مرضى الهيموفيليا: الخوف الدائم من نزيف مقبل

الإثنين 28 تشرين الأول 2024
تصميم محمد شحادة.

«بالصف الأول أو الثاني، كانت تعمل المستحيل، مرات كانت تسكّر علي الدار عشان ما أطلع على الشارع ويصير فيي إشي، وأنا مكنتش أرد. كنت أطلع.. يعني مش فاهم وأنا صغير شو اللي بصير فيي»، يقول يونس (27 عامًا) عن محاولات والدته خلود (49 عامًا) ثنيه عن اللعب خوفًا من نزيف قد يصيبه جراء التعرض لأي إصابة تسبب له الكدمات أو الجروح.

في عمر التاسعة كان يونس يلعب مع أولاد الحارة، وألقى عليه أحدهم ليمونة شجّت جبينه. استغرب الأطفال من تدفق الدم وهالهم منظره، وتساءلوا كيف لليمونة أن تُسيل دمه بهذه الغزارة. تقول خلود: «كل الحارة وقّفت على رجل وحدة من ليمونة». بعد هذه الحادثة، تجنّب الأولاد اللعب مع يونس خشية تعرضه للأذى من ضربات خفيفة قد تسيل دمه.

ونظرًا لتكرار إصاباته، وتغيّبه الدائم عن المدرسة من أجل تلقي العلاج في المستشفى، قرر يونس ترك المدرسة في سن الثانية عشرة: «كنت على أي نقرة أروح عالمستشفى، أقل إشي شهر، قد ما أنا معطل يرسبوني».

يونس الآن متزوج وأب لطفلين، ويتنقل بين مهن عديدة تنخفض فيها فرص إصابته بأية جروح أو إصابات، حيث عمل في محلات الخضار وأكشاك القهوة وغيرها: «لو أموري تمام كان رحت تعلمت صنعة، ميكانيكي، كهربجي، أي إشي زي هيك، بس بزبطش.. أي جرح، دكمة، على طول بروح على المستشفى». وبسبب اضطراره للذهاب إلى المستشفى لفترات طويلة جراء الإصابات المتكررة، فقد صار عمله متقطعًا، إذا لا يعرف معظم أصحاب العمل طبيعة مرضه ولا يتفهمون سبب غيابه المتكرر، كما يقول يونس، فضلًا عن خشيتهم من تحمل المسؤولية عند إصابته.

مؤخرًا، عمل يونس موظف كاشير في محل للخضار، ما تطلب منه الوقوف لعشر ساعات يوميًا، أدى هذا إلى تورّم قدميه بسبب الضغط على مفصل الكاحل. يضع قدميه في الماء والملح أو يضع عليهما الثلج، لكن هذا لم يكن كافيًا لعلاج التورم الكبير، بل إنه اضطر آخر الأمر للتعطل عن العمل بعدما نصحه الأطباء بتركه حفاظًا على صحته.

منذ ولادتهم، شُخّص يونس وأشقاؤه عبد الرحمن (18 عامًا) وكرم (تسعة أعوام) بمرض الهيموفيليا. ولأن لوالدتهم خلود تاريخ عائلي بانتقال هذا المرض الذي ورثته من والدتها، فإن حفيدها من ابنتها (ستة أعوام) مصاب به كذلك.

الجين المتنحي النازف

مرض الهيموفيليا هو أحد أمراض اضطرابات الدم النزفية الوراثية النادرة المرتبطة بالجنس، وعادة ما يكون الذكور هم المصابون بالمرض، أما الإناث فحاملات له.[1] يمنع الهيموفيليا تجلط الدم على نحو طبيعي، بسبب نقص البروتينات اللازمة للتجلط (أو ما يسمى بعوامل التجلط)، ما يجعل النزيف يطول بعد أية إصابة. في الظروف العادية لا تشكل الجروح الصغيرة مشكلة، ولكن المعضلة تكمن في النزيف داخل الجسم والذي قد يُتلف الأعضاء والأنسجة الداخلية، ومن تأثيراته المحتملة على المدى البعيد -إن لم يكن العلاج متوفرًا- أن يسبب إعاقات حركية نتيجة تأثير المرض على مفاصل الجسم، وأهمها الكوع والركبة والكاحل. وعادة ما تظهر الأعراض على أجساد المصابين على شكل كدمات زرقاء نتيجة النزف تحت الجلد، بالإضافة إلى الألم المصاحب للانتفاخات والتورمات في مفاصل الجسم بعد التعرض للإصابة.

في الوضع الطبيعي، تبدأ عملية التجلط للنزف الناتج عن تمزق الأوعية الدموية؛ سواء على الجلد أو في الأعضاء الداخلية، من تقلص حجم الأوعية الدموية لمنع النزف، ثم تتجمع الصفائح الدموية في مكان النزف لتشكل طبقة جدارية على الوعاء الدموي النازف، ولكي تتماسك الصفائح فهي بحاجة لبروتينات أو عوامل التجلط، وعددها 13 عاملًا، حيث يحفّز كل عامل العامل الآخر،[2] وفي حال نقص أحد عوامل التجلط تصير عملية الشفاء صعبة وتُحدث نزفًا لفترة طويلة.

عمومًا، توجد الصفات الوراثية على الكروموسومات عند الإناث (XX) والذكور (XY). وفي حالة الهيموفيليا، وهو مرض وراثي مرتبط بالجنس، يكون الجين المسؤول عن تصنيع عوامل التجلط غائبًا، وينتقل المرض على شكل صفة جينية متنحية تُحمل على الكروموسوم (X) تحديدًا.

يصنف مرضى الهيموفيليا بحسب النقص في أحد عوامل التجلط، وأشهرها عاملا التجلط الثامن والتاسع، ويسمى المرض الناتج عن نقص العامل الثامن بالهيموفيليا A وهو الأكثر شيوعًا، أما الناتج عن نقص العامل التاسع[3] فيطلق عليه الهيموفيليا B بحسب مصطفى الفلاح، الاستشاري في أمراض الأطفال وأمراض الدم والأورام ورئيس قسم الأطفال في مستشفى الأمير حمزة سابقًا.

كما يصنف مرضى الهيموفيليا أيضًا بناء على التفاوت في شدة النقص بأحد عوامل التجلط السابقة، فيتواجد في جسم المريض بالهيموفيليا الخفيفة (Mild) ما نسبته 5%-30% من عوامل التجلط، فيما تتواجد بنسبة 1%-5% في المتوسطة (Moderate)، أما الحادة (Severe) فيتواجد في الجسم أقل من 1% من عوامل التجلط، وكلما انخفضت نسبة عوامل التجلط طالت مدة النزيف وصارت الأعراض أشد وأخطر.

ولأن المرض وراثي، يكون النقص في نوع عوامل التجلط متماثلًا في العائلة، فيونس وأخواه وابن شقيقتهم مصابون بدرجة حادة من الهيموفيليا B الناتج عن نقص العامل التاسع. ورغم احتمالات توارث المرض (الجين المتنحي) عبر العائلة، إلا أن الإصابة بالمرض بسبب حدوث طفرة جينية جديدة احتمال وارد أحيانًا[4] بحسب الفلاح.

عالميًا، يصاب واحد من بين ستة إلى عشرة آلاف ذكر بالهيموفيليا.[5] أما محليًا، فيقول قاسم الشرشير، رئيس قسم الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى البشير، ونائب رئيس الجمعية الأردنية للثلاسيميا والهيموفيليا، أن عدد المرضى المسجلين في الأردن يبلغ 451 مصابًا،[6] أكثر من ثلثهم مصنفون ضمن الدرجة الحادة من المرض.

الفطبول ممنوع والبسكليت محظور

تمنع مجدولين* (36 عامًا) ابنها سعيد* (3 أعوام) المصاب بدرجة حادة من الهيموفيليا من لعب كرة القدم، وتعوضه بدلًا عن ذلك بكرات إسفنجية. كما تحظر عليه ركوب الدراجات خوفًا من النزيف: «قعدة البسكليت لحالها ممكن تخليه ينزف»، تقول مجدولين.

ورغم حرصها الشديد على حمايته، إلا أنه معرض لإصابات مفاجئة وخطيرة، وهو ما حصل قبل حوالي ستة أشهر عندما تعرض لإصابة لم يُعرف سببها إلا أنها أدخلته العناية الحثيثة: «أنا ما شفته، شكله كان خابط بطرف الكنباية الموريس، بس ثاني يوم بيّن إنه بطنه بوجعه»، تقول مجدولين. قضى سعيد في المستشفى حوالي أسبوعين بعدما تبين أنه مصاب بنزيف في عضلة البطن، وانخفضت قوة دمه من شدة النزف إلى خمس درجات.

بعد أسبوعين من تعافيه وعودته إلى المنزل، سقط سعيد أرضًا على رأسه فحدث كسر حول عظمة العين وتمزقت الأوعية الدموية في منطقة الإصابة، كما انتفخت منطقة الإصابة بشدة: «سكرت عينه، صار بدها تفقع»، ليقضي بعدها أسبوعين آخرين في المستشفى حتى تمكن من فتح عينه.

إلى جانب حذر الأهالي وخوفهم المستمر من تعرض أطفالهم لأية إصابة، تتطلب العناية بمصابي الهيموفيليا اتخاذ تدابير وقائية خاصة، فأبسط إصابة في جسد المريض قد تجبره على قضاء حوالي 10-14 يومًا للعلاج في المستشفى. لذا تحاول الأمهات ما أمكنهنّ إبعاد أطفالهنّ المصابين عن مصادر الإصابة المحتملة بما فيها الأدوات الحادة أو ركوب الدراجات أو اللعب بكرة القدم، ويضعن الأقفال على الأبواب المؤدية إلى أماكن تعتبر خطيرة عليهم مثل الحمامات والمطبخ، كما يخففن من اللعب خارج المنزل في أماكن ترتفع فيها احتمالات الإصابة كالحدائق العامة والملاعب والمسابح.

حتى نفسيًا، تتأثر مشاعر المصابين، أطفالًا كانوا أم كبارًا، جراء الدخول المستمر إلى المستشفى، فعدا عن النزف وألم الإصابات، يقع المصابون وذووهم في حالة نفسية صعبة بسبب الحقن المتكرر بالإبر وصعوبة إيجاد الأوعية الدموية من أجل حقن العلاجات اللازمة.

لكن يظل أكثر ما يخشاه الأهالي على أطفالهم هو التعرض لإصابة في مفاصل الركبة والكوعين والكاحلين، ذلك أن الأذى الذي يصيب الأطفال في هذه الحالة قد يؤثر على أنشطة الحياة اليومية على المدى البعيد، خصوصًا لو انقطع العلاج بعوامل التجلط. لذا يلجأ بعض المصابين لإجراء عمليات لتغيير مفاصل الجسم، وفي مقدمتها الركبة، إذا ما تراكم النزيف فيها.

يقول الفلاح إن تكرار النزف بالمفاصل يؤدي إلى تحلل الدم فيها، وخلال هذا التحلل يخرج عنصر الحديد من الدم المتحلل ما يؤثر على الغضاريف التي تمنع احتكاك العظام ببعضها، وأن تكرار النزيف وتحلل الدم يؤدي إلى تآكل الغضروف فتنطبق العظام أحيانًا على بعضها، ما يجعل الألم كبيرًا وحركة المفصل محدودة، وهو ما يسمى طبيًا بـ«تقلّص مدى حركة المفصل»،[7] ما قد يتسبب بإعاقة حركية تستلزم الاستعانة بالعكازات أو أجهزة المشي مثل الووكر والكرسي المتحرك.

العلاجات مكلفة وتنقطع أحيانًا

في ستينيات القرن الماضي، بدأ استخدام العلاج الوقائي لمرضى الهيموفيليا عبر نقل الدم إلى المرضى المصابين لاحتوائه على عوامل التجلط الناقصة، ولكن عوامل التجلط في الدم المنقول لم تكن كافية للمصابين، عدا أن عملية نقل الدم تسببت بنقل بعض الأمراض كالتهابات الكبد الوبائية (B وC) ونقص المناعة المكتسبة. بعدها اعتمدَ العلاج على نقل أجزاء من بلازما الدم بعد تصفيته في بنوك الدم.[8] وفي أواسط الثمانينيات استُنسخ عامل التجلط الثامن المشتق من البلازما، سواء أكانت بشرية أو حيوانية، ومن ثم استُنسخ العامل التاسع.[9] عاصر يونس، ومرضى الهيموفيليا من جيله، فترة العلاج بالبلازما ومشتقات الدم قبل دخول العلاج بعاملي التجلط الثامن والتاسع إلى الأردن أوائل الألفية.

وتختلف علاجات عوامل التجلط الموجودة في السوق الأردني، من حيث سعرها أولًا؛ إذ تتراوح بين 30 و100 دينار للجرعة الواحدة من العامل الثامن، و190 و200 دينار لجرعة العامل التاسع.[10] أما الاختلاف الثاني فهو في قدرة العلاج على البقاء في الجسم، وبحسب الفلاح فإن علاجات العامل الثامن الموجودة في الأردن تبقى ما بين 10-12 ساعة في الجسم، أما علاجات العامل التاسع فتبقى بين 18-20 ساعة، ولهذا السبب يوصى عالميًا بأخذ العامل الثامن من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، والعامل التاسع مرتين في الأسبوع.

علمًا بأن العلاجات الوقائية ساهمت منذ تطبيقها قبل 20 سنة في دول أخرى على زيادة العمر المتوقع لمرضى الهيموفيليا وتخفيض الوفيات المبكرة، والوقاية من مخاطر تضرر المفاصل، بالإضافة إلى التحسين في جودة الحياة.[11] أما في الأردن فقد أوصت اللجنة الوطنية للهيموفيليا في وزارة الصحة عام 2012 بضرورة إعطاء الجرعات الوقائية[12] منعًا للنزيف ودرءًا للمضاعفات التي قد تصيب المفاصل، لكن لم يتم إقرار هذه التوصية من وزارة الصحة حتى الآن، بحسب مها العبيدات، استشارية أمراض دم الأطفال ورئيسة شعبة الثلاسيميا والهيموفيليا في وزارة الصحة لمنطقة الشمال.

وبحسب الشرشير، رئيس قسم الهيموفيليا في البشير، فإن الجرعات الوقائية لم تُقرّ عام 2012 لأن عدد المرضى المسجلين لدى الوزارة آنذاك كان قليلًا، ولم تكن توجد جرعات كافية لهم حينها، كما لا تتوافر للوزارة الميزانية اللازمة لتأمين الجرعات الوقائية لجميع المرضى.

وعوضًا عن توفير الجرعات الوقائية بشكل منتظم أسبوعيًا للمرضى، حصل المرضى على ما يسمى بالجرعات المنزلية، حيث أقرّتها الوزارة عام 2014 بناء على توصية من اللجنة الوطنية للهيموفيليا، وهي جرعات من عوامل التجلط يحصل عليها أهالي المرضى بعد تدريبهم على حقن ذويهم بها في الوريد، وتُعطى للمرضى في حال تعرضهم لإصابة في المنزل، وذلك من أجل تخفيض وقت النزيف وتخفيف الأعراض ريثما يصلون إلى المستشفى لتلقي جرعات العلاج اللازمة. وبحسب الفلاح فإن الإسراع في أخذ العلاج يساعد في تقليل كمية الدم النازف، خصوصًا في المفاصل، وهو ما سيحد بالتالي من الأذى الذي قد يصيبها على المدى البعيد.

لكن، يحدث أن تنقطع الجرعات العلاجية في الأردن، وهو ما في حصل لمدة عامين تقريبًا منذ أيلول 2022، ما دعا عددًا من ذوي المصابين بالهيموفيليا لإقامة وقفة احتجاجية أمام وزارة الصحة في نيسان الماضي مطالبين بتوفير الجرعات المنزلية وإقرار الجرعات الوقائية كذلك، وقد وعدتهم الوزارة حينها بتوفير العلاجات قريبًا، وهو ما فعلته جزئيًا، إذ وفرت لهم الجرعات المنزلية في تموز الماضي، فيما لا تزال الجرعات الوقائية غير معتمدة حتى الآن.

تقول العبيدات إن سبب الانقطاع يعود لإشكالية في توريد بعض الأدوية من قبل الشركات المصنّعة، مؤكدة أن العلاجات متوافرة في المستشفيات وتعطى للمصابين في حال مراجعتهم لها. أما الشرشير فيعزو الانقطاع في العلاج إلى عدة أسباب منها نقص التوريد من الشركات الصانعة التي لا تعطي أولوية للسوق الأردني، إنما ترتبط أولوياتها بحسابات الربح والخسارة، وأن الشركات المصنعة للأدوية لا تحتفظ بمخزون منها إنما تصنعها بناء على الطلب، وبالتالي فإن توريدها للأردن يتطلب أربعة إلى ستة أشهر، وأن فترة صلاحية علاجات الهيموفيليا قصيرة نسبيًا (18-24 شهرًا فقط) مقارنة بالعلاجات الأخرى، مؤكدًا أن الوزارة تحاول تفادي الانقطاعات من خلال طرح العطاءات لمدة طويلة، مع التنويع في نوعية العلاجات المطلوبة. كما يعزو الشرشير انقطاع العلاجات أحيانًا إلى الضغط الذي يحصل على مستشفيات الوزارة عند إلغاء إعفاءات بعض المرضى من العلاج في المستشفيات الجامعية ومستشفيات الخدمات الطبية الملكية.

بالعودة إلى سعيد، وبعد إصابة عينه اليسرى ومكوثه أسبوعين في المستشفى، لاحظت والدته عدم استجابته لعلاج العامل الثامن الذي كان يتلقاه، وقد تبيّن بعد الفحوصات أن لديه أجسامًا مضادة للعامل الثامن نفسه. لذا انضم سعيد إلى 10 مرضى آخرين في الأردن -بحسب الشرشير- يحصلون على دواءٍ يسمى «الهيمليبرا»[13] توفره لهم وزارة الصحة، وهو علاج وقائي للمصابين بالهيموفيليا A ممن لديهم أجسام مضادة للعامل الثامن. بعد حصوله على هذا العلاج، تحسنت صحة سعيد بشكل ملحوظ، وخفّت خشية مجدولين عليه من اللعب، عدا عن تخلصها من رؤيته يتألم كل مرة بسبب الإبر الوريدية، إذ يعطى هذا الدواء مرة واحدة تحت الجلد كل 28 يومًا.

تقول العبيدات إن الوزارة تسعى لزيادة أعداد متلقي علاج الهيمليبرا خصوصًا الأطفال ممن هم دون السادسة، والمصابين ممن لديهم أجسام مضادة بحيث يتمكنون من أخذه مدى الحياة.

لكن الإشكالية في هذا الدواء هي تكلفته المرتفعة،[14] حيث تُقدر تكلفة المليغرام الواحد منه بـ70 دينارًا، فيما يحتاج المريض إلى 1.5 ملغم لكل 1 كغم من وزنه، ويحصل في البداية على جرعةٍ أسبوعيًا، ثم ينخفض عدد الجرعات تدريجيًا حتى تصل إلى جرعة واحدة شهريًا. وبحسب أحد أعضاء الجمعية الأردنية للثلاسيميا والهيموفيليا[15] فإن توفير هذا العلاج يجب أن يكون أمرًا مدروسًا بشدة، حتى لا يتأثر من يأخذه بأية انقطاعات قد تكون مفاجئة.

وفي كل الأحوال، لا تفارق المصابين بالهيموفيليا وذويهم المخاوف من حدوث النزف وانقطاع العلاجات، يقول يونس إن أكثر ما يخيفه في هذا المرض: «إني ما أنجرحش. هسة ضربة عادي، رجلي بتورم، بحط ثلجة، وباخذ الفاكتور [الدواء] وخلص. أما الجرح بخوّف، بظل ينزف».


هذا التقرير جزء من زمالة حبر للصحافة الصحية، الممتدة من أيلول 2023 حتى أيلول 2024، وفيها تنخرط سبع زميلات من خلفيات معرفية متنوعة في إنتاج تقارير صحفية بقوالب مختلفة حول قضايا صحية تتقاطع مع الأسئلة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

  • الهوامش

    [1] قد تظهر أعراض على النساء الحاملات بالمرض، كأن تكون الدورة الشهرية شديدة، أو حدوث النزف بعد عمليات خلع الأسنان، أو حدوث نزيف بعد الولادة.

    [2] لا تحفّز عوامل التجلط في الدم بالترتيب العددي.

    [3] هنالك أنواع أخرى من الهيموفيليا كنقص العامل الخامس أو السابع أو الحادي عشر وغيرها، ولكنها تكاد تكون نادرة قياسًا إلى نقص العامل الثامن أو التاسع.

    [4] تتحدث بعض المصادر عن وجود 30% من حالات الإصابة بالهيموفيليا نتيجة حدوث طفرة جينية، بينما مصادر أخرى تتحدث عن أن نسبة الإصابة بطفرة جينية هي 20%.

    [5] تتحدث بعض المصادر عن إصابة 1 لكل 5000 ذكر بالهيموفيليا A، و1 لكل 30 ألف ذكر مصاب بالهيموفيليا B. وبحسب التقرير السنوي للاتحاد العالمي للهيموفيليا عام 2022، يصاب عالميًا 17.1 لكل 100 ألف من الذكور بالهيموفيليا A، و 3.8 لكل 100 ألف من الذكور بالهيموفيليا B.

    [6] 82% منهم مصابون بنقص العامل الثامن، و18% الأخرى بنقص العامل التاسع.

    [7] Haemophilia and joint disease: pathophysiology, evaluation, and management, Karin Knobe and Erik Berntop, Journal of Comorbidity 2011; 1: 51–59.

    [8] كالمادة المترسبة البردية (Cryoprecipitate)، أو البلازما المجمدة (Fresh Frozen Plasma).

    [9] The Evolution of Hemophilia Care: Clinical and Laboratory Advances, Opportunities, and Challenges, Alice Trinchero, Michelle Sholzberg, Davide Matino, Article Review, Hämostaseologie 2020;40:311–321. P. 312.

    [10] بحسب الأطباء الذين تمت مقابلتهم، يترواح سعر الجرعة الواحدة للعامل الثامن ما بين 30-40 دينار أردني لبعض الأصناف وما بين 60- 100 دينار أردني لأصناف أخرى، وسعر الجرعة الواحدة للعامل التاسع ما بين 190-200 دينار أردني، وتترواح الأسعار تبعًا للشركات المصنعة. (الجرعة الواحدة تمثل 500 وحدة دولية)

    [11] The Evolution of Hemophilia Care: Clinical and Laboratory Advances, Opportunities, and Challenges, Alice Trinchero, Michelle Sholzberg, Davide Matino, Article Review, Hämostaseologie 2020;40:311–321. P. 312-314.

    Mortality, life expectancy, and causes of death of persons with hemophilia in the Netherlands 2001–2018, Hassan et al, Journal of Thrombosis and Heamatosis, 2021 Mar; 19(3): 645–653.

    [12] بناء على الوزن ونوع عامل التجلط الناقص.

    [13] يعد دواء الهيمليبرا من العلاجات الوقائية والتي تم استخدامها في دول أخرى منذ 20 سنة.

    [14] يقدر سعر 1 مل غرام من دواء الهيمليبرا بـ 70 دينار أردني، وقد تم بحسب الشرشير التفاوض مع الشركات المصنعة بتحصيل سعر 30 دينار أردني لكل 1 مل غرام. ويحتاج المرضى الذين تكونت لديهم أجسام مضادة من علاجات العامل الثامن في البداية إلى 1.5 مل غرام لكل 1 كيلو غرام من وزن الجسم أسبوعيًا، قبل أن يُخفض عدد الجرعات تدريجيًا، وصولا إلى جرعة واحدة شهريًا، ولذلك يعتبر هذا الدواء مرتفع التكلفة.

    [15] فضّل عدم ذكر اسمه.

Leave a Reply

Your email address will not be published.