سيرًا على الأقدام، وفوق درّاجات أو عربات تجرها الحمير والبغال، وفي سيارات متهالكة أسقفها محمّلة بالأثاث وغرفها مكدّسة بالناس والأمتعة، عاد أمس الإثنين ما يقرب من 300 ألف نازح من وسط قطاع غزة وجنوبه إلى شماله، عبر شارع الرشيد على ساحل غزة وشارع صلاح الدين، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، منهين بذلك نزوحًا امتد لـ15 شهرًا جراء حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع.
كان يفترض أن تبدأ حركة العودة يوم السبت الفائت بعد الإفراج عن بعض الأسيرات الإسرائيليات، وقد استعد النازحون لذلك واتجه كثير منهم إلى نقاط العبور، لكن «إسرائيل» أخّرت فتح الطرق لاشتراطها الإفراج عن إحدى الأسيرات قبل فتح الطريق للعائدين مشاةً أو ركابًا.



توجُّه النازحين إلى نقاط العبور وتجمع بعضهم في شارع الرشيد بانتظار فتح الطريق.



أهالي شمال قطاع غزة ينتظرون فتح الطرق بعدما عطل الاحتلال عودتهم.
ليل الأحد انسحب جيش الاحتلال من محور نتساريم وسمح بالعودة في اليوم التالي بعدما تم التوصل لاتفاق مع فصائل المقاومة على عملية تبادل إضافية تشمل الأسيرة المطلوبة. وما إن طلعت شمس صباح الإثنين حتى بدأ عشرات آلاف النازحين بالعبور عائدين إلى مدن الشمال، وقد اعتبرت حركة حماس أن «المشهد التاريخي لعودة أهلنا النازحين، وهذا الزحف البشري الهادر الذي جرى شمالًا؛ يحطّم أوهام الاحتلال الفاشي بتهجير شعبنا أو إخضاعه أو إرهابه وثنيه عن خيار المقاومة»، وأن مشاهد عودة الحشود إلى مناطقهم التي أجبروا على النزوح منها رغم بيوتهم المدمرة تثبت «فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية»، داعية إلى «تكثيف وصول المساعدات والمواد الإغاثية إلى كامل مناطق قطاع غزة».




عودة النازحين المشاة عبر شارع الرشيد على ساحل غزة.
بالمقابل، أثارت مشاهد العودة إلى الشمال ردود فعل إسرائيلية، حيث اعتبرت القناة 12 العبرية «عودة النازحين إذلالًا لإسرائيل»، فيما رأت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن حماس حصلت على ما أرادت بعد عودة السكان لشمال القطاع، وأنه سيكون من الصعب على «إسرائيل» العودة إلى القتال في الشمال. أما وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير فقد اعتبر أن عودة النازحين تمثل صورة انتصار لحماس وإهانة لـ«إسرائيل»، قائلًا: «ليس هذا ما يبدو عليه النصر المطلق بل هو الاستسلام التام. جنودنا لم يقاتلوا ولم يضحوا بحياتهم في غزة للسماح بهذه الصور».

حواجز نصبها الاحتلال في شارع الرشيد.