أردنيّون في السعودية: «الموضوع فقط توقيت متى نرجع»

الثلاثاء 14 تموز 2020
الأردنيون في السعودية في كورونا
تصميم ندى جفّال

كانت هذه المرة الأولى التي يفكر بها عماد شريم بتجربة الغربة من أجل تحسين الوضع المادي للعائلة، لكنّها تجربة انتهت به في الحجر الصحي في أحد فنادق عمّان بعد ثلاثة أشهر من بدايتها. مع خسارة لوظيفته وتكلّفة مالية لم يكن مستعدًا لها. 

وصل عماد شريم (47 عامًا) إلى السعودية بداية آذار الماضي، بعد أن أقنعه جاره الذي يعمل في السعودية أن يلحق به. بعد تفكير طويل بمستقبل أبنائه الأربعة الذين أصبح بعضهم في المرحلة الثانوية، قرر أن يستقيل من عمله الذي استمر فيه 27 عامًا، مديرًا لأحد محلّات السوبر ماركت، ويتوجه إلى السعودية لتأمين التعليم الجامعي لأولاده. 

بعد أسبوعين من وصوله السعودية بتأشيرة زيارة تسمح له بالإقامة 90 يومًا، أعلنت الحكومة السعودية قرار تعليق العمل بالقطاع الخاص، وأعلنت الشركة التي كان ينوي أن يعمل فيها إغلاق أبوابها، ليبدأ البحث عن آليةٍ للعودة إلى الأردن.

بعد تواصله مع السفارة الأردنية في الرياض، حصل شريم على موافقة العودة إلى الأردن. فدفعت عائلته 848 دينارًا لحجز تذكرة سفر وغرفة في فندق 3 نجوم، بعد تعذّر عثوره على كرفان في الحجر العام. وعاد قبل عشرة أيام حيث قضى الحجر. ويُقدّر عماد مجموع ما أنفقه خلال هذه التجربة بما يزيد عن 5000 دينار، توزعت بين تذاكر السفر إلى السعودية والإقامة هناك، التحويلات النقدية التي أرسلها لعائلته خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافة إلى تكاليف الحجر الصحي في عمّان.

عماد، واحد من 2183 أردنيًا قَدِموا إلى الأردن برًا وجوًا من السعودية منذ بدء أزمة كورونا وحتى الثامن من تموز الحالي، من أصل 6600 أردني مقيمين في السعودية سجلوا عبر المنصات الحكومية المخصصة لإعادة الأردنيين من الخارج، بحسب ما أوضحت خلية إدارة الأزمة لحبر. 

تقيم في السعودية جالية أردنية «كبيرة جدًا» بحسب ما قال ضيف الله الفايز، الناطق باسم الخارجية الأردنية لحبر، بينما يقدّر السفير السعودي في الأردن الأعداد بنحو 450 ألف أردني. 

في هذا التقرير نتحدث مع أردنيين مقيمين في السعودية توقف عملهم خلال أزمة كورونا ويرغبون في العودة إلى الأردن، ليرووا لنا كيف تفاقمت أوضاعهم خلال السنوات الأخيرة وصولًا الى أزمة كورونا، بحيث أصبحوا غير قادرين على الاستمرار أكثر في الغربة.

بعد سنوات من صعوبة الأوضاع، كورونا أوقفت العمل وخفّضت الرواتب 

بعد إنهاء تعليمها الجامعي في الأردن، عادت نور وائل (28 عامًا) قبل خمس سنوات إلى السعودية حيث تعيش عائلتها، وهي تعمل منذ ذلك الوقت مدرّسة لمادة العلوم للمرحلة الثانوية في إحدى المدارس الخاصة هناك.

في الأسبوع الثاني من آذار، أعلنت الحكومة السعودية توقف التعليم في المدارس والبدء بالتعليم عن بعد، فقرّرت المدرسة التي تعمل فيها تقليل أعداد المدرسين، وتخصيص بعض الأساتذة للقيام بمهام التعليم عن بعد، دون أن تحصل نور وغيرها من المعلمات على إجابات حول مستقبل عملهنّ مع المدرسة لغاية الآن، ودون أن تمنحهنّ المدرسة موافقةً على إنهاء أعمالهنّ، رغم توقف صرف راتبها منذ آذار الماضي.

تقول نور إن المرحلة المقبلة غير واضحة بالنسبة لقطاع التعليم، إذ قد يتم تدريس الفصل الدراسي القادم عن بعد أيضًا، ما يجعلها ترغب بالعودة إلى الأردن تجنبًا لدفع الرسوم والضرائب التي كانت الحكومة السعودية قد فرضتها على الوافدين خلال السنوات الماضية. عند عودتها تكون نور قد التحقت بوالدتها وشقيقها اللذيْن سبقاها قبل عامين إلى الأردن، عندما قررت العائلة أن تتوزع بين الأردن والسعودية للتعامل مع الضرائب والرسوم الجديدة.

في منتصف عام 2017، بدأت الحكومة السعودية خطة «العائد المالي للعمالة الوافدة»، والتي تفرض رسومًا شهرية على المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة، تصاعدت قيمتها من 100 ريـال شهريًا في 2017 (نحو 19 دينارًا) حتى وصلت إلى 400 ريـال هذا العام (75 دينارًا)، أي أن المبلغ الذي يدفعه الوافد لقاء كل مرافق ارتفع من حوالي 228 دينارًا إلى نحو 900 دينار سنويًا. في حين تبدأ الحكومة السعودية العمل بفرض ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات بنسبة 15% بدلًا من 5% مع بداية تموز الحالي، إلى جانب رفع أسعار المشتقات النفطية، ما رفع تكاليف الحياة بشكل عام. 

تقول نور إن كلفة الإقامة في الأردن أقل من كلفة البقاء في السعودية التي أصبحت تحتاج إلى راتب عالٍ لتغطية رسوم المرافقين وغلاء المعيشة وبدل المواصلات.

تقول نور إن كلفة الإقامة في الأردن أقل من كلفة البقاء في السعودية التي أصبحت تحتاج إلى راتب عالٍ لتغطية رسوم المرافقين وغلاء المعيشة وبدل المواصلات، ما دفع والدة نور وشقيقها إلى العودة إلى عمّان، وبقيت هي وشقيقها الآخر ووالدها في الرياض. وكانت الوالدة تزورهم بين الحين والآخر. تقول نور إن عليها مغادرة السعودية قبل آب المقبل، موعد تجديد إقامتها، والتي إن حلّت دون مغادرتها سيدفع والدها، بصفته كفيلها، رسوم مرافقين غير مستردة للسنة القادمة تبلغ 4800 ريـال (900 دينار) مع توقف راتبها وعدم قدرتها على العثور على فرصة عمل أخرى.

تنقل وسائل إعلام عن بيانات رسمية سعودية أن نحو 1.9 مليون وافد غادروا السعودية بين عامي 2017 و2019. وبحسب تقارير دولية فإن السياسات الحكومية في توطين الوظائف ورسوم المرافقين وارتفاع أسعار السلع والوقود أدت إلى مغادرة أعداد من الوافدين. كما يقول التقرير السنوي الصادر عن البنك المركزي الأردني لعام 2018 إن عودة أعداد من المغتربين من الخليج العربي بسبب فرض قيود على العمالة فيها ساهم في ارتفاع نسب البطالة في الأردن عام 2018.

لا توجد بيانات رسمية حول تغيّر حجم الحوالات من السعودية إلى الأردن بشكل خاص، لكن حجم حوالات العاملين في الخارج عامةً تذبذب خلال السنوات القليلة الماضية، إذ انخفض عام 2018 بنسبة 1.1% مقارنة بالعام السابق، ليعود ويرتفع بنسبة 0.9% عام 2019.

لم يرتفع راتب نور في سنوات عملها الخمس بما يتناسب مع غلاء المعيشة بحسبها، إذ ازداد راتبها نحو 700 ريـال (130 دينارًا) في خمس سنوات قبل أن يتوقف عملها، وترغب في العودة للأردن. 

في المقابل، انخفض راتب مهندس الحاسوب أحمد، والذي يعمل في السعودية منذ 11 عامًا إلى النصف تقريبًا قبل بضع سنوات، وانخفض مجددًا بسبب أزمة كورونا.

قبل أربع سنوات، اختلف الشركاء القائمون على الشركة التي يعمل فيها أحمد فيما بينهم، وانفصلوا وانقسم الموظفون، ما أدّى لتأثر الشركة ماليًا بحسب أحمد. عند تجديد العقد عرضت الشركة بشكلها الجديد على أحمد نحو نصف راتبه الذي كان يتقاضاه عندما وصل إلى السعودية للعمل في الشركة ذاتها قبل 11 عامًا. «بحكيلك حبّلك أهلا وسهلا، ما حبّلك الله يسهل عليك»، بحسبه.

يصف أحمد الاختلاف الذي طرأ على وضعه المالي في السنوات الماضية، بالقول إنه عندما جاء للسعودية كان يستطيع شراء «وتمسيك» عقارات في الأردن، إضافة الى التوفير والعيش «برفاهية»، لكنّه مؤخرًا أصبح بالكاد يغطي التزاماته في عمّان والسعودية، «هسا حساباتي صارت بالدينار» يقول. 

بحسب مسح أجراه منتدى الاستراتيجيات الأردني حول المغتربين في الخليج عام 2018، فإن مستوى دخل المغتربين في السعودية أقل من مستوى دخل المغتربين العاملين في الدول الخليجية الأخرى، بينما تبقى المبالغ التي يحولها المغتربون في السعودية أكبر من التحويلات القادمة من الدول الخليجية الأخرى بحسب المسح. 

بعد أزمة كورونا، حاولت الشركة التي يعمل فيها أحمد تخفيض رواتب الموظفين بنسبة 40%، عملًا بالقرار الوزاري الصادر عن وزارة الموارد البشرية السعودية، الذي يسمح للشركات بتخفيض الرواتب وتقليل عدد الساعات وإنهاء بعض العقود «لمواجهة الظروف الاستثنائية والقوة القاهرة»، كما جاء في القرار، لكن أحمد توّصل لاتفاق مع شركته بتقليل نسبة التخفيض لـ20%. يرسل أحمد جزءًا من راتبه لزوجته وأولاده الذين أرسلهم إلى الأردن قبل سنتين، بعد فرض الرسوم على المرافقين، «المشكلة لمّا كان راتبك عالي صارت التزاماتك بالأردن عالية، هسه صعب نغطيها».

تراجع أحمد عن قرار العودة للأردن حاليًا، الذي كان قد اتّخذه في بداية أزمة كورونا، وحاول التسجيل عبر المنصات الحكومية، وذلك بعد أن سمع عن صعوبة الأوضاع الاقتصادية في الأردن أيضًا. «شو جابرك عالمر؟ الأمرّ منه»، يقول.

يرى المحلل الاقتصادي مازن مرجي أن الاقتصاد السعودي تأثّر بشكل كبير بسبب انخفاض عائدات النفط عام 2014، وما تلاه من «صراعٍ نفطيٍ» ومنافسات بين الدول حول إنتاج النفط. يقول مرجي إن هذه الخسائر أثّرت على الاحتياطي النقدي للسعودية، ما أدى إلى تزايد المديونية وعجز الموازنة.

وارتفع الدين العام السعودي حتى نهاية الربع الأول من عام 2020 ليصل 723 مليار ريـال (192 مليار دولار)، بنسبة نمو بلغت 6.7% عن نهاية عام 2019. يقول مرجي إن زيادة الديون وارتفاع عجز الموازنة أدى بالسعودية لاتخاذ سياسات اقتصادية، بتوصيات من صندوق النقد الدولي، تؤدي إلى رفع الضرائب والرسوم، وتزامن ذلك مع سياسات توطين العمالة السعودية محل الوافدة. وأظهرت بيانات رسمية سعودية نشرت مؤخرًا انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 1% في الربع الأول من العام الحالي. 

العودة عبر المنصة: «مستحقاتي المالية اللي أخذتها أحطها حجر صحي؟» 

قبل 12 عامًا، وجدت الأربعينية أم فلاح فرصة عمل في إحدى الجامعات السعودية لتدريس مساقات في التربية وطرق التدريس، وكانت في الوقت نفسه موظفة في وزارة التربية والتعليم في الأردن، فحصلت على إجازة بدون راتب وسافرت إلى السعودية برفقة زوجها وأولادها الستة، الذين تتراوح أعمارهم اليوم بين 9 و16 عامًا.

مع نهاية آذار الماضي، أبلغت الجامعة أم فلاح بقرار عدم تجديد عقدها للعام القادم؛ القرار الذي جاء -باعتقادها- ضمن السياسات التي بدأتها الحكومة السعودية مؤخرًا لتوطين بعض المهن للسعوديين بدلًا من العمالة الوافدة.

بدأت أم فلاح وزوجها محاولات العودة للأردن، حيث كان زوجها قد بدأ مشروعًا جديدًا في الأردن منذ عامين استعدادًا لعودتهم، ضمن خطة العائلة المسبقة بأن يكون الخروج إلى السعودية مؤقتًا. «السعودية عمرها ما دامت لحدا»، تقول أم فلاح.

قدمت العائلة على المنصات الحكومية الأردنية التي توفر خياري حجرٍ للراغبين في العودة؛ الحجر العام في الكرفانات، أو الحجر في فنادق تتدرج بين ثلاث وخمس نجوم. 

تقول أم فلاح إنهم لم يحصلوا على موافقة للدخول إلى الحجر العام. وبالتالي يتوجب على العائلة قضاء الحجر في الفنادق، وهذا يعني أن تدفع العائلة عن كل فرد مبلغ 562 دينارًا في حال الإقامة في فندق ثلاث نجوم في الأردن. أي ما مجموعه 5000 دينار، إذا أضيفت كلفة السفر برًا، عن العائلة المكونة من ثمانية أشخاص. وهو ما تشترط الحكومة الأردنية دفعه كاملًا بشكل مسبق.

خلال الغربة، تمكنت العائلة من تحقيق هدفها بشراء منزل لها في عمّان، لكنه لا يزال فارغًا من الأثاث، بالإضافة إلى محاولتهم تأمين مصدر دخل ثابت في عمان. تقول أم فلاح إن مستحقات نهاية الخدمة من التدريس لن تتعدى عشرة آلاف دينار، تخطط أن تشتري بها سيارة أو تساعد في تأثيث المنزل أو تساهم في المشروع الذي كان زوجها بدأه في السنتين الماضيات، ما يجعلها ترفض دفع نصف المبلغ في الحجر الصحي، «ما بتدخل على الأردن إلا لمّا تدفع، نص تعبي وشقاي بدك توخذه على البارد المستريح؟ أولادي أولى»، تقول.

في أيار الماضي، أعلنت الحكومة الأردنية عن إطلاق منصة إلكترونية للأردنيين الراغبين بالعودة، ونفذت ثلاث مراحل من إعادة الأردنيين وحجرهم بين الفنادق والكرفانات التي وصل عددها 2000 كرفان. 

وفق خلية الأزمة فقد سجّل 2315 أردنيًا في الحجر العام ضمن منصات الحكومة المخصصة للعودة برًا، من أصل 3866 هو مجموع المسجلين برًا، وسجّل 1551 أردني في الحجر الفندقي. ويبلغ عدد القادمين برًا لغاية الآن 627 أردني. كما بدأت الحكومة قبل أسبوعين التسجيل للمرحلة الرابعة لإعادة الأردنيين، والتي وصلت أولى رحلاتها في 10 تموز الحالي، بعد أن علقت العودة لنحو 10 أيام للتعامل مع الإصابات بالفيروس بين المحجور عليهم من القادمين في المرحلة السابقة، بحسب مازن الفراية، مدير عمليات خلية الأزمة

توضّح تصريحات حكومية أن عملية العودة تتم بعد أن يدفع الشخص مسبقًا كلفة الحجر والطيران أو السفر برّا. ويقول ضيف الله الفايز الناطق باسم وزارة الخارجية الأردنية وشؤون المغتربين لحبر، إن الطاقة الاستيعابية للحجر العام محدودة مقارنة بالفنادق، ويتم حجزها سريعًا مع فتح المنصات الإلكترونية للتسجيل. 

تقول أم فلاح إن عليها العودة إلى الأردن قبل آب المقبل، وهو موعد انتهاء إجازتها السنوية من وزارة التربية والتعليم الأردنية، التي اعتادت على تأجيلها طوال السنوات الـ12 الماضية، وذلك كي تلتحق بعملها، وينتظم أولادها في المدارس، ولتجنّب دفع المزيد من الضرائب والرسوم دون وجود أجور في السعودية.

البقاء في السعودية؛ استقرارٌ حذر

ينشر إبراهيم (55 عامًا)، الأستاذ الجامعي في أحد الجامعات الخاصة السعودية سؤالًا على صفحة خاصة بالمغتربين الأردنيين، حول المشروع الأنسب الذي من الممكن القيام به في الأردن بعد العودة، ويستقبل مقترحات وردودًا مختلفة، تجعله يفكر جديًا هذه المرة بتنفيذ خطة العودة التي أصبحت تلّح عليه الآن. رغم أن الشركة التي يتعاقد معها من أجل التدريس في الجامعة قررت تجديد عقده للعام 2020- 2021، لكنه لا يشعر أن في ذلك استقرارًا طويل الأمد.

يقول إبراهيم إن كل الأساتذة الأردنيين الذين يعرفهم في إحدى الجامعات السعودية أنهيت عقودهم خلال السنوات القليلة الماضية، ما يجعله يعيش في «رعب» دائم كلما حلّ موعد تجديد العقد. 

وصل إبراهيم إلى السعودية قبل 18 عامًا، قادمًا من المفرق التي كان يعيش فيها مع زوجته وأطفاله، خلال عمله في عمّان في وظيفة في سلطة المصادر الطبيعية تشغله طوال اليوم، وتمنعه من رؤية أبنائه. «إبني صار يحكي لخاله بابا، وأنا انجنيت وحكيت يلعن أبو المصاري»، فقرر الذهاب إلى السعودية بحثًا عن فرصة عمل تمكنه من الإنفاق على العائلة وتؤمن له حياة جيدة، مع قرار مسبق بالعودة إلى الأردن يومًا ما، بعد تأمين مصدر دخل ثابت ومستقر. خلال سنوات الغربة حصل إبراهيم على شهادة الدكتوراه، وعلّم أولاده واشترى أرضًا في الأردن. 

يقول إبراهيم إن كل الأساتذة الأردنيين الذين يعرفهم في إحدى الجامعات السعودية أنهيت عقودهم خلال السنوات القليلة الماضية، ما يجعله يعيش في «رعب» دائم كلما حلّ موعد تجديد العقد. 

انخفض راتب ابراهيم خلال السنوات الماضية نتيجة انتقاله من عمل إلى آخر، ومن العمل بالقطاع العام إلى الخاص. حيث تم إلغاء بدل غلاء المعيشة الذي كان يتقاضاه في عمله الأول في السعودية عندما انتقل لعمل آخر، بينما لم تتمكن إحدى الشركات التي عمل فيها من دفع مستحقاته المالية نتيجته تعثرها المالي بحسبه، وتزامن ذلك مع ارتفاع المستوى القياسي للأسعار، «لو ثبت الراتب المبلغ نفسه بطّل يكفي» يقول. 

في آذار، قام إبراهيم بإجراءات احترازية تحمي ابنته التي تدرس الطب في إحدى الجامعات السعودية من أن تفقد تعليمها في حال تم إنهاء عقد والدها. يقول إبراهيم إن ابنته تقيم كمرافقة له في السعودية، ما يجعل إنهاء عقده وإلغاء اقامته يجبرها على مغادرة السعودية هي أيضًا، وبالتالي ضياع ثلاث سنوات درست فيها الطب، فقرّرا أن تتحول إقامة الفتاة إلى تأشيرة دراسة وبدعوة من الجامعة التي تدرس فيها، ما استدعى خروجها إلى الأردن ودخولها مجددًا إلى السعودية في نفس اليوم الذي أعلن فيه الإغلاق العام.

تقيم ابنته الآن هي وشقيقها الطالب في الثانوية، معه، أمّا زوجته وابنه الآخر فغادرا إلى الأردن قبل سنتين، توفيرًا لرسوم المرافقين، ومن أجل التفكير في مشروع يساعد العائلة. يقول إبراهيم إن أزمة كورونا أضافت أعباء جديدة على المدى القريب والبعيد، «رح يصير ضغوطات أكثر على قطاع التعليم»، بسبب تخفيض أعداد المدرسين نتيجة اعتماد التعليم عن بعد خلال أزمة كورونا، ما يجعله يفكر بشكل أكثر جدية بأفق العودة للعيش في الأردن. «الموضوع فقط توقيت متى نرجع، الظروف مش مواتية أن نبقى هنا». يقول. 

استئنفت رحلات عودة الأردنيين من الخارج في العاشر من تموز الحالي، ويعود خلالها مئات الأردنيين المسجلين عبر المنصات الحكومية إلى الحجر الصحي في أماكن العزل المخصصة من قبل الحكومة، والتي سجلت خلال الأيام الماضية إصابات بفيروس كورونا لأردنيين عائدين من السعودية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية