الحمل وفيروس كورونا: بماذا تخبرنا الدراسات؟

الخميس 25 آذار 2021
المصدر: ABC NEWS.

نشر هذا المقال للمرة الأولى بالإنجليزية في مجلة نيتشر، بتاريخ 9 آذار، 2021.

في شباط من العام الماضي، عندما بدأت تقارير كوفيد-19 بالظهور في الولايات المتّحدة، كانت يلدا أفشار حامل بشهرها الثاني. ولكونها أخصائية توليد تتعامل مع حالات الحمل المعرضة للخطر في المركز الطبي التابع لجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، كانت تعرف أن الأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي تشكل خطرًا بشكل خاص على النساء الحوامل. ولذلك، شعرت يلدا أفشار، مع تصاعد حالات الإصابة وقلة المعلومات الموجودة عن آثار فيروس سارس-كوف-2، أنها تتخبّط في الظلمات، سواء عندما تقدّم المشورة لمريضاتها، أو عندما تفكر بقلقها الخاص بشأن الإصابة بالفيروس ونقله لجنينها وعائلتها. إلا أن هذه الحالة جعلتها تشعر بالقرب من النساء اللواتي كانت تعالجهن، أو كما وصفت هي: «لقد شعرت بتضامن معهنّ لم أشعر به من قبل، وكان هذا دافعًا لي لأعمل بجهد أكبر، وأحاول أن أجد الإجابات بشكل أسرع».

ولذلك، كانت يلدا أفشار من أوائل القائمين على إنشاء سجل يتتبع حالات النساء الحوامل اللواتي أصبن بالفيروس في الولايات المتحدة، وتعاونت مع زملائها من جميع أنحاء البلاد لتسجيل ومتابعة المشاركات. ثم جرى البدء في تنفيذ أكثر من عشرة مشاريع مشابهة خلال عام 2020.

أظهرت الأبحاث بعد مرور أكثر من عام على هذه الجائحة، والتي أجرتها مجموعات مختلفة حول العالم، أن المرأة الحامل المصابة بفيروس كورونا المستجد أكثر عرضة لاشتداد المرض ودخول المستشفى من مثيلاتها في العمر من غير الحوامل، وأن معدلات الإصابة الشديدة بالمرض والوفاة عند النساء الحوامل من الأقليات العرقية والإثنية أعلى من غيرهنّ، مما يعكس حالة الأقليات في المجتمع ككل.

الخبر السار هنا هو أن الأجنة في الغالب لا يصابون بالعدوى الحادة للجهاز التنفسي، ولا يمرضون. حيث تشير عينات أخذت من دم الأمهات والأجنّة، بالإضافة إلى الحبل السرّي والمشيمة، أنه نادرًا ما ينتقل الفيروس من الأم إلى الجنين. ولكن هناك بعض البيانات الأولية التي تشير إلى وجود احتمالية مهاجمة العدوى للمشيمة، مما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجنين. 

وما تزال العديد من التساؤلات تراود الباحثين، ومنها مدى انتشار العدوى بكوفيد-19 بشكل عام بين النساء الحوامل، لأن أغلب البيانات التي تم جمعها كانت فقط من اللواتي انتهى بهنّ المطاف في المستشفى خلال فترة الحمل، وما إذا كانت النساء أكثر عرضة للإصابة بعدوى فيروسية أو تداعياتها أثناء فترة محددة من الحمل أو بعد الولادة.

أما بالنسبة للقاح؛ فهناك شحّ في البيانات المتعلقة بسلامته بشكل خاص على النساء الحوامل، إذ لم تشملهنّ التجارب الأولى للقاحات الرئيسية تبعًا للمعايير المعمول بها في الدراسات الدوائية. رغم أن بعض التجارب الجارية الآن وتلك المخطط لها ستتضمن النساء الحوامل. ومع بداية حملات التلقيح حول العالم، قدمت الجهات التنظيمية توصيات متضاربة أو غير واضحة فيما إذا كان على الحوامل تلقي اللقاح أم لا؛ فأوصت منظمة الصحة العالمية في شهر كانون الثاني بأن يقتصر إعطاء لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) التي أصدرتها شركتا فايزر بيونتك وموديرنا على النساء الأكثر عرضة لخطر الإصابة، كالنساء اللواتي يعملن في خط الدفاع الأول أو يعانين من ظروف صحية، وهذا فقط بعد استشارة الطبيب. ومن ثم أوضحت عدم وجود أي مخاطر محددة على الحمل قد يتسبب بها اللقاح. وصرّح متحدث رسمي باسم المنظمة لمجلة نيتشر أنه بسبب قلة المعلومات، «فلا يمكن للمنظمة تقديم توصيات عامة لتلقيح النساء الحوامل».

وأضاف الأطباء الذين تواصلت معهم مجلة نيتشر أنهم ينصحون النساء الحوامل بتلقي اللقاح، ولكن بعد استشارة الطبيب. تقول كريستينا آدمز والدورف، طبيبة توليد وباحثة في جامعة واشنطن في سياتل، «بالنسبة لي فإن الأمر لا يحتاج إلى تفكير، نظرًا إلى ما نعرفه عن زيادة احتمالية دخول المستشفيات وخطر الوفاة والولادة المبكرة».

مخاطر قبل الولادة

بما أن رئتيّ المرأة الحامل تعملان بجهد مضاعف، فليس غريبًا أن تشكّل الأمراض التنفسية خطرًا أكبر عليهنّ، حيث إن نمو الرحم يضغط على الحجاب الحاجز، مما يقلل من سعة الرئتين ومن الأكسجين الذي يتم توزيعه بين الأم والجنين. وفوق كل هذا فإن الحمل يضعف جهاز المناعة، ليمنعه من مهاجمة الجنين، مما يجعل النساء الحوامل أشد عرضةً لمضاعفات العدوى. فحتى عندما تصاب المرأة الحامل بالإنفلونزا العادية، فإنها من الممكن أن تحتاج إلى دخول المستشفى أكثر من غيرها. ومثال ذلك النساء الحوامل اللواتي أصبن بأنفلونزا H1N1 خلال جائحة 2009- 2010، إذ كنّ أكثر عرضةً لخطر الولادة المبكرة أو حتى لفقدان الجنين.

يبيّن تحليل أجري على 77 دراسة سريرية أن النساء الحوامل المصابات بكوفيد-19 أكثر عرضة لاحتياج العناية المركزة، وأطفالهنّ أكثر عرضة للولادة المبكرة.

ولهذا، منذ بداية انتشار فيروس سارس-كوف-2 عالميًا، فإن أخصائيي التوليد من جميع أنحاء العالم يراقبون تأثيره على المراجعات وعلى أطفالهنّ بقلق وخوف.

ورغم أن هنالك بيانات سابقة وردت من الصين، أشارت إلى أن حالة النساء الحوامل لم تكن أسوأ بكثير من غيرهنّ في مثل عمرهن، إلا أن ردّ الأطباء جاء عليها متشككًا؛ «لم يكن صدى هذه البيانات جيدًا بين أطباء النسائية والتوليد»، تعلّق أندريا إدلو، أخصائية التوليد في مركز فينسنت لبيولوجيا الإنجاب في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، إذ رأى الجميع الأعراض في المريضات، «إن النساء الحوامل يتعبن أكثر من الأخريات»، تضيف.

بدأت تتضح الصورة بعد صدور مجموعة تقارير من جميع أنحاء العالم. فصدر تقرير يحلل 77 دراسة تعرّض في الرابع من أيلول الماضي، وجاء فيه أن النساء الحوامل من أكثر الفئات المعرضة للخطر. شملت المراجعة بيانات تعود لأكثر من 11,400 امرأة مصابة بفيروس كورونا المستجد، أو مشتبه بإصابتها به، وجرى نقلها إلى المستشفى أثناء حملها لأي سبب من الأسباب. وكانت احتمالية دخول النساء الحوامل المصابات بكوفيد-19 إلى وحدة العناية المركزة (ICU) أعلى بنسبة 62%، مقارنة بالنساء غير الحوامل في سن الإنجاب، بينما كانت احتمالية وضعهنّ على جهاز التنفس الصناعي أعلى بنسبة 88%. وتم التأكيد على هذه النتائج من قبل دراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكي (CDC)، شملت أكثر من 400 ألف امرأة مصابة بكوفيد-19 وتظهر عليها أعراض المرض، 23,434 امرأة منهنّ كنّ حوامل، ووجدت زيادات مماثلة في احتمالية دخول النساء الحوامل لوحدة العناية المركزة واحتياجهنّ إلى جهاز التنفس الصناعي.

مخاطر الإصابة بكوفيد-19 أثناء الحمل

يبيّن تحليل أجري على 77 دراسة سريرية أن النساء الحوامل المصابات بكوفيد-19 أكثر عرضة لاحتياج العناية المركزة، وأطفالهنّ أكثر عرضة للولادة المبكرة. ولكن خطر وفاة الطفل منخفضة في كلا الفئتين (الحوامل المصابات وغير المصابات بكوفيد-19).

تقول شاكيلا ثانغراتينام، الباحثة في صحة الأمهات أثناء الحمل وبعد الولادة، في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة، والتي ترأست هذا التحليل لـ77 دراسة، إنه يجب أن يدرك العاملون في مجال الرعاية الصحية أن أعراض كوفيد-19 قد لا تظهر عند النساء الحوامل بالقدر التي تظهر به عند غير الحوامل. لكنها أخذت بعين الاعتبار أن العينة لا تضم إلا النساء اللواتي نقلن إلى المستشفى لسبب أو لآخر، مما قد لا يظهر حجم المشكلة بشكل حقيقي. وأضافت: «أعتقد أننا نحتاج طريقة ممنهجة نجمع بها المعلومات عما يحدث في المجتمع».

كان معدّل الولادة المبكرة أعلى لدى النساء الحوامل المصابات بعدوى كوفيد-19 مقارنة بالنساء غير المصابات بالمرض. فأظهرت بيانات تعود إلى سجلين تعقبا أكثر من 4,000 امرأة مصابة بعدوى كوفيد-19 بشكل مؤكد أو مشتبه بإصابتها، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أن 12% من النساء اللواتي تم تسجيل حالتهنّ في المملكة المتحدة وضعن مواليدهن قبل بداية الأسبوع الـ37 من الحمل، مقارنةً  بعام 2020 الذي كان معدل الولادة المبكرة فيه 7.5% في جميع أنحاء إنجلترا وويلز، أما في الولايات المتحدة فإن 15.7% من النساء المصابات بكوفيد-19 عانين من الولادة المبكرة (المعدل المتوقع هو 10%). ووفقًا لتحليل ثانغراتينام، فإن احتمالية الولادة المبكرة لدى المصابات بعدوى كوفيد-19 تبلغ ثلاثة أضعاف احتماليتها عند غير المصابات بالمرض.

ووجد أن التباين في النسب بين الحوامل من الأقليات العرقية والإثنية والحوامل من غير الأقليات، يعكس بشكل مطابق التباين الذي يراه الباحثون الآن في نتائج كوفيد-19 على المجتمع عامةً. تقول مونيكا ماكليمور، والتي تدرس العدالة الإنجابية في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، «إننا نرى نفس التفرقة بالضبط». لقد ضمّ السجل الذي عملت عليه أفشار بالتعاون مع ماكليمور وغيرها من الذين يشاركون المجتمع المحلي في أبحاثهم، 1300 شخص من أصول متنوعة، فكان 10% منهم من أصول أفريقية، و35% منهم من أصول إسبانية ولاتينية. بالإضافة إلى أنهم شملوا أشخاصًا عابرين جندريًا في المجموعة.

وقد أجمعت دراسات متعددة على عدد من العوامل التي تؤدي إلى تفاقم مضاعفات عدوى كوفيد-19 أثناء الحمل، بما في ذلك السمنة وارتفاع ضغط الدم وسكري الحمل. ولكن كما تقول ثانغراتينام فنحن بحاجة  إلى المزيد من البيانات لتحديد الدور الذي يلعبه كل عامل.

انتقال العدوى من الأم إلى طفلها

هل يتأثر الجنين إذا أصيبت الأم بكوفيد-19؟ رغم أن الولادة المبكرة قد تؤدي لاحقًا إلى مشاكل صحية، إلا أنها تحدث في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل عند معظم النساء المصابات بكوفيد-19، ما يعني أن فرصة نمو الجنين بشكل صحي كبيرة جدًا.

المطمئن هنا هو أنه ليس هناك إلى الآن أي رابط مباشر بين كوفيد-19 وزيادة معدلات الإملاص أو توقف نمو الجنين. يقول كريستوف ليز، أستاذ طب الولادة في كلية لندن الإمبراطورية، والذي كان جزءًا من الفريق الذي قارن البيانات المسجلة لـ4,000 امرأة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة: «إننا مطمئنون نسبيًا، لأننا نعرف الآن أن مخاوفنا حول فقدان الجنين وتوقف نموه غير مرجحة».

كان معدّل الولادة المبكرة أعلى لدى النساء الحوامل المصابات بعدوى كوفيد-19 مقارنة بالنساء غير المصابات بالمرض.

أحد أكبر الأمور التي لم تكن معروفة في بداية الجائحة، هو ما إذا كان فيروس سارس-كوف-2 ينتقل من الأم إلى الجنين أم لا. وحرصًا من إدلو على معرفة ذلك، قامت بتغيير عمل فريقها من دراسة سمنة الحمل في الفئران، إلى بناء سجل للنساء الحوامل ومستودع للعينات البيولوجية. وبما أنه تم إغلاق المختبرات غير الأساسية من حولهم، قام باحثون آخرون في الطب بالتبرع لهم بمعدات وكواشف. وبعدها بدأ فريق إدلو في جمع ودراسة بلازما الأم والحبل السرّي والمشيمة.

وجاءت الدراسات التي نشرها الفريق في السابع من كانون الأول الماضي متوافقة مع مجموعة أخرى من الإحصائيات التي تظهر أن من النادر أن «تنتقل العدوى أفقيًا». ولم يجدوا أي دليل على وجود الفيروس في الدم أو في دم الحبل السرّي عند 62 امرأة حامل، ثبتت إصابتهنّ بسارس-كوف-2، عن طريق مسحة مأخوذة من الأنف أو البلعوم، ولم يكن أي من أطفالهنّ الذين تم فحصهم، وعددهم 48، مصابًا بالفيروس عند الولادة. تقول إدلو: «إننا محظوظون لكون طبيعة فيروس سارس-كوف-2 لا تنتقل للمواليد، مما ينقذهم من المرض والموت».

وكذلك وجد فريق أفشار أن حالة الأطفال الذين ولدوا لأمهات مصابات كانت بشكل عام جيدة. حيث أظهرت دراسة قارنت 179 طفلًا ولدوا لنساء ثبتت إصابتهنّ بفيروس سارس-كوف-2، مع 84 مولودًا لأمهات ثبتت عدم إصابتهنّ، أن معظم الأطفال يتمتعون بصحة جيدة عند الولادة ولمدة ستة إلى ثمانية أسابيع بعدها.

أما عن مسألة ما إذا كانت مناعة الأم تنتقل إلى طفلها، فإنها مسألة أكثر تعقيدًا. حيث وجد فريق إدلو وغيرهم أن هناك أجسامًا مضادة لسارس-كوف-2 في دم الحبل السري عند النساء المصابات، ولكن بحسب ما تقوله إدلو، فإنه لم يتضح بعد مدى الحماية التي تمنحها هذه المستويات للجنين.

لقد تم سابقًا ربط العدوى الفيروسية الشديدة لدى الأمهات بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب واضطراب طيف التوحد لدى أطفالهنّ، وتساءل الباحثون عما إذا كان لسارس-كوف-2 مثل هذا التأثير. ولكن، حتى الآن لا يوجد أي دليل على أن إصابة الأمهات بفيروس سارس-كوف-2 قد تؤثر على أطفالهن بهذه الطريقة، وإن هذا النوع من الروابط يحتاج إلى سنوات حتى يثبت صحته، لكن بعض الباحثين يراقبون مجموعاتهم بحثًا عن أي تأخير في النمو العصبي، وسيتتبع فريق أفشار الأطفال في عامهم الأول بعد الولادة.

يقول ديفيد باود، طبيب التوليد في مستشفى لوزان الجامعي في سويسرا، والذي يقوم بدراسة مجموعة مكونة من 1,700 امرأة حامل من جميع أنحاء العالم، باستخدام بنية سجل تم تطويره لدراسة فيروس زيكا في عام 2009، إنه في حالات نادرة من الممكن أن تكون المشيمة سببًا رئيسيًا في المرض.

حيث تشير بيانات باود غير المنشورة إلى أن الاستجابة الالتهابية -دفاع الجسم ضد الفيروس- من الممكن أن تؤدي إلى إتلاف أنسجة المشيمة بنفس الطريقة التي يمكن أن تتلف بها أنسجة الرئة، وحدث هذا عند عدد قليل من النساء الحوامل المصابات بكوفيد-19. ولاحظ أن هنالك ثلاث حالات أظهرت الأمهات فيها تلف أنسجة المشيمة، وُلد أطفالهن وهم يعانون من تلف في الدماغ.

قلة المعلومات عن التطعيم

كل هذه النتائج والدراسات أقنعت معظم الأطباء بضرورة إعطاء الأولوية للنساء الحوامل عند تلقي لقاحات كوفيد-19. ولكن عدم شمولهنّ في التجارب الأولية للقاح ترك الكثير من الأسئلة حول سلامته عليهنّ دون إجابة. مما جعل آدامز والدورف يقول: «أعتقد أن عدم شمولهنّ كان خطأً فادحًا، فبالنهاية كلنا الآن عبارة عن فئران تجارب».

يرغب الباحثون في اعتبار ما حدث للنساء الحوامل بمطعوم كوفيد-19 دليلًا على وجوب تغيير معايير التجارب السريرية، ليتم شمولهنّ فيها بالمستقبل.

وترك اختلاف الآراء لدى الجهات التنظيمية مسؤولية اتخاذ القرار على عاتق العديد من النساء الحوامل. فقام كل من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها واللجنة المشتركة في المملكة المتحدة للتطعيم والتحصين بتوصية النساء الحوامل الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بالمرض، اللواتي يعانين من ظروف صحية أو يعملن في خط الدفاع الأول، أن يقررن مع أطبائهنّ ما إذا كان عليهنّ تلقي المطعوم أم لا. بينما امتنعت الحكومة السويسرية في بداية إطلاق حملة التطعيم عن إعطاء الأولوية للنساء الحوامل، معزيةَ ذلك إلى نقص المعلومات. القرار الذي لم يتفق معه (باود)، معللًا ذلك بأن المرض بالتأكيد سيكون أخطر عليهنّ من اللقاح، وأن التركيبة البيولوجية للقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) لا تشكل أي تهديد عليهنّ؛ «من المستبعد جدًا جدًا أن يتسبب هذا اللقاح في حدوث أي مشكلة للمريضة الحامل أو الجنين». والآن فإن المكتب الفيدرالي السويسري للصحة العامة يقترح على النساء الحوامل المصابات بأمراض مزمنة معينة الحصول على اللقاح.

وتتابع إدارة الغذاء والدواء ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة آثار التطعيم على النساء الحوامل، إذ أجرى فريق من جامعة واشنطن دراسة استقصائية تضم نساء تلقيّن اللقاح وهنّ حوامل أو مرضعات أو يخططن للحمل، وبحلول نهاية شهر كانون الثاني كانوا قد جمعوا حوالي 12 ألف رد. وفي شباط جاء تصريح أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين في الولايات المتحدة، معلنًا أن 20 ألف امرأة تلقت لقاح فايزر-بيونتك أو موديرنا، ولم تجد الوكالات حتى الآن «أي إنذارات سيئة». وهكذا، بعد عام تقريبًا من بدء تجارب المرحلة الأولى من لقاحات كوفيد-19 على البشر، بدأت شركة فايزر بتجربة اللقاح على النساء الحوامل. 

يرغب الباحثون والمجموعات المناصرة في اعتبار ما حدث للنساء الحوامل بمطعوم كوفيد-19 دليلًا على وجوب تغيير معايير التجارب السريرية، ليتم شمولهنّ فيها بالمستقبل. حيث صرّح قادة معهد يونيس كينيدي شرايفر الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية في بيثيسدا بولاية ماريلاند، وهو جزء من المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة: «نحن لا نحتاج أن نحمي الحوامل والمرضعات من المشاركة في الأبحاث، بل نحتاج إلى الأبحاث التي تحميهنّ».

الخوف من نسيان هذه الفئة هو ما دفع أفشار في الأساس ببدء مشروعها: «إن الدراسات تهمِّش الحوامل، وإذا لم نبحث نحن عن إجابات هذه الأسئلة، فلا أحد سيفعل».

Leave a Reply

Your email address will not be published.