في انتظار التأمين الصحي: ذوو الإعاقة في الأردن والبحث عن التأهيل

الثلاثاء 16 شباط 2021
أخصائية علاج طبيعي في منظمة غير حكومية في الأردن تساعد طفلًا ذا إصابة حركية على المشي. تصوير إليسا فرات.

عام 2016، لاحظت إسراء داود أن ابنها إسلام، البالغ من العمر آنذاك 10 سنوات، أصبح أقل نشاطًا ويميل إلى الكسل، كما بدا عليه الإرهاق وصار يؤدي واجباته المدرسية بصعوبة. أخذته إلى عدة أطباء، من بينهم طبيب عام وآخر أخصائي أطفال، وأخبروها أن إسلام لا يعاني من أي مشكلة جسدية.

بعد ذلك، سألت إسراء عن سلوك ابنها في المدرسة، لتخبرها المعلمات أن أداء إسلام الدراسي متراجع وأنه أصبح كثير الشرود والانعزال، مؤكداتٍ أنه لم يتعرض لأي تنمرٍ أو سلوك عدائي من زملائه. ثم لاحظت أن إسلام يفقد تركيزه بدرجة كبيرة، كما أصبحت مشيته ثقيلة، ما دفعها لمراجعة الأطباء مرة أخرى، وبعد أيام من مراجعة أكثر من طبيب، طلب منها أخصائي أطفال تصوير إسلام صورة رنين بشكل عاجل، ليتبيّن وجود ورم كبير في دماغه.

أخذت إسراء ملفّ إسلام إلى مركز الحسين السرطان، فطلب الأطباء إحضاره فورًا إلى المركز لإجراء عملية أولية لتخفيف الضغط عن الدماغ، بسحب السائل المتجمع بسبب الورم. استغرقت العملية ساعة واحدة، وحين استفاق إسلام صار يخبر أمه أن يرى أشياء لم تكن موجودة فعلًا، أخبرها أحد الممرضين أن هذا من تأثير التخدير. لكن، مساء اليوم نفسه سألت أحد الأطباء عن حالة ابنها، «قالّي إنتِ ما عرفتي؟ ابنك انعمى، ما بشوف. هيك بكل بساطة»، تقول إسراء.

ما إن سمعت إسراء الخبر حتى انهارت وبدأت بالصراخ والبكاء، ثم أُدخلَت إلى الطوارئ وأعطيت مهدئاتٍ، لتستيقظ في اليوم التالي مقررة التعامل مع الأمر بعزيمة أكبر: «ما في عندي أي وقت لحتى أنهار، عندي ابني بحفرة وبدي أنشله، لازم أشتغل عليه وعلى الوضع النفسي عنده».

أجرى إسلام عملية ثانية لاستئصال الورم من دماغه، لكنه بعد العملية الأولى فقد البصر في عينه اليسرى، أما اليمنى فيميّز فيها فقط وجود الضوء من عدمه. عرفت إسراء، وهي الحاصلة على بكالوريوس في التربية الخاصة وعملت في مجال التأهيل لسنوات، أن ابنها بحاجة لبرنامج تأهيل بصريّ؛ أي العمل على زيادة فاعلية الحواس الأخرى لديه.

بحثت عن جهات مختصة بتقديم هذا البرنامج، فوجدت قسم تأهيل في مركز الحسين للسرطان، لكن أسلوب التعامل مع ابنها لم يعجبها كما تقول، من ذلك أن المعالِجة القائمة على حالة إسلام جلبت له في إحدى الجلسات بطاقة ملونة تسأله عن ألوانها، ثم أخبرته بشكل مباشر أنه فقد بصره للأبد، الأمر الذي كانت إسراء تحاول التدرّج في توضيحه له. انتكست حالة إسلام بعد هذه الجلسة، وصار سريع الغضب، ويرفض الاختلاط بالناس، وبدأ يسأل كثيرًا عن وضعه ومستقبله.

في الأردن ما يقارب 150 مركز تأهيل تابع لجمعيات غير حكومية، لكن هذه المراكز غير متخصصة، ويقدم أغلبها خدمات تعليمية تركز على القراءة والكتابة، أو أعمال خيرية تقدم المساعدات، لكنها لا تقدّم التأهيل المناسب.

بحسب إسراء، فإن المركز لم يقدم لها خطة حول برنامج التأهيل، كما كانت الجلسات متباعدة يفصل بينها أسبوعان أو ثلاثة، لذا قررت بالموازاة مع التأهيل في المركز أن تعمل على تأهيله -بصريًا ونفسيًا- بنفسها، حتى صار إسلام متقدمًا على ما يحصل عليه في الجلسة المتخصصة في المركز.

في الأثناء، كانت إسراء تبحث عن مراكز أو أقسام أخرى تقدم لإسلام تأهيلًا أفضل، لكنها وجدت أن أقسام التأهيل في بعض المستشفيات الحكومية تمنح عددًا محدودًا من الجلسات لا تزيد عن 10، يفصل بينها ما لا يقل عن أسبوع، وتتراوح مدة الجلسة بين 30-45 دقيقة، كما لم تقدم هذه الأقسام، بحسبها، برامج منتظمة وواضحة، فضلًا عن بعد المسافة بين منزلها وبعض المستشفيات.

بحثت إسراء كذلك عن مراكز في القطاع الخاص، إلا أن أسعارها مرتفعة، فلجأت للبحث عن جمعيات خيرية تقدم خدمات التأهيل، لكن الجمعيات التي وجدتها لم تقدم برامج تأهيل متخصصة، إنما ما يمكن اعتباره أنشطة ترفيهية، كما تهتمّ هذه الجمعيات بنشر صور الأطفال أثناء قيامهم بهذه الأنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتحدث عنها من أجل جمع التبرعات، كما تقول إسراء، وهو ما تعتبره غير لائق بكرامة ابنها والأشخاص ذوي الإعاقة عمومًا.

يؤكد مهند العزة، أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، ما قالته إسراء، قائلًا إن في الأردن ما يقارب 150 مركز تأهيل تابع لجمعيات غير حكومية، لكن هذه المراكز غير متخصصة، ويقدم أغلبها خدمات تعليمية تركز على القراءة والكتابة، أو أعمال خيرية تقدم المساعدات، لكنها لا تقدّم التأهيل المناسب.

عَقبةٌ أخرى واجهت إسراء، حيث نقلت إسلام إلى مدرسة للمكفوفين، لكنها تفاجأت بعدم وجود دورة تدريبية على استخدام ألواح بريل في المدرسة، إنما أقيم للأهالي دورة لتعليمهم ذلك دون حضور الأطفال، فحضرت الدورة ونقلت لإسلام ما تعلمته. يقول العزة إن المدرسة المعنية لا تقدم دورات كهذه للأطفال لأنها غير مختصة بالتأهيل، إنما بالتعليم فقط، وعلى الطالب المنتسب إليها أن يتلقى دورة استخدام ألواح بريل قبل الالتحاق بها. وبعد حوالي سنة خاضت فيها إسراء عدة تجارب مع مراكز تأهيل مختلفة، قررت إكمال العمل على تأهيل ابنها بنفسها، وتعلم كل ما يلزم للقيام بهذه المهمة.

التأهيل والعلاج؛ بين القانون والتطبيق

بحسب قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن كل من لديه قصور طويل الأمد في الوظائف الجسدية أو الحسية أو الذهنية أو النفسية أو العصبية، يحول نتيجة تداخله مع العوائق المادية والحواجز السلوكية دون قيام الشخص بأحد نشاطات الحياة الرئيسية، أو ممارسة أحد الحقوق، أو إحدى الحريات الأساسية باستقلال، يعد شخصًا ذا إعاقة. وبحسب دراسة أعدتها دائرة الإحصاءات العامة عام 2015، فإن من بين كل تسعة أفراد أعمارهم خمس سنوات فأكثر من الأردنيين، يوجد شخص من ذوي الإعاقة، بنسبة تبلغ حوالي 11%.

ويحتاج ذوو الإعاقة، بحسب حالاتهم ودرجاتها، إلى جلسات علاج وظيفي لتأهيلهم حركيًّا، أو علاج حسيّ لتأهيل حواسهم، أو علاج سلوكي لتعديل السلوكات النمطية المصاحبة لبعض حالات الإعاقة، بالإضافة إلى أنواع أخرى من التأهيل، بهدف وصول الشخص ذي الإعاقة إلى أقصى درجة ممكنة من الاستقلالية والاعتماد على النفس في ممارسة نشاطات الحياة الرئيسية.

في بعض الحالات يحتاج الشخص إلى جلسات علاج مكثفة لمدة معينة، يستطيع بعدها الاعتماد كليًا على نفسه، كحالات قصور الرؤية أو السمع. لكن، في حالات أخرى يحتاج الشخص لهذه الجلسات طوال حياته، كالمصابين بالشلل الدماغي مثلًا، إذ يؤدي إلى شدّ في الأوتار العضلية، ما يستوجب دومًا الحصول على جلسات علاج طبيعي تعمل على منع الأوتار من الانكماش.

وبحسب المادة 23 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن على وزارة الصحة، والجهات ذات العلاقة، توفير الترتيبات التيسيرية لذوي الإعاقة، وإمكانية وصولهم بيسرٍ إلى المستشفيات والمراكز الطبية التابعة لها، وإلزام المستشفيات غير الحكومية بذلك أيضًا. كما على الوزارة تصميم وتنفيذ برامج الكشف المبكر عن الإعاقة في مراكز الطفولة والأمومة والمستشفيات والمراكز الصحية الشاملة، وبرامج التشخيص الشامل متعدد التخصصات للأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير البرامج التي تحول دون تفاقم إعاقتهم وما يصاحبها من أمراض، وتوفير برامج العلاج الوظيفي لهم.

بحسب دراسة أعدتها دائرة الإحصاءات العامة عام 2015، فإن من بين كل تسعة أفراد أعمارهم خمس سنوات فأكثر من الأردنيين، يوجد شخص من ذوي الإعاقة، بنسبة تبلغ حوالي 11%.

كما نصت المادة على تأهيل وتدريب الكوادر الطبية والفنية والإدارية العاملة في المستشفيات والمراكز الطبية على طرق ووسائل التواصل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بما يحقق وصولهم إلى الخدمات والبرامج الصحية.

يقول العزة إن هناك عدة مشاكل في أقسام العلاج والتأهيل التابعة لوزارة الصحة، منها عدم قدرتها على استقبال جميع الحالات، وقِدمُ مبانيها وعدم تهيئتها لتكون سهلة الوصول لذوي الإعاقة. مضيفًا أن الكوادر الصحية -عمومًا- غير مدربة على التعامل مع ذوي الإعاقة، وليست لديهم القدرة على توجيه الأهالي وإرشادهم للوصول إلى الخدمات الصحية والتأهيلية التي يحتاجونها.

وبحسب العزة، فإن المجلس يستقبل العديد من الشكاوى حول التعامل والتواصل مع ذوي الإعاقة، الذي يتسبب أحيانًا بالإساءة لهم أو لذويهم. ويذكر شكوى وصلته من فتاة عشرينية، بكماء وذات إعاقة حركية، دخلت في حالة اكتئاب بسبب أسلوب تعامل الطاقم الطبي معها في أحد المراكز الصحية، «كان في كلام جارح أمام البنت، كانوا بيحكوا عنها وكأنها مش موجودة»، يقول العزة.

يرى أنس ضمرة، الناشط في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إن عدم تلقي ذوي الإعاقة إرشادًا صحيحًا من الطواقم الطبية والفنية والإدارية في المستشفيات الحكومية يؤخر مراحل العلاج والتأهيل التي يحتاجون إليها، ما قد ينعكس على درجة الإعاقة في بعض الحالات وانتقالها من بسيطة إلى متوسطة، أو من متوسطة إلى شديدة، فضلًا عن تأثير هذا التأخير أحيانًا على دمجهم في المجتمع، وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم دون الحاجة لتلقي رعايةٍ من ذويهم.

من جهته، يقول الدكتور علي الرجوب، رئيس اختصاص طب التأهيل في وزارة الصحة، ورئيس قسم التأهيل في مستشفى البشير، إن جميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة تحتوي على أقسام للتأهيل، لكن بإمكانيات متفاوتة من حيث سعة المكان وتوفر الكوادر الصحية، فيوجد في بعض الأقسام طبيب واحد، فيما يوجد في غيرها ثلاثة. لكنه يرى أن قسم التأهيل في مستشفى البشير، وغالبية أقسام التأهيل في المستشفيات الحكومية الأخرى ليست معدة لتكون سهلة الوصول لذوي الإعاقة، مضيفًا أنه لا يوجد أقسام تأهيلٍ في المراكز الصحية حتى الآن.

وبحسب الرجوب لا تتوفر لدى وزارة الصحة بيانات تفيد بعدد الأشخاص ذوي الإعاقة المستفيدين من أقسام التأهيل في المستشفيات التابعة لها، ويتم التعامل معهم كغيرهم من المرضى، إذ يخضعون جميعًا للعلاج والتأهيل بناء على رأي لجنة من المختصين في التشنجات العصبية والعضلية وأخصائيي العظام. ثم تعالج كل حالة تبعًا لحاجتها عبر جلسات التأهيل أو وصف الأدوية أو التحويل للعمليات الجراحية. كما يمنح المحتاجون منهم أدواتٍ ومُعينات مساعدة بما في ذلك الأطراف الصناعية والجبائر والأدوية الهرمونية والعصبية، وغيرها. لكن كثرة الحالات والقصور في جاهزية أقسام التأهيل في المستشفيات، بحسب الرجوب، تحول دون تغطية جميع الحالات من ذوي الإعاقة أو غيرهم من المرضى.

ويقول الرجوب إن قسم التأهيل في مستشفى البشير يقدم خدماته تبعًا لتشخيص الطبيب المختص للحالة وحاجتها حسب إمكانيات القسم، مضيفًا أن هذه الإمكانيات غير كافية لتقديم جلسات كثيرة أو مكثفة نظرًا لأنها تقدم خدماتها لجميع المرضى، وليس لذوي الإعاقة فقط. 

وبحسبه فإن أقسام التأهيل تقدم الإرشاد لأهالي الأشخاص ذوي الإعاقة ممن يحتاجون لتأهيل بحيث يتابعون الجلسات منزليًا، «أنا بوزع حسب الأولوية وحسب الإمكانية، كل شهر جلسة أو جلستين، أنا ما بفضل مريض على مريض، بس بشتغل حسب الإمكانيات»، يقول الرجوب. ويتراوح عدد الجلسات المقدمة بين خمس إلى 10 جلسات قابلة للتجديد إذا اقتضت الحاجة، بحسب الرجوب، ويحصل المستفيدون على هذه الجلسات بناءً على نوع تأمينهم، تبعًا لتعليمات نظام التأمين الصحي.

التأمين الصحي: سنوات من التأخير

قبل موعد الولادة المحدد، أنجبت نور ديسي عام 2010 توأمًا؛ أمل وتميم، وبعد خروجهما من الخداج بشهرين لاحظت نور تأخر تميم عن أخته في الاستجابة للمؤثرات في محيطه، قال لها عدد من الأطباء إن هذا بسبب الولادة المبكرة، ونصحوها بالانتظار حتى يصير عمره ستة أشهر.

خلال فترة الانتظار لاحظت نور أن تميم لا يتتبع الأشياء التي ينظر إليها، فأخذته إلى طبيب عيون حالما أتم الأشهر الستة، لكنه أكد لها أن لا مشكلة في البصر، فذهبت بابنها إلى طبيبة أعصاب، عرفت من خلال تشنجٍ في أطرافه أن لدى تميم شللًا دماغيًا سببه نقص الأكسجين، وطلبت من نور إرساله إلى مركز علاج طبيعي.

لم تعرف نور عن التأمين الحكومي للأطفال دون سن السادسة، وكانت مدخرات العائلة قد أنفقت على تكاليف فترة الخداج، فبحثت عن مراكز ذات تكلفة قليلة في القطاع الخاص، لكنها لم تجد مركزًا يقدم الفائدة المرجوة لابنها، إذ إن المعالجين لم يراعوا خصوصية حالة تميم وحاجته لعلاج مكثف نظرًا لشدة حالته، «وهمة بيعطوه جلسة وحدة بالأسبوع، هاي المراكز ما بيقدروا يعطوا أكتر، لإنه بيحاولوا يعطوا جلسات لعدد أكبر من الأطفال»، تقول نور.

تعمل نور معلمة في مدرسة خاصة، فيما لزوجها عمله الخاص، وقد غيرت دوامها من كلي إلى جزئي، وصارت تصطحب تميم صباحًا إلى جلسات العلاج الطبيعي التي يخضع لها ثلاث مرات أسبوعيًا في مراكز مختلفة، ثم تعيده بعد انتهاء الجلسة إلى والده في حال أتيح له وقت من العمل، أو تتركه عند والدتها، ثم تعود إلى عملها. 

تقول نور إنهم لم يتمكنوا من إلحاق تميم في مراكز مختصة بتطوير قدراته الإدراكية والحركية نظرًا لتكلفتها المرتفعة، وأن الأمر اقتصر على تلقي العلاج الوظيفي فقط حتى يحول دون تفاقم حالته. «المراكز اللي بتقدم علاج إدراكي ووظيفي منيح بتكلف 1200 دينار بالشهر، كتير غالية»، تقول نور.

عرفت نور عن تأمين الأطفال في وقت متأخر، إذ كان تميم قد أتمّ السادسة من عمره، وتقول إن لديه الآن تأمينًا مدنيًا من الدرجة الثالثة؛ لا يوفر له مجانًا كل الأدوات التي يحتاجها، كما لا يمنحه تغطية مجانية للعمليات الجراحية التي يحتاجها، على عكس تأمين الدرجة الثانية الذي نص عليه قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. 

وبحسب المادة 24 من القانون النافذ منذ 30 آب 2017، فإن على وزارة الصحة أن تصدر خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ القانون بطاقة تأمين صحي للأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث لا تستوفى من الحاصلين على البطاقة أجور المعالجة وأثمان الأدوية، وتكون إقامتهم في المستشفيات في الدرجة الثانية، ويكفل لهم التأمين الصحي جميع أنواع الخدمات العلاجية والتأهيلية بما في ذلك العلاج الطبيعي والوظيفي وجلسات النطق والعلاج السلوكي والنفسي، إضافة إلى العمليات الجراحية والأدوية والمطاعيم، والأدوات والمعينات المساعدة، بما في ذلك الأطراف الصناعية والجبائر وسماعات الأذن والنظارات والعدسات الطبية.

مرّت حوالي ثلاث سنوات وخمسة أشهر منذ نفاذ القانون، ولمّا يبدأ بعد العمل بهذا التأمين، ولم تصدر الوزارة بطاقات التأمين لذوي الإعاقة. وفي ظل هذا التأخر فإن ذوي الإعاقة، بحسب العزة، يلجأون للتأمين الصحي المدني من الدرجة الثالثة، فيما يستفيد بعضهم من تأمين صحي يسمى «تأمين إعاقة»، حيث يغطي هذان النوعان من التأمين جزءًا من الخدمات الصحية العلاجية في جميع المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، لكنهما لا يغطيان متطلبات ذوي الإعاقة وحقوقهم كما نص عليها القانون، خصوصًا في مجال التأهيل والعلاج الوظيفي.

وبحسب العزة، فإن المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة يغطي أحيانًا كلف العلاج النطقي لبعض الأشخاص في مراكز في القطاع الخاص عبر الدفع مباشرة لهذه المراكز، أو من خلال مذكرة تفاهم أبرمها المركز العام الماضي مع معهد العناية بصحة الأسرة التابع لمؤسسة نور الحسين. أما في مجال العلاج الطبيعي، فيقوم المجلس بتحويل بعض الحالات إلى مراكز وجمعيات غير حكومية وإلى بعض المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية، بعد تقديم طلب في المجلس.

يقول العزة إن هذا ليس من مهام المجلس، بل من مهام وزارة الصحة، لكنهم يقومون بذلك نظرًا لعدم توافر هذه الخدمات، وفقًا لما يحتاجه ذوو الإعاقة، في منشآت وزارة الصحة. «هاد الشغل مش شغلنا، بس حكينا عبين ما الأمور تستقيم والجهات تعرف شغلها ما بنقدر نترك الناس بالهوا»، يقول العزة.

من جهته، يقول الرجوب إن الأشخاص ذوي الإعاقة إما يحصلون على الجلسات العلاجية تبعًا لنظام التأمين الصحي من الدرجة الثالثة، أو من خلال حصولهم على إعفاء من الديوان الملكي بعد الحصول على تقرير يشخّص الحالة من مركز تشخيص الإعاقات التابع لوزارة الصحة.

وحاولت «حبر» التواصل مع إدارة التأمين الصحي في وزارة الصحة لمعرفة أسباب التأخر في إصدار بطاقات التأمين الصحي من الدرجة الثانية لذوي الإعاقة، ولم تلقَ ردًّا.

ويعتقد العزة أن غياب نظام الإحالة لذوي الإعاقة؛ وهو نظام إجرائي يفيد بتوجيه الأهالي وتحويلهم إلى أقسام و تخصصات يحتاجونها لمتابعة حالة ذويهم بعد عملية التشخيص، يجعل الجهود المبذولة قاصرة عن تحقيق الأهداف، بما في ذلك إصدار بطاقة التأمين الصحي وتوفير البرامج المتخصصة في العلاج الوظيفي والنطقي والسمعي وغيرها.

دفع الوضع القائم بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة، وأهاليهم، وبعض الناشطين الحقوقيين، لإطلاق حملة باسم «حملة ابني» أواخر عام 2020، للمطالبة بتنفيذ المادتين 23 و24 من القانون، لاعتقادهم بأن تطبيق ما جاء فيهما سيؤمن لذوي الإعاقة حقهم في التأهيل المبكر.

أطلقت الحملة مؤخرًا عريضة لجمع تواقيع المؤيدين لمطالبها، فوصل عدد الموقعين إلى حوالي 12 ألف شخص، وقدمها القائمون على الحملة لوزارة الصحة، ليجتمع معهم وزير الصحة، نذير عبيدات، ويوجه المستشارة القانونية في الوزارة بتحديد المهام المترتبة على وزارة الصحة وفقًا لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بحسب أنس ضمرة، الناطق باسم الحملة.

وقد اقترحت الحملة على الوزارة تأمين مساحات داخل المراكز الصحية الشاملة، بحيث تكون مخصصة للتأهيل والعلاج الوظيفي بأنواعها، ومزودة بطواقم طبية متخصصة بذلك. وقد جاء اقتراح المراكز الصحية من الحملة، بحسب ضمرة، نظرًا لانتشارها الجغرافي في جميع المناطق، وباعتبارها مكانًا مألوفًا للأسر التي تتردد إليه لمتابعة الحالات الصحية المتعلقة بالأمومة والطفولة، بالإضافة إلى أن هذه المراكز قائمة بالفعل ما قد يوفر تكاليف إنشاء مراكز جديدة. لكن العزة يرى أن أغلب هذه المراكز قديم ومستأجر، وأن المشكلة تمتد إلى الكوادر الطبية؛ إذ إن غياب منظومة العلاج الطبيعي، بحسبه، يدفع الطواقم المؤهلة والمتخصصة للسفر والعمل في دول يزدهر فيها هذا المجال، كدول الخليج مثلًا.

وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغ عدد الأردنيين من ذوي الإعاقة، ممن أعمارهم خمس سنوات فأكثر عام 2015 حوالي 651 ألفًا. من بين هؤلاء تميم، الذي يبلغ الآن العاشرة من عمره، وما زال يحتاج بشكل دائم لجلسات علاج طبيعي لمنع حدوث التشنجات أو تراجع حالته الصحية، وهو يتلقاها حاليًا في مراكز خاصة على نفقة والديه. أما إسلام فيبلغ 15 عامًا، يحفظ القرآن ويهتم بالآلات الموسيقية، وبحسب والدته فقد بات يعتمد على نفسه كليًا، كما يشاركها نشاطها الاجتماعي والحقوقي.

هذا التقرير جزء من مشروع «عيون» للصحافة المحلية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية