أحداث مليلية: المغرب كحارس لحدود أوروبا

الأربعاء 03 آب 2022
أحداث مليلة
تصميم محمد شحادة.

شهدت أسوار مدينة مليلية، التي تحتلها إسبانيا منذ نهاية القرن الخامس عشر، والمسيجة بأسلاك شائكة ومناطق عازلة، في 24 حزيران الماضي، جريمة راح ضحيتها 23 مهاجرًا من شرق إفريقيا وعشرات الجرحى، بعد تدخل قوات القمع المغربية والإسبانية كل من جانبها على السياج، في حادثة فتحت النقاش حول الدور الذي تلعبه المغرب في الحدّ من وصول المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا، والمكاسب التي قد تحققها من ذلك.

قبل هذا الحدث بأيام، قامت السلطات بعمليتين تمشيطيتين لغابات الجبال المحيطة بمدينة الناظور، القريبة من مليلية على ساحل المتوسط، مستعملةً الهراوات والغازات المسيلة للدموع. قال أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة الناظور إن السلطات المغربية كثفت عمليات إبعاد المهاجرين لأكثر من ثلاثة أشهر، حيث طاردت السلطاتُ المهاجرين في جبال تبعد أكثر من 20 كلم عن المعبر، خاصة خلال شهري آذار وحزيران، وفي إحدى تلك الحملات التمشيطية تعرضت الغابة المحيطة بمدينة الناظور للاحتراق. صرح أحد المهاجرين السودانيين لموقع مغربي قائلًا: «لعدة أيام قبل 24 حزيران، بدأت قوات الأمن بمهاجمتنا في معسكراتنا في الغابة. أخذوا أغراضنا وأحرقوا خيامنا. في الغابة، كنا نبحث عن لحظة راحة. في اليوم السابق للمأساة أحضروا طائرة ألقت علينا مقذوفات أعتقد أنها كانت قنابل مسيلة للدموع. هذا هو السبب في أن الغابة اشتعلت فيها النيران».

أثارت هذه الحادثة الشكوك بأن التمشيط جاء لدفع المهاجرين للحاق بالجهة المقابلة للمتوسط، خصوصًا إذا استحضرنا سابقة سماح السلطات المغربية في أيار 2021 لخمسة آلاف شخص -منهم قُصَّر- الوصول إلى مدينة سبتة (وهي مستعمرة إسبانية أخرى في أقصى شمال المغرب) إما سباحة أو مشيًا على الأقدام. وفي تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورد ما يثبت أن السلطات لم تقم باعتراض طريق المهاجرين في حادثة حزيران، بل أخلت السبيل لوصولهم إلى سياج مليلية: «خلال عملية اقتحام المعبر الحدودي تراجعت القوات العمومية إلى الوراء قبل أن تحاصر المهاجرين داخله وتلجأ لاستعمال العصي والغاز المسيل للدموع مما أدى إلى إصابات». ووقعت أغلب الإصابات التي أدت إلى وفيات داخل ذلك السياج. هذا ما أكده تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بقوله: «يمكن أن يعزى عدد الوفيات إلى الازدحام والتدافع الشديد الذي حدث أثناء محاولة الاقتحام نتيجة تكديس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام». 

لكن المجلس، وهو مؤسسة دستورية يعين الملك جزءًا من أعضائها، يورد هذه الوقائع لتحميل الضحايا مسؤولية وفاتهم، وتبرئة قوات الشرطة المغربية التي قال عنها تقريره إنها كانت «في حالة رد خطر» على المهاجرين الذين واجهوا «قوات حفظ النظام بعنف شديد»، بينما اعتبر التقرير ضرب وتعنيف مهاجرين مستلقين على الأرض «حالات معزولة وفردية». فيما وجه القضاء المغربي لـ65 مهاجرًا من الذين حاولوا اجتياز سياج مليلية تهمًا ثقيلة مثل «الدخول بطريقة غير قانونية إلى التراب المغربي» و«العنف ضدّ موظفين عموميين» و«التجمهر المسلّح» و«العصيان»، وصدر الحكم على 33 منهم بالسجن 11 شهرًا.

إذن، بالنسبة للسلطات المغربية ومواليها، يتعلق الأمر بـ«غزو» لـ«جحافل» تُتقن القتال وتكتيكات حرب الغوار من جهة، وبـ«قوات عمومية» تدافع عن حوزة الوطن. ولكن إذا ترجمنا هذه البلاغات إلى ما تقوله حقيقةً فسنصل إلى التالي: «قوات قمع مغربية تستعمل الهراوات والغاز المسيل للدموع لمنع مهاجرين أفارقة من تجاوز سياج أقامه الاتحاد الأوروبي في قطعة أرض إفريقية، لمنع ضحايا سياساته ودعمه للأنظمة الديكتاتورية من ولوج أبواب القلعة الأوروبية الحصينة».

حراس القلعة

لحماية الحدود المسيَّجة لقلعة أوروبا، تحتل الدولة المغربية مقدمة صفوف الحراس. في ورقة صادرة العام الماضي، طرح الباحث مصطفى حجي تساؤلًا صريحًا حول هذا الدور، قائلًا: هل المغرب بالفعل «دركيّ أوروبا»؟ وحار جوابه بين القول والفعل. فبينما يعبر المغرب رسميًا بوضوح عن رفض هذا الدور، فإن ما يحدث على أرض الواقع يروي رواية أخرى؛ «فضغط الاتحاد الأوروبي (السياسي والاقتصادي والمالي) والتزامات البلاد بموجب أطر التعاون المختلفة مع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، قد حولت المغرب في الواقع إلى خط الدفاع الأول ضد المهاجرين غير الشرعيين».

لا يتعلق الأمر بضغط الاتحاد الأوروبي وحده، بل بدور ارتضاه النظام المغربي لنفسه؛ دور يندرج ضمن شموله في إطار قسمة عمل دولية محددة إمبرياليًا، تظل بموجبها الدول المستعمَرة السابقة رهن إشارة مستعمريها القدامى والجدد، بما يتجاوز مسألة الهجرة. هكذا تُسخَّر اتفاقيات الصيد لتأمين حصص أوروبية في بحار جنوب المتوسط لضمان نفس المستوى الاستهلاكي في الشمال، وتوجه السياسة الطاقية نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر لتأمين انتقال أوروبا الطاقي، وتُستعمل الأموال العامة المغربية لتجهيز بنية تحتية موجهة لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.

لكن للنظام المغربي حساباته الخاصة، وإن كان لن يتجرأ على تفجير إطار التبعية الإمبريالي الموروث عن الفترة الاستعمارية. فقد غضت السلطات المغربية البصر عن «اقتحام» آلاف المهاجرين لمدينة سبتة، للضغط على إسبانيا التي استقبلت بشكل سري إبراهيم غالي «رئيس الجمهورية الصحراوية» في أيار 2021، لكن السبب الحقيقي هو تحفظ إسبانيا على اعتراف الولايات المتحدة تحت رئاسة ترامب بمغربية الصحراء. 

لا يتعلق الأمر بضغط الاتحاد الأوروبي وحده، بل بدور ارتضاه النظام المغربي لنفسه؛ دور يندرج ضمن شموله في إطار قسمة عمل دولية محددة إمبرياليًا، تظل بموجبها الدول المستعمَرة السابقة رهن إشارة مستعمريها القدامى والجدد، بما يتجاوز مسألة الهجرة.

بلعت الدولة الإسبانية ريقها وأجبرت إبراهيم غالي على مغادرة ترابها، وبدأ الشد والجذب حتى اضطرت إسبانيا إلى الإقرار في نيسان الماضي، على لسان رئيس حكومتها بيدرو سانشيز، بأن «المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع».

يحتاج الأمر إلى تبرير لإقناع الرأي العام الإسباني بمبادرة رئيس حكومته، خاصةً أن هذا الرأي العام يميل منذ عقود لدعم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير. لا بد إذن من إظهار النظام المغربي على أنه الحصان الرابح، إذ يحمي خاصرة أوروبا المتحضرة من جحافل المهاجرين. مباشرة بعد مأساة مليلية سارع سانشيز إلى التصريح: «المغرب يحارب ويعاني أيضًا من أعمال العنف التي يرتكبها المهاجرون»، مضيفًا: «المغرب شريك استراتيجي لإسبانيا، ليس فقط فيما يتعلق بالسيطرة على الهجرة غير الشرعية (..). كما أن المغرب مهم لإسبانيا في الحرب ضد الإرهاب».

الوجه الآخر للمسألة مرتبط بالكلفة المالية التي يتحملها النظام المغربي كإتاوة عن دور حارس القلعة. فبعد أحداث سبتة في أيار 2021، ذكَّر وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة بـ«التكلفة المالية التي يتحملها المغرب لحسن الجوار»، مضيفًا أن «أوروبا لا تمنحنا حتى 20% من التكلفة التي يتحملها المغرب في محاربة الهجرة غير الشرعية». 

