عام على حادثة البحر الميت: أين وصلت المحاسبة؟

موقع حادثة البحر الميت ليلة وقوعها، 25 تشرين الأول 2018. تصوير خليل مزرعاوي، أ ف ب.

عام على حادثة البحر الميت: أين وصلت المحاسبة؟

الخميس 24 تشرين الأول 2019

عام مضى لم يكن كفيلًا بأن تنسى معلمة الرياضة، مجد شراري، تفاصيل حادثة سيول البحر الميت التي راح ضحيتها أكثر من 20 شخصًا غالبيتهم طلبة مدارس، والتي كانت شراري إحدى الناجيات منها، إذ تركت مدرسة فيكتوريا الخاصة التي عملت فيها لثلاث سنوات بعد ثلاثة أشهر من الحادثة.

«صورهم عالقة في بالي، كنت مشكلة فريق سلة من بنات الصف التاسع جميعهم توفوا وفي وحدة منهم صورتها خلفية لموبايلي من السنة الماضية، حصصي صارت كئيبة صرت أشوف البنات معي وأتذكر وأصفن. 14 من طلبة المدرسة توفوا الله يرحمهم»، تقول شراري.

انتقلت شراري للعمل في مدرسة خاصة أخرى لتتمكن من الاستمرار في الحياة بصورة غير سلبية، حسب تعبيرها، لافتة إلى أن إدارة المدرسة السابقة كانت رافضة لاستقالتها وتعاملت معها بشكل جيد رغم لومها للإدارة على السماح بانطلاق الرحلة يومها.

وُصف يوم 25 تشرين الأول 2018 بـ«الفاجعة»، نكس على إثره علم السارية ثلاثة أيام حدادًا على ضحايا سيول البحر الميت، كما شكلت لجان تحقيق، واستقال حينها وزير التربية والتعليم عزمي محافظة ووزيرة السياحة والآثار لينا عناب، بعد مطالبات بمحاسبة المسؤولين عن الواقعة.

رئيس الوزراء عمر الرزاز قال أمام جلسة رقابية لمجلس النواب أعقبت الحادثة إن «الحكومة إلها دخل وهي التي تتحمّل المسؤولية العملية والإدارية والأخلاقيّة تجاه ما حدث في البحر الميت»، لكن وبعد مرور سنة ما زال عدد من ذوي الضحايا يرون أنهم لم يأخذوا حق أبنائهم ولم يحاسب المقصرون كما يجب.

مطالبات مستمرة وقضايا أمام المحاكم

جميل القرعان الذي فقد ابنته راية في سيول البحر الميت يطالب بمحاسبة المقصرين، «ما بدنا شيء غير محاسبة المقصرين وعدم تكريمهم. مش بحاجة للمال، رؤيتي لابنتي أهم من كل الدنيا».

الطفلة راية كانت برفقة شقيقيها ووالدتها، التي قررت مشاركتهم الرحلة خوفًا عليهم. لكنهم نجوا جميعًا في تلك الحادثة بينما قضت راية، التي اختارت الاختباء في إحدى التجاويف لعدم تمكنها من تسلق الجبل كما فعل شقيقاها. «ربنا أخذ وداعتها»، يروي القرعان.

يضيف أن زوجته يومها علقت في مكان آخر، واضطر اثنان من أولاده للانتظار سبع ساعات على حافة جبل لا تزيد مساحتها عن 30 سم، حتى تمكن الدفاع المدني من إنقاذهم.

ويحاكم ثمانية أشخاص بتهمة التسبب بالوفاة مكررة 22 مرة، في قضية حركتها النيابة العامة بعد الحادثة، بينهم ثلاث موظفات في مديرية التربية والتعليم في لواء الجامعة في عمّان، وثلاثة أشخاص من المكتب السياحي المنظم للرحلة، واثنان من مدرسة فيكتوريا، بحسب مصدر مسؤول فضل عدم ذكر اسمه.

وأفاد المصدر أن المتهمين يحاكمون بهذه التهمة فقط، بعد إسقاط تهم أخرى مع صدور قانون العفو العام في شباط 2019. ولم يشرح المصدر هذه التهم، إلا أن أحد وكلاء الدفاع عن المتهمين المحامي حسن الطراونة أوضح لـ«حبر» أن التهم المسقطة تستند إلى المادة 15 من قانون السياحة.

وبحسب التفاصيل التي اطلعت عليها «حبر»، فإن جلسة عقدت للاستماع لشهود في القضية الجزائية في 10 تشرين الأول الحالي، واستكمل الاستماع للشهود اليوم الخميس، إذ يتوقع البت في القضية قريبًا، وفق المصدر.

وبموجب المادة 343 من قانون العقوبات الأردني يعاقب من «سبب موت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عن عدم مراعاة القوانين والأنظمة… بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات».

عدد من أهالي الضحايا رفعوا قضايا إثر الحادثة، يطالبون فيها بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بهم، كما قال أحد وكلاء الدفاع عنهم لـ «حبر» المحامي عاصم العمري. ويمثل أهالي الضحايا عدنان أبو سيدو، والد الطفلة سارة التي راحت ضحية الحادثة وفقدت جثتها أيامًا إلى أن تبين تسليمها بالخطأ لعائلة أخرى.

يقول أبو سيدو إن اللجنة الملكية التي ضمت ثلاثة أعضاء من الأهالي أدانت عدة جهات حكومية؛ هناك إدانات لما قبل الحادثة وإدانات أثناءها في إدارة الأزمة وإدانات ما بعد الحادثة مثل خطأ الطب الشرعي في تسليم جثة لغير أهلها. ويرى أبو سيدو أنه من البديهي محاسبة المقصرين بعد أن أزهقت 22 روحا بينهم 16 طفلًا في الحادثة.

إثر الحادثة، شُكلت لجنة حكومية، وأخرى شكلها النواب، ووجه الملك عبد الله الثاني الحكومة لتشكيل لجنة ثالثة شارك فيها أهالي ضحايا، عرفت باللجنة الملكية المحايدة.

في آذار الماضي، أعلنت الحكومة عن إجراءات نفذتها بناء على توصيات اللجان الفنية والملكية والنيابية. وقالت حينها وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطقة باسم الحكومة جمانة غنيمات إن اللجان المشكلة للحادثة قدمت توصيات نفذت، وإن هناك مسارًا قانونيًا لدى القضاء ويجري التحقيق به، «ولا شأن للحكومة، وذلك لتأكيد وتكريس مبدأ استقلالية القضاء».

بيان الحكومة استعرض ما استُحدث من آليات متابعة ورقابة في هذه الجهات، وذلك «لمعالجة الخلل والأخطاء، وتفادي تكرار مثل هذه الحوادث»، لكنه لم يحدد جهات بعينها على أنها مسؤولة عن عن الحادثة.

ولم ترد الناطق باسم الحكومة جمانة غنيمات، على أسئلة حبر بخصوص نتائج التحقيقات والإجراءات اللاحقة، لكن الحكومة أصدرت اليوم بيانًا يسرد الإجراءات التي اتخذتها منذ الحادثة، والتي سرت على جهات عدة شملت وزارات التربية والتعليم والسياحة والصحة والأشغال العامة والمياه، والدفاع المدني والأرصاد الجوية وأمانة عمان الكبرى.

بيان الحكومة استعرض ما استُحدث من آليات متابعة ورقابة في هذه الجهات، وذلك «لمعالجة الخلل والأخطاء، وتفادي تكرار مثل هذه الحوادث»، لكنه لم يحدد جهات بعينها على أنها مسؤولة عن عن الحادثة، ولم يشِر إلى إجراءات محاسبة لهذه الجهات. ولم يتطرق للإجراءات القانونية التي اتخذتها الحكومة إزاء القضايا التي رفعها الأهالي. 

وتواصلت «حبر» كذلك مرارًا مع وزيرة السياحة والآثار مجد شويكة والناطق باسم الوزارة أحمد الرفاعي للحصول على تعليق، دون جدوى حتى اللحظة. 

ويعتقد أبو سيدو أنه لو أُلبس الطلبة خوذًا وسترات نجاة كجزء من إجراءات السلامة في مناطق سياحة المغامرة لما كان توفي يومها أكثر من أربع أشخاص.

أخصائية الطب الشرعي ومديرة الاختصاصات الطبية في وزارة الصحة، إسراء طوالبة، تقول إن جثث الضحايا لم تشرح لمعرفة مسببات الوفاة، مما يعني عدم القدرة على تحديد مدى فاعلية الخوذ وسترات النجاة في إنقاذ أكبر عدد ممكن  من الأطفال يومها.

وتضيف طوالبة أن تشريح الجثث كان سيوضح أسباب وفيات الحادثة إن كانت ناجمة عن إصابة بكسور جمجمة أو نتيجة الغرق، لافتة إلى أن هناك نوعان للغرق أحدهما في مياه عادية كالغرق أثناء السباحة في بركة، وأخرى ناجمة عن سيل سبب إما نزول أجساد للقاع أو جرفها وتكسر أضلاعها.

استشاري الطب الشرعي، أحمد بني هاني، الذي كان يتولى منصب مدير المركز الوطني للطب الشرعي خلال تلك الحادثة، قال لـ«حبر» إنه في مثل هذه الحالات لا تشرّح الجثث ويكشف على الجثث فقط من أجل التعرف عليها.

ولا يعتقد مدير المركز الوطني للطب الشرعي، عدنان عباس، أن ارتداء خوذ أو سترات نجاة كان سيغير كثيرًا من نتائج الحادثة بسبب السيل الجارف المليء بالحجارة والطين الذي أدى لوفيات ناجمة عن إصابات متعددة. لكن بني هاني يرى أنه لو ارتدى الضحايا يومها سترات نجاة أو خوذ لقللت من أثر الاصطدامات ويؤدي بالتالي إلى تقليل عدد الوفيات، ولم يذكر العدد المتوقع في تلك الحالة.

ويقول عباس إنه كان لا بد من التعامل مع مثل هذه الحالات بطريقة منهجية وعلمية أكثر وتطبيق معايير عالمية، وكان من المفترض توزيع الحالات على المستشفيات وأقسام الطب الشرعي يومها، وإجراء اختبار الحمض النووي (DNA) لجثث الضحايا قبل تسليمها.

التغيير الذي طال الطب الشرعي بعد الحادثة، يقول عباس إنه كان على مستوى الإدارة إضافة لدعم لوجستي لم يذكر تفاصيله.

وينتقد أبو سيدو حصول عناب على منصب سفيرة المملكة في اليابان ومحافظة لمنصب رئيس المجلس الأعلى لتطوير المناهج رغم استقالتهما من منصبيهما كوزيرين إثر الحادثة، ويرى أنه لم يكن من الواجب تسليمهما مناصب أخرى.

النائب مصطفى ياغي، الذي كان عضوًا في لجنة التحقق النيابية، قال لـ «حبر» إن الوزيرين محافظة وعناب لم يقدما للمحاكمة فمسؤوليتهما أدبية وليست جزائية، وعلى إثرها استقالا من منصبهما. 

وورد في تقرير لجنة التحقق النيابية أن «وزير التربية والتعليم ووزيرة السياحة والآثار كل منهما مسؤول مسؤولية سياسية وأدبية عن الفاجعة»، ونسّبت بطرح الثقة بهما.

وخرجت اللجنة كذلك بعدة توصيات منها طلب اتخاذ إجراءات قانونية بحق المقصرين من كافة الجهات الرسمية لعدم «إغلاق المنطقة أو تواجد رجال الأمن أو أي جهة مختصة في منطقة الحادث (بل شوهد الناس يدخلون ويخرجون من المكان) حتى بعد حدوث الفاجعة ودون وجود اي سلطة أو جهة تمنع دخولهم للمكان رغم خطورته».

كما طلبت اللجنة إعادة النظر في تعليمات الرحلات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم، وإجراء صيانة فورية للجسور على طول البحر الميت، وتوفير معدات حديثة للدفاع المدني لعمليات الإنقاذ.

وأوصت اللجنة كذلك باتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية بحق مديرية الشؤون الفنية والتعليمية في لواء الجامعة التابع للوزارة، وقالت إن المدرسة خالفت تعليمات الرحلات والزيارات المدرسية.

أما مدير عام مدرسة فيكتوريا عبد الكريم اليماني فيرى أن «الحادثة قضاء وقدر، لا لوم فيها على المدرسة أو أي جهة أخرى».

علي الرحومي فَقد ابنه الوحيد، سعد، في تلك الرحلة، بعد شهر ونصف من فقدان زوجته. ويقول إن مطالبه كمطالب الأهالي بمحاسبة المقصرين، ورغم أن ما جرى قضاء وقدر لكن هناك تقصير. «لو تحاسب المقصر هل يرجع لي ابني؟… رب العالمين ياخذ حقنا»، يتساءل بحرقة.

وأقامت المدرسة صباح الخميس، بيت عزاء استقبلت فيها أهالي الضحايا والناجين ووفودًا من مدارس أخرى، وأطلقت على اليوم اسم «يوم الوفاء لشهداء مدرسة فيكتوريا»، وفق اليماني.

توقف رحلات مدرسية وإجراءات أخرى

مصطفى، 12 عامًا، أحد طلبة مدرسة فيكتوريا الناجين من سيول البحر الميت، ما زال متأثرًا بالحادثة، ويصر أن يزور قبور أصدقائه في منطقة سحاب في عمّان كل شهر، ولا يرغب بنشاطات خارجية دون وجود والدته، كما تقول، حتى أنه يفضل وجودها قربه في تدريب يتلقاه لكرة القدم.

المعلمة وسن توضح لـ «حبر» أن ابنها مصطفى لم يتكلم حول ما جرى إلا بعد مدة من الحادثة، إذ كان تحت تأثير الصدمة. فصديقه في الصف مدة ثلاث سنوات، وهو ابن جيرانهم أيضًا، توفي في الحادثة إضافة لوفاة أصدقاء آخرين له.

وتقول إن مصطفى يستعيد عافيته بعد أن كان في البداية يخشى الاستحمام لخوفه من المياه، لكنه ما زال يتأثر كلما رأى أقارب ابن الجيران المتوفى، بالأخص والدته، التي تبكي هي الأخرى كلما رأته.

يوم الحادثة ظل مصطفى مفقوًدا حتى الساعة العاشرة من ليل ذاك اليوم. وتقول وسن إنها لم تشركه هو أو أخوه وأخته الأكبر منه في أي رحلة مدرسية بعدها.

محمد أبو عمارة، مدير عام أحد المدارس الخاصة، يوضح أنه أصبح من الصعب تنظيم رحلة مدرسية، فإضافة إلى الشروط المتعددة، «عادة ما يرفض مسؤولو أنشطة في وزارة التربية والتعليم منذ حادثة البحر الميت الموافقة على الرحلات حتى الداخلية منها».

ويضيف «كنا نود اصطحاب طلبة من الصفوف الأولى إلى متحف الأطفال في عمان، والتزمنا بكافة تعليمات وزارة التربية والتعليم الخاصة بالرحلات، لكن لم توافق الوزارة على خروجها».

اليماني قال إن الرحلات موقوفة منذ الحادثة وتلك كانت آخر رحلة تخرج بموافقة رسمية من وزارة التربية والتعليم. ويعتقد أبو عمارة أن أي رحلة مدرسية خرجت بعد تلك الحادثة لم تكن حاصلة في الغالب على موافقة من الوزارة.

لكن مدير إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم، زيد أبو زيد، قال إن الوزارة تسعى لتوفير كل التجارب الحياتية للطلبة للتعرف على وطنهم وأهم معالمه، لافتًا إلى أن بإمكان المدرسة التي تجد صعوبة في الحصول على موافقة للرحلات بعد الالتزام بكامل التعليمات، مراجعته.

وبحسب التعليمات، يتطلب من المدرسة تقديم موافقة على الرحلات قبل أسبوعين منها، وتسعى الوزارة لخفض المدة إلى أسبوع للتسهيل على المدارس وكذلك لأن حالة الطقس تكون أدق قبل أسبوع مقارنة بأسبوعين، كما شرح أبو زيد.

وأضاف أبو زيد لـ «حبر» أن الوزارة تعاقدت مع شركة لإنشاء نظام تتبع لمسار الرحلات المدرسية وأنجز 90% من العمل. وسيرتبط النظام مع مديريتي الأمن العام والدفاع المدني، بحسبه.

بعد حادثة البحر الميت، راجعت الوزارة المنظومة التشريعية المتعلقة بها، بحسب أبو زيد، وخرجت بنظام معدل لتعليمات الرحلات المدرسية تم فيه السماح بالزيارات المدرسية في الفصلين الأول والثاني، والرحلات الترفيهية في الفصل الثاني.

ودربت الوزارة أقسام النشاطات في مديرياتها على التعامل مع نماذج تقديم الموافقة على رحلات بعد تعديلها لتصبح أكثر وضوحًا منعًا لأي لبس أو تجاوز على التعليمات، فمن يتجاوز سيتحمل المسؤولية القانونية، يقول أبو زيد.

وأوضح أن موقع حادثة البحر الميت ممنوع حتى في تعليمات الوزارة السابقة التي تمنع الرحلات إلى أماكن مائية.

في وقت سابق، صرح وزير التربية والتعليم وليد المعاني بأن الوزارة «عملت على تنظيم الرحلات المدرسية من خلال إصدار تعديلات على تعليمات الرحلات وإعادة النظر بالمادة السادسة من قانون التربية وإدخالها ضمن نظام، وصدرت في الجريدة الرسمية وأصبحت نافذة».

وفي 24 شباط 2019، نشرت في الجريدة الرسمية تعليمات معدلة لتعليمات الرحلات والزيارات المدرسية نصت في المادة الثالثة منها على أن تكون الرحلات المدرسية من 21 آذار إلى 15 أيار خلال الفصل الدراسي الثاني، بينما يسمح في الزيارات المدرسية من 1 تشرين الأول، وحتى 15 تشرين الثاني خلال الفصل الأول، ومن 1 آذار إلى 30 نيسان من الفصل الثاني.

كما أضيفت إلى التعليمات فقرة في المادة الخامسة تنص على أنه «لا يسمح بتسيير الرحلات أو الزيارات المدرسية إلا بعد معرفة الحالة الجوية والتقارير المعتمدة من دائرة الأرصاد الجوية التي تؤكد أن الأجواء مناسبة، ولا يسمح في غيرها».

ومنعت الزيارات والرحلات المدرسية إلى «الغابات والأحراج باستثناء المتنزّهات القوميّة»، كما منعت لمدن الملاهي والمجمعات التجارية وأماكن الألعاب الخطرة، والسيرك، ومناطق رحلات المغامرات والاستكشاف والتحدي، وأماكن السباحة ومجاري السيول وتجمعات المياه، ومناطق الأودية والمنحدرات، والسدود، بموجب التعليمات.

مدير وحدة الاستجابة الإعلامية في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، أحمد النعيمات، قال إنه «لا يوجد جهة وجهت لها التوصيات لا تريد تدارك ما حصل في هذه الحادثة المؤلمة. هناك جهات جادة وملتزمة وتتقدم خطوات كبيرة لامتلاكها الأدوات، وأخرى تحتاج لتمويل».

ولم يسمّ النعيمات هذه الجهات، لكنه يرى أن مجرد إطلاق «استراتيجية وطنية» للحد من خطر الكوارث والالتزام بمعايير إطار عمل سنداي (الذي أطلقه الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015 – 2030) بحد ذاته إنجاز، إذ أنه لا يمكن عمل مراجعة وخطط عمل وتنفيذ لهذه الخطط دون استراتيجية، لافتًا إلى شراكة المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني في هذه الخطط، ومؤكدًا أهمية المراجعة المستمرة.

وتضمنت التوصيات المشتركة للجنة المحايدة والوزارية تفعيل دور المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات.

ويقول النعيمات إن «صدور تعليمات سياحة المغامرة والتزام الحكومة فيها خطوة تسجل خاصة أن القطاع لم يكن منظمًا في السابق». إذ نشرت تعليمات أسس وشروط تنظيم رحلات سياحة المغامرات في الجريدة الرسمية في حزيران الماضي، وحددت سن 18 عامًا للمشاركة في رحلات الأنشطة الصعبة. 

ويشيد نقيب المهندسين الأردنيين أحمد سمارة الزعبي، الذي كان عضوًا في اللجنة الملكية، بالمديرية العامة للدفاع المدني لاستجابتها لكل الملاحظات ومعالجة الخلل. كما لفت الزعبي في حديثه لـ «حبر» إلى أن وزارة الأشغال العامة والإسكان درست الملاحظات ووضعت خطة عمل لصيانة جسور البحر الميت أنجزت منها نحو 60%.

الناطق باسم وزارة الأشغال عمر محارمة قال لـ «حبر» إن الوزارة تعمل على ثمانية جسور في منطقة البحر الميت بكلفة تقدر بنحو 12 مليون دينار، انتهى العمل بأربعة منها والباقي تتراوح نسبة الإنجاز فيه بين 90 و95%، بحسبه.

وافتتح الملك عبد الله الثاني في أيلول 2019 مركز الإنقاذ المائي والجبلي التابع للدفاع المدني في منطقة البحر الميت، بناء على توصيات اللجنة الملكية، جند للعمل فيه 220 غطاسًا.

تمّ تزويد العديد من المناطق المعرضة لخطر السيول، خصوصًا منطقتيّ البحر الميّت والعقبة، بأجهزة إنذار مبكّر موصولة بالدفاع المدني.

وبحسب بيان الحكومة اليوم، فقد تمّ تزويد العديد من المناطق المعرضة لخطر السيول، خصوصًا منطقتيّ البحر الميّت والعقبة، بأجهزة إنذار مبكّر موصولة بالدفاع المدني. كما تم «تحديث محطّات الرصد الجوّي، وتزويدها بأجهزة رصد حديثة تضمن دقّة المعلومات بنسبة كبيرة»، بحسب البيان.

وكانت لجنة البنية التحتية في نقابة المهندسين الأردنيين، برئاسة وزيرة النقل سابقًا، لينا شبيب، عقدت الشهر الحالي ورشة حول «الأضرار الناجمة عن المواسم المطرية السابقة والإجراءات المتخذة لمعالجة هذه الأضرار».

وتؤكد شبيب على أهمية الاستمرار في متابعة المشاريع وفق نظام لمراقبة الطرق والجسور ومعرفة حالتها تجنبًا لتلفها أو الوصول لمرحلة الانهيار، كما حدث في أحد جسور البحر الميت العام الماضي.

وتضيف شبيب لـ «حبر» أن «درهم وقاية خير من قنطار علاج. إذا صرف دينار على الطرق وهي بحالة جيدة فمن الممكن أن يؤدي ذلك لتوفير نحو ستة دنانير، وكذلك الحال بالنسبة للجسور، لأنه في حال انتهاء عمرها الافتراضي دون متابعة لن يكون هناك حل سوى إعادة إنشائها، وهو ما حدث في جسور البحر الميت بعد تأجيل اتخاذ الإجراء المناسب».

التحذير المبكر عند الظروف الطارئة، مراعاة ظروف وطبيعة المنطقة لإجراء تصميم الطرق والجسور المناسبة، والصيانة المستمرة، مهمة لتجنب ما حصل في حادثة سيول البحر الميت، تختم شبيب.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية