لم يكشف تفشي فيروس كورونا المستجد، والذي رفع بشكل استثنائي الضغط على غرف العناية الحثيثة، النقص في عدد أخصائيي هذا المجال في مستشفيات وزارة الصحة فقط، بل فتح أيضًا النقاش حول نوعية التأهيل الذي من المفترض أن يكون الطبيب الذي يقدم هذا النوع من الخدمة قد خضع له. ففي الأردن، حيث لا برامج أكاديمية للتدريب على هذا الاختصاص، يسير النظام بأن يغطي غرف العناية الحثيثة أصحاب اختصاصات أخرى، هم بشكل أساسي أطباء التخدير والباطنية. لكن الآن، هناك من يقول إن العناية الحثيثة التي تعامل في العالم بوصفها علمًا قائمًا بذاته، يجب أن تكون كذلك في الأردن. وقد اعترف وزير الصحة، نذير عبيدات بأن الأردن تأخّر بالفعل في تأهيل كوادر محلية في هذا التخصص.
إلى نهاية العام 2019، كان عدد أسرة العناية الحثيثة في مستشفيات وزارة الصحة 226 سريرًا، إضافةً إلى 12 سريرًا خاصًا بالأطفال، تشكل ما نسبته 4.6% من مجمل الأسرة. وبحسب وزارة الصحة، فقد رُفع العدد، في مستشفيات الوزارة منذ بدء الجائحة إلى 850 سريرًا، بلغت نسبة إشغالها في آخر تصريح لوزارة الصحة 48%. لكن المشكلة التي ظلّت قائمة، هي كفاية عدد الأخصائيين في هذه الغرف.
وفق مجلس اعتماد المؤسسات الصحية، فإن نسبة الأخصائيين للمرضى في العناية الحثيثة يجب أن تكون أخصائيًا لكل خمسة مرضى. والثابت هو أن هذه النسبة غير المتحققة خلال الوباء، لم تكن أصلًا متحققة قبله. فنقص أخصائيي العناية الحثيثة، تقول مديرة الاختصاصات الطبية في وزارة الصحة، الدكتورة إسراء الطوالبة، هو جزء من المشكلة الأشمل وهي نقص الاختصاصيين بشكل عام في وزارة الصحة.
يعمل في «الصحة» حاليًا 1251 أخصائيًا، بحسب الطوالبة، وهو عدد أقل من حاجتها الفعلية؛ حاجة تقول إنه لا تتوفر لدى الوزارة حاليًا أرقام محددة أو حتى تقريبية لها، سواء أكان ذلك للاختصاصيين بشكل عام، أو لأخصائيي العناية الحثيثة بشكل خاص، خصوصًا في ظل التوسع الذي تم مؤخرًا وفرضته الجائحة، ومنه البدء بإنشاء مستشفيات ميدانية. لكن الوزارة، تقول الطوالبة، تدرس حاليًا هذه الحاجة، لغرض إعداد خطة خمسية، تهدف إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من التخصصات بحلول العام 2025. وهي في الأثناء تحاول سد هذا النقص بشراء خدمات الأخصائيين، وإن لم يحل هذا إلا «جزئية بسيطة» من المشكلة.
يعمل في «الصحة» حاليًا 1251 أخصائيًا، بحسب الطوالبة، وهو عدد أقل من حاجتها الفعلية؛ حاجة تقول إنه لا تتوفر لدى الوزارة حاليًا أرقام محددة أو حتى تقريبية لها.
وكانت الوزارة قد أعلنت مؤخرًا رغبتها شراء خدمات اختصاصيين، من بينهم اختصاصيو عناية حثيثة، لمواجهة النقص في مستشفياتها. كما أعلنت أنها تتواصل مع كفاءات أردنية من الخارج. وقد استطاعت بالفعل بعد هذا الإعلان، تقول الطوالبة، شراء خدمات حوالي 18 طبيبًا الأمر الذي لم يكن سهلًا بحسبها، لأن من يتوفرون من الأطباء إمّا لديهم عملهم الخاص، وملتزمون به، أو موجودون خارج البلاد، وليس من المرجح أن يتركوا مواقعهم ويعودوا إلى الأردن. وهناك أطباء متاحون، لكنهم متقدمون في العمر، وقسم منهم يعاني من أمراض، ما يجعل وضعهم في الخطوط الأمامية لمواجهة الفيروس خطرًا على حياتهم.
الأطباء الذين تم شراء خدماتهم هم بحسب الطوالبة من اختصاصيي التخدير والباطنية، وهما التخصصان اللذان يغطيان في العادة غرف العناية الحثيثة في الأردن، في ظل النقص الحاد في أعداد المتخصصين في العناية الحثيثة. ويضاف إليهما، كما يقول أخصائي التخدير والعناية الحثيثة في مركز الحسين للسرطان، فراس الهواري، تخصصا الجراحة والأطفال، بوصفهما أيضًا من التخصصات القادرة على تغطية غرف العناية الحثيثة، والأنسب لمن يريد التخصص فيها. فتدريب كوادر هذه التخصصات الذي يغطي مختلف أجهزة الجسم، يجعل الأخصائيين قادرين على التعامل مع مرضى العناية الحثيثة الذين يأتون بأمراض متنوعة، وفي مراحل متطورة من المرض.
أطباء التخدير وتغطية «العناية الحثيثة»
إيلاء مهمة الإشراف على غرف العناية الحثيثة تحديدًا لاختصاصيْ الباطنية والتخدير في الأردن هو امتداد لممارسة عالمية بدأت مع إنشاء وحدات العناية الحثيثة في الخمسينيات، والتي بدأ معها تطور طب العناية الحثيثة قبل أن يصبح علمًا قائمًا بذاته في الثمانينيات.
في الأردن، ارتبط تخصص العناية الحثيثة بشكل أساسي بتخصص التخدير، كما يقول رئيس اختصاص التخدير والعناية الحثيثة في وزارة الصحة، الدكتور قاسم الطرمان. ومن هنا أضيفت عبارة «العناية الحثيثة» إلى اسم التخصص في البورد الأردني، فسُمّي «التخدير والعناية الحثيثة». وحتى بالنسبة للأطباء الحاصلين على شهادات تخصص تحت اسم «التخدير والإنعاش»، يقول الطرمان، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس قسم التخدير والعناية الحثيثة في إدارة مستشفيات البشير، إنهما يعاملان بوصفهما «نفس الفكرة، ونفس التخصص».
السبب في هذا الربط يعود في الأساس إلى أن أطباء التخدير هم الأقدر، بحكم خبرتهم في التعامل مع أجهزة التنفس الاصطناعي التي تستخدم أصلًا داخل غرف العمليات، وتشكل في الوقت نفسه، قسمًا رئيسيًا من عبء التعامل مع مرضى العناية الحثيثة، كما يقول استشاري التخدير في مستشفى الأميرة بسمة في إربد، الدكتور تيسير القضاة، والذي يغطي تخصص العناية الحثيثة في المستشفى منذ العام 2009. كما أن أطباء التخدير يتلقون ضمن برنامج الاختصاص الذي مدته أربع سنوات، تدريبًا مدته ستة أشهر في غرف العناية الحثيثة. إضافةً إلى أن تنقلهم خلال مرحلة الاختصاص بين الأقسام المختلفة من جراحة عامة، وجراحة أطفال وعظام وعيون وغيرها، يؤهلهم للتعامل مع حالات مرضية متنوعة. لكن القضاة الذي التحق بدورة تدريبية على العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية، يقول إن التأهيل الإضافي هو دائمًا شيء مرحب به.
المجلس الطبي الأردني يسير الآن في إجراءات استحداث واعتماد تخصص العناية الحثيثة، وهي خطوة تأخرت بحسب أمينه العام، بسبب نقص الكوادر المتخصصة اللازمة لإعداد برامج الاختصاص، والإشراف على تدريب الأطباء وتقييمهم.
يقول أخصائي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة في مستشفى ناشيونال جوِيش هيلث في الولايات المتحدة، الدكتور محمد الدلابيح، إن التأهيل الذي يتلقاه أطباء التخدير والباطنية لا يغني أبدًا عن التأهيل الإضافي المتمثل في دراسة هذا التخصص بشكل منفصل. فعند الكلام عن الخبرة في التعامل مع جهاز التنفس الاصطناعي على سبيل المثال، والذي بدأ منه ربط تخصص التخدير بالعناية الحثيثة، فإن إدارة هذا الجهاز للمريض في غرفة العمليات عند تخديره، أو في غرفة الإنعاش التي ينقل إليها بعد العملية للتأكد من استقرار وضعه، تختلف عن إدارة هذا الجهاز لمريض العناية الحثيثة. ففي الحالة الأولى، تكون حالته ضمن حدٍ أدنى من الاستقرار، وهو الحد الذي سمح أصلًا بإجراء عملية له. وهذا مختلف عن مريض العناية الحثيثة، الذي يكون وضعه الصحي بالغ الصعوبة، ومن ذلك، في كثير من الأحيان، وضع رئتيه، كما في حالات الحروق والغرق والالتهابات ومؤخرًا كوفيد-19. هنا يحتاج الأمر إلى إدارة خاصة، هي ما يتم تدريسه في تخصص العناية الحثيثة، إضافة إلى كمّ هائل من التفاصيل الفنية الدقيقة والمعقدة، التي تتعلق مثلًا بأنابيب التزويد بالتغذية والدواء، وبربيش البول، والعلاج البدني (physical therapy).
العلم بهذه التفاصيل الدقيقة هو في النهاية ما يحدث فرقًا، كما يقول الدلابيح، لأن المريض قد يشفى من المرض الأساسي الذي أدخله العناية الحثيثة، لكنه قد يخرج بأضرار أخرى نتيجة مضاعفات يكون قد سببها نقص الخبرة والعلم أثناء تقديم الخدمة له.
ويؤكد الدلابيح أن ما سبق لا يشكل انتقاصًا من خبرات التخصصات الأخرى التي تقدم هذه الخدمة، لكنه يأتي انسجامًا مع التوجه العالمي الذاهب أكثر فأكثر باتجاه أن تصبح التخصصات أكثر دقة. حد أن علم العناية الحثيثة صار هو نفسه ينقسم إلى تخصصات أدق، ومنها نشوء علم عناية حثيثة تخصص أعصاب، والذي يتعامل مع مرضى جلطات الدماغ، على سبيل المثال.
رغم استقلال «العناية الحثيثة» منذ الثمانينيات كما تقدم، فإن هذا التخصص ليس من بين الـ52 تخصصًا طبيًا (ما بين رئيسي وفرعي) المعتمدة من المجلس الطبي الأردني، وهو المؤسسة المخولة، بحكم قانونها، باعتماد التخصصات الطبية المعترف لأصحابها بالممارسة في المملكة، فهي من يضع مواصفات التدريب المعترف به أثناء إعداد الطبيب العام والأخصائي، وهي أيضًا من يعتمد المؤسسات الطبية المخولة بتدريس هذه التخصصات، والتي تنقسم إلى «رئيسية»، وهي برامج إقامة مدتها في الغالب أربع سنوات، يلتحق بها الطبيب العام بعد تخرجه من كلية الطب، و«فرعية»، تسمى برامج زمالة، مدتها سنة أو سنتان، ويلتحق بها الأخصائيون.
لكن المجلس، بحسب أمينه العام، الدكتور محمد العبدلات، يسير الآن في إجراءات استحداث واعتماد هذا التخصص؛ خطوة يقول إنها تأخرت بسبب نقص الكوادر المتخصصة اللازمة لإعداد برامج الاختصاص، والإشراف على تدريب الأطباء وتقييمهم.
عدم وجود التخصص محليًا، يعني أن كل الحاصلين عليه قد حصلوا عليه من خارج الأردن. وما يزال عددهم في الأردن لغزًا، فالعبداللات يقول إن المجلس لا يحتفظ بسجلات لهم. ولم تجب نقابة الأطباء عن استفسار حبر بهذا الخصوص. وقال وزير الصحة في مقابلة له إن هناك حوالي ثلاثة أو أربعة أطباء منهم في وزارة الصحة، ومجموعهم في المملكة قد يزيد عن 40. في حين يقول الطرمان إن لا أحد منهم يعمل في الوزارة. ويقول الدكتور جمال تركي، اختصاصي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة، وهو رئيس لجنة شكلها المجلس لتدرس واقع التخصص في الأردن وتقدم توصياتها في ما يتعلق بالمنهاج المقترح ونوع البرنامج، إنه يعرف «بشكل شخصي» 15 أخصائي عناية حثيثة موجودين في الأردن.
لكن من المرجح أن يتضح العدد خلال الفترة القادمة، لأن المجلس الطبي، يقول العبدلات يسير، كما سبق القول، في إجراءات استحداث التخصص. وضمن هذه الإجراءات، أعلن فتح الباب أمام استقبال طلبات الاعتراف بالتخصصات الفرعية، من بينها العناية الحثيثة. وقد وصل إليه إلى الآن بحسب العبدلات قرابة 50 طلبًا، استجابةً للإعلان الذي تنتهي مهلته نهاية العام الجاري. ويقول إنه بعد دراسة هذه الطلبات، وحصر من تنطبق على شهاداتهم شروط الاعتراف، سيكوّن المجلس من هؤلاء «نواة» تنهض فيما بعد بعملية التدريب. وذلك بعد التواصل مع المستشفيات الراغبة في احتضان برنامج اختصاص العناية الحثيثة لتقييم جاهزيتها. وينوه العبدلات هنا، إلى أن من تقدموا بطلبات الاعتراف بالتخصص الفرعيّ في العناية الحثيثة، يمارسون الطب من خلال تخصصاتهم الرئيسية.
بحسب تركي، لم يتضح إلى الآن ما إذا كان البرنامج المقترح سيكون برنامج إقامة أو زمالة. وما خلصت إليه اللجنة مبدئيًا هو التوصية ببرنامج زمالة. فضمن الممارسات العالمية، تعتمد دول «قليلة جدًا جدًا» برامج إقامة للعناية الحثيثة. والسبب هو القناعة بأن الطبيب القادم للاختصاص في العناية الحثيثة، يجب أن يكون قد كوّن في الأصل قاعدة صلبة من المعرفة الطبية في اختصاصه. لكن هناك فكرة ما زالت في طور النقاش، وهي إمكانية استحداث المسارين معًا. ومن هنا فإن التحدي في حال استحدث برنامج إقامة هو، كما يقول، أن ينفذ بما يضمن الجاهزية التامة للأخصائي.
وإلى أن يتوفر العدد الكافي من الأخصائيين، يلفت تركي، إلى أنه يمكن دائمًا اللجوء إلى تقنية «التطبيب عن بعد» (Tele Medicine)، المطبقة في بلدان كثيرة في العالم، حيث يمكن لأخصائي العناية الحثيثة أن يعطي توجيهاته لمقدمي الخدمة في غرف العناية الحثيثة عن طريق الكومبيوتر أو الهاتف الذكي. وهذه الطريقة، تسد الكثير من الفراغ، وإن كانت قاصرة، لأن هناك العديد من الإجراءات التي يجب أن يقوم بها الأخصائي على الأرض.
أطباء العناية الحثيثة والضغط النفسي
السؤال هنا، هل سيحل استحداث تخصص العناية الحثيثة مشكلة نقص الكوادر في الأردن؟
هذا ليس مؤكدًا، إذ حسب ما يقول أطباء، هناك عوامل أخرى لهذا النقص غير الافتقار إلى التخصص في الأردن، على رأسها الضغط النفسي الاستثنائي الذي يرافق هذا العمل. وهو ما يجعل النقص في أخصائيي العناية الحثيثة مشكلة عالمية.
يقول تركي، الذي يعمل في القطاع الخاص، إن حقيقة أن مرضى العناية الحثيثة، يأتون في أوضاع صحية بالغة السوء، ونسبة الوفيات مرتفعة بينهم، تجعل الطبيب، الذي يتعرض بشكل مستمر لفقد مرضاه، في حالة توتر مستمر، وترتب عليه ضغطًا نفسيًا عاليًا. «فقدان المريض مش بس صدمة للأهل، هو كمان صدمة للطبيب المعالج».
في الأردن ليس هناك تعامل خاص مع كوادر العناية الحثيثة، يقول الطرمان، إذ يضاف إلى راتب طبيب التخدير ما مقداره 15 نقطة إضافية، أي ما يتراوح بين 50 إلى 75 دينارًا شهريًا.
وجزء كبير من الضغط النفسي الواقع على أطباء العناية الحثيثة، يقول القضاة، يتسبب به الأهل الذين يرفضون في كثير من الأحيان تقبل وضع مريضهم، ويكون لدى كثير منهم ردّات فعل عنيفة، خصوصًا في حالة الوفاة. وهي ردّات فعل توجه إلى الطبيب المعالج والكوادر الطبية بشكل عام. وفي وقت توفر فيه الكثير من الأنظمة الصحية في العالم عاملين اجتماعيين مهمتهم التواصل مع الأهل، فإن الأطباء في الأردن هم من يكون في الواجهة، يقول القضاة.
يضاف إلى ذلك، ساعات العمل التي تمتد من الثامنة صباحًا إلى الخامسة مساءً. في حين يتولى المقيمون المناوبات الليلية. لكن الأخصائي مع ذلك يظل متاحًا بعد ساعات الدوام لتقديم الإرشادات للمقيمين، خصوصًا في الحالات الأكثر حرجًا، بحسب القضاة.
لكن حتى ضمن ساعات عمل أقل، يقول الدلابيح إن الضغط النفسي يظل أكبر من الاحتمال. فهو عندما بدأ العمل بعد اختصاصه، كان يعمل في العناية المركزة 120 ساعة شهريًا، مقابل 80 ساعة في عيادة الصدرية، ولكن على مرّ السنوات، ظلّت ساعات العناية الحثيثة تتناقص لصالح العيادة، لأنه لم يعد قادرًا على احتمال الضغط النفسي. وهكذا يحدث النقص في الكوادر، كما يرى الدلابيح، ذلك أن كثيرين يختارون هذا التخصص، لكن كثيرين أيضًا يتركونه.
لهذا، يقول الهواري هناك عدد كبير من الدراسات التي أثبتت أن منسوب ما يسمى بالـ«Burnout»، أو الإرهاق النفسي والجسدي الذي تتعرض له كوادر العناية الحثيثة مع أقسام الطوارئ هو الأعلى بين جميع الاختصاصات الطبية. وهذا هو السبب في أن هناك من يقدم لهذه الكوادر معاملةً خاصةً من ناحية ساعات العمل والأجور، في أماكن مختلفة حول العالم.
في الأردن ليس هناك تعامل خاص مع هذه الكوادر، يقول الطرمان. فقط عندما يعين طبيب التخدير، يضاف إلى راتبه ما مقداره 15 نقطة إضافية، وهذه تختلف قيمتها بحسب الراتب، لكنها تتراوح في المتوسط بين 50 إلى 75 دينارًا شهريًا.
لكن، هل سيعني استحداث التخصص محليًا، وما سيترتب عليه من زيادة عدد الكوادر المتخصصة في العناية الحثيثة، أن يصبح الاختصاص شرطًا لهذه الخدمة؟ يجيب العبدلات أنه يمكن على الأقل أن يصبح الاختصاص شرطًا للمشرف الرئيسي على قسم العناية الحثيثة.
لكن وزير الصحة السابق، زيد حمزة، يحذر من «الجمود» في إدارة هذه المسألة، بحيث يصبح المعيار اسم الشهادة أكثر من الخبرة الفعلية. يقول حمزة إن التدريب المبرمج مطلوب، وهو أفضل عندما يضاف إلى الخبرة، لكنه لا يصح أن يلغيها. فمن خدم 20 سنة مثلًا في غرف العناية الحثيثة، وأثبت جدارته، مؤهل لمواصلة الخدمة فيها. وسياسة غير هذه ستكون استمرارًا للسياسات الأخرى التي ساهمت في مشكلة نقص الاختصاصيين في وزارة الصحة. ومن ذلك منعها الاختصاصيين من العمل في القطاع الخاص، بعد ساعات الدوام الرسمي، ومنعها لهم بالتالي من تحسين دخولهم المتدنية بسبب تردي الرواتب في القطاع العام. وهي ممارسة أدت إلى خسارة الوزارة لكفاءات كثيرة هاجرت إلى القطاع الخاص بدوام كامل.
والخطأ الآخر، يقول حمزة، هو إحالتهم إلى التقاعد الإجباري عند سن 60 عامًا، التزامًا بقانون التقاعد الذي يعاملهم كأي موظف آخر، في حين أنهم في هذه السن، يكونون قد راكموا خبرة تجعلهم في أوج عطائهم.
هذا التقرير جزء من مشروع «عيون» للصحافة المحلية.