«بنزل برعب على أرضي»، يقول المزارع الفلسطيني صبري راتب، هذا وأرضه مجاورةٌ لبيته في قرية قريوت جنوبيّ نابلس، لكن الهجمات المتزايدة للمستوطنين الإسرائيليين على القرية حالت بين الأهالي وأراضيهم المزروعة بأشجار الزيتون، تزامنًا مع موسم قطافها، والتي لم تسلم هي الأخرى من اعتداءات المستوطنين المعززة بجيش الاحتلال.
أغلق المستوطنون شوارع القرية المؤدية إلى الأراضي الزراعية، والتي سبق أن دمّروا مساحات واسعة منها؛ فمزّقوا بعض البيوت البلاستيكية المخصصة للزراعة، وثقبوا الخزانات وقطعوا شبكات مياه الري، وأحرقوا الأشجار ومفارش الزيتون، وكسّروا سلالم القطف، حتى الزيتون في الأكياس لم يسلم منهم، فمزّقوا الأكياس وألقوا بالزيتون بين الأشواك. كما اعتدوا على ينابيع المياه التي يعتمد عليها الأهالي في الشرب والسقاية، فدنسّوها وهدموا بعض جدرانها.
تقع معظم أراضي قريوت في المنطقة (ج) بالضفة الخاضعة للسيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، حيث يتطلب قطف ثمار الزيتون سنويًا موافقةً مسبقة من الاحتلال خصوصًا في الأراضي المحاذية للمستوطنات. وينسحب حال قريوت وزيتونها على العديد من مناطق وقرى الضفة الغربية المحتلة، إذ يشهد موسم الزيتون كل عام تكثيفًا لاعتداءات المستوطنين ضمن سياسة ممنهجة تعتمدها قوات الاحتلال لإيقاع الخسائر بالمزارعين. وقد شهد هذا العام تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين قياسًا بالعامين السابقين على الأقل، لكن وتيرتها تضاعفت بشكل ملحوظ بعد معركة طوفان الأقصى، حيث نفّذ المستوطنون وقوات الاحتلال ما لا يقل عن 126 اعتداءً على الأراضي المزروعة بالزيتون، تضمّنت التعرّض لقرابة 333 من قاطفي الزيتون خلال ثلاثة أسابيع بعد بدء الموسم في الأسبوع الأول من تشرين الثاني، وهو ما منع أغلبية المزارعين من قطف الزيتون هذا العام.
وقد شملت اعتداءات المستوطنين ضمن هجماتٍ منظمةٍ السيطرة على الأراضي، وإقامة بؤر استيطانية، واقتحام القرى وإحراق الممتلكات، وسرقة المحاصيل والمعدات الزراعية، وتجريف الأراضي، وقطع وتكسير الأشجار ما أدى إلى تخريب ما يقرب من أربعة آلاف شجرة زيتون خلال الموسم الأخير، تركزت في محافظات نابلس والخليل وسلفيت، فضلًا عن التهجم على المركبات والأشخاص، ومنع المزارعين عن أراضيهم، وإطلاق النار عليهم والتعرض لهم بالترهيب والتهديد بالأسلحة، ما أفضى إلى استشهاد وإصابة بعض المزارعين وقاطفي الزيتون.
ويرتكب المستوطنون هذه الجرائم دون حسابٍ أو عقاب، بل معززين بقوات الاحتلال على الأرض، وبدعمٍ حكوميّ إسرائيلي؛ فهذا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يوزع آلاف البنادق الرشاشة على المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية وغلاف غزة والمدن المختلطة باليهود والعرب داخل الأراضي المحتلة عام 1948. فيما يدعو وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى إقامة مناطق عازلة حول المستوطنات والطرق التي يستخدمها المستوطنون في الضفة الغربية و«منع العرب من دخولها حتى لغرض الحصاد».
يعرض الفيديو التالي جانبًا موثقًا من هجمات المستوطنين وقوات الاحتلال الصهيوني على أراضي قرية قريوت، ونستمع لشهادة المزارع صبري راتب حول ما أصاب أرضه ومحاصيله، بالإضافة إلى شهادة الناشط المحلي بشّار قريوتي عمّا تعرّضت له القرية عمومًا من اعتداءات.