يُشْهِر النظام المغربي ورقة الكلفة المالية لأن دوره كدركي أوروبا حوّله من بلد عبور إلى بلد استقبال واستقرار. بحسب تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو مؤسسة دستورية أنشأها الملك سنة 2011، بلغ عدد الأجانب المقيمين بالمغرب 101,200 نسمة سنة 2017، أي %0.3 من إجمالي سكان البلد، سُوِيت الوضعية القانونية لـ43 ألف منهم بين عامي 2014 و2016، قبل أن تتوقف التسويات القانونية عام 2017 خشية تحول المارين إلى مستقرين.

ويرجح التقرير أن ترتفع أعداد المستقرين والعابرين مع الانضمام المرتقَب للمغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، بالنظر لبروتوكول حرية تنقل الأشخاص الذي تعتمده المجموعة، وتنامي أعداد الشباب في سن العمل ببلدانها. بالتالي، يسعى النظام المغربي إلى تحميل الكلفة المالية لأوروبا التي يحمي حدودها من هؤلاء المهاجرين البالغ عددهم 788,400 (عند صدور تقرير المجلس)، وهو ما يُتوقَّع أن يجعل بعض بلدان المنطقة (ليبيا بالخصوص) وجهة مفضلة لهم مقارنة بالمغرب، قبل المغادرة صوب أوروبا. 

تحقق الأمر بسرعة قياسية. فمباشرة بعد أحداث 24 حزيران، استغل الممثلون الدبلوماسيون للمغرب والاتحاد الأوروبي ما أطلقوا عليه «استراتيجيات جديدة» يستخدمها المهاجرون الراغبون في الوصول إلى الأراضي الأوروبية، لتوقيع اتفاق يشمل دعم عمليات إدارة الحدود وتعزيز التعاون بين شرطة الطرفين، بما في ذلك التحقيقات المشتركة، وتعزيز التعاون مع وكالات الاتحاد الأوروبي.

يشكل النظام المغربي حلقة رئيسية ضمن سلسلة الدول التي تلعب دور المنصات الدفاعية لدول الشمال في مواجهة شعوب دول الجنوب، والمخاطر الناتجة عن عنف التدمير الإمبريالي لشروط عيش هذه الشعوب: الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، الهجرة «غير الشرعية»، المخدرات، إلخ. لكن النظام المغربي يعتبر مسألة الهجرة نحو أوروبا بمثابة صمام أمان إزاء برميل البارود الاجتماعي في الداخل. إذ بلغت تحويلات المهاجرين المغاربة نحو 93.3 مليار درهم (9.9 مليارات دولار) خلال 2021 مقارنة مع 68.18 مليار درهم (7.2 مليارات دولار) خلال 2020، حسب تقرير لمكتب الصرف المغربي. وفي لحظات الاحتجاج الاجتماعي الكبرى تُفتَح مسارات لانتقال الشبيبة المحتجة إما نحو إسبانيا شمالًا (لحظةَ حراك الريف بين 2017 و2018) أو نحو جزر الكناري بالمحيط الأطلسي (حراك مدينة سيدي إفني بين 2005 و2008). وهو أمرٌ أكده موقع إلكتروني شهير بقربه من الدولة بالقول: «إن موجات «الحريك» [أي الهجرة عبر قوارب الموت] باتت تجذب عددًا من نشطاء حراك الريف». إذ يشكل المغاربة أكثر من 20% من الهجرات التي تدخل الأراضي الإسبانية.

نفاق إمبريالي وعنصرية

عقب لقاء وزير خارجية إسبانيا فرناندو جراندي مارلاسكا، ومفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون، ووزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، وصف الثلاثي ما حدث بأنه «مؤلم» وأعربوا عن أسفهم لسقوط قتلى. أوروبا الإمبريالية ذاتها والنظام المغربي الذي ارتضى لنفسه دور منصة إطلاق استثماري إمبريالي نحو إفريقيا، يتأسفون على من فرضت عليهم سياساتٌ اقتصادية وتدخلاتٌ عسكرية مدمرة المغامرةَ لمغادرة بلدانهم الغنية بالثروات.

أشار كارليس بويجديمونت، الرئيس السابق لكاتالونيا، الموجود الآن في المنفى في بلجيكا، إلى هذه العنصرية في حوار مع موقع «ميدل إيست آي»، تعليقًا على أحداث 24 حزيران: «هذا يدل على ازدواجية المعايير في الاتحاد الأوروبي، مما يخلق فرقًا واضحًا بين المهاجرين وفقًا لأصلهم ولون بشرتهم (..) إنه نذير شؤم للأزمنة القادمة». والكل بات يعرف قصة تفضيل اللاجئين الأوكرانيين لأنهم شقر الشعر وزُرق العيون، ورفض سود إفريقيا المهاجرين.

يستفيد النظام المغربي من إشادات الدول الغربية بمجهوداته كي يكرس صورة البلد الذي يضحي من أجل أمان أوروبا التي تغض البصر عن ديكتاتوريته وشدة قبضته القمعية.

رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، الأمين العام للحزب الاشتراكي الإسباني، الذي اعتبر محاولة المهاجرين «اقتحام» الحدود «اعتداءً على وحدة أراضي إسبانيا»، هنأ الشرطة المغربية على عملها الذي راح ضحيته عشرات الأشخاص، ما يشير إلى أن بعض القوى «اليسارية» في أوروبا باتت تتفوق على اليمين المتطرف الذي يمتطي حصان معاداة الأجانب.

لكن أوروبا لم تستأثر بهذه الجريرة، بل يضاهيها فيها النظام المغربي عبر صيغته من العلاقات مع الجنوب. هذا ما أكدته تصريحات جمعيات حقوقية بمدينة الناظور حول أحداث سابقة عام 2021، فقد أوردت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومجموعة مناهضة العنصرية والدفاع عن الأجانب والمهاجرين وغيرهما، كما ينقل حجي في ورقته المذكورة سابقًا، «أن توقيف المهاجرين من جنوب الصحراء يعتمد أساسًا على التنميط العنصري، حيث تقوم قوات الأمن المغربية باعتقال المهاجرين من إفريقيا حتى لو كان الشخص الموقوف مقيمًا بشكل قانوني في البلاد. زيادة على ذلك تفيد التقارير بأن الاعتقالات تحدث في المستشفيات والأسواق والشوارع وحيثما يُرى شخص أسود البشرة».

تتغذى العنصرية وصعود اليمين المعادي للأجانب في أوروبا وتنامي القبضة الاستبدادية في دول الجنوب (وعلى رأسها النظام المغربي) من بعضهما البعض. ويستفيد النظام المغربي من إشادات الدول الغربية بمجهوداته كي يكرس صورة البلد الذي يضحي من أجل أمان أوروبا التي تغض البصر عن ديكتاتوريته وشدة قبضته القمعية، من قمع النضالات الشعبية والعمالية إلى اعتقال الصحفيين ومحاكمتهم.

على سبيل الختم

هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟ إن المطالبة بعدم التزام المغرب بدور حارس القلعة تتناقض ودوره المحَّدد سلفًا في الاقتصاد العالمي وارتهانه للتمويل الخارجي والاستثمار الأجنبي. لكن الأمر يظل مطلبًا يجب رفعه في وجه الاتحاد الأوروبي ووكيله المحلي. 

تحدثت أغلب التقارير التي نقلت أحداث 24 حزيران عن عملية «اقتحام». إنها لمفارقة تاريخية وجغرافية تفقأ الأعين. فمدينة مليلية جزء من تراب القارة الإفريقية الذي لا يزال يرزح تحت الاحتلال الإسباني منذ عام 1497. وحين يهرب الأفارقة من جحيم تتحمل أوروبا الإمبريالية مسؤوليته الأجسم، بحثًا عن عيش أفضل، يتحولون من ضحايا إلى «مجرمين» يقتحمون قطعة أرض تستعمرها دولة أوروبية في إفريقيا.

أما فيما يخص الظروف التي يجري فيها استقبال المهاجرين، كتوفير المأوى والمأكل والملبس، فإن خيار التقشف النيوليبرالي يحرم قسمًا كبيرًا من فقراء البلد ذاتهم من هذه الحقوق، فضلًا عن تخوف النظام من تحوله من بلد معبر إلى مقصَد استقرار نهائي. كما أن الهجرة باب للتخلص من قسم كبير من المحرومين من الشغل داخل المغرب ذاته، وهو -كما سبق ذكره- صمام أمان اجتماعي يلجأ إليه النظام وتتسامح معه السلطات الإسبانية في لحظات الاحتجاج الكبرى. وفي ظل تخوف النظام من أي تلاقٍ بين الناس، لا يتوقع أن يكون المجال متاحًا لتشكيل شبكات تضامن مجتمعية من أسفل، لاحتضان المهاجرين.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية