يافطات إعلانية من شوارع عمّان إلى خيم فينان

خيمة مصنوعة من يافطات إعلانية. تصوير آلاء الردايدة.

يافطات إعلانية من شوارع عمّان إلى خيم فينان

الأربعاء 17 حزيران 2020

هذه القصة المصورة نتاج لورشة حبر للسرد القصصي البصري التي أقيمت في كانون الأول/ديسمبر الماضي. انظر/ي بقية القصص على هذا الرابط.

قد يكون التواجد الدائم للإعلانات في الأماكن العامة أمرًا طبيعيًا بالنسبة لسكان المدن، لكن مصادفتها في قرى نائية تفتقر لأبسط الخدمات، من كهرباء وماء وغيرها، تبدو مفارقة غريبة.

في قرية فينان بين جبال محمية ضانا، التي تبعد عن أقرب مكان مأهول بالسكان 15 كيلو مترًا، كان لليافطات الإعلانية دور غير مألوف: استخدامها كمادة لصنع الخيم.

اعتاد سكان منطقة فينان الواقعة في لواء قصبة العقبة، ضمن قضاء وادي عربة، والبالغ عددهم 45 عائلة، نصب خيمهم بأنفسهم كغيرهم من البدو، وكانت النساء هنّ من يستلمن هذه المهمة. 

تقول الجدة أم عبد الله أنهنّ كن يصنعن الخيم من شعر الماعز أو صوف الغنم؛ يقصصنه ثم يطرقنه بشكل متواصل إلى أن ينتهي به الحال ناعمًا. ولصناعة بيت شعر واحد، كنّ يحتجن إلى «لوّية» أي شوال أبيض مليء بـ«الحملات»، وهي مقدار ما يحمله كل مغزل من خيوط. تُنقى بعدها هذه الخيوط وتنسج في قطع تسمى «شْقَاقات»، لتخاط ببعضها وتُقام على الأرض بواسطة الأعمدة الخشبية، وتصبح بيتًا «يساع الكل»، كما تقول أم عبد الله.

لكن في الفترة الأخيرة، حاصرت الظروف الاقتصادية الصعبة أهل فينان، فأصبح غزل الشعر لإقامة البيوت مستنزفًا من الناحيتين الجسدية والمالية، خاصة بالنظر إلى الوقت الطويل الذي يستغرقه بناء البيت من قص وغزل ونسج وخياطة، والكلفة العالية لشعر الغنم، فضلًا عن الجهد الذي يتطلبه تعليم الغزل والنسيج.

لذا، لجأ أهالي المنطقة إلى مادة بديلة تريحهم من الغزل وتوفر الكلف والجهد وتقيهم من الريح والمطر: الإعلانات القديمة.

يشتري أهالي فينان الإعلانات القديمة أو الشوادر من سوق الحلال في عمان لقاء دينار ونصف للمتر الواحد. ويضطر رب الأسرة لتحمل تكلفة أجرة النقل الخاصة من قرية فينان إلى قرية قريقرة على بعد 15 كم، ليجد لاحقًا وسيلة نقل تنقله إلى عمان. 

تستخدم الإعلانات كسقف للبيت، وقد تبطن وجه البيت الأكثر عرضة للمطر. كما تستخدم لترقيع أي «مزع» في بيت الشعر.

«الحين راحت المغازل، الحين تلِفْنا»، تقول أم عمر، كنّة أم عبد الله. وتضيف أن أجمل ما في بناء البيوت كان «العونة»، أي التجمعات النسوية للمساعدة ببناء البيت، لكن «هذه حياتنا قبل، أما الحين.. بنجيب البيوت من السوق، الحين نعمة كثير».

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية