ما الذي نعرفه حتى الآن عن متحور أوميكرون؟

الإثنين 29 تشرين الثاني 2021
تصوير: دادو روفيتش. المصدر: رويترز.

ترتفع حالات الإصابة بكوفيد-19 حول العالم، وقد تخطى عددها اليوم 260 مليون إصابة، وترتفع معها الوفيات لتتجاوز خمسة ملايين وفاة. وفي الوقت الذي تعود فيه دول عديدة لفرض قيود على حركة الناس بهدف السيطرة على انتشار الفيروس، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ظهور متحور جديد «مثير للقلق» من فيروس سارس-كوف-2، أطلقت عليه اسم متحور أوميكرون. فما الذي نعرفه حتى الآن عن هذا المتحور الجديد؟ وهل ستكون لقاحات كوفيد-19 التي حصل عليها حتى الآن أكثر من 42% من السكان حول العالم مهددة بفقدان فعاليتها أمامه؟

ما هو متحور أوميكرون؟

اكتشف الباحثون  متحور أوميكرون في بيانات تسلسل الجينوم الذي أظهر أكثر من 30 تغييرًا في بروتين سبايك؛ وهو البروتين الموجود في فيروس سارس-كوف-2 والذي يتعرف على الخلايا المضيفة،1 كما أنه  البروتين الذي تستهدفه استجابات الجسم المناعية بشكل رئيسي. 

عُثرَ في هذا التحور الجديد على العديد من التحورات التي وُجِدت في متحورات سابقة، مثل دلتا وألفا، والتي ارتبطت بزيادة العدوى وزيادة قدرة الفيروس على تجنب الأجسام المضادة التي تمنع العدوى.

يحوز متحور أوميكرون على الاهتمام منذ اكتشافه لكونه يحتوي على تغيّرات جينية من المعروف أنها تؤثر على خصائص الفيروس، مثل قابليته للانتشار، وشدة المرض الذي يسببه، وقدرته على تفادي دفاعات الجسم المناعية وقدرته على تفادي الأدوات التشخيصية (الفحوصات) والعلاجية أيضًا.

ووفق باحثين فإن أوميكرون يحتوي على طفرة تسمح باكتشافه عن طريق اختبارات التنميط الجيني، التي تقدم نتائج أسرع بكثير من اختبارات تسلسل الجينوم. 

أين ظهر أوميكرون لأول مرة؟

جرى إبلاغ منظمة الصحة العالمية عن متحور أوميكرون لأول مرة من جنوب إفريقيا، في 24 تشرين الثاني 2021. 

وفي الأسابيع الأخيرة، زادت الإصابات بشكل حاد في جنوب إفريقيا بالتزامن مع اكتشاف المتحور الجديد. وبعد إجراء فحوصات بأثر رجعي على بعض العينات، سُجلت أول إصابة مؤكدة بأوميكرون من عينة مأخوذة في التاسع من تشرين الثاني الحالي.

لماذا يثير أوميكرون القلق؟

أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة الماضي أنها تعتبر السلالة الجديدة من فيروس سارس-كوف-2، والتي أسمتها متحور أوميكرون (B.1.1.529)، «مثيرة للقلق»، ليكون أول متحور جديد مثير للقلق منذ متحور دلتا، منضمًا بذلك إلى متحورات دلتا وألفا وبيتا وجاما في قائمة منظمة الصحة العالمية الحالية للمتحورات المثيرة للقلق.

يحتوي أوميكرون أكثر من 30 طفرة على بروتين سبايك، وهو المفتاح الذي يستخدمه الفيروس لدخول خلايا الجسم. ويزيد هذا العدد من الطفرات عن ضعف عدد الطفرات الذي يحمله متحور دلتا، ما أثار مخاوف من أن الأجسام المضادة التي طورتها أجسامنا من العدوى السابقة، أو الحصول على اللقاحات، قد لا تكون فعالةً بالقدْر نفسه  مع المتحور الجديد.

وتتمثل الأولوية القصوى حاليًا في متابعة المتغير عن كثب أثناء انتشاره، إذ بعد أن تم تحديده لأول مرة في بوتسوانا جنوبيّ إفريقيا، يجري تحديده اليوم في أماكن عديدة حول العالم.

هل أوميكرون أسرع انتشارًا؟

يقول العلماء إن أوميكرون يحتوي على عدد من الطفرات المعروفة بتعزيز قابلية الفيروس للانتقال، إضافة إلى طفرات أخرى يمكن أن تساعد الفيروس في إصابة الخلايا بسهولة أكبر.

وتشير الأدلة الأولية إلى زيادة خطر تكرار العدوى عند من أصيبوا سابقًا بالمقارنة مع المتحورات السابقة. ويبدو أن عدد حالات هذا المتحور آخذ في الازدياد في جميع مقاطعات جنوب إفريقيا تقريبًا، كما بدأ يظهر في أماكن أخرى حول العالم، حيث سجّلت حتى الآن ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وبلجيكا، إلى جانب جمهورية التشيك وهونج كونج وأستراليا، حالات إصابة بمتحوّر أوميكرون. وما زالت فحوصات PCR قادرةٌ  على الكشف عن هذا المتحور.

وفي محاولة لإبطاء انتشار أوميكرون في ضوء هذه المستجدات، أعلنت دول كثيرة حول العالم فرض قيود على السفر إليها من جنوب إفريقيا وبوتسوانا ودول إفريقية أخرى، وهو ما انتقدته جنوب إفريقيا واعتبرته عقوبةً لها على اكتشافها المتحور، وفي ذات السياق انتقد رئيس ملاوي الإجراءات وصرّح أن تدابير كوفيد-19 «يجب أن تستند إلى العلم لا إلى رهاب الأفارقة».

وفي حين يرى البعض أن قيود السفر هذه قد توفّر بعض الوقت لمعرفة كيفية التعامل مع المتحوّر الجديد، يرجّح آخرون فوات الأوان وأن المتحور قد انتشر بالفعل حول العالم.

يقيّد الاتحاد الأوروبي حاليًا السفر من وإلى سبع دول جنوبي إفريقيا، هي بوتسوانا وليسوتو وموزمبيق وإسواتيني وناميبيا وجنوب إفريقيا وزيمبابوي، فيما تضيف بريطانيا أنغولا وزامبيا إلى القائمة، أما الولايات المتحدة فتضيف ملاوي إلى الدول السبعة.

وأعلنت كندا وأستراليا وروسيا وتايلاند وسريلانكا وسنغافورة والسعودية وعمان قيودًا مماثلة على السفر. فيما أعلنت المغرب تعليق كافة الرحلات الجوية إليها مدة أسبوعين.

وأعلن الأردن منع غير الأردنيين من دخول المملكة إذا أقاموا في أي من دول إفريقيا الجنوبية، إضافة إلى ليسوتو وزيمبابوي وموزمبيق وناميبيا وإسواتيني وبتسوانا، خلال الأيام الـ14 السابقة لقدومهم إلى الأردن. كما أعلنت عن فحص الأردنيين القادمين من هذه الدول عند وصولهم الأردن، مع حيازتهم فحصًا سلبيًا لا يزيد عمره عن 72 ساعة قبل مغادرتهم هذه الدول.

هل تختلف أعراض أوميكرون؟

في مقابلة مع البي بي سي، قالت أنجيليك كويتزي، الطبيبة التي أبلغت عن أولى حالات المتحور الجديد، إن الأعراض التي تظهر على المرضى خفيفة نسبيًا، مثل التعب الشديد والصداع والسعال، وأن فقدان حاسة الشم أو التذوق ليس ضمن الأعراض. لكن خبراء يعتقدون أنه ما زال من المبكر الحكم على شدة المرض الذي يسببه هذا المتحور.

هل سيؤثر أوميكرون على فعالية اللقاحات؟

وفق البيانات الأولية، يحذّر خبراء من أن اللقاحات قد تكون أقل فعالية ضدّ متحور أوميكرون، ولكنهم يتفقون أن البيانات الحالية لا تشير إلى أن اللقاحات لن تعمل.

ووفق تقرير نشرته مجلة نيتشر، تم الإبلاغ عن إصابات في جنوب إفريقيا بالمتحور الجديد بين أشخاص تلقوا اللقاحات المتوفرة هناط وهي فايزر وأسترازينيكا وجونسون آند جونسون. 

يأتي القلق من فعالية اللقاحات المختلفة ضدّ المتحور الجديد من أن بعض طفرات أوميكرون معروفة بالفعل بأثرها على قدرة الفيروس على التهرب من جهاز المناعة ومقاومة الأجسام المضادة. وللحصول على مزيد من البيانات، يأخذ الباحثون في جنوب إفريقيا وأماكن أخرى عينات دم من أشخاص حصلوا على اللقاح، ثم يختبرون عمل الأجسام المضادة في دمهم ضدّ أوميكرون. 

ووفق تقرير نيتشر، فإن النمذجة الحاسوبية أظهرت قدرة المتحور على تفادي المناعة التي تمنحها الخلايا التائية، وهي من مكونات ذات أهمية في جهاز المناعة.

كيف تستجيب شركات تصنيع اللقاحات؟

وفق تقرير نشرته الإذاعة الوطنية العامة (NPR)، فإن شركة موديرنا تعمل على مضاعفة الجرعة المعززة الحالية، من 50 ميكروغرام إلى 100 ميكروغرام، كما تكثّف جهودها لصنع لقاح معزز يستهدف على وجه التحديد متحور أوميكرون.

وتختبر جونسون آند جونسون لقاحها ضدّ المتحور الجديد. فيما تجمع شركة فايزر البيانات لتحديد فعالية لقاحها ضد أوميكرون، وإذا استلزم الأمر تعديل اللقاح الحالي فإن الشركة تتوقع أن يكون اللقاح الجديد جاهزًا للشحن في غضون 100 يوم تقريبًا.

وتعمل أسترازينيكا على دراسة تأثير المتحور على فعالية لقاحها، بعد أن كان استخدامه قد أوقف في جنوب إفريقيا لتدني فعاليته في الحماية من متحور بيتا الذي كان منتشرًا هناك. وتأمل الشركة أن يحتفظ عقارها الجديد «إيفوشيلد» بفعاليته ضد أوميكرون.

أما عقاقير ميرك وفايزر الجديدة، فيتوقع أن تحتفظ بفعاليتها ضدّ المتحور الجديد، إذ لا تستهدف هذه الأدوية بروتين سبايك الذي حدثت فيه طفرات هذا المتحور، بل تعمل عن طريق منع الفيروس من التكاثر.

  • هوامش
    1- حتى يصيب الفيروس إحدى الخلايا بالعدوى ويتمكن من دخول الخلية، يستخدم بروتين سبايك ليرتبط بالمستقبلات الموجودة على غشاء الخلايا المضيفة، مثل ارتباط المفتاح بالقفل، وهذه خطوة مهمة فى حدوث العدوى.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية