استمرار أزمة نقابة المعلمين: حلّ النقابة ومنع الاعتصامات أمام «النواب»

معلمات معتصمات في العبدلي بعد منع مظاهرة داعمة لنقابة المعلمين الأردنيين من الوصول لمجلس النواب، 10 كانون الثاني. تصوير دانة جبريل.

استمرار أزمة نقابة المعلمين: حلّ النقابة ومنع الاعتصامات أمام «النواب»

الخميس 14 كانون الثاني 2021

ما إن اقترب معلم الرياضيات أحمد (32 عامًا) من مسجد الملك عبدالله الأول في العبدلي، للمشاركة في فعالية داعمة لنقابة المعلمين الأردنيين يوم الأحد الماضي، حتى طلب عددٌ من رجال الشرطة هويته، وبعد معرفتهم أنه يعمل معلمًا طلبوا منه مرافقتهم لباص أمني ونقلوه إلى مديرية شرطة وسط عمان في العبدلي رفقة عشرات آخرين. مكث أحمد في قاعة المديرية نحو ثلاث ساعات، التقى خلالها أعضاءً في مجلس النقابة، وكان معهم في القاعة حوالي 100 موقوف، بحسب تقديراته. 

يقدّر كفاح أبو فرحان، عضو مجلس نقابة المعلمين الأردنيين المنحلّة بموجب قرار قضائي أولي صدر مؤخرًا، عدد الموقوفين يوم الأحد الماضي في مديرية وسط عمان بالعبدلي بين 200 و250 شخصًا، كان هو ضمنهم، بالإضافة إلى آخرين من أعضاء المجلس. وقع ذلك أثناء محاولة عدد من المتظاهرين الوصول لمجلس النواب للاحتجاج عنده على إحالة 84 معلمًا وإداريًا للتقاعد المبكر والاستيداع، لكن الشرطة أغلقت المنطقة المحيطة بمجلس النواب، ومنعت السير على الأقدام في محيطه، كما منعت المحتجين من الوصول إليه وطالبتهم بالمغادرة.

على بعد أمتارٍ من تجمعات المعلمين، كان المستشار القانوني للنقابة، بسام فريحات، في قصر العدل يقدم طعنًا بقرار محكمة صلح جزاء عمّان، الصادر نهاية كانون الأول الماضي، بحلّ نقابة المعلمين الأردنيين وحبس أعضاء مجلسها الـ13 لمدة عام، بعد إدانتهم بجرائم التحريض على التجمهر غير المشروع، وتشجيع الغير بالخطابة والكتابة للقيام بأفعال غير مشروعة، والتحريض على الكراهية بأي وسيلة كانت في المؤسسات التعليمية، والتأثير على حرية الانتخاب.

كان هذا الاعتصام الثاني الذي تمنعه الأجهزة الأمنية لمعلمين أمام مجلس النواب، فقد منعت الشرطة اعتصامًا لهم قبل نحو أسبوعين أمام المجلس، كما حاولت منع نائب نقيب المعلمين وأعضاء في مجلس النقابة من الدخول إلى مجلس النواب لشرح قضية المعلمين، والمطالبة بتقديم مذكرة نيابية تدعو الحكومة للتراجع عن قرارات التقاعد المبكر والاستيداع، لكن نوابًا تدخلوا وطلبوا من الأجهزة الأمنية السماح لأعضاء النقابة بالدخول إلى المجلس.

منع ثاني اعتصام للمعلمين

صباح الأحد الماضي، شهدت المنطقة المحيطة بمجلس النواب في العبدلي تواجدًا كبيرًا لقوات الأمن التي منعت السير على الأقدام في محيط المجلس، وطلبت من المعلمين القادمين من عدة مداخل مغادرة المنطقة، ثم أوقفت العديد منهم لساعات، من بينهم أعضاء في مجلس نقابة المعلمين ونائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة، الذي تم توقيفه لنحو ثلث ساعة في باص أمني قبل الإفراج عنه.

شكَل المعلمون والمعلمات، بعد منعهم، تجمعات متفرقة وبدأوا بالهتاف للنقابة، لكن سرعان ما لاحقتهم الشرطة وطلبت منهم وقف الهتاف والمغادرة، كما أوقفت عددًا منهم.

في الشارع الخلفي الواصل بين مسجد الملك عبدالله الأول وموقف سيارات العبدلي سار معلمون ومعلمات باتجاه العبدلي، تقود إحدى المعلمات الهتاف: «سلمية سلمية (..) يسقط تجار الأوطان، يخسى السجن والسجّان»، قبل أن يأمر أحد أفراد الأجهزة الأمنية الشرطة النسائية بتوقيف السيدة، التي توقفت عن الهتاف وتراجعت حتى غابت عن الأنظار.

تقول معلمة اللغة العربية أم مجد، (50 عامًا) القادمة من سحاب إلى العبدلي، إن منع الاعتصام والقرارات بحق المعلمين تجعلها تشعر بأن المعلم «ما إله قيمة، ما إله وجود (..) إحنا بس بني آدمين [مطلوب منا] ننفّذ، ممنوع التعبير».

كانت أم مجد برفقة معلمات أخريات حين فرقت الشرطة تجمعهنّ للسير باتجاه المجلس، وتقول إن الهدف من مشاركتها هو التضامن مع المعلمين المحالين للتقاعد المبكر. «إنسان دافع عنا بِعْنينا، رجال المجلس دافعوا مشانا إحنا، واتحملوا في سبيلنا أشياء كثير (..) إحنا نوكل ونشرب والبعض انحرم قوته اليومي؟»، تقول في إشارة منها إلى مجلس النقابة الذي أحيل أربعة من أعضائه للتقاعد، من ضمنهم نائب النقيب، بعد تنفيذ النقابة إضرابًا عن التعليم امتدّ لشهر، قاده مجلس النقابة الحالي، للمطالبة بعلاوة للمعلمين ومطالب أخرى. 

تقول أم مجد إن المعلمات واصلن الهتاف وقيادة مجموعات المعتصمين رغم الاعتقالات والملاحقات، وذلك دون تخطيط أو ترتيب مسبق، «دور المعلمة من البداية قيادي، ما عنا أوامر نعمل هيك».

يتجمع عشرات المعلمين والمعلمات مجددًا داخل موقف سيارات العبدلي، وتبدأ المعلمات بالهتاف للنقابة. يقول أحد رجال الأمن لمعتصمين إن الاعتصام ممنوع بسبب عرقلته لحركة السير، ويدور نقاش بين الطرفين حول التجمع داخل موقف العبدلي وحقوق التظاهر. وبعد محاولة تفريق التجمع، تلاحق الشرطة مرة أخرى معلمين في بعض الشوارع الفرعية، وتفرض طوقًا من الشرطة النسائية حول مجموعة من المعلمات على إحدى الجزر الوسطية في الشارع، مع تهديدهنّ بالاعتقال في حال استمرارهنّ بالهتاف. 

تقول أم مجد إن المعلمات واصلن الهتاف وقيادة مجموعات المعتصمين رغم الاعتقالات والملاحقات، وذلك دون تخطيط أو ترتيب مسبق، «دور المعلمة من البداية قيادي، ما عنا أوامر نعمل هيك». داخل الطوق الأمني تلقي معلمة كلمة للمعلمات، تتحدث فيها عن الظلم الذي وقع على المعلمين، قبل أن تغادر المعلمات تدريجيًا، بالتزامن مع إطلاق سراح النواصرة، الذي أعلن انتهاء الوقفة، بعد «أن وصلت الرسالة» كما يقول لحبر، وبعد الإفراج عن المعتقلين في مديرية شرطة وسط عمان.

«ما صار في دعوة من مجلس النقابة، [الاعتصام] مبادرات فردية»، يعلق أبو فرحان على محاولات المعلمين الوصول لمجلس النواب لتنفيذ وقفتهم أمامه، ويوضّح أن معلمين محالين للتقاعد والاستيداع أرادوا لقاء نواب في المجلس لشرح «الظلم» الواقع عليهم، ودفعهم لتوقيع مذكرة نيابية تطلب من وزير التربية والتعليم إلغاء قرارت التقاعد والاستيداع، لكن معلمين آخرين حضروا بشكل فردي للتضامن مع زملائهم في الأسبوعين الماضيين دون دعوات رسمية من مجلس النقابة للاعتصام. 

كان معلم الرياضيات أحمد، من بين المعلمين المفرج عنهم، وهو يعمل منذ خمس سنوات خارج الأردن بعد أن درّس في وزارة التربية والتعليم لثلاث سنوات لم يكن راتبه خلالها يكفي احتياجاته. وقد كان في إجازة لمدة أسبوع يقضيها في الأردن عندما قرر الانضمام للاعتصام تضامنًا مع مجلس النقابة: «[النقابة] عملتلنا غطاء كبير حتى قدام فئات المجتمع الأردني (..) ردّت اعتبارنا، اشتغلت على كرامتنا (..) بعض المعلمين بطلوا يحتاجوا يشتغلوا بعد الدوام بعد التحسينات»، يقول أحمد، في إشارة للعلاوات التي حصل عليها المعلمون بعد إضرابهم عام 2019.

كان هذا الاعتصام هو الثاني الذي تمنعه الأجهزة الأمنية للمعلمين خلال أسبوع، فقد منعت اعتصامًا سابقًا، أمام مجلس النواب أيضًا، يوم الثالث من الشهر الحالي، حيث منعت أعضاء مجلس النقابة من الدخول إلى مجلس النواب، ثم دفعت المعلمين باتجاه ساحةٍ مقابلة للمجلس. وفي حديث بين أعضاء مجلس النقابة مع أحد رجال الشرطة في ذلك الاعتصام، أوضح الأمن أن الوقفة ممنوعة لمخالفتها أوامر الدفاع التي تمنع التجمعات. في حين يعتبر النواصرة، في تعليقٍ لحبر، أن أمر الدفاع أصبح يستخدم من أجل منع الناس من التعبير عن الرأي. وكانت وزارة الداخلية أصدرت بيانًا يوم الخميس الماضي أكدت خلاله على أمر الدفاع رقم 16 القاضي بمنع إقامة تجمعات بجميع أشكالها لما يزيد عن 20 شخصًا.

قبل هذا الاعتصام، كان النواصرة قد أعلن عزمه التوجه إلى مجلس النواب لشرح قضية المعلمين لهم، لكن معلمين جاءوا للاعتصام أمام المجلس تأييدًا لنائب النقيب ودعمًا لمجلس النقابة، دون تنظيم رسمي بحسب ما قال بعضهم لحبر. لاحقًا حضر نواب لموقع التجمع، وطلبوا من الأجهزة الأمنية السماح للنواصرة وثلاثة آخرين من أعضاء المجلس بالدخول إلى مجلس النواب، حيث شرحت النقابة قضيتها للنواب بحسب تصريحات النواصرة للإعلام بعد خروجه من اجتماع مع بعض النواب.

أثناء الاجتماع، استمر المعلمون في اعتصامهم بالساحة، واستحضروا في هتافاتهم احتجاجات سابقة لهم عام 2010 للمطالبة بتأسيس نقابة لهم، وما تزامن مع تلك الفترة من قرارات بالإحالة للتقاعد والاستيداع، تراجعت عنها الحكومة لاحقًا. هتف المعلمون «يا نعيمي اسأل بدران، المعلم ما ينهان»، في إشارة إلى وزير التربية والتعليم السابق إبراهيم بدران، الذي أحيل في عهده معلمون للتقاعد قبل حوالي 10 سنوات.

وبعد ثلاثة أيام من هذا الاعتصام، سيّجت أمانة عمّان الساحة المقابلة لمجلس النواب حيث اعتصم المعلمون.

وحاولت حبر التواصل مع الأمن العام، ومحافظ العاصمة سعد شهاب، للحصول على تعليقهم حول منع الاعتصامات أمام مجلس النواب، ولم تلق ردًا.

من اعتصام المعلمين في الساحة المقابلة لمجلس النواب قبل تسييجها، 3 كانون الثاني. تصوير دانة جبريل.

بعد لقاء مجلس النقابة بالنواب، تبنى بعضهم مذكرة نيابية لمطالبة وزارة التربية والتعليم بالعودة عن قرارات الإحالة للتقاعد المبكر والاستيداع، وبلغ عدد الموقعين على المذكرة 50 نائبًا، بحسب النائب ينال فريحات، أحد القائمين على المذكّرة. كما وجه فريحات سؤالًا لوزير التربية حول أسس ومعايير إحالة المعلمين على التقاعد، ومصير الاتفاقية الموقعة بين الوزارة ونقابة المعلمين، ولم يحصل على إجابة حتى الآن.

وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، فإن على الوزير الإجابة على أسئلة النواب خطيّا خلال مدة لا تتجاوز 14 يومًا من توجيه السؤال من قبل رئاسة المجلس إلى الوزير، وإذا لم تجب الحكومة خلال مدة شهر من ورود السؤال إليها فإنه يجوز تحويل السؤال إلى استجواب، ويمنح الوزير مدة 21 يومًا إضافية للإجابة عليه، وفي حال عدم إجابة الوزير على الاستجواب، أو عدم اقتناع النائب بالإجابة، فله أن يطرح الثقة بالوزارة أو الوزير. 

يقول نوابٌ أعضاء في لجنتي التربية والتعليم والحريات لحبر، إن اللجان ستتباحث حول مطالب المعلمين وتستدعي وزير التربية والتعليم للحديث حول قرارات التقاعد والاستيداع، بعد أن تنتهي مناقشات البيان الوزاري والتصويت على الثقة في حكومة بشر الخصاونة. وعلى مدار الأسبوع الماضي، تطرق العديد من النواب لقضية المعلمين خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري، ودعا عدد منهم الحكومة لإيجاد الحلول والحوار مع نقابة المعلمين. 

«[النقابة] ردّت اعتبارنا، اشتغلت على كرامتنا (..) بعض المعلمين بطلوا يحتاجوا يشتغلوا بعد الدوام بعد التحسينات»، يقول المعلم أحمد، في إشارة للعلاوات التي حصل عليها المعلمون بعد إضرابهم عام 2019.

يقول أبو فرحان إن مجلس النقابة، وهيئات فروعها، تواصلوا مع نواب في مناطقهم لعرض قضية المعلمين وإثارتها داخل المجلس، ويرى بأن هذا انعكس على العديد من كلمات النواب أثناء مناقشة البيان الوزاري.

ومما جاء في كلمات النواب ما قاله النائب محمد أبو صعيليك حول تعامل الأجهزة الأمنية بالهراوات والعصي مع المعلمين الذين حاولوا الوصول إلى مجلس النواب، داعيًا رئيس الوزراء ووزير الداخلية إلى التدخل ووقف «ديمقراطية العصا والهراوة». فيما استهجن النائب يزن شديفات محاربة الحكومة للعمل النقابي ومحاربة المعلمين في أرزاقهم.

مساء أمس الأربعاء، قال رئيس الوزراء الخصاونة خلال ردّه على كلمات النواب فيما يتعلق بقضايا المعلمين، إن الحكومة الحالية والسابقة لم تتخذ أي قرارات بحق هيئات المعلمين، وأن «كل الإجراءات والتدابير التي اتخذت هي إجراءات وممارسات منظورة أمام القضاء النظامي»، ما يحتم على الحكومة «ألا تشتبك مع هذا الموضوع بما يخالف أو يمس استقلال القضاء». وكان معلمون ونقابيون ومعلّقون قد وصفوا القرارات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم بإحالة معلمين للتقاعد والاستيداع سابقًا لحبر، بأنها قرارات «عقابية وثأرية».

وأضاف الخصاونة في ردّه أن الحكومة «تربأ بالمعلم من أن يُوظّف، أو توظّف واجبات المحافظة على كرامته وقدسية مكانته ورسالته توظيفات في غير مكانها اللائق»، دون أن يسمي صراحةً الجهات التي يقصدها بتوظيف المعلمين. وكان وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي قد قال في تموز الماضي إن مجلس نقابة المعلمين «يوظف قضايا المعلمين لأجندات حزبية وأيديولوجية». فيما يشير القرار القضائي الأخير بحل نقابة المعلمين إلى تدخل النقابة بشؤون سياسية واقتصادية فيما يتعلق بمطالبها حول الضرائب والأسعار ووقف العمل بقانون الدفاع. 

وحصلت حكومة الخصاونة على ثقة مجلس النواب بواقع 88 صوتًا من أصل 127 نائبًا صوتوا في الجلسة.

قرار قضائي بحل النقابة

بينما كان يُناقش البيان الوزاري للحكومة تحت قبة مجلس النواب يوم الأحد الماضي، وفيما كانت الأجهزة الأمنية تفرّق المعلمين المعتصمين أمام المجلس، كان المحامي بسّام فريحات المستشار القانوني لنقابة المعلمين يقدم طعنًا لدى محكمة بداية عمان بصفتها الاستئنافية على قراري حبس أعضاء مجلس النقابة وحل النقابة ومجلسها وهيئتها المركزية وهيئات فروعها كما جاء في القرار الصادر نهاية كانون أول الماضي.

وبحسب ما جاء في القرار القضائي، أدانت المحكمة النقابةَ ومجلسها بجُنح التحريض على الكراهية وإحداث الشغب بأي وسيلة كانت في مؤسسة تعليمية، والتحريض على التجمهر غير المشروع، والتأثير على حرية الانتخاب، وتشجيع الغير بالخطابة والكتابة للقيام بأفعال غير مشروعة. وذلك على خلفية منشور، على صفحة نقابة المعلمين الأردنيين على فيسبوك في حزيران الماضي، بعنوان خطة استعادة العلاوة، أعلنت فيه النقابة أنها عممت على هيئات الفروع خطة من أجل تنفيذ بنود الاتفاقية بين الحكومة والنقابة، واستعادة علاوة المعلمين بأثر رجعي بعد أن أوقفتها حكومة عمر الرزاز في آذار بعد انتشار جائحة كورونا، وطلب المجلس في المنشور من هيئات الفروع الاطلاع على الخطة ووضع الإضافات.

وبحسب المنشور، فإن الخطة اشتملت على: مخاطبة الديوان الملكي، والحوار مع الحكومة، ومخاطبة وزير التربية والتعليم، والتواصل مع النقابيين واللجان الشعبية والشخصيات السياسية، وإطلاق حملات إعلامية، وتصميم «بوسترات» تشرح قضية العلاوة، وعقد مؤتمرات صحافية.

وأشار المنشور إلى «قضايا ساخنة» منها الأكاديميات والمنصات التعليمية، ونهضة التعليم والمناهج، ونظام الخدمة المدنية، والتعيينات و«الترضيات»، وقرارات الحكومة، والضرائب، ورفع الأسعار. ويقترح المنشور مراحل للتنسيق والحوار من ضمنها التنسيق مع النقابات المهنية، والتحالف مع «الطبقة المسحوقة»، والمطالبة بوقف العمل بقانون الدفاع، و«دراسة المشاركة/ المقاطعة للانتخابات النيابية»، وإجراء دراسة اقتصادية لتكلفة جائحة كورونا، وغير ذلك.

أدانت المحكمة النقابةَ ومجلسها بجُنح التحريض على الكراهية وإحداث الشغب بأي وسيلة كانت في مؤسسة تعليمية، والتحريض على التجمهر غير المشروع، والتأثير على حرية الانتخاب، وتشجيع الغير بالخطابة والكتابة للقيام بأفعال غير مشروعة.

وتتدرج الخطة بخطوات للاحتجاج والإضراب، منها تنفيذ وقفات احتجاجية واعتصامات، والإضراب عن الطعام، والتدرج بالإضرابات عن التعليم. وهو ما أوردته المحكمة في قرارها معتبرة أن المنشور تجاوز في بعض بنوده الهدف المعلن باستعادة العلاوة إلى التجييش وإثارة الفوضى.

يقول أبو فرحان إن الخطة الخطة المنشورة على صفحة النقابة على فيسبوك كانت بمثابة مقترحات تقدم بها المجلس لفروعه، وهي حقوق كفلها الدستور والقانون ضمن العمل النقابي للنقابات المهنية.

فيما تقول المحكمة في قرارها إن النقابة تجاوزت موجبات تأسيسها «ووقعت بالمحاذير» وضربت بعرض الحائط ما ورد بنص المادة 5 من قانون النقابة الذي يلزمها بعدم التدخل بسياسات التعليم والمناهج والمسار المهني والوظيفي، واللجوء إلى أساليب مشروعة في تبني مطالب المعلمين.

وتوصلت المحكمة إلى أن نقابة المعلمين «ومن خلال ما كانت تخطط له وتسعى لتحقيقه من التصعيد التدريجي، الخطابات، الاعتصامات، الاحتجاجات (..) ومن جانب آخر التدخل بالوضع السياسي وما يتعلق بمطالبها بوقف العمل بقانون الدفاع والوضع الاقتصادي ما يتعلق بالضرائب والأسعار» هي أفعال أضرت بمصلحة الطالب وحقه في التعليم، وخالفت الدستور وقانون التربية والتعليم ونظام الخدمة المدنية. كما تساءلت المحكمة في قرارها: «أليس هذا موقف يجعل المراقب لأفعالهم يضع آلاف علامات التعجب والاستفهام؟ لماذا بهذا الوقت الصعب على الأردن من الداخل والخارج من جميع المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها؟». ووجدت المحكمة أنه يجب فرض تدبير احترازي بحق النقابة وهو حلّها، «لوقف الضرر الجسيم الذي كان سيحدث للمجتمع الأردني لو استمرت بعملها».

واستندت المحكمة في قرار حل النقابة إلى نص المادة 28 من قانون العقوبات التي تبين التدابير الاحترازية ومنها «وقف هيئة معنوية عن العمل أو حلّها»، بالإضافة إلى المواد 36 و37 و38 من قانون العقوبات التي تنص على إمكانية وقف كل نقابة وكل شركة أو جمعية وكل هيئة اعتبارية، ما خلا الإدارات العامة، إذا اقترف مديروها أو أعضاء إدارتها أو ممثلوها أو عمالها باسمها أو بإحدى وسائلها جناية أو جنحة مقصودة يعاقب عليها بسنتي حبس على الأقل.

يقول المحامي يونس عرب، إن القضاء لا يملك صلاحية حلّ نقابة المعلمين كونها منشأة بموجب قانون من المجلس التشريعي: «سندًا للدستور و لمبدأ الفصل بين السلطات (..) ما أنشئ بقانون لا يلغى إلا بقانون وفق الأصول الدستورية». وهو ما وصفه النائب فريحات -في كلمته أثناء مناقشة البيان الوزاري- بالتغول على السلطة التشريعية.

فيما يرى المحامي بشير المومني أن المحكمة طبّقت القانون في قرارها عندما استندت للمواد 36-38 من قانون العقوبات، وأن جوازية تطبيق القانون هو اجتهاد للمحكمة، ويجوز الطعن بقرارها أمام محاكم الدرجة الثانية.

توضح المحامية هالة عاهد، عضو لجنة الدفاع عن نقابة المعلمين، الجدل الحاصل حول جوازية تطبيق المواد 36-38 من قانون العقوبات على النقابة، حيث استثنت مواد قانون العقوبات الإدارات العامة من التطبيق، وهو استثناء تعتبره عاهد، والنقابة، يشمل نقابة المعلمين كونها نقابة منشأة بقانون صادر عن مجلس الأمة، في حين تنطبق -برأيها- مواد العقوبات على النقابات المنشأة بموجب قرار من الوزير. فيما قالت المحكمة في قرارها إن المشرع لم يحدد طبيعة معينة لنقابة المعلمين الأردنيين، فهو منحها شخصية اعتبارية وقانونية لكنه لم يمنحها طبيعة المؤسسة العامة.

يقول المستشار القانوني للنقابة، بسام فريحات، إن القرار الأولي الصادر بحلّ النقابة ينهي وجودها ويصفّي أموالها، دون أن يكون واضحًا كيف سيتم ذلك نظرًا لغياب النصوص القانونية والسوابق القضائية في مثل هذه الحالة، بحسبه. وترى عاهد إن القرار يخلق إشكالًا عند محاولة تفسير أبعاده قانونيًا، من حيث أملاك النقابة وأموالها وآليه تصفيتها، كون قوانين النقابات لم تشتمل على نصوص قانونية حول الإجراءات المتبعة بعد الحلّ بهذه الطريقة.

وتنص المادة 27 من قانون نقابة المعلمين على جواز حل مجلس النقابة في حال صدور قرار قضائي قطعي، تقول عاهد إن قوانين النقابات المهنية تتضمن بنودًا تعالج حل المجالس وليس النقابات، وهو ما يجعلها تؤكد أن إلغاء القوانين يجب أن يكون عبر قوانين أخرى من المجالس التشريعية بحيث توّضح الآلية والنظام المتبع لإلغاء القانون السابق.

في عام 2011، قدمت الحكومة مشروع قانون نقابة المعلمين لمجلس النواب، وكان وزير التربية والتعليم آنذاك هو نفس الوزير الحالي تيسير النعيمي، وقد نصّ مشروع القانون المقدم من الحكومة على إجازة حل النقابة في حال قرر ثلثا الهيئة العامة ذلك، أو بموجب قرار قضائي قطعي، على أن تحال أملاك وأموال النقابة للوزارة. لكن النواب خلال مناقشتهم للقانون اعتبروا أن النص الوارد فيه عن حلّ النقابة بمثابة «وضع القنبلة التي تحلّها [للنقابة] سلفًا»، بحسب ما قاله في تلك الجلسة رئيس اللجنة القانونية حينها عبد الكريم الدغمي. وعدّل النواب المادة إلى حلّ مجلس نقابة المعلمين بدلًا من حل النقابة نفسها.

يُذكر أن محكمة غرب عمان ردّت عام 2019 دعوى قضائية لحل مجلس النقابة كان قد رفعها اثنان من أولياء أمور الطلبة بعد الإضراب عن التعليم، حيث اعتبرت المحكمة أن ليس للمشتكين مصلحة في دعواهم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية