«كيف الناس بتحب زين ولادها وتبلسهم وتشخصهم، نفس الإشي اللي بربوا حمام».
أبو الوليد، مربي حمام
قبل 15 عامًا تقريبًا، تأسس في الزرقاء سوق شعبي للطيور، اعتاد مربو الطيور على ارتياده للتجارة بطيورهم، ومع الوقت تحوّل هذا المكان إلى نادٍ اجتماعي، يتعارف فيه مربو الطيور، ويتسلّون. إذ ومع عصر كل يوم خميس، يأتون إلى السوق، الذي كان في البداية في المجمع القديم للمدينة، ثم انتقل قبل حوالي خمس سنوات إلى مقرّه الجديد، في مجمّع باصات الزرقاء الجديد.
يرتاد السوق مجموعة مختلفة من الأشخاص، وبينهم التجار الذين تعتبر تربية الطيور مصدر رزقٍ أساسي لهم، فيأتون بمئات الطيور المختلفة في أنواعها وأسعارها، ولهم في السوق محلات، يبلغ عددها حوالي الأربعين محلًا، وتسمّى في العادة «المقاهي»، ويقال إن هذه التسمية جاءت من الشام، التي لتربية الطيور فيها تاريخ طويل.
مشهد من داخل سوق الطيور الشعبي في الزرقاء للمحلات التي تسمى أيضًا بـ«المقاهي».
يستأجر التاجر محلّه من متضمّن السوق، والذي يستأجره بدوره من بلدية الزرقاء التي رخصت هذا السوق كسوق للطيور قبل سنوات، بعد أن تحوّل السوق القديم -وكان موجودًا في مجمع الزرقاء القديم- إلى مشكلة، إذ كانت مساحته ضيقة تسبب أزمة سير وازدحامٍ مروريّ، كما كان السوق يتحول في بعض الأحيان إلى ما يشبه المكرهة الصحية، بسبب تجمع الطيور النافقة التي يتخلص منها أصحابها حوله. كل هذا دفع لتأسيس السوق الجديد، الذي يقول مرتادوه إنه قد مكنهم من العمل بسلاسة.
مشهد لعدد من الباعة ومربي الطيور من سوق الطيور الشعبي في الزرقاء.
وإضافة إلى التجار، يرتاد السوق عشرات مربي الطيور، ممّن يملكون عادة أعدادًا أقل من الطيور، يجلبون بعضها في كراتين أو أكياس، ويعرضونها في السوق للبيع والمبادلة، ما يشكل لهم فرصة «للتسبب» والحصول على دخل إضافي، وعادة ما يعني هذا أن عملهم في مجال تربية الطيور هو هواية على هامش عملهم الأصلي.
لا يقتصر البيع في السوق على المحال، وإنما يرتاده كذلك العشرات ممن يجلبون طيورهم في كراتين بغرض بيعها أو مبادلتها، ويجتمعون في ساحة السوق الخارجية.
وكما فئات أخرى من المجتمع، تلقي الأزمات الاقتصادية بثقلها على مربي الطيور، الذين قال كثيرون منهم إن أسعار العلف الذي يطعمونه لطيورهم، والخلطات التي تُعدّ لإطعامها، قد تضاعفت أسعارها خلال الفترة الماضية، فارتفع سعر شوال العلف من أربعة دنانير ونصف إلى تسعة دنانير. وهو ما دفع العديد ممن التقينا بهم للحديث حول انهم اضطرّوا لبيع أعداد غير بسيطة من طيورهم ليتمكنوا من الإنفاق على الطيور المتبقية لديهم، حتى إن البعض يصف الوضع في السوق حاليًا بأن معظم مرتاديهم هم ممّن يريدون بيع طيورهم، فيما قلّة بسيطة هي القادرة على الشراء.
يحضر أبو أحمد كل خميس من مادبا، ليبيع ويشتري الطيور من سوق الطيور الشعبي في الزرقاء، ويصف وضع السوق حاليًا بالصعب، تحديدًا مع ارتفاع أسعار العلف.
وفي الوقت نفسه، يشهد السوق بيع طيور تصل قيمة بعضها إلى أكثر من ألف دينار، ويقصد المهتمون شراءها لا من محافظات الأردن المختلفة فقط، ولكن من المنطقة العربية كذلك، إذ يأتي أحيانًا مشترون مهتمون من الخليج، وخاصة من السعودية، ومن لبنان. ويقول بعض الباعة إن هنالك طيورًا استقدمت للأردن، وعمل مربو الطيور على تحسين سلالاتها، مثل حمام البغدادي، بحيث صارت مطلوبة أكثر، وتدفع فيها مبالغ كبيرة.
طير في السوق يتزين بالخلاخيل.
ويرتاد السوق كذلك، عاملون في مجال تزيين الطيور، فيأتون بخلاخيلهم وصناجياتهم، وغيرها من الحِلي، ليشتريها مربو الحمام، بحيث تظهر الطيور في أبهى شكل.
بسطات زينة الطيور في سوق الطيور الشعبي في الزرقاء.