«فكرة نظام الـ(Blended) [المدمج] جيدة لكن تطبيق الدكاترة لها غير ناجح»، تقول تيما* من كلية اللغات الأجنبية في الجامعة الأردنية، وتتابع قائلة: «الدكاترة والجامعة بفضلوا الـ(Blended) وبدهم يطبقوه في كل المواد. ممكن لأنه عدد الطلاب كبير وقاعات المحاضرات ما بتوسع».
يجري حاليًا تطبيق نظام التعلّم المُدمَج في الجامعة الأردنية تمهيدًا لانتقاله إلى الجامعات الأردنية الأخرى. ويُعرّف هذا النظام نائب رئيس الجامعة الأردنية لشؤون الكليات الإنسانية، الدكتور أحمد مجدوبة، إجرائيًا بأنه نظام تعليم يجمع بين المحاضرات الصفية التي يلتقي فيها المدرس مع طلابه في قاعة المحاضرة وبين نشاطات إلكترونية يرسل فيها المدرّس لطلابه موادًا تعليمية إلكترونيًا، ويجري التفاعل بين الطرفين عبر الإنترنت وتكون بديلًا عن واحدة أو أكثر من المحاضرات الصفية.
نهاية العام 2016 أقرّ مجلس عمداء الجامعة الأردنية «نظام التعلم المدمج»، وبدأ تطبيقه بداية 2017 في المتطلبات الجامعية، مثل التربية الوطنية، ومادة الحضارة الإنسانية ومهارات التعلم والبحث العلمي وغيرها من المواد التي تدرّس بشكل نظري تلقيني لا يشجع على النقاش. الآن يسجل مدرسو هذه المساقات محاضرتهم على شكل فيديو ويرسلونها للطلاب إلكترونيًا، ليشاهدها الطلّاب في أي مكان وزمان يختارونه. البداية كانت مشجعة للجميع لما فيها من تخفيف على الطلاب والمدرسون من مشقة الوصول إلى المحاضرات الصفية ومساعدة الجامعة على التعامل مع اكتظاظ الطلاب في القاعات، وبخاصة محاضرات المتطلبات الجامعية.
وبعد إنشاء مركز المصادر التعليمية المفتوحة والتعلم المدمج في الجامعة الأردنية عام 2018، امتد النظام إلى 118 مساقًا من أصل 2669 مساقًا وبنسبة 4%، في 16 كلية مختلفة، في الفصل الأول من السنة الدراسية 2018/2019. ومع صدور أسس التعلم المدمج لسنة 2019 عن مجلس عمداء الجامعة، ارتفع عدد المساقات التي تُدرّس بنظام المدمج في الفصل الثاني إلى 204 مساقات من أصل 2691 وبنسبة 8%، تدرس في 18 كلية من أصل 24 كلية جامعية، وغالبية مساقات التعلم المدمج في كليتي التربية الرياضية واللغات الأجنبية.
لماذا التعلم المدمج؟
يعود الاهتمام بالتعليم الإلكتروني في الجامعة الأردنية إلى عام 1998، من خلال مبادرات فردية لبعض أعضاء الهيئة التدريسية الذين كانوا يستخدمون منصات إلكترونية كأدوات مساندة في التعليم، بالتعاون مع كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأردنية. وهذا ليس تعليمًا إلكترونيًا منظمًا ومنسقًا، وفقًا لنائب رئيس الجامعة الأردنية لشؤون الكليات الإنسانية. بدأت مبادرة التعلم المدمج منذ 2017 بشكل اختياري بين أعضاء الهيئة التدريسية، باستثناء متطلبات الجامعة الإجبارية وجميعها تُدرّس بنظام المدمج. «وبالرغم من ضعف البنية التحتية التقنية قررنا البدء بتطبيق التعلم المدمج بالتوازي مع العمل على تجهيز البنية التقنية»، يقول مجدوبة.
الهدف من نظام التعلم المدمج، كما يوضحه مجدوبة، «إدماج التكنولوجيا بشكل فاعل في عملية تلقي المعلومة والتعلّم لأنها جزء أصيل في حياة الجيل الحالي من الطلاب. لم يعد ممكنًا الاستمرار بطريقة المحاضرات التقليدية».
والهدف الآخر هو «نقل النظام من التعليم إلى التعلم وذلك من خلال التكنولوجيا». ويظهر ذلك في الخطة الدراسية حيث أن أول محاضرتين صفيتان يلقي فيها المدرس محاضرة للطلاب اعتمادًا على الكتب المقررة، «وهذا تعليم وليس تعلمًا». في حين يكون الطلاب مسؤولين عن اللقاء الثالث الإلكتروني حيث يقومون بالتدريبات والبحث بأنفسهم، «وهذا هو التعلم الذاتي».
«ولأن غالبية طلابنا قادمين من بيئات تلقينية تقليدية نحتاج إلى التدرج في الإنتقال إلى التعلم الإلكتروني بالكامل»، يضيف مجدوبة.
ويصف خطة تطبيق النظام بأنها «منسقة لكن فيها مرونة». وبناء عليها يُطلب من المحاضر أن يحدد مسبقًا مضمون اللقاءات الصفية واللقاء الإلكتروني الذي قد يتضمن فيديوهات ومناقشات إلكترونية وتدريبات ومشاريع صغيرة. ويمكن للطلاب أن يطلعوا على هذه المصادر المفتوحة وأن يتوسعوا فيها كبديل عن المحاضرة الثالثة.
ويطبّق النظام حاليًا في نظام البكالوريوس على بعض مواد التخصص التي تتوزّع محاضراتها على أيّام الأحد والثلاثاء والخميس، بحيث يلقي الأستاذ محاضرتي الأحد والثلاثاء، فيما يُستعاض عن محاضرة يوم الخميس بالنشاطات الإلكترونية.
تؤكد الدكتورة مها تيسير من قسم العلاج الطبيعي في كلية علوم التأهيل، على ضرورة إلغاء المحاضرة الثالثة بهدف توجيه جهد ووقت الطلاب المخصص للمحاضرة الثالثة وفقا لخططهم الدراسية، إلى التعلم الذاتي إلكترونيًا.
دمقرطة التعليم
يتضمن النظام الجديد ما يسمى «بالتعلم المعكوس»، ويعرّفه مدير قسم التعلم المدمج في مركز المصادر التعليمية المفتوحة والتعلم المدمج والأستاذ المساعد في قسم اللغة الإنجليزية، نمر أبو سليم، بأنه عكس الأدوار بين المدرس والطالب، لتبدأ العملية والمعلومة من الطالب ثم يأتي المدرس كخبير لمساعدته في عملية التعلم. فالعملية تبدأ فعليًا بالمحاضرة الإلكترونية يوم الخميس، وتستمر في المحاضرات الصفية يومي الأحد والثلاثاء. ويضيف: «حاليًا قد أعد وأسجل محاضرة إلكترونية أو أختار فيديوهات قيمة أعدتها معاهد وشركات كبرى أرسلها للطالب وفي مرحلة متقدمة قد أطلب من الطالب أن يبحث ويختارها بنفسه».
كان أبو سليم من أوائل أعضاء الهيئة التدريسية الذين طبّقوا نظام التعلم المدمج في الجامعة الأردنية وهو من المتحمسين لها. وكمبادرة شخصية أنشأ قناة يوتيوب خاصة به تحتوي على 63 محاضرة سجلها على شكل فيديو وهي متاحة مجانًا للجميع.
«كنت أبذل جهدًا أكبر لتدقيق معلوماتي وتحسين جودة المادة المقدمة وتحديثها دوريًا لشعوري بمسؤولية أعلى أمام جمهور عالمي. في حين أن بعض المدرسين في النظام التقليدي لم يحدّثوا معلوماتهم ومعارفهم منذ سنوات»، يقول أبو سليم.
يشارك طلاب أبو سليم أستاذهم إعداد الفيديوهات من خلال التدريبات الأسبوعية. ويشكلون نسبة 20% من جمهور القناة، والبقية هم جمهور من دول مختلفة «يستفيدون منها مجانًا كما نستفيد نحن من فيديوهات قيمة لجامعات عالمية».
وصل نظام التعلم المدمج إلى كلية الهندسة بوتيرة أبطأ من كلية اللغات الأجنبية والتربية الرياضية، فلم يتجاوز المساقين من أصل 348 مساقًا هندسيًا وبنسبة 1% في الفصل الثاني من العام الدراسي 2018/2019.
ويفسر الدكتور منور تراكية العبادي، المحاضر في كلية الهندسة ونائب عميد الكلية لشؤون الجودة والاعتماد، الاختلاف بين الكليات العلمية والإنسانية، حيث تعتمد الأخيرة، برأيه، على المطالعة الذاتية أكثر مما تعتمد على وقوف الأستاذ أمام الطلاب. في حين أن التعلم وجهًا لوجه مهم جدًا في مهارات الرياضيات والهندسة، مثل تعلم حل المسألة. «في جامعات الدول المتقدمة ما زال وقوف المدرس أمام الطلاب مهمًا جدًا، وهذه التجربة لا يمكن نقلها من خلال فيديو أو سلايد يطلع عليه الطالب ويناقشه مع المدرس. فما معنى أن يكون لدى المدرس خبرة بحثية يعكسها في المحاضرة».
ما يقوم به نحو 90% من المدرسين في كلية الهندسة، وفقًا للعبادي، هو تقديم ثلاث محاضرات صفية أسبوعيًا، بالإضافة إلى إرسال مواد ومصادر وتدريبات إلكترونية إلى الطلاب عبر منصة إلكترونية خاصة بالكلية. وهذا كان موجودًا قبل اعتماد التعلم المدمج في الجامعة الأردنية لكنه أصبح محددًا في تعليمات التعلم المدمج الصادرة مؤخرًا مع اختلاف يسمح للمدرس باستبدال هذه النشاطات الإلكترونية بمحاضرة صفية أو أكثر. وهنا تكمن الخطورة في حالة كلية الهندسة، وفقًا لنائب العميد. «بعد السنة الثالثة يزيد الاعتماد كثيرًا على الخبرة لأنها مساقات تصميم لا يمكن تعليمها من خلال معادلات أو فيديوهات، يجب على الطالب أن يعيش فيها تجربة التعليم. أعتقد أن هذا هو المنظور السائد بين أعضاء الهيئة التدريسية في كلية الهندسة»، يقول العبّادي.
ويرى أن التركيز في الأردن ينصب على كيفية إتاحة المعلومة للطلاب وليس على كيفية تعلم الطالب للمعلومة. ويخشى أن يُفهم التعلم المدمج بهذه الطريقة ويصبح الأستاذ من الكسل بحيث يكتفي بتسجيل محاضراته، أو حتى يمكن لشركة أن تسجلها له، ويوفرها عبر الإنترنت وينتظر أسئلة الطلاب. وإذا لم تكن هناك أسئلة فلا يعني ذلك أن الطالب فهم المادة. وهنا تكمن المشكلة، كما يشخصها نائب العميد.
ويحذر من «مشكلة خطيرة في مبدأ التعلم المدمج» تحصل عندما يتم ترك الطلاب بطريقة مفتوحة أمام كمٍ هائل من المعلومات، تضر بهم وتشتتهم وهم يتنقلون من مكان إلى مكان على أمل إيجاد الإجابة، فيضيع وقت الطلاب وهم يدورون في حلقة مفرغة من دون محددات. «لغاية الآن لم أر في أي من كليات الجامعة الأردنية من يضع محددات وآليات تقييم واضحة تضمن أن الطالب لا يدور أو يضيع في بحر هائل من المعلومات. السؤال هو هل نترك الطالب يعتمد كليًا على ذاته ويكون المدرس مستشارًا له، أو العكس بحيث يعتمد الطالب على المدرس بشكل كامل. أعتقد أنهما منظوران متطرّفان ولن يكون أي منهما كافيًا، يمكن أن نلتقي بينهما»، يقول نائب عميد كلية الهندسة.
ماذا يرى الطلاب في التعلم المدمج؟
طلاب كلية اللغات الأجنبية هم أول من اختبر التعلم المدمج في الجامعة الأردنية. وبعد مرور عامين على تطبيق النظام الجديد، بمعدل مساقي تخصص أو ثلاثة من أصل خمسة مساقات فصليًا للطالب، في كل منها محاضرة مدمجة واثنتان صفيتان. ولأن النظام مرن، كما وصفه مجدوبة أعلاه، قد يقرر المدرس في بعض الأسابيع تحويل واحدة من المحاضرات الصفية إلى مدمجة لتصبح اثنتان مدمجتان.
ترى تيما، طالبة في قسم اللغة الفرنسية، أن في النظام المدمج «فرصة لتوفير وقت المحاضرات الصفية غير المفيدة سوى لإثبات الحضور». وتفضله تمارا بهدف تقليل عدد أيام الدوام الجامعي أسبوعيًا لتفادي أزمات السير ووسائل المواصلات غير المريحة. وتستفيد منه رلى في تحصيل علامات مشاركة لأنها لا تفضل المشاركة في الصف.
أسبوعيًا يرسل المدرسون للطلاب موادًا إلكترونية، وهي غالبا فيديوهات من اليوتيوب وبعض الملفات النصية من مواقع تعليم اللغات. وهذه المواد مفيدة لتمارا، طالبة اللغة الفرنسية، لأنها «تنمي مهارات التعلم الذاتي والبحث والإطلاع على مصادر معرفية متنوعة». فهي عادة تتوسع في الروابط المرفقة مع الرابط المرسل. وتكون المواد المرسلة مفيدة حتى لو لم تفهمها في المرة الأولى لأنها تعيد الإطلاع عليها بعد حصولها على علامة التدريبات ومعرفة أخطائها. وهذه المواد الإلكترونية لم تكن ترسل للطلاب قبل نظام التعلم المدمج.
زميلتاهما تيما ولانا لا تجدان فائدة في المواد المرسلة إلكترونيًا لأنها غير مفهومة وليست مكملة لما يتم نقاشه في المحاضرات الصفية التي لا زالت معتمدة على كتب مقررة أعدها المدرس بنفسه.
وتنتقد الطالبات كيفية تطبيق النظام لأنه لا يفسح مجالًا للتفاعل مع المدرس ولذلك يجدن صعوبة في حل التدريبات المطلوبة أسبوعيًا. كما أن المدرسين لا يناقشون إجابات الطلاب في المحاضرة التالية. وتحسب علامات حل التدريبات الإلكترونية من 20 علامة مخصصة للمشاركة. ويتم تقييم أو تصحيح إجابات الطلاب عبر نظام إلكتروني تجده لانا غير منصف لأنه قد يخطّئ إجابة إذا كان صحيحة جزئيًا، كما يخطّئ الإجابات الصحيحة التي وردت فيها أخطاء إملائية أو مطبعية، فيضطر المدرسون أحيانًا إلى إعادة التصحيح بأنفسهم.
هل التعلم المدمج ملائم لجميع التخصصات؟
في كلية الأعمال، وتحديدًا في قسم التسويق الذي كان من أوائل الأقسام التي طبّقت التعلم المدمج، يجري التحوّل نحو التعلم المدمج بإيقاع متروٍ، مقارنة بكلية اللغات الأجنبية. وصل عدد مساقات التعلم المدمج في الفصل الثاني من العام الدراسي 2018/2019 في كلية الأعمال إلى 14 مساقًا وبنسبة 7% من مجموع مساقات الكلية، في حين يوجد في كلية اللغات الأجنبية 58 مساقًا وبنسبة 26% من مجموع مساقات الكلية.
غنى، طالبة تخرجت حديثًا من قسم التمويل في كلية الأعمال في الجامعة الأردنية. جربت نظام التعلم المدمج في مساقين من مساقات التخصص. وتقيّم تجربتها بشكل إيجابي حيث وفرت لها مرونة زمان ومكان الدراسة وتنوع مصادر معرفتها. وتقول إن المدرّسين كانوا متوفرين دائمًا للإجابة على أسئلة الطلاب قبل إرسال إجابات التدريبات، وكانت الإجابات تُناقش مع المدرسين خلال المحاضرة الصفية التالية.
في فيلم من إنتاج قسم التسويق في كلية الأعمال يقدّم طلاب في قسم التسويق شهادات عن تجاربهم في التعلم المدمج في مساق العلاقات العامة. وتضمّن الفيلم إيجابيات نظام المدمج فقط، مثل توفر فرصة إطلاع الطلاب على المادة التعليمية قبل المحاضرة لمشاركة وفهم أفضل، وتوفر مصادر معرفية منوعة ومتعددة تضاف إلى الكتب المقررة وبذلك يكونون أكثر استعدادًا لسوق العمل.
المعايير وضبط الجودة
تضع أسس التعلم المدمج لسنة 2019 التعليمات التي تحكم المدرسين الراغبين بتطبيق التعلم المدمج. ومركز المصادر التعليمية المفتوحة والتعلم المدمج هو المسؤول عن عملية تطبيق نظام التعلم المدمج، ومن مهامه إجراء دورات تعريفية في بداية كل فصل لكل عضو هيئة تدريس يرغب في تطبيق النظام. «لدينا خبراء بإمكانهم التدريب في هذا المجال، وبعض أعضاء الهيئة التدريسية لديهم خبرة في التعلم المدمج. وقبل الموافقة على تحويل المساق إلى المدمج يتم الاتفاق على الخطة الدراسية وطبيعة المادة والنشاطات الإلكترونية التي سيقدمها المدرس للطلاب»، يقول الدكتور إبراهيم الجراح، مدير المركز.
«حاليا نعد نظام تقييم لفاعلية المنصة ومدى نجاح العملية. يجب أن تصل نسبة تحقيق أهداف النظام إلى 70% على الأقل، لكي يتم تجديد الموافقة على تدريس المساق بنظام التعلم المدمج. لكن لأن النظام يطبق لأول مرة هناك مرونة ويمكن تصويب العملية وإعطاء فرصة لتطوير الأداء في كل فصل. وعند تحقيق النجاح المأمول سنسعى إلى توسيع التجربة لتشمل جميع الكليات»، يضيف الجراح.
ومن مهام المركز أيضًا مراقبة عملية التطبيق وضبط جودة العملية، وذلك من خلال مراقبة المنصة التي يتم فيها تحميل الفيديوهات والتدريبات وتصحيحها والتفاعل بين الطلاب والمدرسين. «ميزة النظام الجديد أنه يتم من خلال منصات إلكترونية مراقبة من قبل المركز وبالتالي يمكن كشف هذه الممارسات السلبية الفردية لبعض المدرسين، في حين أن الرقابة غير ممكنة في حالة المحاضرات الصفية»، يقول محمد ريان، نائب مدير المركز ومحاضر في قسم اللغة الإسبانية.
ويرى أبو سليم أن الممارسات السلبية الفردية لبعض المدرسين يمكن أن تحدث في المحاضرات الصفية سواء في النظام المدمج حاليًا أو سابقًا في التقليدي. «مدرس ما قد يختصر محاضرة ويغادر بعد 10 دقائق أو قد يتحدث مطولًا خلال المحاضرة عن شؤون لا تتصل بالمساق، وليس هناك من يراقبه. في حين يمكن مراقبته أسبوعيًا من خلال منصات النظام المدمج».
«هناك من أساء فهم النظام واعتقدوا أنها فرصة لعطلة يوم الخميس. نتابع أداءهم حتى نهاية الفصل لتقديم تقرير لعميد الكلية ليتخذ قراره بتجديد الموافقة على استخدام المدمج في مساق ما أو عدم تجديدها. ويمكن للمدرس أن يتوقف عن استخدام النظام لفصل أو فصلين، خلالها يمكن أن يشارك مجددًا في دورة التعلم المدمج المخصصة للهيئة التدريسية»، يقول أبو سليم.
«الفكرة ليست مثالية والتطبيق فيه ثغرات»، تقول مها تيسير. وتعزو ثغرات التجربة إلى الأفراد، من المدرسين والطلاب. «أحد المدرسين قد لا يصحح تدريب ما ويضع علامة كاملة لجميع طلاب المساق، وبعض الطلاب قد يغشون وينسخون إجابات زملائهم. لكن الطلاب الذين يؤدون المهام بأنفسهم أسبوعيًا طوال الفصل هم الأكثر جهوزية للامتحانات ونتائجهم أفضل في نهاية الفصل»، تقول تيسير.
قد يفضل الطلاب والطالبات النظام المدمج على النظام القديم في المساقات النظرية مثل التربية الوطنية أو مهارات لغة شفوية. لكن منهم من يعتقد أن المدمج غير ملائم لمساقات التخصص الصعبة التي تحتاج إلى درجة عالية من التفاعل مع المدرس، النقاش والشرح، مثل القواعد ومهارات الكتابة.
في المحصلة، إن تسارع تطبيق التعلم المدمج ووصوله لمساقات التخصص الجامعية لم يلائم جميع الطلاب والمدرسين في الجامعة. فالمؤيدون للنظام الجديد يرون فيه مرونة في زمان ومكان التعلم وتحديثًا للمناهج من خلال المصادر المفتوحة. ويعارضه من لا يجدون سببًا لإلغاء المحاضرة الصفية الثالثة (أي ساعة معتمدة أسبوعيًا) واستبدالها بأنشطة إلكترونية الأصل فيها أن تكون جزءًا من النظام القديم، ولا مبررًا لتدريبات أسبوعية تثقل الطلاب والمدرسين على السواء.