حلاوة الإمبراطورية: السكر في العالم الأطلسي البريطاني

الإثنين 07 تشرين الثاني 2022
قصب السكر
مستعبدون يحصدون قصب السكر في جزيرة أنتيغوا الكاريبية. لوحة ويليام كلارك، 1832. المصدر: Britannica.

نشر هذا المقال بالإنجليزية في مجلة جامعة جيتيسبورغ التاريخية عام 2009، المجلد الثامن.

مع تزايد الإنتاجية وارتفاع مستويات المعيشة، اجتاحت بريطانيا روح استهلاكية جديدة. فبعد ولوجها عالم الاقتصاد الأطلسي -مع أن إسكتلندا لم تستفد من ذلك بالكامل حتى صدور قانون الاتحاد عام1707- أتيح لكافة الطبقات تدريجيًا تشكيلة واسعة من المنتجات الاستهلاكية. كان من بينها السكر، الذي ثُمِنّ لحلاوته منذ العصور الوسطى، وحاز على مكانة خاصة، مسيطرًا على كافة المستوردات من أمريكا البريطانية. وفّر السكر الذي احتضنه البريطانيون زخمًا ودافعًا للاستعمار، كما تطلب عمالة إفريقية مستوردة. وبذلك، حرّك السكر والاستهلاكية البارزة حديثًا في الداخل العالم الأطلسي البريطاني.

يتخطى الولع بالحلاوة كافة الحدود الثقافية. فحتى السكان الذين لم يسبق لهم أن تولعوا به، لم يقاوموا استدخاله في غذائهم بعد تعرضهم الأول له.[1] يعلق ريتشارد ليجون، وهو مراقب إنجليزي من القرن السابع عشر، «رغم أن لقصب السكر طعم منفرد واحد، أي الحلاوة التامة، إلا أن له مَلكة حميدة تجعله يحفظ كل كل الأطعمة الأخرى من الفساد».[2] تقبلت الطبقات البريطانية العليا السكر عندما توفر لها للمرة الأولى في القرن الثاني عشر بمنتهى السعادة.

في هذا السياق، بات السكر رمزًا للازدهار والمكانة الرفيعة بين الإنجليز في القرون الوسطى. حيث تمكن أعضاء النخبة، بوجود فائض من الطعام يرضي احتياجاتهم الغذائية الأساسية، من التركيز بدلًا من ذلك، على تلطيف حميتهم الرتيبة. إذ مكّنهم السكر، مثل العديد من المضافات الغريبة، من تمييز أنفسهم عن باقي المجتمع الإنجليزي من خلال خلق تجارب حسية فريدة. ضمنت وضعية السكر كسلعة رفاهية حصرية موقعًا بارزًا له في ولائم القرون الوسطى، بغض النظر عن مدى ملاءمته لأطباق معينة.[3] وبالإضافة إلى المذاق، فللسكر جاذبية بصرية. إذ إن بياض السكر المكرر النقي أغوى أحاسيسهم بالنقاء والطهارة.[4] أصبحت قطع الزينة الكبيرة القابلة للأكل والتي عرفت بالمحلّيات، الأسلوب الرئيس للاستهلاك المترف. وقد تشكلت من المرزبان، أو عجينة اللوز المحلاة، التي اتخذت أشكال حيوانات وأبنية وأشكال أخرى.[5]  كما حاز السكر، نظرًا لجاذبيته الاستثنائية، سمعة الدواء لكل داء، مديمًا مكانته كمادة رفاهية. وقد ادعى إعلان متأخر يعود إلى عام 1788، في صحيفة التايمز، حول «الحلوى النقية الشهيرة»: إنها تنقي الدم، وتطهر المعدة والأمعاء والغدد كلية، وتشفي من الروماتزم والبردية تمامًا، وتوقف الحمى والسعال ونزلات البرد والربو، وثلة من الاضطرابات التي لا يمكن إدراجها (..) [مع] مذاق السكر النقي فحسب.[6]

شهد القرنان السابع عشر والثامن عشر ولادة النزعة الاستهلاكية بين قطاع واسع في بريطانيا. يصف الكاتب الإنجليزي دانيال ديفو في عمله الصادر عام 1724 «جولة في كامل جزيرة بريطانيا العظمى»، بريطانيا على أنها «أكثر دولة مزدهرة وثرية في العالم» بناءً على التحسينات المستمرة في الزراعة والتصنيع والتجارة.[7] ومع أن إسكتلندا قد تخلفت عن إنجلترا وويلز، إلا أن القرنين السابع عشر والثامن عشر شهدا صعود تقنيات زراعية محسنة، مما زاد بالتالي من غلة المحاصيل. يشدد ديفو في وصفه للمناطق الريفية في بريطانيا على هذه الإنتاجية. ففي بيدفورد، على سبيل المثال، «التربة في هذه النواحي غنية وشديدة الخصوبة، وتنتج بشكل خاص كميات هائلة من أفضل القمح في بريطانيا».[8] 

وقد شرّع هذا، باندماجه مع ازدياد القوة الشرائية بين الطبقات العاملة، أمام الكثير من أبناء الشعب أبواب أسواق استهلاكية أكبر، حيث إنهم ما عادوا يعتبرون الطعام لعيش الكفاف فحسب، فضلًا عن اكتسابهم مالًا فائضًا للإنفاق.[9]

دفع السكر الذي أحبه البريطانيون التطور الاقتصادي في أمريكا البريطانية، وحفز تجارة العبيد من إفريقيا.

في الوقت ذاته تقريبًا، جلبت التجارة عبر الأطلسي تشكيلة واسعة من المستوردات الجديدة إلى بريطانيا. وقد ركز ديفو، تمامًا كما فعل مع المشهد الطبيعي الريفي، على الإنتاجية الاقتصادية في المدن، متفاخرًا إلى أقصى الحدود بتجارة بريطانيا المتنامية. وأصبحت لندن بكونها العاصمة مركزًا عالميًا رئيسًا للتجارة كما يليق بها. في مركز المدينة، «مركز تجارتها وثروتها»، تواجدت مقرات احتكارات الدولة التجارية الرئيسة مثل «شركة البحر الجنوبي، وشركة الهند الشرقية، وشركة إفريقيا وغيرها».[10] وفي تلك الأثناء، كانت أرصفة الموانئ على نهر التايمز «تزين المدينة بقدر ما تشهد على التجارة الواسعة التي تجري فيها»، وقد جلبت قدرًا كبيرًا من المكاسب، وحولت أحواض السفن «النهر بأكمله» إلى «مستودع واحد هائل».[11]

بيد أن تجارة بريطانيا، لم تتمركز جميعها في لندن. فقد امتدح ديفو بريستول لكونها «أعظم وأغنى وأفضل ميناء تجاري في بريطانيا العظمى، باستثناء لندن»، وأثنى على استقلاليتها في التجارة نسبة إلى لندن وقدرتها على نقل تجارتها إلى الداخل عبر المجاري المائية القريبة.[12] كذلك حققت ليفربول مشروعًا مشابهًا «لا ينافس بريستول (..) ولكنه يتجاوزها ويفوقها بدرجة معقولة، بتزايد ثروتها وشحنها بشتى الطرق».[13] حتى اسكتلندا نالت عبر اتحادها عام 1707 مع إنجلترا وصولًا غير مسبوق إلى أسواق ما وراء البحار، وساهمت بصورة مشابهة في ازدهار بريطانيا التجاري. ففي غلاسكو، «فتح الاتحاد الأبواب للاسكتلنديين في مستعمراتنا الأمريكية. وبات لديهم أفضل إضافة يمكن تخيلها لتجارتهم».[14] مع نهاية القرن الثامن عشر، تغلغلت البضائع من التجارة الأطلسية في كافة أنحاء بريطانيا. اشتكى مقال في صحيفة التايمز عام 1790 من ارتفاع أسعار تشكيلة من البضائع المستوردة من أمريكا بما فيها السكر، الذي وُصف بأنه من «ضروريات الحياة»، نظرًا لاحتمال اندلاع حرب مع فرنسا، مما أثر على «الناس من كافة المراتب والأوصاف تقريبًا.»[15] 

سيطر السكر على نمو الاستعمار في الأمريكتين، فبعد فشلها في محاكاة النموذج الإسباني في تشكيل إمبراطورية مبنية على الذهب والفضة، ركزت إنجلترا خلال القرن السابع عشر على تجارة السلع مع التشديد على المحاصيل النقدية. في أواخر القرن السادس عشر، علق الكاتب الإنجليزي ريتشارد هاكلويت، المروج لاستعمار شمال أمريكا، على ذلك قائلًا إن في فرجينيا: وفرة كافية لتحقيق الأرباح، عن طريق التجارة والتبادل مع شعبنا في إنجلترا، من شأنها أن تثريكم أيها المزودون (..) وأن تفيد أبناء وطنكم، بأن توفر لهم أغلب الأشياء التي كانوا حتى الآن غير قادرين على تزويدها.[16]

بالنظر لاهتمامهم القديم بالسكر، أمل الإنجليز بزراعته في أمريكا. لكن بعد فشلهم في استعمار أجزاء من أمريكا الجنوبية في القرن السادس عشر، جرت في عامي 1619 و1622 محاولات فاشلة لزراعة هذا المحصول في فرجينيا وبرمودا على التوالي.[17] لكن الكاريبي، بمناخه الاستوائي الرطب، قد وفر موقعًا ممتازًا لزراعة السكر. عرض التجار الهولنديون من البرازيل على الإنجليز المساعدة إطلاق مشاريعهم الخاصة عام 1640 بدءًا بجزيرة بربادوس.[18] وقد نجم عن ذلك أن أصبحت الجزيرة «إحدى أغنى بقاع الأرض تحت الشمس»، كما كتب المؤرخ الإنجليزي ريتشارد ليجون.[19] مستلهمةً نجاح بربادوس، حذت الكثير من المستعمرات في الكاريبي حذوها وطورت صناعة السكر التابعة لها.

سهّل التوسع الاستعماري نمو السكر كسلعة استهلاكية في بريطانيا. وبالتوازي مع ارتقاء اقتصاد مبني على السكر في الكاريبي، انخفضت أسعار السكر بشدة خلال القرن السابع عشر، وتلا ذلك ازدياد ملحوظ في الطلب.

ورغم فشل زراعة السكر في أمريكا الشمالية تحت الحكم البريطاني، إلا أنه أثر في اقتصادياتها. ومع أن السكر سيطر على اقتصاديات الكاريبي الاستعمارية، إلا أن هذه المستعمرات كانت ما تزال تفتقر إلى المؤن الأساسية لتحافظ على إنتاجها، مما ولد بدوره سوقًا مزدهرة لأسماك وحبوب وأخشاب أمريكا الشمالية. ففي الأعوام ما بين 1768 و1772 ذهب حوالي 60% من أسماك إقليم نيو إنجلاند[20] وحبوبها وأخشابها ومواشيها كصادرات من المستعمرات الوسطى لتموين الكاريبي.[21] كما شكلت أمريكا الشمالية بالمثل سوقًا للمستعمرات الكاريبية، فبوصفهم أوروبيين غُرسوا في تلك القارة، فقد ثمّنوا السكر كمادة استهلاكية، ولكنهم استخدموه أيضًا في تنشيط صناعة مشروب الرَمّ المحلية. ورغم الفشل الكبير الذي لاقته مساعيهم في تصدير الرّم (مستهلكين 90% من إنتاجه)، إلا أنه بات ناجحًا جدًا داخل المستعمرات القارية ذاتها واحتل حيزًا كبيرًا من اقتصادياتها ليصبح شكلًا من أشكال العملة.[22]

سيطر السكر على التجارة البريطانية مع أمريكا. فبحلول عام 1770، بلغت صادراته حوالي 97,000 طن، 90% منها للأسواق المحلية حصرًا. بينما ضاعف وحده منتجات أمريكا الشمالية المتجهة إلى بريطانيا بين الأعوام 1768 و1772، مشكلًا 63 بالمائة من كافة الصادرات الأمريكية.[23] جلب نجاح السكر في الخارج نموًا مشابهًا للتجارة داخل بريطانيا نفسها. إذ تطلب حجم التجارة ما وراء البحار تحسينات في الموانئ ومرافق التخزين، مما عنى طرقًا أفضل وأنهار وشبكات أقنية لتخفيض التكلفة في جلب البضائع إلى اليابسة.[24] 

سهّل التوسع الاستعماري نمو السكر كسلعة استهلاكية في بريطانيا. وبالتوازي مع ارتقاء اقتصاد مبني على السكر في الكاريبي، انخفضت أسعار السكر بشدة خلال القرن السابع عشر. حيث انخفضت إلى 70% ما بين 1645 إلى 1680، وكما هو متوقع، تلا ذلك ازدياد ملحوظ في الطلب.[25] فقد رحب الشعب بالتغيرات غير المكلفة التي وفرها السكر، وذلك بعد زمن من الاعتماد على حمية غذائية رتيبة سيطرت عليها النشويات البسيطة. فبإضافته لغذاء مبني على الحبوب، أسبغ السكر على الأطعمة المملة سابقًا مثل الشوفان معنىً جديدًا. وبخلوها من السكر، «حتى فاكهة هذا البلد، ستصبح غير مستساغة حتى لأبخل الناس»، كما يعلق الإنجليزي إدوارد لونغ في كتابه «تاريخ جامايكا» عام 1774.[26] إلا أن استهلاك السكر، كان له رابط لا يضاهى مع الشاي. فمع أن الشوكولاته والقهوة قد وفرتا منبهًا ساخنًا، إلا أن الشاي بدا الأكثر اقتصادية.[27] بتناوله مع السكر، قدم الشاي تجربة فريدة ودافئة ومنبهة استهدفت كتلة واسعة من الجمهور البريطاني. وبحسب لونغ، كان السكر «مستخدمًا على نطاق واسع وخصوصًا إلى جانب الشاي، لدرجة أن البؤساء والتعساء المقيمين في ملاجئ الفقراء لا يقدرون على الاستغناء عنه».[28]

حصل البريطانيون على السكر بسهولة، إلا أن زراعته تتطلب جهدًا مضنيًا. احتاجت مزارع قصب السكر الكاريبية بعد تجريدها من سكانها الأصليين، للعمالة المستوردة. فقد اعتمدت في البداية على الخدم من البيض المتعاقدين، لكن مع انخفاض وصول هؤلاء، حلّ الأفارقة المستعبدون محلهم في مزارع القصب. جذبت مستعمرات السكر في الكاريبي، كأساس للاقتصاد الأطلسي البريطاني، جل تجارة العبيد البريطانية. وقد عنت نسبة الوفيات العالية وارتفاع نسبة الذكور مقارنة بالإناث صعوبة الاستدامة الذاتية بين السكان من العبيد في مزارع السكر، مما استدعى استيراد المزيد من إفريقيا.[29] وفر العبيد قوة عمل قابلة للاستغلال متى استعبدوا وجلبوا إلى الكاريبي. «إنهم محتجزون برهبة وعبودية مريعة، بحيث يمنعهم الرعب عن أي عمل جريء، وبرؤيتهم لحشود رجالنا، وسماعهم أصوات طلقاتهم، ترزح معنوياتهم في ظل ظروف متدنية، بحيث لا يجرؤون على القيام بأي محاولة شجاعة»، يكتب ليجون.[30] أصبح السكر والعبودية الإفريقية متداخلين في نهايات القرن الثامن عشر، إلى حد أن إعلانًا داعيًا لإلغاء العبودية في جريدة التايمز، وصف السكر بأنه «سلعة رفاهية ملوثة بدماء الآباء والأمهات والأطفال الأبرياء».[31]

شكلت النزعة الاستهلاكية المحلية هذه الديناميكيات بين بريطانيا وأمريكا وأفريقيا. ودفع السكر الذي أحبه البريطانيون التطور الاقتصادي في أمريكا البريطانية، وحفز تجارة العبيد من إفريقيا. لقد شكّل ولعهم بالحلوى العالم الأطلسي البريطاني.

  • الهوامش

    [1] Sidney W. Mintz, Sweetness and Power: The Place of Sugar in Modern History (New York: Elisabeth Sifton Books, 1985), 14-15.

    [2] Richard Ligon, A True and Exact History of the Island of the Barbadoes (London: Frank Cass, 1970), 85.

    [3] Mintz, Sweetness and Power, 85-86.

    [4] المصدر نفسه، 76.

    [5] المصدر نفسه، 87-88.

    [6] Spring Physic. The Famous Purging Sugar, Times (London), July 5, 1788.

    [7] Daniel Defoe, A Tour Through the Whole of Island of Great Britain (New Haven: Yale University Press, 1991), 3, 5.

    [8] Defoe, A Tour Through the Whole Island of Great Britain, 227.

    [9] Mintz, Sweetness and Power, 118.

    [10] Defoe, A Tour Through the Whole Island of Great Britain, 144.

    [11] المصدر نفسه، 148، 151.

    [12] المصدر نفسه، 181-182.

    [13] المصدر نفسه، 288.

    [14] المصدر نفسه، 331.

    [15] Sugar, Times (London), August 30, 1790.

    [16] Richard Hakluyt, Voyages (London: J.M. Dent & Sons, 1907), 6:167-168.

    [17] Mintz, Sweetness and Power, 37.

    [18] Phillip D. Curtin, The Rise and Fall of the Plantation Complex: Essays in Atlantic History (Cambridge, UK: Cambridge University Press, 1998), 81-82.

    [19] Ligon, A True and Exact History of the Island of the Barbadoes, 86.

    [20] الولايات الست الأولى التي استعمرت في شمال أمريكا، في ما بات اليوم شمال شرق الولايات المتحدة، وهي: كونيتيكت ومين وماساتشوستس ونيوهامبشير ورود آيلاند وفيرمونت.

    [21] Nuala Zahedieh, «Economy,» in The British Atlantic World, 1500-1800, eds. David Armitage and Michael J, Braddick (New York: Palgrave Macmillan, 2002), 60.

    [22] John J. McCusker, «The Rum Trade and the Balance of Payments of the Thirteen Continental Colonies, 1650-1775,» The Journal of Economic History 30 no. 1 (March 1970), 247.

    [23] Zahedieh, «Economy,» 57-58.

    [24] المصدر نفسه، 56.

    [25] Mintz, Sweetness and Power, 159-160.

    [26] Edward Long, The History of Jamaica, ed. Richard C. Robey (New York: Arno Press, 1972), 1: 523.

    [27] Mintz, Sweetness and Power, 112.

    [28] Long, The History of Jamaica, 1: 525.

    [29] Arthur L. Stinchcombe, Sugar Island Slavery in the Age of the Enlightenment: The Political Economy of the Caribbean World (Princeton: Princeton University Press, 1995), 90.

    [30] Ligon, A True and Exact History of the Island of the Barbadoes, 46.

    [31] Criminality of Consuming Sugar and Rum, Times (London), February 16, 1792.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية