ما الذي يعيق انتشار محطات شحن السيارات الكهربائية في الأردن؟

الإثنين 29 آب 2022
السيارات الكهربائية
تصميم محمد شحادة.

«يوميًا بصُف على الطابور حتى آخذ دور وأشحن السيارة وأكمّل شغلي عليها»، يقول خالد (33 عامًا) السائق على أحد تطبيقات النقل الذكي، شارحًا ما يواجهه من صعوبات في إعادة شحن مركبته الكهربائية خارج المنزل.

يسكن خالد في الأغوار الشمالية، ويخرج يوميًا في التاسعة صباحًا إلى عمّان ليعمل حوالي 12 ساعة على سيارة من نوع شيفروليه بولت، تقطع في الشحنة الواحدة ما يقرب من 400 كم. وهو يضطر إلى شحنها خارج المنزل مرّةً كل يومين، ما يتطلب منه الانتظار في صفوفٍ طويلةٍ لمدة ساعتين أحيانًا في محطات المحروقات التي توفر قواعد شحنٍ للسيارات الكهربائية.

تعمل في الأردن حتى الآن 53 محطة شحن كهربائية بحسب تحرير القاق، الناطقة باسم هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، وهي موزعة على مختلف المناطق؛ 40 منها محطات شحن عامة، و13 هي محطات خاصة مملوكة لشركات لا تقدّم خدماتها للعامة. هو عدد يرى سائقو السيارات الكهربائية أنه غير كافٍ خصوصًا مع تزايد الإقبال على السيارات الكهربائية، مشيرين إلى إشكالية أخرى تواجههم، وهي نوعية الشواحن المتوفرة في المحطات ومدى ملاءمتها لمختلف أنواع السيارات.

محطات شحن غير كافية

اشترت فرح (27 عامًا) في عام 2015 سيارة نيسان ليف الكهربائية والتي تقطع حوالي 110 كم فقط في الشحنة الواحدة، ما جعل نطاق حركتها في السيارة محددًا في عمّان، «ما بقدر أنزل فيها على البحر الميت أو أطلع برة عمّان» تقول فرح، خصوصًا أنها في أحد الأيام، بعدما فرغت بطارية السيارة في منطقة عين الباشا، اضطرت إلى نقلها بالونش لأقرب محطة شحن على طريق عمّان جرش.

في العام نفسه الذي اشترت فيه فرح سيارتها، قررت رئاسة الوزراء إعفاء السيارات الكهربائية من رسوم التسجيل، قائلة إنها «اتخذت كل ما يلزم من القرارات لتشجيع استخدام السيارات الكهربائية». وقد صدرت في العام نفسه تعليمات ترخيص أنشطة شحن المركبات الكهربائية.

بعد حوالي سبع سنوات على هذه القرارات، تزايدت بالفعل أعداد السيارات الكهربائية في شوارع الأردن، خصوصًا بعد مطلع العام الحالي، حيث تجاوزت أعداد السيارات الكهربائية الواردة للسوق أعداد سيارات الهايبرد، واقتربت من أعداد سيارات البنزين المستوردة.

لكن لهذا التزايد أسباب مختلفة، أبرزها ارتفاع تصدير السيارات الكهربائية من الصين، وارتفاع أسعار المحروقات في الأردن. ويرى البعض أن هذا التزايد لم يترافق مع تهيئة البنية التحتية، تحديدًا فيما يتعلق بمحطات الشحن الكهربائية. يقول تاجر السيارات الكهربائية، حسن حسونة، إن محطات الشحن المتوفرة ليست كافية، وإنها تتركز في عمّان، معتبرًا أن الوضع الحالي قد يعيق انتشار السيارات الكهربائية.

ويرى رئيس جمعية السيارات الكهربائية، أحمد أبو رداد، أن قلة أعداد محطات الشحن وسوء توزيعها، يؤثر على تنقّل أصحاب السيارات الكهربائية بين المحافظات، خاصةً العاملين منهم على تطبيقات النقل والتوصيل. وهو يعزو انخفاض أعداد المحطات إلى انعدام الجدوى المالية من الاستثمار في هذا القطاع.

تؤثر قلة أعداد محطات شحن السيارات الكهربائية وسوء توزيعها على تنقّل أصحاب هذه السيارات بين المحافظات، خاصةً العاملين منهم على تطبيقات النقل والتوصيل. 

يتفق أحمد*، وهو مدير إحدى المحطات على طريق إربد عمّان، مع ما ذهب إليه أبو رداد، قائلًا إن إنشاء محطات الشحن مكلف ويتطلب شروطًا فنية لتكون المحطة مؤهلة لتقديم هذه الخدمة، معتبرًا أن تحديد هيئة تنظيم قطاع الطاقة لأسعار الشحن يخفّض العائد المادي للمحطات من نقاط الشحن. علمًا بأن التعرفة الكهربائية لهذه الخدمة تبلغ حوالي 11 قرشًا لكل كيلوواط/ ساعة، وتتقاضى محطات الشحن عمولة إضافية على ذلك تبلغ 3.5 قرش لكل كيلوواط/ ساعة للشحن البطيء، وخمسة قروش لكل كيلوواط/ ساعة للشحن السريع.

يُذكر أن التعليمات الصادرة عن الهيئة تحدّد معايير فنية لتركيب محطات الشحن، منها اتخاذ إجراءات سلامة كافية لمنع المخاطر الكهربائية، وعدم تركيب المحطات في الأماكن الخطرة، والفصل بين محطة الشحن ومناطق الخطورة في محطات المحروقات بجدار إسمنتي مسلح، وتزويدها بإضاءة مناسبة ومظلات، وتمديد الأسلاك بصورة تمنع المخاطر على السلامة، وتركيب محطات الشحن بصورة تمنع اتصالها بالماء، مع تزويدها بأنظمة الحماية الكهربائية، وعدم استخدام وصلات (وحدات إطالة) على الكابلات، وغيرها من المعايير.

من جهتها، تشير القاق إلى أن الهيئة منفتحة على أي طلباتٍ لإنشاء محطاتٍ شحن جديد في كافة المناطق، وهي بالفعل تلقّت طلبات لترخيص محطات جديدة على الطريق الصحراوي، لافتةً إلى أنه لا يحق لأحدٍ ممارسة هذا النشاط إلا بموافقة الهيئة والحصول على ترخيص منها، وأن الاشتراطات الفنية المطلوبة للترخيص من شأنها توفير الحماية والأمان، مضيفةً أن الهيئة تراعي في تحديد التعرفة الكهربائية وهامش الربح مصلحةَ المواطنين ومشغلي المحطات، مؤكدة أن التعرفة لن يطالها أي تعديل في الفترة الحالية.

وتُلزِم الهيئة، منذ عام 2019، جميع الشركات التي تقدمت بطلبات ترخيص محطات وقود جديدة بإنشاء مكان خاص لمحطة شحن كهربائية، بهدف توفير محطات الشحن في مختلف المناطق. أما المحطات المنشأة قبل 2019 فلم تُلزمها الهيئة بإنشاء محطات شحن داخلها نظرًا لعدم توافرها على المعايير الفنية اللازمة لذلك، وهو ما يجب أن تلتزم به في حال أرادت توفير نقاط شحن جديدة.

اختلاف مداخل الشحن

يرى أبو رداد، رئيس جمعية السيارات الكهربائية، أن توفر المحطات لا يعني أن الشحن سيصير أسهل، إذ تواجه السائقين مشكلة أخرى تتعلق باختلاف مداخل الشحن في المحطات بصورة لا تتلاءم مع مختلف أنواع السيارات.

وبحسب تاجر السيارات حسونة فإن مداخل الشحن تختلف بين السيارات الصينية أو الأمريكية أو الأوروبية أو الكورية، وأن معظم محطات الشحن تعتمد على مداخل شحن لا تتلاءم مع مختلف الأنواع. تدفع هذه الحال بعض أصحاب السيارات لشراء وصلاتٍ تناسب سياراتهم في حال حاجتهم لشحنها خارج المنزل، وتتراوح تكلفة هذه الوصلات -حسب نوع السيارة- بين 90 و120 دينارًا للشحن البطيء، و300 إلى 400 دينار للشحن السريع.

تلزم هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن منذ العام 2019، جميع الشركات التي تقدمت بطلبات ترخيص محطات وقود جديدة بإنشاء مكان خاص لمحطة شحن كهربائية، بهدف توفير محطات الشحن في مختلف المناطق.

وبحسب القاق فإن الهيئة تطلب من الشركات التي تتقدم للحصول على تراخيص إنشاء محطات شحن كهربائية توفير خاصية الشحن لجميع المركبات، لا أن تكون حكرًا على أنواع محددة من السيارات.

يقول أبو رداد إن تكلفة محطة شحن واحدة مناسبة لمختلف أنواع السيارات يتراوح بين 18 ألف إلى 22 ألف دينار؛ حسب بلد المنشأ وعدد مداخل الشحن وأنواعها وسرعتها وكفاءتها في الشحن، وهو ما يجعل أصحاب المحطات يستبدلون هذا الخيار بتركيب وصلات خارجية تتناسب مع السيارات الكهربائية الأكثر انتشارًا، أو بالطلب من الزبائن امتلاك وصلات خاصة بسياراتهم.

يرى أحمد، مدير إحدى المحطات، أن معالجة إشكاليات ارتفاع كلف إنشاء محطات الشحن وقلة الأرباح المتأتّية منها يحتاج إلى تشجيع حكومي، فيما تؤكد القاق أن الإقبال على ترخيص محطات الشحن يتزايد، وأن 87 محطة شحن حصلت مؤخرًا على تصاريح إنشاء، وهي في مرحلة استكمال إجراءات الترخيص لغايات التشغيل.

يرى أبو رداد أن كثيرين صاروا يتجهون لشراء سيارات كهربائية تقطع نحو 400 كم في الشحنة الواحدة، وهو ما يجنبهم الحاجة لشحن سياراتهم خارج المنازل، لكن تكلفة مثل هذه السيارات يتراوح بين 20 ألف و25 ألف دينار، وهي تكلفة مرتفعة بالنسبة لبعض الشرائح الاجتماعية ما يجعلهم يلجأون لسيارات تقطع مسافات قليلة بأسعار منخفضة قادرين على تحملها، لكن هؤلاء يصطدمون بالعوائق المتعلقة بتوفر محطات الشحن وتوزيعها وملاءمتها لسياراتهم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية