عندما أتمّت ولاء* عامها الرابع والعشرين؛ تفاجأت بحملها الأول. حينها لم تكن مستعدةً نفسيًا ولا جسديًا للإنجاب، خاصةً وأنها عانت في تلك الفترة من مشاكل عائلية. لطالما أخبر الجميع ولاء، الفتاة الأصغر بين أخواتها، أنها شخص لا يمكنه تحمّل الألم، وبالفعل كانت مقتنعة بذلك، حتى وصل الأمر إلى أن تضغط العائلة لاختيار كيفية ولادتها. والدتها، التي أنجبت خمس ولادات طبيعية، شجعتها على الولادة القيصرية، مُقتنِعة بكلام زوج ابنتها الأكبر، طبيب النسائية، الذي طالما قال لولاء: «حرام! إنتي صغيرة ورح تتعبي من الولادة الطبيعية»، وقد أيدهم في ذلك زوجها أيضًا. لم يكن لدى ولاء أي مانع من إجراء عملية قيصرية، خاصة وأنها كانت مرهقة نفسيًا واعتقدَت أن العملية، حتى لو لم تكن لها دواع طبية، فإنها ستريحها من آلام الولادة الطبيعية (المهبلية).
منذ زيارتها الأولى، أخبرَت طبيبها الخاص برغبتها بإجراء عملية قيصرية، فوجدته متساهلًا جدًا، حتى إنه لم يخبرها عن مخاطر العمليات القيصرية أو أوجاعها فيما بعد.
قبل ساعات من موعد العملية الذي حدّده الطبيب، بدأ الطلق لديها، فوصلت المستشفى الخاص فجرًا فزعة. حصلت على مُسكّنات لتخفيف آلام الطلق، وقرّر لها الطبيب تخديرًا كليًا، وعندما استيقظت منه لم تكن تقوى على الحركة. كان شعورًا بالثقل تختبره لأوّل مرّة، لم تستطع تحريك كتفها بشكل طبيعي، وكانت تشعر بتأثير غازات[1] العملية الذي سيستمر معها أسبوعين. «الضحكة بتوجّع والكحة بتوجّع، إنك تحاولي ترضعي البيبي كتير صعب». أخبرها زوج أختها الذي حضر العملية بأن الطبيب قد نفّذها بشكل متقنٍ وأعاد إغلاق الجرح بشكل جيد، فلن تعاني من ترهل الجلد وبالكاد سيظهر جرح العملية، على عكس ما يصيب نساء كثيرات.
بالعادة، يَصعُب على النساء اللواتي أجرين العمليات القيصرية ممارسة حياتهنّ بشكل طبيعي خلال أول أسبوع على الأقل، ومنهنّ من تلازم الفراش نحو أسبوعين مع آلام متقطعة قد تستمر حتى أربعين يومًا.
لازمتها أمّها في اليوم الأول بعد الولادة، لكنها اضطرّت لتركها بعد مرض زوجها، ولذا لم يكن هناك من يساعد ولاء، فاضطرّت للحركة بعد ثلاثة أيام من الولادة، حتى ترعى طفلتها. أعانتها المسكنات على الحركة، ولكنها كانت تشعر بالألم بمجرد انتهاء مفعولها. «حتى حممت البيبي رابع يوم، كان كتير صعب علي إني لحالي» تقول.
قبل الإنجاب، اتفقت ولاء مع المستشفى على رغبتها بإرضاع طفلتها طبيعيًا، ووقعت على ورقة تثبت ذلك؛ حتى لا يرضعوها حليبًا صناعيًا، إذ يُعتقد أن للمرة الأولى تأثيرًا في تحديد نمط رضاعة الطفل لاحقًا، «كنت داخلة بجروبات عالفيسبوك بحكوا إنه الرضاعة الطبيعة أحسن، وإنه حقه للبيبي». «صاروا يجيبولي البيبي وكل مرّة يشوفوا إنه ما في حليب، فجابولي أخصائية رضاعة، حاولت تساعدني بس زي كأنها فاقدة الأمل». استخدمت الشفاط اليدوي في الأسبوع الأول ولكنها توقفت عن الإرضاع الطبيعي بعد أن يئست من المحاولة.
علمت ولاء لاحقًا أن الولادة القيصرية كانت عاملًا في عدم إدرار الحليب كما يجب، وكانت تلك مفاجأتها الحقيقية، «الطبيب ما حكالي أي إشي إله علاقة بالرضاعة، زياراتي كانت عبارة عن فحص ويكتبلي على فيتامينات»، ولم تتجاوز مدة كلّ زيارة من زياراتها للطبيب، ولاحقًا لأطباء آخرين، العشر دقائق. أظهر لها أطباؤها في المجمل أنهم مشغولون عن أية استفسارات، «بتطلعي بكون في أسئلة براسك، ما بفتحولك مجال تسألي، الطبيب بخلص اللي عنده وبحكيلك مع السلامة، باختصار».
تعدّ العمليات القيصرية تدخلًا منقذًا لحياة النساء والأطفال في حالات استثنائية؛ أي إن تعذّرت ولادة الطفل عن طريق المهبل لأسباب مثل حجم الطفل أو وضعيته أو انفصال المشيمة أو بسبب مشاكل صحية للأم، مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب غير المستقرة وغيرها. لكنها في الوقت نفسه تحمل آثارًا قصيرة وأخرى طويلة الأمد على النساء والأطفال. ورغم أن من المستحيل معرفة المعدل الضروري للولادات القيصرية بدقة، تقول منظمة الصحة العالمية إنه ينبغي أن يتراوح بين 10% و15% على مستوى العالم. وفي الأردن، العمليات القيصرية في ازدياد، ففي إحصائيات 2017-2018 بلغت نسبتها 26% من جميع الولادات، بعد أن كانت نسبتها 19% في 2007. لذلك فالنسب المحلية تشير إلى أن هذا الإجراء كثيرًا ما قد يتم دون دواعٍ طبية. تشير منظمة الصحة العالمية إلى إنه إذا استمرت نسبة الزيادة العالمية كما هي عليه؛ فإن نسبة الولادة القيصرية في غرب آسيا ستصل إلى 50% من مجمل الولادات.
يشير طبيب النسائية والتوليد، فايز أبو حميدان، وله من الخبرة ثلاثون عامًا، أنه من الملاحظ إقبال النساء في الأردن على العمليات القيصرية دون دواعٍ طبية أكثر من السابق، ويقول إنهن عادةً ما يتخذن هذا القرار خوفًا من آلام الولادة الطبيعية، رغم أن العمليات القيصرية لها مخاطرها، خصوصًا مع تكرارها.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بعدم اللجوء إلى العملية القيصرية إلّا في حال وجود مؤشرات طبية؛ إذ ترتبط العمليات غير الضرورية بارتفاع مخاطر الوفيات لدى الأمهات لأسباب عدّة. وتقدر الدراسات أن خطر الوفاة من العمليات القيصرية أثناء وبعد الولادة يصل إلى أربعة أضعاف الولادة المهبلية، عدا عن خطورة تعريض النساء للتخدير الكلي أثناء العملية.
ورغم أن العمليات القيصرية أصبحت أكثر أمنًا من السابق إلا أنها لا تزال مرتبطة أحيانًا بعدّة مضاعفات مثل خطر تمزق الرحم أو استئصاله، والمشيمة غير الطبيعية، والحمل خارج الرحم، والتصاقات الحوض. ويزداد احتمال استئصال الرحم مع زيادة عدد العمليات القيصرية.
تؤكّد وزارة الصحة الأردنية، في التقرير الوطني لوفيات الأمهات لعام 2018، تصاعد حالات الولادة القيصرية في الأردن، وتشير إلى أن العملية القيصرية تعتبر إجراءً جراحيًا كبيرًا يمكن أن ينقذ حياة كلٍ من الأم والجنين، ولكن مع ذلك فإن إجراء العملية القيصرية غير المبررة من الناحية الطبية يرتبط بزيادة مخاطر الوفيات مقارنة بالولادة الطبيعية. كما أن عدد وفيات الأمهات عند النساء اللاتي يلدن بعمليات قيصرية في الأردن «مرتفعٌ نسبيًا»، ما يستدعي إجراء مزيد من التقييم للظروف المحيطة بعملية الولادة القيصرية، والاهتمام بالولادة القيصرية الأولى غير المبررة، وتحسين إجراءات ما قبل العملية، وأثناءها، والمتابعة اللاحقة لها.
بعد عامين ونصف من حملها الأول، قررت ولاء مع حملها الثاني تجربة الولادة الطبيعية اعتقادًا منها أنه الخيار الأنسب لطفلتها الثانية. راجعت الطبيب نفسه وأخبرته برغبتها بالإنجاب طبيعيًا طالما لم يتواجد أي داعٍ طبي، ولكنه ضحك وقال لها «لأ، روْحي»؛ وأخبرَها بأن احتمال ولادتها بشكل طبيعي قد تناقص إلى النصف، وحاولت هي مفاوضته ولكنه لم يدعم قرارها. ومع ذلك حضّرت نفسها للولادة الطبيعية، فداومت على ممارسة التمارين التي يُنصح بها واهتمت بنوعية الغذاء الذي قرأت أنه يحفز توسعة الرحم أثناء الولادة.
بانتظار طبيبها في غرفة الولادة في المستشفى الخاص، وقد بدأ الطلق، فحصتها القابلة فحصًا داخليًا وهو إجراء يساعد على معرفة مدى توسع الرحم، فشعرت ولاء بالألم، لتقول لها القابلة: «إنتي ما بلزمك ولادة طبيعية لإنك بتتوجعي»، استغربت ولاء من ردة فعل القابلة فهي متأكدة أن شعورها بالألم بسبب الفحص كان طبيعيًا جدًا. كان الطبيب لا يزال في طريقه إلى المستشفى، فطلب زوج أختها الطبيب من القابلات الاستعداد لإدخالها للعملية وأيده زوجها.
بعد استيقاظها شعرت بأن الألم هذه المرة أخف من المرّة السابقة، وأخبرت الممرضات أنها تود إرضاع طفلتها طبيعيًا، إلا أنهم على عكس المستشفى الأول، لم يلبوا طلبها وأرضعوا الطفلة بحليب صناعي. ورغم قلة الحليب، حاولت لثلاثة أشهر أن ترضع ابنتها حليبًا طبيعيًا من خلال الشفط، ولكن الحليب تناقص بشكل مستمر، فتوقفت عن المحاولة واعتمدت الحليب الصناعي. حاليًا، تعتقد ولاء أن إخبارها بسلبيات أو مخاطر العمليات القيصرية من قبل الطبيب كان سيثنيها عن قرارها الذي أخذته أول مرة.
إضافة لتأثير العمليات القيصرية على الرضاعة الطبيعية، يُشار إلى ارتباطها ببعض الإشكاليات الصحية لدى الأطفال على المدى القصير، مثل زيادة احتمالية الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي والحساسية والربو وغيرها، ولا توجد أية دلائل على ارتباطها بمخاطر مستقبلية بعد. تقول أخصائية الأطفال في مستشفى اليرموك، الطبيبة روان شطناوي، إن شتى حالات الولادة القيصرية تحتاج للاستعانة بطبيب الأطفال بعد الولادة مباشرة للمساعدة في تقليل مخاطر مشاكل التنفس، وبالمقابل فإن عددًا قليلًا من الأطفال المولودين طبيعيًا يحتاجون إلى هذا التدخل. في حالات تأخر النفس التي تصيب أطفال العمليات القيصرية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل القلب لاحقًا.
اقرأ/ي أيضا:
يشير الطبيب فايز أبو حميدان إلى أن عددًا كبيرًا من الأطباء يشجعون العمليات القيصرية كونهم يتقاضون عليها أجرًا أكبر من العمليات المهبلية، ولكنه يرى أن السبب الأهم بالنسبة إليهم، هو الخوف من المساءلة القانونية في حال التأخر باتخاذ قرار إجراء العملية القيصرية لأسباب اضطرارية، لذلك فهم يرون الإجراء الاختياري للعملية أكثر أمانًا بالنسبة لمسيرتهم الطبية.
في الولايات المتحدة؛ يُعتقد أن نظام أجور الأطباء يخلق حافزًا ماليًا لإجراء ولادة قيصرية، ما يرفع نسب الولادة القيصرية، وهو ما ينطبق على دول أخرى منها الأردن؛ إذ تعتبر الولادة القيصرية عملية جراحية كبرى، بالتالي يعكس أجر الأطباء احتمالية تعقيد هذه العملية. لكن هذا المنطق إشكالي من حيث أنه يفترض أن تكون الولادة المهبلية سهلة مع أنها قد تكون معقدة للغاية وتستغرق وقتًا طويلًا حسب الحالة. رغم ذلك فإن أجر الأطباء يعتمد على طريقة الولادة لا صعوبتها.
على أي حال، ليست كل النساء اللواتي أنجبنَ بالولادة القيصرية دون داعٍ طبي نادمات على التجربة، فعدد كبير من النساء يجدنه الإجراء الأنسب، وبعضهن يشعرن أن آلام القيصرية أقل سوءًا من آلام الولادة الطبيعية، سواء كنّ خضن هذه التجربة بأنفسهن أو سمعن بها من نساء أخريات. يشير أبو حميدان إلى أن عدم شفافية الأطباء مع النساء الحوامل يمكن أن يسبب فهمًا خاطئًا لآثار العمليات القيصرية، وهو ما قد يجعلهن يتعاملن مع العملية ومخاطرها بتهاونٍ، ويقول إنه رغم آلام الولادة الطبيعية؛ إلا أن الولادة القيصرية ومثل أي عملية جراحية، قد تتسبب في التصاقات موضع العملية، فتسبب أوجاعًا متواصلة أثناء الرياضة والبرد والدورة الشهرية. كما يمكن أن تُحدِث مضاعفات مباشرة؛ كإصابة الشرايين والأوردة وإحداث نزيف، وقد تصاب أعضاء أخرى كالمثانة، إضافة لالتصاقات المبايض.
ورغم أنه من الصعب تحديد الطريقة الأفضل للولادة في جميع حالات الولادة، إلا أنه من المفترض أن يجري الطبيب مع السيدة الحامل نقاشًا حول الطريقة الأفضل للولادة، مع عرض المخاطر والفوائد لكل طريقة حسب حالة الأم وجنينها، ونتيجة لذلك قد يتوصلان إلى نوع الولادة التي تمثل النهج الصحيح للحالة.
عن الخوف من الولادة الطبيعية
تسمع بعض النساء قصصًا تثير فيهن خوفًا من تجربة الولادة الطبيعية. هذا ما حدث مع سلام* وهي أم لثلاثة أطفال، أنجبتهم بولادات طبيعية، لكنها في السابق أرادت بشدة الإنجاب قيصريًا مدفوعة بقصص سمعتها وهي طفلة: «الله يسامحها أمي كانت تشاركنا بتفاصيل عملية الولادة بحد ذاتها، بعمر إحنا ما كنا قادرين نستقبل هاي المعلومات، وكلامها براسي كان كتير يتضخم». وتذكر أنها سمعت والدتها وجارتها تتحدثان عن الولادة الطبيعية؛ فالتقطت منهنّ تفاصيل عن قص العجان (مجموعة من العضلات بين المهبل وفتحة الشرج)، وهو ما أثار خوفها: «أنا بالنسبة إلي الولادة كانت عبارة عن مشرط وتشريح ودم» تقول.
أثناء حملها الأول، أخبرت سلام* عائلتها برغبتها بالعملية القيصرية، وعلى العكس من تجربة ولاء، كانوا ضد قرارها وظلت تتردد على مسامعها جملة «دلع نسوان» من قبل والدتها وزوجها. وهي تعتقد أن الجميع لم يفهموا تخوفاتها، بما فيهم طبيبتها التي راجعتها أول مرة، والتي حاولت تخويفها من العملية القيصرية دون أن تسألها عن السبب الذي يجعلها راغبة بإجراء العملية رغم عدم تجربتها للولادة من قبل؛ «ما حاولت تفهم مني، واستهزأت فيي». وهو ما ينطبق على أطباء آخرين تعاملت معهم لاحقًا.
في ولاداتها الثلاثة كانت سلام تصل المستشفى الخاص بتوسعٍ كافٍ للولادة الطبيعية، وقد اختبرت كل مرة درجات مختلفة من الألم، لكن أيًا منها لم يصل للمستوى الذي كانت تتخيله مسبقًا، رغم أنها لم تحصل على إبر الظهر أو مسكنات الألم الأفيونيّة: «أنا ولدت ثلاثة ولادات طبيعية وما بندم والحمدلله يمكن لو دخلت الولادات القيصرية كنت رح أندم». وهي في الوقت نفسه تتفهم مخاوف النساء الأخريات: «أنا بعرف إنه الست اللي بتختار العملية القيصرية هي ما بتدلّع، أول إشي إحنا عنا نقص بالمعلومات الطبية وغير إنه عنا رعب من القصص اللي سمعناها». وتشير إلى أن تعامل الطبيب أو القابلة والظروف المحيطة أثناء الولادة كلها تؤثر على التجربة وتزيدها سوءًا أو تيسيرًا.
بالإضافة إلى الخوف من آلام المخاض، والاعتقاد بأن الولادة القيصرية أكثر أمانًا، ثمة عامل آخر يدفع بعض النساء لتجنب الولادة الطبيعية، وهو احتمال توسّع المهبل فيما بعد، ما قد يؤثر على حياتهن الجنسية. في الواقع يقول الدكتور أبو حميدان إن هناك احتمالًا لحدوث شق في المهبل أثناء الولادة، ولكنه من أسرع الأعضاء القابلة للتشافي في جسم الإنسان، ولا يحتاج أكثر من عدة أيام بعد التخييط ليُشفى تمامًا، وهو ما لا ينبغي أن يؤثر على الحياة الجنسية للنساء كما يقول. مضيفًا أن الحالات التي تتوسّع فيها عضلات المهبل متعلقة بكثرة الولادات وتظهر مع تقدم العمر.
في الولادة الأولى لسلام لجأ الطبيب إلى إجراء قص العجان الذي لطالما كان مخيفًا بالنسبة إليها، وهو إجراء يتم اتخاذه لإخراج الطفل في حال كان حجمه أكبر من توسع عنق الرحم، ولمنع تشقق المهبل أيضًا. لم تشعر سلام بألم أثناء الإجراء لاستعانة الطبيب بالتخدير الموضعي، لكنها احتفظت لنفسها ببعض الآلام التي كانت تصيبها أثناء الجماع، تقول إنها لم تكن مثقفةً جنسيًا بشكل يشجعها على الاستفسار عن السبب، واعتقدت أن الألم طبيعي وأن عليها تحمله. لاحقًا وبعد أربع سنوات، وفي ولادتها الثانية، سألت طبيبتها بقلق عن احتمال تخييط العضو التناسلي، فأخبرتها طبيبتها بأنها سوف ستؤدي لها تخييطًا تجميليًا يحافظ على علاقة جنسية جيدة للشريكين. بعد العملية فهمت سلام أن التخييط القديم لم يكن جيدًا، وأن طبيبتها أصلحته حتى أن الألم القديم المصاحب للجماع اختفى.
«إحنا بالعادة اللي بنجهله بنخاف منه» تقول سلام. مضيفةً أن كثيرًا من المسائل المتعلقة بالعضو التناسلي ووظائفه كانت لا تعرفها، ولم يكن متاحًا أن تناقش أسئلتها مع النساء من عائلتها واللاتي كان ردّهن دومًا: «بس تجربي بتعرفي لحالك». وانسحب ذلك على مشاركتها لأطبائها، وبالتالي كانت لديها فرص ضائعة لفهم بعض آلامها والتخلص منها. وهي تعتقد أن العديد من النساء -مثلها- لا يعرفن عن أجسامهن الكثير، وهو ما يؤثر على صحتهنّ الإنجابية والجنسية. اليوم تشعر سلام بالسعادة تجاه تجربتها بالولادة الطبيعية قائلة إن هذا ما كان ينبغي أن يحصل بالفعل.
-
الهوامش
ساعدت الزميلة ريما هديب في إنجاز هذا التقرير.
*اسم مستعار حفاظًا على خصوصية صاحبة القصة.
[1] في بعض العمليات الجراحية يتم نفخ الجسم بالغاز لتوسيع فضاء العمل داخل الجسم لتسهيل العملية الجراحية لتمكين الطبيب من رؤية الجزء الداخلي بشكل أفضل وتسهيل الوصول إلى الرحم.