كليات الإعلام: معايير اعتماد مقيّدة وأساتذة غير ممارسين

الخميس 12 أيار 2016

هذا التقرير هو جزء أول من سلسلة من جزأين حول وضع كليات الإعلام في الأردن. لقراءة الجزء الثاني اضغط/ي هنا.

عند الحديث عن المشهد الإعلامي في الأردن وضرورات تطويره، كثيرًا ما يصل النقاش إلى مشكلة مؤسسة لغيرها من المشاكل في هذا المشهد، وهي ضعف الربط بين مخرجات التعليم الإعلامي في الجامعات ومتطلبات سوق العمل، أو حتى ضعف تلك المخرجات بعامة.

إذا عدنا للأسس التي ترسم الخطوط العامة لعمل كليات الإعلام، فقد طورت هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي معايير الاعتماد الخاص لتخصصات (الصحافة والإعلام/ برنامج البكالوريوس) بالتشاور مع كليات وأقسام الإعلام. لكنها لا تزال مقيّدة للخطط الدراسية لما فيها من تفصيلات للمجالات، المساقات والساعات المعتمدة لكل تخصص. وبذلك لا تسمح للجامعات بالتمايز من خلال التركيز على موضوعات (مساقات) دون الأخرى. كما تحد المعايير المتعلقة بالهيئات التدريسية من قدرة الجامعات على تكييف خططها الدراسية مع متطلبات سوق العمل.

تحدد المعايير عناصر الخطط الدراسية للتخصصات الثلاثة المعتمدة: الصحافة، الإذاعة والتلفزيون، والعلاقات العامة والإعلان. وتتضمن المجالات المعرفية، المساندة والعملية، مع تسمية المساقات المدرجة تحت كل مجال وعدد الساعات المعتمدة لكل منها. فعلى سبيل المثال، تفرد المعايير ثلاث ساعات معتمدة لمساق «المقال الصحفي» كما تخصص فقط ثلاث ساعات لمساق «التحقيق الصحفي». كما تفرد مساقًا لـ«فن الإلقاء» ومساقا واحدًا فقط لـ«الفيلم الوثائقي».

وتشترط معايير الهيئة أن لا يقل عدد أعضاء الهيئة التدريسية عن أربعة أعضاء متفرغين حملة شهادة الدكتوراه. وأن لا تزيد نسبة الممارسين المتفرغين من حملة شهادة ماجستير مع خبرة عشر سنوات فأكثر عن 20% من عدد حملة الدكتوراه المتفرغين. وتحدد نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلبة بـ(1 : 35).

ووفقًا لتعليمات ومعايير الاعتماد الخاص للتخصصات الإنسانية، ومنها الإعلام، لسنة 2010 وتعديلاتها لعامي 2013 و2014، بإمكان كليات الإعلام الاستعانة بمحاضرين غير متفرغين، ممارسين من أصحاب الخبرة، من دون شروط تتعلق بالشهادة أو الدرجة الأكاديمية، وذلك لتدريس مساق أو اثنين بحيث لا تتجاوز ست ساعات أسبوعيًا.

إذا ما طبقنا معايير الاعتماد على كلية صحافة وإعلام فيها ثلاثة أقسام/تخصصات: صحافة، إذاعة وتلفزيون وعلاقات عامة وإعلان، فيجب أن تضم الهيئة التدريسية 12 أستاذًا من حملة شهادة الدكتوراه (أربعة لكل تخصص) كحد أدنى. وبالتالي يسمح بضم أستاذين من حملة شهادة الماجسيتر كحد أعلى (20% من حملة الدكتوراه) بحيث يكون الحد الأقصى للعبء التدريسي لكل منهما 15 ساعة. ويمكن الاستعانة بواحد أو اثنين من الممارسين غير متفرغين لتدريس مساق أو اثنين كحد أعلى.

هذه المعايير تبدو أكثر إشكاليةً إذا ما أخذنا بالاعتبار النموذج السائد في الأردن، وهو أن الكثير من حملة شهادة الدكتوراه في مجال الإعلام غير ممارسين ولا يملكون مهارات التطبيقات الإعلامية، وأن الكثير من الصحفيين الممارسين، باستثناء كتاب الأعمدة من حملة الدكتوراه في مجالات غير إعلامية وغير متفرغين للعمل الإعلامي، لا يحملون شهادات الدكتوراه.

«عدم كفاية أعضاء هيئة تدريس من حيث الأعداد والإعداد»، كانت مسألة أثارها عميد كلية الإعلام في جامعة البترا، تيسير أبو عرجة، خلال مشاركته في ورشة عمل «التعليم الأكاديمي الإعلامي.. مواكبة التطور العالمي».

وقال: «يوجد أساتذة لا يكتبون الأبحاث ولا يطورون قُدراتهم، وإشكالية مصادر شهادات الدكتوراه (دكتوراه الإعلام) بدون اعتراف، وتعيين حملة الدكتوراه الجُدد من جامعات معينة تحت ضغط الحاجة على حساب مقتضيات العملية التعليمية وجودتها، وتراجع حركة الابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث الجامعات القوية نحو الجامعات العربية أو غيرها، إضافة إلى إشكالية التخصص العام والدقيق، فهناك نسبة لا بأس بها ممن يُدَّرِسون في كليات الإعلام متخصصون في علم الاجتماع، والسياسة، والإدارة، والتربية، بالإضافة إلى عدم استقرار أعضاء هيئة التدريس الجيدين نظرًا للحوافز والمغريات الخارجية خاصة في السوق الجامعي الخليجي». وأضاف: «تضطر الجامعات للاستعانة بعدد من الأساتذة الأجانب وبعضهم عناصر غير مؤهلة وتفتقر للمهارات التدريبية والتعليمية ومخرجاتها ظاهرة للعيان».

أبرز مناحي الضعف في كلية الإعلام بجامعة اليرموك، وفقا لنائب العميد د. خلف الطاهات، هي أن «المساقات العملية والتي تشكل 70% من الخطة الدراسية، تدرّس نظريًا». ويعلل ذلك بـ«غياب المهارات المطلوبة لدى المدرسين وغياب البنية التحتية التكنولوجية. فمثلًا، لا يوجد جهاز عرض وبالتالي تبقى المحاضرات نظرية من دون نقاش وتفاعل».

«كليات الإعلام تحتاج إلى ثورة وإصلاح داخلي»، قال الطاهات. «يجب أن يستمر التحديث والتجديد في معرفة المدرسين، ومراجعة الخطة الدراسية ومدى مطابقتها لسوق العمل ومدى تطابق الخطة الدراسية مع ما يدرس في الجامعة».

عميد كلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط، د. عزت حجاب، اقترح «تطوير الخطة الدراسية بزيادة التطبيق العملي، فهذا ما يحتاجه الطالب عند الدخول إلى سوق العمل». ورؤية حجاب تتلخص في «تحويل كلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط إلى كلية تطبيقية، وذلك برفع نسبة التطبيق العملي إلى 50% من مجموع الخطة الدراسية».

واتفق حجاب والطاهات، على ضرورة «تأهيل الأكاديميين من أعضاء الهيئة التدريسية لتطوير مهاراتهم العملية، و/أو زيادة عدد الممارسين من أصحاب الخبرة العملية وحملة البكالوريوس والماجستير، كأساتذة مساعدين، في الهيئة التدريسية».

التوازن بين النظري والعملي، بما تتطلبه طبيعة الموضوعات واحتياجات الطلاب، متحقق في كلية الإعلام بجامعة البترا، وفقا للعميد د. تيسير أبوعرجة وعضو الهيئة التدريسية أيمن مسنات.

«هناك مواد طبيعتها نظرية، مهتمة باللغة أو بالأبعاد الفكرية للإعلام، وهناك مواد ذات طابع عملي لكن يجب أن يكون لها أساس نظري»، قال أبوعرجة.

وأوضح مسنات: «من العوامل التي تحدد نسبة النظري إلى العملي طبيعة التخصص بالإضافة إلى قدرات الطالب، فمثلًا ضعف قدرة الطالب على بناء ثقافة ومعرفة عامة لا يسمح بتسريع عملية بناء المهارات العملية».

في المحصلة، لا تتمكن كليات الإعلام في الأردن من توفير عضو هيئة تدريسية يجمع بين المهارات التطبيقية والخبرة العملية وشهادة الكتوراه في مجال الإعلام. وعند تطبيق معايير الاعتماد في الواقع يصعب زيادة عدد المساقات التطبيقية في التخصص الواحد أو رفع نسبة التطبيقات في المساق الواحد. والنتيجة، تدريس بعض المساقات التطبيقية، أو التي تحتاج جزئيًا إلى تطبيقات عملية، بشكل نظري.

تطوير مخرجات كليات الإعلام

media edu«تطوير مخرجات المؤسسات الأكاديمية في مجالات الإعلام» هو أحد الركائز العشرة للاستراتيجية الإعلامية (2011-2015) التي تبنتها أربع حكومات متعاقبة وعمل على تنفيذها خمسة وزراء لشؤون الإعلام. وبنهاية العام الخامس للاستراتيجية يجدر السؤال عما تحقق من أهدافها في هذا المجال.

وتضمنت الاستراتيجية حينه أهدافًا كتطوير معايير اعتماد كليات وأقسام الإعلام في الجامعات، وتحديث الخطط الدراسية، وتطوير وتحديث محتوى ومناهج المواد التدريبية وأساليبها، وزيادة حصة الجانب التطبيقي في الخطط والبرامج التدريبية، وتوفير مرافق التدريب الملائمة من مختبرات واستوديوهات ونماذج تدريبية، ووضع خطة لتطوير التعاون والتبادل بين مؤسسات التعليم العالي من جهة ونقابة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية المحليّة من جهة أخرى، ودعوة كليات الإعلام لإنشاء أقسام مختصّة بالصحافة الإلكترونية.

وعليه، شكلّت اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ مضامين الاستراتيجية لجنة خاصة بإعداد خطة تطوير المناهج الإعلامية وأسس الاعتماد بكلياته، وقدمت الأخيرة مقترحات لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتحديث الخطط الدراسية والمناهج في كليات الاعلام بالجامعات. وتتضمن الخطة التركيز على الجانب التدريبي وزيادة حصة التطبيق العملي في الخطط الدراسية بالجامعات، وإنشاء أقسام مختصة بالصحافة الإلكترونية بالجامعات التي تقوم بتدريس الإعلام.

ونظمت اللجنة الخاصة في 1 أيلول 2014 ورشة عمل بعنوان «التعليم الأكاديمي الإعلامي.. مواكبة التطور العالمي» في جامعة اليرموك بمشاركة أساتذة إعلام، ومسؤولين حكوميين، ونقيب الصحفيين ووزراء سابقين ونواب يعملون في مجال الإعلام.

معايير الاعتماد أولًا

استمرت هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي بالعمل وفقًا لمعايير اعتماد الجامعات التي وضعها مجلس الاعتماد (1999-2007) قبل عشر سنوات، باستثناء تعديلات طفيفة. وفي 5/8/2015 أقرت الهيئة معايير جديدة للاعتماد الخاص لتخصصات (الصحافة والاعلام/ برنامج البكالوريوس). وجاءت تماشيًا مع المقترحات التي قدمتها الجامعات بناء على طلب الهيئة والتوصيات التي قدمتها لجنة نتجت عن ورشة عمل جامعة اليرموك بهدف تطوير معايير الاعتماد لمواكبة التطورات في قطاع الإعلام، وفقًا لمساعد رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لشؤون الاعتماد، أ.د. قبلان المجالي.

وأضاف المجالي لحبر: «خلال ورشة العمل في جامعة اليرموك تم تقديم مقترحات لتعديل معايير اعتماد الهيئة، وكان ردي أن الهيئة ليست من يضع المعايير وإنما مختصون في مجال الإعلام، وأن الهيئة مستعدة للأخذ بتوصيات المهنيين والأكاديميين. وبالفعل قمنا بتشكيل لجنة لتطوير معايير اعتماد تخصصات الصحافة والاعلام. كذلك طلبت الهيئة من الجامعات إرسال خططها وملاحظاتها على شروط الاعتماد، واستنادا عليها قمنا بتطوير معايير الاعتماد لمواكبة للتطورات في مجال الإعلام».

د. تيسير أبو عرجة، عميد كلية الإعلام في جامعة البترا وعضو لجنة الإستراتيجية الإعلامية الخاصة بإعداد خطة تطوير المناهج الإعلامية، كان أيضا أحد أعضاء اللجنة التي شكلتها الهيئة، وتضم اثنين من الهيئات التدريسية للإعلام وإثنين من الممارسين في وسائل الإعلام. قال لـحبر أن الهيئة تبنت توصيات اللجنة وأبرزها: «تلتزم كليات الإعلام باعتماد مشروع تخرج للطالب، تدريب عملي، زيادة ساعات المتطلبات المساندة من تخصصات أخرى، وتحديث المعدات والتقنيات».

الالتزام بمعايير الهيئة وقياس تأثيرها

تقيّم الهيئة كل سنتين مؤشرات الجودة والالتزام بمعايير الهيئة من خلال: الخطط الدراسية، عدد الطلاب، عدد أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، التقنيات، المكتبات والمراجع، المختبرات. وخلال العامين الأخيرين تعتمد الهيئة على امتحان الكفاءة الجامعية لتقييم تأثير تطبيق معايير الاعتماد.

وإذا كان لدى الجامعة نواقص يتم منحها مهلة لتصويب أوضاعها، وإذا لم ينجز ذلك خلال فترة المهلة يوجه للجامعة المخالفة تنبيه ثم إنذار، غرامة، إيقاف القبول في تخصص ما أو إلغاء اعتماده، و/أو إغلاق المؤسسة إغلاقا مؤقتًا أو دائمًا.

في 2014 أقر المركز الوطني للاختبارات، الذي تشكل كأحد وحدات الهيئة، امتحان الكفاءة الجامعية الذي يهدف إلى «تقييم تأثير تطبيق الجامعات لمعايير الاعتماد من خلال قياس الكفايات والمهارات التي يتطلبها سوق العمل لدى الطلاب في سنوات التخرج.

ومن أهداف الامتحان، وفقا للورقة التعريفية به: «استخدامه كأساس للاعتماد وضمان الجودة، إذ سيشكل تحقق نتاجات التعلم للبرامج والتخصصات أحد المعايير الهامة التي سيجري بناء عليها استمرارية اعتماد التخصصات والبرامج لمؤسسات التعليم العالي، ورفع الطاقة الاستيعابية لها، واتخاذ قرارات حول إيقافها أو سحب الاعتماد والترخيص لها من قبل الجهات المعنية بهذه القرارات».

ويقيّم الامتحان كفايات ومهارات أساسية تبقى لدى الطالب عند دخول سوق العمل، وهو ليس امتحانًا تحصيليًا. فتكون النتيجة «متقن» أو «غير متقن» وعلامة القطع في الإعلام 55%. وتقوم الهيئة بتحليل نتائج الامتحانات، وتعطي الجامعة مهلة لتصويب خططها الدراسية»، كما أوضح لحبر أ.د. قبلان المجالي، مساعد رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي لشؤون الاعتماد.

يضع كفايات وأسئلة امتحان الكفاءة لحقل الصحافة والإعلام لجنة تشكلها الهيئة من أربعة أعضاء هيئات تدريسية في كليات إعلام. ومع أن امتحان الكفاءة يهدف إلى «قياس كفايات ومهارات الطلاب الخريجين والتي يتطلبها سوق العمل»، إلا أن لجنة وضع كفايات وأسئلة الامتحان لا تضم أي صحفي ممارس من أصحاب الخبرة في وسائل الإعلام. كما أن الامتحان نظري ولا يتضمن أي تطبيق عملي. وجميع الأسئلة موضوعية (الاختيار من متعدد) ويجري الامتحان من خلال جهاز الحاسوب.

شاركت في الامتحان أمل الهدهد، طالبة في السنة الأخيرة من قسم الصحافة/ كلية الصحافة والإعلام في جامعة اليرموك. وقالت لحبر أن «الامتحان اختياري لكن الجامعة تحاول اقناع الطلاب بأهميته لهم عند دخول سوق العمل. في السنة الأولى كان الامتحان طويلا من ثلاثة أقسام، كل قسم يتضمن 75 سؤالا، وفي السنة الثانية تم تقليصه في قسم واحد من 70 سؤالا». وأضافت: «تدور أسئلة القسم الأول حول أخلاقيات الجامعة من خلال أسئلة عما سيتصرفه الطالب في مواقف افتراضية، وأسئلة القسم الثاني عن التخصص، مثلا في الإذاعة والتلفزيون سُئلنا عن زوايا التصوير أو كيفية إعداد برنامج».

تقدم لامتحان الكفاءة الجامعية الثاني للعام (2015/2016) 1190 طالبًا في تخصصات الإعلام، وهو امتحان اختياري للطلاب الخريجين. وكانت النتائج كالآتي:

ثلاثة تخصصات في الإعلام من أصل خمسة كانت النتائج فيها تقل عن علامة القطع، وهي 55%.

في الأردن ست جامعات تُدرس تخصصات إعلامية وصحافية: ثلاث كليات إعلام هي اليرموك (حكومية)، البترا والشرق الأوسط (خاصتان)، وثلاثة أقسام إعلام هي جدارا، الزرقاء وفيلادلفيا (جميعها خاصة). ويلتحق فيها نحو 1500 طالبة وطالب. وتشترك أقسام وكليات الإعلام في الجامعات بموضوعات المساقات التي تقررها مسبقا معايير هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي.

مسؤولية هيئات التدريس

تعكس نتائج امتحانات الكفاءة الجامعية ضعف مخرجات التعليم في كليات الإعلام، فمؤشرات إتقان الطالب للمهارات والكفايات التي يحتاجها في سوق العمل بالكاد تتجاوز علامة القطع في تخصص الصحافة وتنزل عنها في بقية التخصصات الإعلامية، بما فيها الإذاعة والتلفزيون، القطاع الأوسع انتشارا بين جمهور الإعلام.

الملفت أن هذه النتائج المتدنية جاءت بعد التزام كليات الإعلام بكافة معايير اعتماد الهيئة، بكل تفاصيلها وقيودها المتعلقة بمستويات العملية التعليمية: اختيار المساقات وتصميم الخطة الدراسية، تركيبة الهيئة التدريسية وتوزيع العبء التدريسي بين أعضائها، الطاقة الاستيعابية من الطلبة، آليات تقييم الطلبة، مواصفات البنية التحتية من تقنيات ومكتبات، فمثلا تحدد مواصفات أجهزة إذاعية أو تلفزيونية وتضع حدا أدنى من المراجع المكتبية.

وللهيئة آليات وصلاحيات لمراقبة مدى التزام الجامعات بمعاييرها ومتابعة تأثير تطبيق هذه المعايير على المخرجات (الطلاب). لكنها لا تشترط حدا أدنى لمؤهلات المدرسين، باستثناء شهادة الدكتوراه في المجال المطلوب، لا تختبر مقدراتهم، لا تراقب جودة أدائهم داخل قاعة التدريس ولا مدى تحديث معارفهم ومهاراتهم بما يتلاءم مع تطور مجال الإعلام. وكذلك حال إدارات كليات الإعلام التي لا تراقب أو تحاسب على أداء أعضاء هيئاتها التدريسية.

«مشكلة التعليم يتحمل الجزء الأكبر منها أساتذة الجامعات»، كتب رئيس قسم اللغة العربية في جامعة فيلادلفيا، يوسف ربابعة. «لا بد من مراجعة شاملة للمعرفة التي يمتلكونها، للوقوف على مدى كفايتها وجدواها في التعليم، وهل هي قادرة على نقل الطلاب خطوة إلى الأمام، وهل هي كافية وقادرة على تمكين الطلاب من امتلاك الأدوات التي تجعلهم مؤثرين في تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل… ذكر لي بعض الطلاب في جامعة عريقة أن الأستاذ لا يعطيهم خطة للمادة، بل يدخل في كل محاضرة ويتكلم عن موضوع، يحكي لهم قصصاً، نصفها عن حياته، وهكذا طوال الفصل، ثم تكون الامتحانات عبارة عن أسئلة مفتوحة، كأن يكون السؤال مثلاً: اكتب ما تعرف عن النثر العربي القديم!».

* الصورة أعلاه من إحدى المحاضرات في كلية الإعلام في جامعة البترا، عبر موقع الجامعة الرسمي.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية