى اتساقها مع سياسته الخارجية. وإن كان التصريح لم يوضّح نطاق تطبيق هذا القرار، إلا أن مذكرة داخلية -مسرّبة- لموظفي وزارة الخارجية الأمريكية، أظهرت أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد أمر بتعليق المساعدات الأجنبية عن كل الدول ما عدا «إسرائيل» ومصر.
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبرَ دولة مانحة للمساعدات عالميًا، إذ صرفت 72 مليار دولار من المساعدات في السنة المالية 2023. تحتل الأردن الترتيب الثالث في الدول الأكثر استفادة من هذه المساعدات بعد أوكرانيا و«إسرائيل»، إذ قدمت الولايات المتحدة منذ عام 1951 أكثر من 26 مليار دولار مساعدات للأردن «لالتزامها تجاه ازدهار واستقرار جميع الأردنيين»، بحسب تقرير للسفارة الأميركية في عمّان. ولذلك، أثار شمول الأردن بقرار تعليق المساعدات جدلًا حول الدوافع السياسية لذلك وأثر هذا التعليق على بعض القطاعات الحيوية في البلاد، وعلى رأسها دعم الموازنة بشكل مباشر إضافة إلى قطاعات المياه والتعليم والصحة.
لماذا علّقت المساعدات الأمريكية عن الأردن؟
استقبلت الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية هذا القرار بكثير من التوجس حيال مخاوف توظيف المساعدات لممارسة ضغوط سياسية، وهو توجس يدعمه تصريح ترامب الأخير عن احتمالية قطع المساعدات عن الأردن ومصر في حال رفضهما تهجير الغزيين، قبل أن يتراجع عن التهديد المباشر في اليوم التالي قائلًا: «نحن نمنح الكثير من الأموال للأردن ومصر بالمناسبة، الكثير منها، لكن ليس عليّ أن أهدد [بقطعها]، نحن أفضل من ذلك». عن التأثير المباشر لإيقاف المساعدات تسعين يومًا، يقول نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني لحبر إن الدعم النقدي الموجه لموازنة المملكة من قبل الولايات المتحدة، والذي يبلغ حوالي 700 مليون دولار، يتم دفعه عادة في نهاية السنة المالية وأن الدفعة القادمة ستتم بعد الفترة المحددة في التعليق، وبالتالي فإن التعليق لمدة 90 يومًا لا يشكل تهديدًا خطيرًا في هذه المرحلة.
يضيف العناني إن الأردن ليست مستهدفة بعينها بهذا القرار، إذ يأتي ذلك كجزء من سياسة «أمريكا أولًا» التي أعلن عنها الرئيس ترامب وتشمل إعادة النظر في مقدار وتوزيع المساعدات الفيدرالية ومدى انسجامها مع أولويات وأجندة السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة، وبدأت مؤشراتها تنعكس على الولايات المتحدة نفسها ومختلف دول العالم وليس الأردن فحسب. بالنسبة للمحلل السياسي عريب الرنتاوي، فإن إعفاء «إسرائيل» من هذا القرار مفروغ منه نظرًا لمستوى التحالف الاستراتيجي بينهما والدور الذي تؤديه في الشرق الأوسط خدمةً للمصالح الأمريكية، أما استثناء مصر فمرتبط بالملفات العسكرية التي تشكل معظم قيمة المساعدات الأمريكية لمصر، بعكس الأردن التي تشكل القطاعات الاقتصادية معظم حصتها من المساعدات.
يضيف الباحث الاقتصادي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ليث العجلوني إن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم مصر عسكريًا في كثير من القضايا الأمنية، فهي بحاجة أن تضبط مصر حدودها الشرقية مع غزة بحيث تمنع أية محاولات لدخول السلاح للقطاع، وكذلك تؤمّن حدودها الغربية مع ليبيا غير المستقرة وحدودها الجنوبية مع السودان التي تشهد حربًا أهلية، وتتعامل مع التطورات الأمنية التي تواجهها مع إثيوبيا، وبالتالي، فإن حجم التحديات الأمنية والملفات العسكرية التي تواجه مصر أكبر بكثير وأوسع نطاقًا من تلك التي تواجه الأردن، خصوصًا وأن ثمة دولًا غير الأردن تعتبرها الإدارة الأمريكية ذات أهمية جيوسياسية ولم يجرِ استثناؤها من القرار مثل أوكرانيا، التي حصلت على مساعدات أمريكية بقيمة حوالي 17 مليار دولار العام الماضي.
ليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها الأردن وقفًا مؤقتًا للمساعدات، إذ علّق الكونغرس حزمة مساعدات بقيمة 50 مليون دولار عام 1991 نتيجة موقف الأردن من حرب الخليج، عدا عن محطات مختلفة من التلويح بوقفها جرّاء أحداث سياسية مختلفة. يقول العجلوني إن تقديم المساعدات الأمريكية للأردن لطالما ارتبط بسياسات الأردن في الشرق الأوسط ومشارکتها في عملية السلام، ولذلك، فإن الأردن وإن كانت غير مقصودة بذاتها ضمن تعليق المساعدات، إلا أن ذلك لا ينفي توظيف ترامب لهذه المعونات كوسيلة ضغط تهدف لتحقيق مكاسب سياسية، خصوصًا بالتزامن مع الظروف السياسية في غزة والطموحات الإسرائيلية المرتبطة بمصيرها.
سبقَ قرارُ تعليق المساعدات إعلان الرئيس الأميركي خطته لتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن متذرعًا بعدم وجود أماكن صالحة للسكن في القطاع، وهو ما رفضه الملك قائلًا «أعتقد أنه يمكنني التحدث ليس فقط نيابة عن الأردن وكذلك عن أصدقائنا في مصر والقول إن هذا خط أحمر.. لا لجوء إلى الأردن ولا لجوء إلى مصر». إلا أن ترامب عندما سئل عن رده على الرفض المصري والأردني وما إن كان يفكر بفرض رسوم جمركية على البلدين لدفعهما إلى ذلك، أكّد على أن مصر والأردن ستقبلان باستقبال النازحين من غزة، قائلًا «سيفعلون ذلك. نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسيفعلون ذلك».
استُقبِلت هذه التصريحات المتكررة من ترامب برفض شعبي إذ خرجت في الأردن مظاهرات في أماكن مختلفة رافضة هذه المخططات، إضافة للرفض الرسمي الذي اعتبر محاولات التهجير بمثابة «إعلان حرب». يقول الرنتاوي إن هذه الملف هو تهديد وجوديٌ للأردن، لما ينطوي عليه من مساس بهوية البلاد وتركيبتها الديمغرافية، إلا أن الأردن، برأيه، يملك الكثير من الأوراق لمواجهة ذلك، مثل العلاقات الأردنية الرسمية مع البيت الأبيض وكذلك الموقف العربي والأوروبي والعالمي الموحد الرافض لخطة التهجير بالإضافة للموقف الفلسطيني الرافض للتهجير.
كيف تتوزّع المساعدات الأمريكية؟
في أيلول 2022، وقّع الأردن والولايات المتحدة مذكرة تفاهم تقدم بموجبها واشنطن مساعدات مالية سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للفترة بين 2023 و2029. ثم تبِع هذه المذكّرة اتفاقية منحة مالية جديدة شهر كانون الأول الماضي بقيمة 845.1 مليون دولار؛ لدعم الموازنة العامة كجزء من برنامج المساعدات الاقتصادية الأميركية السنوية للحكومة الأردنية. هذه المذكرة هي واحدة من أربع مذكرات تفاهم لتقديم المساعدات الأمريكية للأردن بدأت عام 2009، وكانت لخمس سنوات، وبقيمة 3.3 مليار دولار، لكن المذكرة الأخيرة كانت على خلاف المذكرات السابقة لسبع سنوات، وكانت قيمتها 10.15 مليار دولار، وهو ما يمثل أكبر التزام أمريكي متعدد السنوات بالمساعدات للمملكة.
تشير تقارير الكونغرس الأمريكي إلى أن المساعدات الأمريكية السنوية للأردن قد تضاعفت ثلاث مرات على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وفي كثير من الأحيان، صادق الكونغرس على زيادات إضافية للمخصصات المنصوص عليها. قدمت الولايات المتحدة أيضًا في هذه الاتفاقيات استثناءات حصرية للأردن، أبرزها تقديم المساعدات النقدية المخصصة لدعم الموازنة، وهو ما اعتبره وزير الخارجية الأمريكي آنذاك ريكس تيلرسون «اعترافًا من الولايات المتحدة بهذه الشراكة العميقة مع الأردن، وإشارة للعالم أن الشراكة الأردنية الأمريكية أقوى من قبل».
قرار تعليق المساعدات الفيدرالية الأخير يعني وقف جميع أشكال المنح المقدمة للأردن، سواءً أكانت النقدية أم تلك المخصصة لتنفيذ المشاريع بالتعاقد المباشر مع الحكومة الأردنية أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني.
بلغت قيمة المساعدات الأمريكية للأردن العام الماضي حوالي 1.7 مليار دولار، وهي واحدة من أعلى مستويات المساعدات التي حصلت عليها الأردن. وبحسب وزارة التخطيط الأردنية، تشمل المساعدات السنوية ما لا يقل عن 1.035 مليار دولار كمساعدات اقتصادية، منها ما لا يقل عن 610 مليون دولار كدعم مباشر للخزينة و75 مليون دولار لدعم جهود التحديث الاقتصادي وإصلاح القطاع العام، و350 مليون دولار لتنفيذ مخططات التنمية ذات الأولوية التي تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالتعاون مع الحكومة، بالإضافة إلى حوالي 400 مليون دولار من المساعدات العسكرية للقوات المسلحة.
على مستوى القطاعات، يقع قطاع المياه والصرف الصحي على رأس تلك المستفيدة من الدعم الأمريكي، بعد بند دعم الموازنة العامة. ففي العام 2022 مثلًا، كانت حصّة هذا القطاع من مجمل المساعدات الخارجية (الأمريكية وغير الأمريكية) حوالي 14%. ومنذ العام 2000 قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أكثر من 700 مليون دولار لقطاع المياه في الأردن حتى عام 2014.
وتُظهِر نظرة على المشاريع المائية التي تنخرط فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الاعتمادية الكبيرة لهذا القطاع على المساعدات الأمريكية، ومن بين تلك المشاريع محطة معالجة مياه زارا ماعين التي توفر مياه الشرب لحوالي 1.7 مليون نسمة في عمان، ومحطة معالجة مياه الصرف الصحي في السمرا التي تعالج ما يقرب من 70% من مياه الصرف الصحي في الأردن، ومشروع تأهيل أجزاء من قناة الملك عبدالله، وإنشاء خط ناقل رئيسي للمياه في وادي الأردن لخفض الفاقد المائي وتحسين إدارة المصادر المائية. أمّا المشروع المائي الأكثر استراتيجية، والذي يوصف على أنه أكبر مشروع استراتيجي في تاريخ الأردن، الناقل الوطني، فقد أعلنت السفارة الأمريكية في عمّان مطلع 2025 تخصيص 1.3 مليار دولار لدعم إنشائه، خُصّصت 300 مليون دولار منها على شكل منحة، ومليار دولار أمريكي إضافية كقرض من شركة تمويل التنمية الدولية الأمريكية.
في المرتبة الثانية، يتلقى قطاع التعليم ثاني أكبر مبلغ من التمويل الأمريكي، إذ حصل ما بين العام 2003 و2015 على أكثر من 500 مليون دولار، وقد ارتفع حجم المساعدات الأمريكية لهذا القطاع خلال السنوات الماضية، فخلال الأعوام 2022-2024 بلغ مقدارها حوالي 337 مليون دولار. وتتوزع المساعدات ما بين مشاريع مختلفة مثل مشروع «إصلاح النظام التعليمي»، ومشروع مدارس الاقتصاد المعرفي الذي كانت قيمته 100 مليون دولار، ومشاريع بناء المدارس وإصلاح الغرف الصفية، وبحسب الوكالة فإنها قامت بين الأعوام 2007 و2020 ببناء وإعادة تأهيل وتوسيع 377 مدرسة، عدا عن تجديد 609 غرفة صفية في رياض للأطفال، وذلك بهدف الاستجابة لتدفق اللاجئين والزيادة السكانية، والتقليل من الاكتظاظ في الفصول الدراسية والوصول لبيئات صفية آمنة مواتية لتعلم الطلاب في جميع أنحاء البلاد.
يضيف العناني إن المخاوف التي تحيط بقرار تعليق المساعدات وأثره على زيادة الأعباء والأضرار في قطاعات حيوية مثل التعليم والمياه ينسحب على قطاع الصحة أيضًا والتي كانت خلال السنوات السابقة تتصدر القطاعات الاقتصادية الأكثر استفادة من المساعدات الأمريكية. ما بين عام 2002 و2017، قامت الوكالة الأمريكية للتنمية بتجديد وتحديث 349 منشأة صحية في جميع أنحاء المملكة، بما في ذلك مستشفى الأميرة رحمة للأطفال الذي يخدم ما يقرب من 60 ألف طفل كل عام، ما أدى لتوسيع طاقته بنسبة 35% وتزويده بالمعدات اللازمة لتقديم الخدمات الصحية الأساسية للأطفال، وكذلك كانت الحال مع توسعة قسم الإسعاف والطوارئ في مستشفى البشير بتكلفة 22 مليون دولار أمريكي.
ما مخاطر اعتماد بعض القطاعات على المساعدات الأمريكية؟
يقول الباحث الاقتصادي مازن إرشيد إن القطاعات المعتمدة على الدعم الأمريكي من المتوقع أن تواجه تحديات مالية قد تؤثر على تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية في حال استمرار تعليق المساعدات لأكثر من تسعين يومًا، إذ قد يؤدي ذلك إلى تأخير أو تعليق بعض المشاريع الحيوية مثل مشاريع تحسين البنية التحتية للمياه أو تطوير المدارس والجامعات أو حتى تمويل البرامج الاجتماعية الموجهة للفئات الأكثر احتياجًا. الاعتماد الكبير على المساعدات الأمريكية، يقول إرشيد، يحمل في طياته عدة مخاطر اقتصادية وسياسية، إذ أن أي تغيير في السياسة الأمريكية قد يؤدي إلى فجوة تمويلية تؤثر على استقرار الاقتصاد الأردني مما قد يجبر الحكومة على تقليص الإنفاق أو فرض ضرائب جديدة لسد العجز، بالإضافة إلا أنه قد يجعل الأردن أكثر عرضة للضغوط السياسية المرتبطة بالمساعدات حيث قد تستخدم واشنطن هذه المساعدات كورقة ضغط لتحقيق أهداف معينة.
في ضوء ذلك، يقول العناني إن بعض المشاريع التي تندرج ضمن دعم المساعدات الأمريكية لقطاع التعليم في الأردن قد تتأثر بوقف المساعدات المؤقت، وتشمل هذه المشاريع خطط التوسع في بناء المدارس وتجديد الغرف الصفية وتعزيز قدرات المعلمين وتحسين القدرات التكنولوجية للكوادر التدريسية والإدارية والطلبة. نوقش مثلًا مشروع تعزيز الأنظمة التعليمية مطلع العام الجاري وكان من المفترض تمويله من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية على مدار خمس سنوات بهدف تعزيز قدرات وأنظمة وزارة التربية والتعليم لتحسين إدارة المدارس ورفاه الطلاب من حيث استخدام البيانات، والأنظمة الرقمية وإدارة المعلومات، وتحسين إدارة المشتريات والعقود، والتخطيط المالي والعمليات، ولا يعرف اليوم مصير هذا المشروع في ظلّ تعليق المساعدات.
أما الخبير الاقتصادي فائق حجازين فيقول إن أولى مؤشرات تأثر الاقتصاد الأردني بقرار تعليق المساعدات هي تسريح عشرات الموظفين والخبراء الذين عملوا في تقديم خدمات الاستشارات التدريبية والقانونية والهندسية وغيرها ضمن المشاريع التي تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية. وقد تحدثت تقارير إعلامية عن أن مصير آلاف العاملين على مشاريع تموّلها المساعدات الأمريكية غير واضح اليوم، إذ أن الكثير منهم يوقعون عقودهم مباشرة مع الوكالة الأمريكية للتنمية، لا مع الحكومة الأردنية، كما أوقفت العديد من منظمات المجتمع المدني في الأردن عملها بسبب قرار وقف المساعدات.
تأتي هذه التأثيرات كجزء من التغيّرات حول العالم التي تبعت قرار ترامب بتجميد تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. بدأت الوكالة التي تأسست عام 1961 «كذراع إنساني لحكومة الولايات المتحدة» مطلع الشهر الجاري بفضل الآف المتعاقدين وإعطاء عشرات الموظفين الإداريين إجازة فورية. وقال الملياردير ووزير «الكفاءة الحكومية» إيلون ماسك إن ترامب وافق على ضرورة إغلاقها بشكل كامل مضيفًا أنه «ليس لدينا تفاحة داخلها دودة في هذه الحالة، بل لدينا كرة مليئة بالدود… الوكالة كرة مليئة بالدود»، فضلًا عن إغلاق مكتبها في واشنطن وموقعها الرسمي وتولي وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو رئاسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تمهيدًا لإغلاقها.
يقول إرشيد إن الأردن بحاجة لتبني استراتيجية تنموية قائمة على تنويع مصادر التمويل وتعزيز الاقتصاد المحلي من خلال دعم القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر من أجل تقليل الاعتماد على المساعدات، كما يمكنه العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى مثل دول الخليج والاتحاد الأوروبي بهدف تأمين شراكات.
بعد أيام قليلة من قرار تعليق المساعدات، وقّع الأردن والاتحاد الأوروبي على حزمة من المساعدات المالية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للأردن بقيمة 3 مليارات يورو للأعوام الثلاثة القادمة. تنص الاتفاقية على تعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية، والأمن، والدفاع والمنعة الاقتصادية، والموارد البشرية، والاستثمار، ودعم اللاجئين، ودعم قطاعات المياه والطاقة والتكنولوجيا وغيرها، وتتوزع ما بين تقديم 650 مليون يورو كمنح، واستثمارات بحجم مليار و400 مليون يورو، ومخصصات لدعم الاقتصاد الأردني بقيمة مليار يورو.
يعتقد العناني إن هذه الحزمة هي واحدة من الاستراتيجيات الدبلوماسية للتعامل مع القرارات الأمريكية وإن تعليق المساعدات الأمريكية للأردن ما لم يمس المعونات النقدية التي تحوّل للخزينة مباشرة مستقبلًا، فلا يوجد مشكلة كبيرة عاجلة. كما يستبعد أن تُقدم الولايات المتحدة على وقف المساعدات المقدمة للأردن بعد مضي فترة الثلاثة أشهر، أولًا للدور المركزي الذي تقوم به المملكة في المنطقة، وثانيًا لأن قرار الرئيس الأمريكي منفردًا دون موافقة الكونغرس لا يكفي لوقف المساعدات بشكل كامل، مضيفًا أن هناك فترة تمتد لما يقارب ثمانية أشهر لحين موعد استحقاق الدفعة الجديدة من الدعم النقدي ستشهد مناورات وجدلًا بين البلدين حول ملف المساعدات.
بحسب حجازين، فإن ما يحدث حاليًا هو دعوة جادة للبحث عن خطط وبرامج تعزز من الاقتصاد الوطني وتقلل من حجم الاعتماد على المساعدات في بعض القطاعات والمشاريع. يقول حجازين إن حجم المساعدات التي تقدمها الدول الأخرى وإن كانت ليست بحجم المساعدات الأمريكية فقد يتم اللجوء إليها بهدف تعويض أجزاء من النقص الحاصل في المشاريع الحالية، قائلًا إن زيادة الدعم الذي تقدمه الوكالة الألمانية للتنمية بدورها في قطاع المياه قد يكون واحدًا من الحلول المرحلية المطروحة، إلا أن الأهم من ذلك هو أن يكون استقطاب المساعدات المالية في القطاعات الحيوية يندرج ضمن دعوات الاستثمار لأن البحث عن مستثمرين جدد أسهل بكثير من البحث عن مانحين جدد، وأفضل لدعم الاقتصاد الأردني والحد من آثار الضغوطات السياسية المرتبطة بتقديم المساعدات.