في ميدان السيدة زينب بالقاهرة، تنصب سرادقات ضخمة لبيع الفوانيس كل عام، حينها تعرف أنك على بعد أيام من شهر رمضان. لكن هذا المشهد الذي ميّز القاهرة طويلًا، اختلف خلال الأعوام الماضية، فتبدلت سرادقات بيع الفوانيس المصرية المعتادة أو المعروفه بفانوس «أبو شمعة» أو «فانوس فاروق»، نسبة إلى الملك فاروق، بألعاب صينية تنوّعت أشكالها ويطلق عليها أيضًا اسم فانوس رمضان.
احتد الصراع بين صانعي الفوانيس ومستوردي الألعاب إلى أن فصل فيه قرار وزير الصناعة والتجارة منذ عامين، فقرر منع استيراد فوانيس رمضان في خطوة من شأنها تشجيع الصناعة المحلية العريقة.
كان السؤال من أين تأتي كل هذه الفوانيس؟ تنوّعت إجابات أصحاب السرادقات والعاملين فيها بين اسمين أو ثلاثة لورش محلية، جذبني من بينها الاسم الأشهر في الصناعة، وهو «أم إبراهيم»، ويرجع تميّز فانوس أم إبراهيم إلى أنّه الوحيد الذي يشبه فانوس فاروق الأول أبو شمعة.
داخل شارع صغير متفرع من شارع السد في منطقة السيدة زينب كانت ورشة أم إبراهيم لصناعة الفوانيس، والتي كانت في السابق تعمل طوال العام لتلبّي طلبيات المشترين من التجار، إذ كان الطلب كبيرًا، لكن كما يصف سيد إبراهيم «الطلب قلّ مع السنين، ومع ظهور الفوانيس الصيني اللي بتغني وبترقص ساعات».
ثلاثة أجيال من أبناء أم إبراهيم يعملون على قدم وساق داخل هذا الشارع الصغير الذي يتوسط منازلهم، يجتمع الأبناء والأحفاد كل سنة، قبيل قدوم شهر رمضان بشهر أو أكثر بقليل، لإحياء ذكرى فانوس أم إبراهيم وإعادة تشغيل أقدم مصنع فوانيس في القاهرة.
أكوام من الصفيح والزجاج الملوّن بآيات قرآنية أو عبارات دينية ومكابس تحيط بالأحفاد والأبناء الذين يقسّمون مراحل العمل بينهم، في الشهر الذي يسبق شهر رمضان، لينتهوا من الطلبيات القليلة نسبيًا التي تأتيهم من التجار. الهدف الأساسي من إعاده تشغيل الورشة هو أن يظل اسم أم إبراهيم في السوق كما يقول فرغلي «كل واحد فينا بيشتغل في صنعة مختلفة، والحياة دلوقتي بتمشي بسرعة، مينفعش نفضل طول السنة نعمل فوانيس محدش هيشتريها، فهو شهر كفاية عشان يفضل الفانوس الصاج أبو شمعة موجود».