الأمن يمنع مسير المعلّمين إلى مقر نقابتهم

مقر نقابة المعلمين المغلقة على طريق المطار. تصوير شربل ديسي.

في الذكرى الأولى لإغلاق نقابة المعلمين

الأمن يمنع مسير المعلّمين إلى مقر نقابتهم

الخميس 01 تموز 2021

منذ ساعات الصباح الباكر يوم أمس، انتشرت الأجهزة الأمنية على أطراف عمّان، وعلى مداخل المحافظات، وأوقفت معظم المعلمين القادمين إلى عمّان للمشاركة في مسيرٍ، من أطراف عمّان، إلى مقر النقابة على طريق المطار. وكان معلمون من إربد وجرش والبلقاء والمفرق والكرك ومعان ومأدبا قد دعوا لهذه الفعالية المطالِبة بفتح النقابة المغلقة منذ نحو عام، وعودة المعلمين الذين أحيلوا على الاستيداع والتقاعد المبكر والإيقاف.

في الساعة العاشرة صباحًا، أُوقف ثمانية معلمين قادمين من الكرك، كان بينهم نائب نقيب المعلمين ناصر نواصرة، وعضو مجلس النقابة نضال الحيصه، ورئيس فرع النقابة بالكرك وأمين سرها والناطق باسم الفرع تيسير الحمايدة ومعلمون آخرون.

يقول الحمايدة إنهم احتجزوا في مبنى محافظة الكرك، وسُحبت منهم الهواتف، «كنا متوجهين لعمّان على نية إقامة فعالية المسير تحية النقابة. إحنا احتجزنا قسرًا بدون قرار أو وثيقة أو أي شيء يدل على أننا موقوفين».

بعدها توالت التوقيفات، إذ أوقف 23 معلمًا من الموقر فور وصولهم إلى سحاب، وأفرج عنهم قرابة الساعة السابعة والنصف مساءً، وأوقف معلمان آخران خرجا من معان قرب الحسينية قرابة الساعة 11 صباحًا. يقول محمود النعيمات، أحد موقوفي معان، «كانوا يستنوا بينا أربع دوريات، تحفظوا علينا ساعة ورجعونا على المحافظ للخمسة ونص».

تواجد قوات الأمن والدرك في محيط النقابة.

وصلت أخبار توقيفات معلمي الموقر والكرك إلى ذيبان، فقرر المعلمون المتجمعون عند دوار ذيبان وعددهم 14 معلمًا المسير من الدوار إلى الشارع الرئيسي والعودة إلى الدوار وإقامة فعالية هناك. يقول المعلم مهند كواملة بأنهم أرسلوا الرسالة، وهي ضرورة عودة النقابة، وتفعيل بنود الاتفاق بين النقابة والحكومة، وعودة من أحيلوا على الاستيداع والتقاعد. «إحنا نقابة مهنيّة. معلم يطالب بحقوق مهنية لا غير».

استطاع رئيس فرع النقابة في محافظة المفرق، عمر شعبان، مع زميلين له الوصول إلى جسر المطار بعد أن سلكوا طريقًا مغايرًا، وفور وصولهم أوقفوا ونقلوا إلى مركز أمن مرج الحمام قرابة الساعة الثانية والنصف ظهرًا وحتى الساعة الثامنة مساءً.

ومع الساعة الواحدة ظهرًا تجمّع أربعة معلمين قرب دوار عين الباشا في البلقاء، وبدأ عضو مجلس النقابة كفاح أبو فرحان المسير حاملًا العلم الأردني، «هي مبادرات فردية من المعلمين والمعلمات، المسير لمقرّ النقابة الرئيسي على طريق المطار مسافة تقارب 30 كيلو متر، الهدف منها التمسك بحقوقنا والمطالبة بعودة نقابة المعلمين كمظلة لحماية حقوقنا المكتسبة».

لم يكمل أبو فرحان 100 متر مسيرًا حتى أوقفه أحد رجال الأمن وطلب بطاقته الشخصيّة، بعد التدقيق عليها طلب منه الصعود إلى سيارة الموقوفين. في الطريق إلى سيارة الموقوفين يقول أبو فرحان إن جزءًا من الفعالية هدفه رفض قرارات التقاعد المبكر والاستيداع التي طالت أعضاء في مجلس النقابة وأعضاء في هيئتها العامة: «جزء من المسيرة يتعلّق [برفض] استهدافنا بأرزاقنا، بس العنوان الرئيسي هو نقابتنا على أرضية الحق الدستوري، والنقابة الأصل تظل موجودة مفتوحة، ونؤكد أن إغلاق النقابة مخالف للدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية».

خدم أبو فرحان معلمًا لمدة 16 سنة، وأحيل على التقاعد في اليوم الأخير من السنة الماضية، وهو يرفض تقديم معاملة التقاعد المبكر التي بموجبها سيتقاضى راتبه التقاعدي، «من شهر واحد لليوم تم توقيف الراتب. وراتب التقاعد المبكر، إذا بدي أخذه [لازم] أتقدم للمعاملة، إذا قدمت للمعاملة يعني موافقتي على القرار، وأنا رافض القرار».

كانت مجموعة محامين، بينهم المستشار القانوني للنقابة المحامي بسام فريحات، قد رفعت دعاوى ببطلان قرارات الاستيداع والتقاعد المبكر، وصلت لقرابة ثلاثين دعوى، لكن المحكمتيْن الإدارية والإدارية العليا ردت هذه الدعاوى الأسبوع الماضي والأسبوع الذي قبله كما يقول فريحات.

توزعت قرارات وزارة التربية والتعليم بحق المعلمين كما يقول فريحات على ثلاثة إجراءات؛ إحالة على التقاعد، والتقاعد المبكر، والاستيداع، وعلى دفعتين؛ في شهري أيلول وكانون الأول من العام 2020. حيث أحالت في الدفعة الأولى 62 معلمًا وإداريًا للتقاعد المبكر، من ضمنهم أربعة أعضاء في مجلس نقابة المعلمين، وفي الدفعة الثانية أحالت نحو 84 معلمًا وإداريًا آخرين إلى التقاعد المبكر والاستيداع.

بحسب الوزارة فإن هذه القرارات استندت في المرّتين إلى الأنظمة والقوانين الناظمة لعمل المعلمين، في حين قالت النقابة ومؤسسات حقوقية ونقابية وحزبية أخرى إن الحكومة استخدمت القانون والصلاحيات الواسعة التي يتضمنها لاتخاذ قرارات تعسفية وعقابية.

وكانت الأجهزة الأمنية أغلقت مقار نقابة المعلمين في محافظات المملكة يوم 25 تموز الماضي، فيما أوْقف نائب عام عمّان جميع أعضاء مجلس نقابة المعلمين، وعددهم 13 عضوًا، في مراكز الإصلاح والتأهيل، لمدة أسبوع، بعد اعتقالهم في اليوم نفسه، وتمت إحالتهم إلى المدعي العام على خلفية قضايا تحقيقية منظورة ضد المجلس.

يقول المدرس في مدرسة البقعة الثانوية، فارس الجيزاوي، إن سبب مشاركته هو الشعور بالظلم وتكميم الأفواه للمعلمين، وضرورة إرجاع النقابة كهيكل ممثل، «النقابة التي تنادي بحقوقي يتم عزلها، فما بالك إذا أنا بدي أتواجه مع مدير مدرسة أو ولي أمر غير سوي مين بده يطالب بحقوقي؟».

في هذه الأثناء استطاعت مجموعة المعلمين والمعلمات القادمة من إربد وجرش الوصول إلى دوار صويلح، متجاوزة ثلاث نقاط تفتيش وغلق على الطريق، أكبرها عند جامعة فيلادلفيا، مكونة من عدة سيارات جواد وبكبات للأمن العام وباصات للدرك. ما كادت المجموعة تبدأ المسير حتى أوقفوا ونقلوا إلى مركز أمن صويلح.

يقول سعيد مقابلة إن الأمن العام أوقفَ المعلمين التسعة المشاركين قرابة الساعة الثانية بعد الظهر، وظلوا في التوقيف حتى الساعة التاسعة مساءً، «إحنا طلعنا نصرة لزملائنا المحالين على الاستيداع والتقاعد والمنقولين تعسفًا، هذه نقابتنا ولن نفرّط بها».

المعلمتان انشراح صندوقة وباسمة عبد الجبار من إربد.

هكذا ومع حلول الساعة الثانية بعد الظهر، أوقف الأمن كل من بدأ المسير نحو النقابة ولم يستطع أحد من المشاركين من عدة محافظات إكمال المسير لمئات الأمتار. لكن، وحين كان الأمن يوقف مجموعة إربد وجرش، استطاعت معلمتان من إربد وهما انشراح صندوقة وباسمة عبد الجبار الدخول إلى أحد المحال للابتعاد عن أعين رجال الأمن، ثم واصلتا المسير بعدها، وقرابة الساعة الرابعة عصرًا وصلت المعلمتان إلى أقرب نقطة إلى مقر النقابة. هناك كانت قرابة ثلاثون آلية للأمن والدرك وقوات أمنية بلباس مدني بباب النقابة والطرق الفرعية، تغلق الطرقات وتفتش على الهويات.

بعد الساعة السادسة والنصف وصل أربعة معلمين آخرين قادمون من وادي السير وهم يحملون الأعلام إلى المنطقة التي تقع فيها النقابة، ولم يستطيعوا الاقتراب بسبب التواجد الكثيف لقوات الأمن والدرك.

مع ساعات المساء المتأخر، كان الأمن قد أفرج عن جميع الموقوفين كما يقول المستشار القانوني للنقابة المحامي بسام فريحات، فيما يقدِّر عدد الموقوفين بخمسين مشاركًا.

منع الأمن الصحافة من التواجد في المنطقة قرب النقابة، ومنع كذلك التصوير دون إبداء سبب لذلك. اتصلنا بمحافظ العاصمة والناطق باسم مديرية الأمن العام ومحافظ الكرك لأخذ إجابة على سبب توقيف المعلمين، لكن أحدًا لم يجبنا.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية