في آذار الفائت، أصبح قرار الحكومة الأردنية رفع الحد الأدنى للأجور من 190 دينارًا إلى 220 دينارًا نافذًا. وفي قصّة سابقة على موقع حبر، تعرّفنا على ثلاث سيّدات يعملن ويتقاضين إمّا الحد الأدنى القديم، أو ما دونه، لنعرف كيف يتدبرن أمورهن.
بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على سريان القرار، لا يزال وضع السيّدات على حاله، بل وتغيّر للأسوأ مع بعضهن.
حاولت سهر، التي تعمل في شركة حماية، أن تطلب العقد الموقع بينها وبين رب العمل، والذي يفترض، بحسب القانون، أن يكون لديها نسخة منه، فشكّ ممثلو الشركة بأنها تنوي تقديم شكوى بحقهم، وقالوا باستخفاف: «روحي اشتكي. كل حقوقك ماخذيتها»!
تقول سهر أنها تعاني من التضييق المستمر عليها منذ أن حاولت طلب عقد العمل، حتى وصل الأمر إلى التهديد بالفصل. بيد أن معارف لها في الشركة تدخّلوا لمنع الفصل، ولم تفلح مطالباتها المستمرّة برفع راتبها ليصل إلى الحد الأدنى الجديد بالتأثير على قرار الشركة.
ما وصلت إليه سهر كان اتفاقًا مختلفًا. فبدلاً من أن يكون دوامها من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الرابعة عصرًا، أصبح من الثامنة صباحًا وحتى الثامنة مساءً. حتى في شهر رمضان الذي يعمل فيه الموظفون عادة لساعات أقل. هذا الاتفاق الجديد أتى بعد أن طلبت العمل ساعات إضافية لتحصل على أجرٍ إضافيٍ يعينها على دفع أقساط مدرسة ابنها.
أمّا حال سهر وابنها في الأسبوع من شهر رمضان، فتقول أنها أحيانًا تتناول طعام الإفطار في العمل وتصل إلى بيتها قرابة التاسعة مساء حيث ينتظرها ابنها الوحيد فيه لوحده. وفي بعض الأحيان يتعاون معها الموظف الذي يليها فيصل مبكّرًا لتتمكن هي من تناول الإفطار مع ابنها. من الممكن أن توظف الشركة من يستلم مقعد سهر، وبالتالي تترك العمل في الرابعة مساء، وتفطر مع ابنها، لكنها في الوقت نفسه تفكر بما يمكن للمبلغ الإضافي الذي تتقاضاه عن الساعات الإضافية أن يفعل.
تدرك سهر أن العمل من الصباح الباكر وحتى ساعة متأخرة من المساء كل يوم، وحتى في يوم الجمععة، سيكون له تأثير سيء على صحّتها، ولكن ترجو أن يجد لها من يستهجن ظروف العمل هذه بديلًا. أمّا بالنسبة لوزارة العمل فتقول سهر: «خلينا بس نشوف أشكالهم.. وينهم؟ مش ضروري موظف يروح يشكي، يمكن الموظف بيخاف. إحنا خايفين على رزقتنا.. هاي لقمتنا».
أما مرام، والتي تعمل في متجر في مادبا، فتركت عملها لأن صاحب العمل طلب منها أن تعمل في شهر رمضان من الساعة التاسعة وحتى الساعة الخامسة، الأمر الذي يعني أنها لن تستطيع تحمل مسؤولياتها الأخرى، وهي الأم لأربعة أطفال. استقالت، فاستعان صاحب العمل بموظفة جديدة، لكنها لم تصمد طويلًا، وعاود الاتصال بمرام يطلب منها العودة إلى العمل.
على الرغم من طول الساعات، وتدني الراتب، والذي تقلّص من 150 دينارًا إلى 130 دينارًا، لأن صاحب العمل سمح لمرام أن تعطّل يوم الجمعة لتقوم بتدريس أطفالها ولكن «على حسابها»، إلّا أنها اضطرت إلى الرجوع للمتجر. تقول مرام «أنا أول يوم رمضان، يعني صايمة أنا وولادي ما عنا فطور، لولا واحدة بعتت لي محشي، والا أنا وولادي ضلينا صايمين ما عنا فطور».
الخيارات الأخرى تكاد تكون معدومة، خصوصًا وأن زوج مرام كما تقول «هلأ محبوس» بسبب الديْن الأخير، عندما أراد أن يشتري هواتف محمولة بالتقسيط ليبيعها «كاش» ويحصل على مبلغها نقدًا، فتسدّد به العائلة قسط قرض الأونروا (UNRWA) الذي أخذته مرام في السابق حتى لا يتم التعميم عليها وتوقيفها. تم تأمين المبلغ المطلوب آنذاك، ولكنه غرق في دين آخر، ووقّع شيكات بمبالغ أكبر من تلك التي استدانها أصلًا، على حد قول مرام، وها هو عاجز عن تسديدها.
أما رانيا، فلم يصل منطقتها، ناعور، قرار رفع الحد الأدنى بعد هي الأخرى، ولا تزال تتقاضى 175 دينارًا بدون أي تغيير يُذكر.
بين أرباب عمل يضربون بالقانون عرض الحائط، وآليات رقابة غير ناجعة، وخيارات شبه معدومة لفرص أفضل، تبقى السيدات وغيرهن يقلن: احكولنا شو بإيدنا نعمل؟
شكرا للتفاصيل و وضوح الامثلة. للأسف ينطبق عدم تطبيق الحد الادني للاجور على الذكور و الاناث، و لكن على الاناث اكثرللاسف.
وين المشكلة اذا اشتكت الست لوزارة العمل باسم “مجهول” خاصة انه المشكلة قد تنطبق على موظفين آخرين في الشركة (مثال: شركة الامن في المول الواردة في المقال)
– هناك بعض الاخطاء الاملائية 🙂