بعد الموافقة على لقاح فايزر-بيونتك، أين وصل السباق نحو لقاح كورونا؟

لقاح فايزر-بيونتيك في معهد طبي في تورونتو، كندا. تصوير كارلوس أوسوريو، أ ف ب.

بعد الموافقة على لقاح فايزر-بيونتك، أين وصل السباق نحو لقاح كورونا؟

الثلاثاء 15 كانون الأول 2020

مع إعلان شركة فايزر وشريكتها بيونتك الألمانية عن نتائج أولية تشير إلى أن لقاحهما كان فعالًا بنسبة تصل إلى 95%، عادت الآمال بقرب السيطرة على الجائحة، خاصةً بعد أن بدأت الدول تباعًا بمنح هذا اللقاح موافقات للاستخدام الطارئ، وبدء حملات تلقيح للسكان باستخدامه، خارج إطار الدراسات السريرية.

كما أثار -باعتباره أول لقاح مرشّح يحصل على الموافقات التنظيمية- العديد من الأسئلة حول أولويات الوصول إلى اللقاحات، وقرب اللقاحات الأخرى المنافِسة من الحصول على الموافقات، والقدرة التصنيعية لشركات الأدوية المختلفة، في ظلّ عدد غير مسبوق من الالتزامات المسبقة التي قدمتها الدول والتحالفات والشراكات متعددة الأطراف، في سعيها إلى ضمان إمدادات اللقاح، حتى قبل طرح أي لقاح مرشح في السوق.

محليًا؛ تتابعت الأخبار حول عقد الأردن اتفاقيات مع جهات مختلفة، لتأمين وصول جرعات اللقاح للأردن، وموعد وصول هذه اللقاحات، وكان آخرها إعلان المؤسسة العامة للغذاء والدواء إجازة لقاح كوفيد-19 الذي طورته فايزر وبيونتك «بناءً على دراسات مستفيضة»، دون الإعلان حتى الآن عن تفاصيل اتفاقية الحصول على هذا اللقاح، أو غيرها من الاتفاقيات.

ما هي لقاحات كوفيد-19 المحتملة التي ينتظرها الأردن؟

منذ تموز الماضي، بدأت تتوالى تصريحات الحكومة الأردنية عن توقيع اتفاقيات لتأمين لقاح كوفيد-19 مع شركات متعددة. إذ أعلن وزير الصحة السابق، الدكتور سعد جابر، حينها توقيع اتفاقية مع شركة فايزر لحجز مليوني جرعة من لقاح كوفيد-19 في حال ثبوت فعاليته عالميًا. وبدأت تفاصيل هذه الاتفاقية بالظهور بعد خمسة أشهر من إعلانها، في مؤتمر صحفي لوزير الصحة الحالي الدكتور نذير عبيدات. جاء ضمن هذه التفاصيل عدم إلزامية الاتفاقية التي وقعتها الأردن في البداية، وتوقيع المراحل الأخيرة من الاتفاقية مع شركة فايزر في السادس من كانون الثاني. ثم أعلن وزير الصحة في مؤتمر صحفي بتاريخ 14 كانون الأول عن «التوقيع النهائي» مع شركة فايزر، لتوفير لقاحات تكفي 5% من المواطنين.

وفق ما قاله مساعد الأمين العام للرعاية الصحية الأولية، الدكتور غازي شركس لحبر، فإن الأردن تعاقد على ما يكفي 5% من الشعب الأردني من لقاح فايزر، ويمكن رفعها إلى 10%، لكن الاتفاق لم يتم بخصوص هذه الزيادة. «أول دفعة رح تيجينا 200 ألف جرعة، تكفي لتلقيح 100 ألف مواطن، وتتوالى الجرعات تباعًا».

أعلنت المؤسسة العامة للغذاء والدواء إجازة استخدام لقاح فايزر، أمس، وهي الموافقة التي تنتظرها الشركة قبل إمداد الأردن باللقاح.

وتوقع شركس أن يصل اللقاح ما بين نهاية شهر كانون الثاني ومنتصف شهر شباط المقبلين، فيما رفض الحديث عن الأسعار، «إحنا متكفلين بالمبالغ المالية، إحنا ماخذين من أفضل العروض [و]أفضل الأسعار، المهم إنه متعاقدين مع شركة، وجبنا المطعوم بظرف صعب. الاتفاقية معهم [فايزر] كانت من أربع لخمس شهور، وما كان طالع أي مطعوم ثاني ينافسهم».

وأعلنت المؤسسة العامة للغذاء والدواء إجازة استخدام لقاح فايزر، أمس الموافق 14 كانون الأول، وهي الموافقة التي تنتظرها الشركة قبل إمداد الأردن باللقاح، بحسب ما قالته ليزا أونيل، مديرة العلاقات الإعلامية العالمية في فايزر لحبر. «هدفنا هو بدء الشحنة الأولى في أسرع وقت ممكن بعد الحصول على إجازة أو موافقة من أي جهة تنظيمية. لا يمكننا إمداد الدول باللقاح إلا بعد منحه الموافقة التنظيمية». ورفضت الشركة الحديث عن الأسعار ومواعيد التسليم، معتبرة على لسان أونيل ان «تفاصيل اتفاقيات التزويد الخاصة [بها] سرية».

إلى جانب لقاح فايزر، سيحصل الأردن على لقاحات من تحالف «كوفاكس»، تغطي ما نسبته 10% من السكان، وفق ما أعلن وزير الصحة، نذير عبيدات، في مقابلة في الخامس من كانون الأول. حول آلية توفير «كوفاكس» للقاحات، يقول شركس إن «كوفاكس يعتمدوا مطاعيم معينة، بعدما تتم إجازتها ويعرضوها علينا في الأردن ونحن نختار من ضمنها، شغلتهم يأمنوا لنا المطاعيم (..) بسعر مخفض مش مجاني (..) والأردن مصنفة دولة مستحقة للقاحات «كوفاكس»».

الأردن انضم لكوفاكس في أيلول من هذا العام، لكنه كان ضمن 80 دولة، اعتبر الائتلاف طلبها غير مُلزم.

ويهدف هذا التحالف إلى مساعدة الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل بالوصول إلى اللقاحات من تسع شركات مصنّعة لها، وتغطية جزء من تكاليفها. ورغم توقع عبيدات وصول اللقاحات عبر «كوفاكس» في نيسان أو حزيران من العام القادم، إلا أنه «لغاية الآن ولغاية اليوم لا يوجد توقيت محدد لتوفيره».

يُذكر أن الأردن انضم لكوفاكس في أيلول من هذا العام، لكنه كان ضمن 80 دولة، اعتبر الائتلاف طلبها غير مُلزم، لا ضمن المجموعة التي تضم 92 دولة فقيرة ومتوسطة الدخل، والتي ستعطى الأولوية بالنفاذ إلى اللقاحات وسيجري تغطية جزء من تكاليفها. ويؤكّد شركس أنَّ كمية اللقاحات المنتظرة من «كوفاكس»، محددة بما يكفي 10%، ولن تكون فيها زيادة، مضيفًا أنّ الزيادة في عدد اللقاحات مستقبلًا يمكن أن تكون من لقاحات أخرى من غير تحالف «كوفاكس».[1] 

أمّا عن الاتفاقيات التي وقعها الأردن مع شركات أخرى، يقول شركس إن هناك «نقاشًا» مع شركة أسترازينيكا حول لقاحها المنتج بالتعاون مع جامعة أسكفورد، لكن «ما في اتفاق. الاتفاق مبدئي؛ أي إنّه بدنا منهم إشي، بس قديش؟ إحنا نفسنا مش عارفين». وكانت وزارة الصحة الأردنية برئاسة سعد جابر، قدّمت في حزيران الماضي طلبًا رسميًا للشركة لمتابعة آلية الحصول على لقاح كورونا في حال تصنيعه وثبوت فعاليته.

وبالإضافة إلى أسترازينيكا، ذكر عبيدات توقيع اتفاقية أولية مع شركة جونسون آند جونسون. يعقّب مدير برنامج التطعيم الوطني في وزارة الصحة، الدكتور كامل أبو سل، أن هذه الاتفاقيات المبدئية (مع مصنّعي اللقاحات التي لم تحصل على موافقات حتى الآن) تبرم لحجز المطاعيم وهي غير ملزمة، مضيفًا، أن المباحثات جارية مع عدة شركات، للوصول إلى توفير لقاحات لـ20% من السكان. ويؤكد أن الأردن حصل على ما يكفي 15% من عدد السكّان، فيما يبحث عن عروض أخرى. «لدينا اتفاقيات مبدئية مع أسترازينيكا وجونسون آند جونسون، (..) وأسترازينكا قد يحصل وقد لا يحصل».

أما عن اللقاحات الصينية والروسية، يقول شركس إنها لم تُستثنَ، لكن حتى الآن لم نجرِ اتفاقيات مبدئية على هذه المطاعيم، وهي مطاعيم ليست موجودة في مبادرة «كوفاكس». «[المطعوم] الصيني إذا ثبتت فعاليته، ودخل «كوفاكس» وأخذ الأوراق، نأخذ منه، لكننا نتباحث، تأتينا عروض من شركات أخرى»، يقول شركس.

خطة الأردن للتلقيح

يقول كامل أبو سل إن خطة التلقيح في الأردن باتت جاهزة؛ حيث ستتولى شركة فايزر توصيل اللقاحات إلى المملكة مبردةً، ومن ثم تتكفل الشركة بإيصالها إلى مراكز التلقيح في كافة المحافظات، «من المطار حتى معان الشركة تتحمل مسؤوليتها [الجرعات]». مضيفًا أن كافة الإجراءات المتعلقة بالتخزين والنقل، مثل تأمين الثلاجات في كل المحافظات، تمّ حلّها.

أمّا الفئات المستهدفة من خطة التلقيح، فيقول أبو سل إنها الكوادر الصحية وكبار السن، ومن يعانون من أمراض مزمنة. في حين صرّح عبيدات أن الأولوية ستعطى أيضًا لفئات مثل الدفاع المدني والأمن العام، وفئات أخرى لديها أمراض مزمنة، بغض النظر عن عمرها. وعاد وصرّح الهياجنة عن فئات أخرى مثل «أصحاب القرارات الاستراتيجية» و«من تحتاجهم البلد لاستدامة العمل».

و بحسب أبو سل، سيكون هناك خلال الأسبوع المقبل تطبيق خاص للأردنيين الذين يرغبون بأخذ اللقاح، بحيث يُدخلون أسماءهم وأرقامهم الوطنية عبر التطبيق. لتقوم الوزارة التي تمتلك أرقام وأسماء المصابين بأمراض مزمنة، بالتأكد من استحقاق الشخص للقاح، وتوجيهه إلى مركز التلقيح القريب منه. ويقول الهياجنة إنه ستكون هناك قوائم بأسماء الفئات ذات الأولوية وأرقامهم، وأماكن سكنهم وتاريخ إعطائهم الجرعات.

ووضّح الهياجنة أنه جرى تحديد المراكز الصحية التي ستعطي اللقاح، وتزويدها بثلاجات لتخزينه بدرجة حرارة ما دون 80 درجة مئوية. وسيكون استيراد اللقاح عن طريق وزارة الصحة، على أن يكون مجانيًا وليس إجباريًا، وفي مراحل أخرى قد يسمح للقطاع الخاص بالاستيراد، بحسب عبيدات.

أين وصل العالم في تطوير لقاح كوفيد-19؟

منذ أن بدأ العمل على تطوير لقاح كوفيد-19 مطلع العام الجاري، وصل 52 لقاحًا محتملًا مرحلة الدراسات السريرية حتى تاريخ 8 كانون الأول، بحسب منظمة الصحة العالمية. وتأتي في المقدمة مجموعة من اللقاحات التي حصلت بالفعل على موافقات تجيز استخدامها في دول محددة.

يتصدر لقاح فايزر-بيونتك السباق بعد أن حصل على موافقة للاستخدام الطارئ من المملكة المتحدة، لتتبعها بعد ذلك كندا في إجازة استخدامه، ولا زالت تتوالى الدول في منح اللقاح موافقة للاستخدام الطارئ.

كما حصل اللقاح على إجازة للاستخدام الطارئ من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، للأفراد فوق 16 عامًا. وقد سجّل هذا اللقاح الذي يُعطى على جرعتين بفاصل ثلاثة أسابيع بينهما كحقنة في العضل، فعالية تصل إلى 95%.

أما شركة سينوفارم الصينية المملوكة للدولة، فقد أعطت دولة الإمارات العربية المتحدة موافقة طارئة للقاحها الذي يعمل معهد بكين على تطويره، لاستخدامه على العاملين في مجال الرعاية الصحية، ثم منحته الموافقة الكاملة، معلنةً أن فعاليته تصل إلى 86%. كما حصل لقاح سينوفارم الآخر، الذي طوّره معهد ووهان للمنتجات البيولوجية، والذي يخضع حاليًا للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية، على موافقة محدودة في الإمارات.

وكانت الحكومة الصينية منحت في تموز الماضي موافقةً طارئةً للاستخدام المحدود للقاح كوفيد-19 الذي طورته شركة سينوفاك الصينية الخاصة. كما بدأت سينوفاك توريد لقاحها إلى أندونيسيا، استعدادًا لحملة تلقيح واسعة النطاق، رغم أنها لم تنته بعد من تجاربها الأخيرة. كما أبرمت الشركة صفقات مع تركيا والبرازيل وتشيلي. ومؤخرًا، قالت الشركة إنها تتوقع تصنيع 300 مليون جرعة سنويًا، وتسعى إلى زيادة قدرتها إلى إنتاج سنوي يبلغ 600 مليون جرعة.

كما طورت شركة كانسينو بيولوجيكس الصينية لقاحًا بالشراكة مع معهد علم الأحياء في أكاديمية العلوم الطبية العسكرية في البلاد. وهو اللقاح الذي بدأ استخدامه بالفعل لتلقيح الجيش الصيني منذ حزيران الماضي، ثم دخل المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في المملكة العربية السعودية وباكستان وروسيا في آب.

ومنحت روسيا موافقة للقاح سبوتنيك 5 الذي ابتكره معهد أبحاث غاماليا، وأظهر فعالية تصل إلى 92%، والذي يعطى كحقنة عضلية على جرعتين بفاصل ثلاثة أسابيع بينهما. وتتفاوض روسيا على اتفاقيات لتوريد اللقاح إلى دول من بينها الأرجنتين والبرازيل والهند والمكسيك وفنزويلا.

كما منحت روسيا الموافقة التنظيمية للقاح آخر، هو إيبيفاك كورونا الذي عمل عليه معهد الأبحاث البيولوجية الروسي فيكتور، قبل أن يصل تجارب المرحلة الثالثة من الدراسات السريرية، كما حدث مع لقاح سبوتنيك 5.

وينتظر لقاح موديرنا الذي يعطى  كحقنة عضلية على جرعتين، بفاصل أربعة أسابيع بينهما، موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، للحصول على ترخيص استخدام طارئ. وكانت الشركة قد أعلنت أن فعاليته تصل إلى 94.5%.

أما لقاح جونسون آند جونسون الذي يعطى الآن كحقنة عضلية على جرعة واحدة، بعكس معظم اللقاحات الرائدة، فكانت الشركة قد أعلنت مؤخرًا أنها بصدد إطلاق تجربة ثانية من المرحلة الثالثة من الدراسات السريرية، لمراقبة آثار جرعتين من اللقاح، بدلاً من جرعة واحدة فقط. وتهدف الشركة التي تلقت دعمًا وصل إلى 456 مليون دولار من الحكومة الأمريكية، إلى إنتاج ما لا يقل عن مليار جرعة في عام 2021.

ولم يحصل حتى الآن لقاح أكسفورد-أسترازينيكا الذي تصل فعاليته إلى 90%، ويعطى كحقنة عضلية على جرعتين تفصل بينهما أربعة أسابيع، على موافقة للاستخدام في أي دولة إلى الآن، بعد أن كان في مقدمة سباق تطوير اللقاح. إلا أن هذا اللقاح يعوّل عليه في ردم الفجوة المتوقعة في الوصول إلى اللقاحات بين الدول الغنية والفقيرة، نظرًا لسهولة ظروف تخزينه مقارنةً بغيره من اللقاحات، ولارتفاع إجمالي الطاقة التصنيعية السنوية من اللقاح، التي قالت الشركة إنها تبلغ ملياري جرعة، في حال الموافقة عليه. كما أن الشركة تتجه إلى مشاركة إلى زيادة قدرتها التصنيعية من خلال شراكات مع مصنعي لقاحات، مثل معهد سيروم في الهند، الذي أعلن مطلع الشهر الحالي، أنه يتقدم بطلب إلى الحكومة الهندية للحصول على ترخيص استخدام طارئ للقاح أكسفورد-أسترازينيكا.

ما هي أسعار لقاحات كوفيد-19 التي نعرفها إلى الآن؟

حتى مع إنفاق مليارات الدولارات من الأموال العامة على تطوير اللقاحات، استمرّ النقاش حول كيفية تسعير اللقاحات المختلفة لشركات الأدوية وتعقيدات هذه الحسابات، في ظل توجّه بعض مطوري وصانعي اللقاحات للسماح لشركات أخرى بتصنيع جرعاتهم، سعيًا لرفع قدراتهم الإنتاجية. كما تظهر الأسعار التي يجري تداولها للقاحات التي اقتربت من الحصول على موافقات، تفاوتًا كبيرًا بينها.

وفي حين لم تنضم فايزر أو موديرنا إلى «كوفاكس»، انضمت شركة أسترازينيكا إلى المبادرة التي تهدف إلى توزيع ملياري جرعة لقاح إلى 92 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، بما لا يزيد عن ثلاثة دولارات كسعرٍ للجرعة الواحدة.

ومن المخطط أن يباع لقاح أكسفورد-أسترازينيكا بأربعة دولارات، كما تعهدت الشركة أنها ستوفر اللقاح بسعر التكلفة للدول منخفضة ومتوسطة الدخل في العالم النامي إلى الأبد.

أما شركة جونسون آند جونسون التي صرّحت هي الأخرى أنها لن تجني الأرباح من لقاحها، فسيباع لقاء 10 دولارات.

ويتوقع أن يباع لقاح موديرنا للحكومات بسعر يتراوح بين 10 دولارات إلى 50 دولارًا لكل جرعة، على أن يكون مجانيًا للمستلمين الأوائل، وهي الجرعات التي جرت تغطيتها بموجب اتفاقيات وعقود حكومية. على سبيل المثال، أمنت الولايات المتحدة الأمريكية 100 مليون جرعة للأمريكيين بتكلفة 15 دولارًا لكل جرعة، وكانت موديرنا تلقت ما يقرب من مليار دولار كتمويل من الحكومة الأمريكية لتطوير اللقاح. كما يتفاوض الاتحاد الأوروبي على صفقة لإبقاء سعر الجرعة الواحدة من لقاح موديرنا أقل من 25 دولارًا. ومن المرجح أن يباع اللقاح بسعر أعلى (32 دولارًا إلى 37 دولارًا للجرعة) لعملاء التجزئة بعد انتهاء البرامج الحكومية.

أما شركة فايزر فقد صرحت أن سعر لقاحها سوف يختلف تبعًا للناتج المحلي الإجمالي للدولة. وفي حين ستدفع الولايات المتحدة الأمريكية 39 دولارًا لقاء جرعتي اللقاح، لأول 100 مليون جرعة، فقد وافقت «إسرائيل» على دفع 56 دولارًا لقاء اللقاح ذاته، واستلمت الشحنة الأولى من اللقاح في التاسع من الشهر الحالي.

وكان وزير الصحة قد صرح أن تكلفة اللقاح الواحد لشركة فايزر، بما يشمل توصيله في صناديق إلى مراكز اللقاحات، تبلغ ستة دولارات للقاح الواحد، إلا أن الأسعار التي تصل إلى 30 دولارًا للقاح الواحد «مقبولة» بالنسبة للأردن.

أما لقاح سبوتنيك 5 الروسي، فسيكون سعر الجرعة الواحدة منه أقل من 10 دولارات للأسواق العالمية، وهو ما يجعله أرخص بمرتين أو أكثر من لقاحات تستخدم تقنيات مشابهة للتقنية التي يقوم عليها هذا اللقاح (مثل لقاحات فايزر وموديرنا).

وبدأت شركة سينوفاك الصينية بيع لقاحها في تشرين الأول في مدن مختارة شرق الصين بسعر 60 دولارًا. فيما قالت شركة بيوفارما المملوكة للدولة في إندونيسيا، والتي توصلت إلى اتفاق بشأن 40 مليون جرعة على الأقل من لقاح سينوفاك، إن اللقاح سيكلف حوالي 200 ألف روبية (13.6 دولارًا) للجرعة، عندما يصبح متاحًا في إندونيسيا.

وكان رئيس شركة سينوفارم الصينية أيضًا، قد صرّح قبل شهرين أن لقاحها سيكلف أقل من 145 دولارًا للجرعتين (72.5 دولار للجرعة). في حين أعلنت الصين في تموز تقديم قرض بقيمة مليار دولار لدول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، للحصول على لقاح كوفيد-1.

حجز وشراء الدول الغنية للقاحات كوفيد-19

اشترت الدول الغنية مسبقًا كميات ضخمة من اللقاحات التي وعدت بها الشركات الرائدة مثل فايزر، وموديرنا وأسترازينيكا وغيرها. فحتى قبل الموافقة على أي لقاح مرشح، تغطي المشتريات المؤكدة من مختلف الدول حول العالم 7.3 مليار جرعة، مع التفاوض على 2.5 مليار جرعة أخرى حاليًا أو حجزها كتوسعات اختيارية في الصفقات الحالية. ومن بين مليارات الجرعات التي التزم صانعو اللقاحات بتقديمها حتى الآن، تم بالفعل شراء ثلاث جرعات من كل أربعة.

تعود أكثر من نصف جرعات اللقاح المحجوزة بالفعل، والتي تبلغ 9.8 مليار جرعة، للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وأستراليا وحدها. وتستحوذ الدول ذات الدخل المرتفع حاليًا على 3.9 مليار جرعة من لقاحات كوفيد-19 التي تأكد شراؤها، بينما تستحوذ الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى على مليار جرعة، و1.7 مليار جرعة للدول ذات الدخل المتوسط الأدنى. وهو ما سيجعل -نظريًا- الفئات الأقل عرضةً للخطر في الدول الغنية تحصل على اللقاح قبل الفئات المعرضة للخطر في الدول الفقيرة.

بهدف تسريع تطوير وتصنيع لقاحات كوفيد-19، وضمان الوصول العادل والمنصف لكل دولة في العالم، عملت منظمة الصحة العالمية إلى جانب تحالف اللقاحات «غافي» وتحالف ابتكارات التأهب الوبائي (CEPI) على إنشاء برنامج «كوفاكس». تهدف خطة «كوفاكس» إلى تأمين 20% من احتياجات اللقاحات لأي دولة موقعة على المدى الطويل، بهدف توفير ملياري جرعة على مستوى العالم بحلول نهاية عام 2021. وانضمت أكثر من 180 دولة إلى «كوفاكس»، بما في ذلك دول مرتفعة الدخل، مثل كندا والمملكة المتحدة. رفضت الولايات المتحدة الانضمام في عهد ترامب، لكن رئيس التحالف العالمي للقاحات والتحصين يتوقع إجراء محادثات قريبة مع الرئيس المنتخب جو بايدن.

إلى جانب جهود «كوفاكس»، تطالب مبادرة طرحتها جنوب إفريقيا والهند داخل منظمة التجارة العالمية (WTO) بتعليق قوانين براءات الاختراع مؤقتًا خلال فترة الجائحة، وهو اقتراح سيجري التصويت عليه في 17 من الشهر الجاري.

بالتزامن مع ذلك، يجري تحفيز الدول على شراء أكبر عدد ممكن من جرعات اللقاح، من أكثر من مرشح محتمل، لزيادة فرص هذه الدول في تغطية حاجة سكانها من اللقاح. هذه الصفقات المباشرة التي أبرمتها الدول ذات الدخل المرتفع، وبعض الدول ذات الدخل المتوسط، ستؤدي إلى تحديد عدد الجرعات التي ستذهب إلى تحالفات مثل «كوفاكس»، وهو ما سيحدّ بالتالي من فرصة وصول الدول الأفقر إلى اللقاح. إذ يظهر من توزيع صفقات شراء الجرعات بين الدول، أن الدول منخفضة الدخل ستعتمد على «كوفاكس» في الحصول على اللقاح.

حتى الآن، اشترت الحكومات الغنية أكثر من مليار جرعة من لقاح فايزر، أي ما يعادل 80% من إجمالي الجرعات التي ستكون الشركة قادرة على تصنيعها. هذه الحكومات التي تمثل 14% فقط من سكان العالم.

وفي ظلّ البيانات التي تشير إلى إمكانية حصول عدة لقاحات على موافقات ووصولها إلى السوق، من المحتمل أن تحصل الدول الغنية على أضعاف حاجتها. فقد اشترت الولايات المتحدة التي لا يتجاوز عدد سكانها 331 مليون نسمة جرعات كافية لتلقيح 555 مليون شخص، وتفاوضت على إمكانية شراء المزيد من الجرعات بعد ذلك. كما اشترت المملكة المتحدة جرعات كافية لتلقيح ثلاثة أضعاف عدد سكانها، وكندا لما يكفي خمسة أضعاف عدد سكانها.

حتى الآن، اشترت الحكومات الغنية أكثر من مليار جرعة من لقاح فايزر، أي ما يعادل 80% من إجمالي الجرعات التي ستكون الشركة قادرة على تصنيعها. هذه الحكومات التي تمثل 14% فقط من سكان العالم. وتتوقع فايزر وبيونتك تصنيع أكثر من 1.3 مليار جرعة من اللقاح في جميع أنحاء العالم بحلول نهاية عام 2021.

وفي حين ستذهب معظم جرعات لقاح فايزر للدول الغنية،[2] وستحصل الولايات المتحدة الأمريكية على معظم جرعات لقاح موديرنا،[3] فإن نصف جرعات لقاح أكسفورد-أسترازينيكا ستذهب إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل (500 مليون جرعة على الأقل ستذهب إلى الهند و300 مليون جرعة ستذهب لصالح «كوفاكس»).

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية منحت مشروع لقاح أكسفورد 1.2 مليار دولار، مقابل 300 مليون جرعة. كما توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يقضي بالحصول على 400 مليون جرعة إذا أسفرت التجارب عن نتائج إيجابية.

أين هي الدول العربية من سباق اللقاحات؟

تستخدم الدول متوسطة الدخل استراتيجيات أخرى للوصول إلى اللقاحات، إذ نجحت الدول ذات القدرة التصنيعية، مثل الهند والبرازيل، في التفاوض بشأن جرعات اللقاح كجزء من اتفاقيات التصنيع مع الشركات الرائدة في تطوير اللقاحات. بالنسبة للدول التي ليس لديها القدرة على التصنيع أو تطوير اللقاحات، فإن تلك التي لديها البنية التحتية لاستضافة التجارب السريرية، مثل بيرو، قد استخدمت ذلك كوسيلة للتفاوض بشأن صفقات الشراء. وهو ما يترك الدول منخفضة الدخل التي تفتقر إلى القدرة على التصنيع والاختبار السريري خارج عملية إبرام الصفقات.

عربيًا؛ تلقت مصر الدفعة الأولى من لقاح سينوفارم الصيني، الذي سيجري إعطاؤه مجانًا للمواطنين، مقدمة من الإمارات. وتستعد المغرب لبرنامج تلقيح طموح ضد فيروس كورونا المستجد، يبدأ هذا الشهر، بالاعتماد بدايةً على لقاح سينوفارم الصيني، بهدف تلقيح 80% من البالغين. وطلبت المغرب 10 ملايين جرعة من اللقاح الصيني، بعد أن تم اختباره على 600 مغربي كجزء من التجارب السريرية للقاح.

وكانت البحرين أعلنت موافقتها الاستخدام الطارئ للقاح فايزر بيونتك بعد موافقة المملكة المتحدة على استخدامه، وتقدمت بطلب أكثر من مليون جرعة من اللقاحات المحتملة. كما أجازت البحرين استخدام لقاح سينوفارم الصيني.

وسجلت الإمارات قبل أيام لقاح سينوفارم الصيني، وأعلنت أن فعاليته تصل 86%. وتستعد الكويت لاستقبال مليون جرعة من لقاح فايزر بيونتك، بعد أن أجازت استخدامه. وحجز لبنان مليوني جرعة من لقاح فايزر بيونتك. كما وافقت السعودية على تسجيل لقاح فايزر بيونتك.

ساهم في البحث وإجراء المقابلات لهذا التقرير دانة جبريل وعمّار الشقيري وريم المصري.

  • الهوامش

    [1] تستطيع الدول الممولة ذاتيًا في تحالف «كوفاكس» ومنها الأردن طلب جرعات لقاح كافية لتلقيح 20% إلى 50% من سكانها. وهناك نوعان من الاتفاقيات التي تربط هذه الدول بـ«كوفاكس»؛ اتفاقيات الشراء المؤكد (Confirmed purchase)، وهي الاتفاقيات التي تلزم المشاركين فعليًا بشراء عدد محدد من اللقاحات بمجرد توفرها، وتدفع الدول من خلالها دفعة مُقدمة قبل صدور أي لقاح من الشركات المُصنعة المُشتركة، ضمن سعر تفضيلي أولي يصل إلى 1.6 دولار للجرعة الواحدة (أو 15% من التكلفة الإجمالية للجرعة)، على أن يكون للدول القدرة على الانسحاب من شراء اللقاح إذا كان سعره بعد نجاحه ضعف (أو أكثر) السعر الذي كان متوقعًا. والنوع الثاني هي اتفاقيات الشراء الاختيارية (Optional purchase) التي تعطي الدول أولوية بالوصول للقاح دون إلزامها، في حال استطاعت الحصول على ما تحتاجه من اللقاحات عبر اتفاقيات ثنائية مع شركات مُصنعة أخرى. ورغم أن هذا النوع من الاتفاقيات يعطي الدول أكبر عدد من الخيارات، إلا أن الدول التي تلجأ إليه، سيُطلب منها دفع نسبة أعلى من التكلفة الإجمالية للجرعة مقدمًا (3.1 دولارًا أمريكيًا لكل جرعة) مع ضمان مشاركة المخاطر (الذي يبلغ 0.4 دولار أمريكي لكل جرعة)، للمساعدة في حماية المنشأة من أي التزامات ناتجة عن قرار المشاركين عدم شراء لقاح معين مرشح بعد أن يكون التحالف أبرم بالفعل عقدًا مع الشركة المصنعة. وفي النهاية ستكون التكلفة الإجمالية للقاحات نفسها، بغض النظر عن نوع الاتفاقية.

    [2] منحت إدارة ترامب لقاح فايزر بيونتك عقدًا بقيمة 1.9 مليار دولار في تموز، مقابل 100 مليون جرعة يتم تسليمها بحلول كانون الأول، بالإضافة إلى خيار الحصول على 500 مليون جرعة إضافية. كما أبرمت اليابان صفقة للحصول على 120 مليون جرعة من اللقاح، ورتب الاتحاد الأوروبي لشراء 200 مليون جرعة. كما عقدت «إسرائيل» صفقة لشراء ثمانية ملايين جرعة من اللقاح، تكفي لتلقيح أربعة ملايين شخص.

    [3] مولت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بما يقرب من مليار دولار، بالشراكة مع المعاهد الوطنية للصحة، لقاح موديرنا، ثم منحت الشركة 1.5 مليار دولار إضافية مقابل 100 مليون جرعة إذا ثبت أن اللقاح آمن وفعال.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية