السكري

الحركة في المدينة: هل تكون منقذًا لمرضى السكري؟

تصميم محمد شحادة.

الحركة في المدينة: هل تكون منقذًا لمرضى السكري؟

الخميس 07 نيسان 2022

هذا التقرير جزء من ملف خاص أنتجته حبر حول السكري. للاطلاع على الملف اضغط/ي هنا.

كلما صارت المدينة أكثر حضريةً كلما زادت مزايا البنى التحتية لسكانها، ليتمتعوا بشوارع نظيفة ومساحات عامة ملائمة وأرصفة آمنة، ما ينعكس إيجابًا على سلامتهم وصحتهم البدنية والنفسية. ومع أن حصّة عمان من الاهتمام بالبنية التحتية تفوق أي محافظة أخرى، إلا أنها قد تكون مكانًا طاردًا للحركة في كثير من الأحيان.

قبل عامين، شعر جعفر فرّاج (35 عامًا) بآلام في الرأس وتشوّش في الرؤية (زغللة)، فراجع طوارئ احد المستشفيات في عمان، حيث كان يعمل به مشرفًا للدهانات. أخبره الممرضون أن هذه الأعراض مماثلة لأعراض مرض السكري، واكتشف أنه مصاب به فعلًا بعدما أظهرت عدة فحوصات أن نسبة السكري التراكمي في دمه تبلغ 10% (علمًا بأن المستوى الطبيعي أقل من 5.7%). صرف له الطبيب العام دواءً للتحكم بمستويات السكر (الغلوكوز) في الدم، وأوصاه بممارسة الرياضة والابتعاد عن السكريات. وبعد ثلاثة أشهر من الالتزام بهذا النظام انخفضت نسبة السكر التراكمي لديه إلى 9.1%.

فرّاج الذي انتقل من محافظة مادبا قبل ثلاثة أعوام ليسكن في منطقة الهاشمي الشمالي في عمان، يقول إن الطبيب العام أوصاه بالحركة وشرب المياه بكثرة، «لما قالّي الدكتور عن الرياضة صرت أطلع أمشي مسويّات، ألبس الترينينج وأركض». كان فرّاج يقضي معظم وقت عمله جالسًا، إذ لم يتطلب عمله مشرفًا للدهانات آنذاك أي حركة تُذكر، لذا صار يمارس الركض في شارعٍ مُهملٍ في الهاشمي الشمالي كان متنفسًا لأهل المنطقة، «في عنا شارع بالهاشمي الشمالي طويل، أربعة كيلو، عملوه عشان الباص السريع ونسيوه، ولهسه منسي، الناس كلها بتطلع عليه بتمشي بيه».

ترك فرّاج عمله في المستشفى منتقلًا إلى أحد فنادق البحر الميت ليعمل في المهنة نفسها، لكنه طلب في عقد التوظيف أن يعمل بنفسه أحيانًا حتى لا يتكرر الخمول البدني الذي أصابه في عمله السابق. هكذا صار أكثر حركةً خلال ساعات الدوام، لكنه لم يعد في المقابل قادرًا على المشي مساءًا نظرًا لشح الوقت.

يتذكر فرّاج أنه كان أكثر اعتيادًا على الحركة عندما كان يعيش في مادبا: «مثلًا لما كنت بدي ألعب شَدّة مع أصدقاء إلي، نتجمع كلنا عند بيت واحد فينا، نطلع مشي مع بعض، مع إنه كلنا معنا سيارات والمسافة بين البيت والثاني ستة كيلو، بس بالنسبة إلنا متعودين عالمشي»، وهو يعتقد أن نمط الحياة في مادبا ساعده على الحركة ما أبعده عن السكري إلى حدّ ما، وأن ظروف عمله السابق سرّعت من إصابته بالمرض.

لماذا على مرضى السكري أن يتحركوا؟

توصي دراساتٌ مرضى السكري من النوع الثاني أو السكري الكامن (مرحلة ما قبل السكري) بممارسة التمارين معتدلة الشدّة بما لا يقل عن 210 دقيقة أسبوعيًا (أي بمعدل نصف ساعة يوميًا) أو التمارين الشديدة لمدة 125 دقيقة أسبوعيًا، مع مراعاة المضاعفات وعوامل الخطورة المرتبطة بممارسة الرياضة بشكل غير مدروس، ولكن هذه العوامل لا ينبغي أن تلغي أولوية الحفاظ على النمط الموصى به لممارسة الرياضة.

يُعرّف النوع الثاني من السكري بأنه عدم قدرة البنكرياس على إنتاج كمية كافية من الأنسولين، أو عدم استجابة الخلايا للأنسولين ما يجعلها تمتص كمية قليلة من السكر. وتفسر أخصائية الغدد الصمّاء دانا حياصات سبب اهتمام الأطباء بإحداث تغييرات نوعية في نمط الحياة الحركية لمرضى السكري، وتحديدًا النوع الثاني، بأن هذا النوع يرتبط عادة بزيادة الوزن والعوامل الوراثية، حيث يشهد الجسم بسبب زيادة الوزن أو السمنة مقاومة لهرمون الأنسولين المسؤول عن تنظيم نسبة السكر في الدم، ما يجبر البنكرياس على إفراز كميات مضاعفة من الأنسولين من أجل الحفاظ على معدلات طبيعية للسكر، لكن بمرور الوقت يُجهد البنكرياس ويصير عاجزًا عن إفراز الأنسولين، وبالتالي ترتفع نسبة السكر في الدم.

تقول حياصات أن الأطباء عادةً ما ينصحون المرضى المصابين بالنوع الثاني من السكري بتغيير نمط الحياة الغذائي والحركي، ويطلبون منهم ممارسة الرياضة لأن الحركة تزيد من حساسية الأنسجة للأنسولين وبالتالي ترفع من فعاليته، فتُنظم معدلات السكر في الدم.

أما بخصوص النوع الأول من السكري، فتشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين ممارسة النشاط البدني والقدرة على التحكم في نسبة السكر في الدم لدى مرضى هذا النوع أيضًا. وقد وجدت دراسة أُجريت على أردنيين أن هنالك ارتباطًا متوسطًا ​​وإيجابيًا بين ممارسة مرضى النوع الأول للنشاط البدني المستقر، والتحكم في نسبة السكر في الدم، كما تم قياسه بواسطة فحص الهيموجلوبين السكري (HbA1C).

ورغم أهمية الرياضة لمرضى السكري إلا أن المرضى قد يواجهون تباينًا في قناعات بعض مقدمي الرعاية الصحية الذين يفترض بهم توجيه المرضى نحو ممارسة الرياضة كخطة أولية للعلاج، أو للوقاية من المرض. وخلال عدد من المقابلات التي أجريت مع المرضى، كان من بين أسباب عدم ممارستهم الرياضة هو عدم معرفتهم بأهميتها أساسًا.

فضّل بعض المرضى الاعتماد على مصادر أخرى للمعلومات، مثل محمد عوض (60 عامًا) من إربد، إذ اختار الإنترنت مصدرًا لمعلوماته عن الوقاية من السكري بدلًا عن الطبيب. شعر عوض قبل أربع سنوات بألام مستمرة في الرأس، فأراد فحص ضغط الدم لكن ممرضي الطوارئ أجروا له فحوصات الدم احتياطًا، ليجدوا أن مستويات السكر لديه مرتفعة (9%)، فأخبره الطبيب مباشرة أنه مصاب بالسكري وأن عليه تناول دواء للمرض.

سأل عوض طبيبه عن الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها السيطرة على المرض، وأصرّ الطبيب على أن الدواء هو الحل الأفضل، لكن عوض أراد تجريب أمر آخر قبل الاعتماد على الدواء: «حكيت للطبيب إنه يمهلني شهر عشان أزبط نمط حياتي وأرجعله». وجد عوض بعد استعانته بمقالات على الإنترنت أن عليه ممارسة الرياضة بشكل منتظم والالتزام بحمية غذائية خاصة، «كنت حاسس إني لسة بقدر أسيطر على جسمي وما بدي أوصل لمرحلة أصير مريض سكري، عملت حمية غذائية قاسية وصرت أمشي دايمًا، أحيانًا أروح أمشي بمدينة الحسن، أحيانًا ألعب بالجيم».

راجع عوض الطبيب بعد شهر من الالتزام بالتمارين الرياضية، ليظهر أن مستويات السكري في حدودها الطبيعية. استمر عوض على هذا النمط لمدة طويلة لاحقًا، ورغم أن كلا من النادي الرياضي والعمل والمنزل في أماكن متباعدة من المدينة، إلا أنه استعان بالسيارة لقضاء هذه المشاوير. وقد خفّف حاليًا من شدّة الحمية الغذائية مع الحفاظ على الحركة باستمرار، كما يقوم بأعمال البستنة كلما أتيح له وقت من عمله الخاص في التجارة.

وعلى أهمية التمارين الرياضية ومزاياها لمرضى السكري، إلا أن إحدى الدراسات التي أُجريت على مرضى السكري الأردنيين (من نوعيه الأول والثاني)، ونُشرت في كانون الثاني 2022، وجدت أن حوالي 35% فقط من المشاركين في الدراسة لديهم التزام كافٍ بالأنشطة البدنية.

ما ينبغي أن تكون عليه المدينة

قبل عامين، انتقلت أم محمود، وهي سيدة ستينية متقاعدة عن العمل في التعليم، من منزلها في الزرقاء إلى عمان بعدما اشترت بمكافأة نهاية الخدمة شقة في منطقة الجاردنز بعمّان، وهي تعيش فيها بمفردها بعد أن تزوج أبناؤها في الزرقاء. وقد عرفت قبل عامٍ أنها في مرحلة السكري الكامن؛ حيث يكون مستوى السكر في الدم أعلى من الطبيعي ولكنه أقل من الحد الذي يعني أن الشخص مصاب بالسكري.

منذ ذلك الحين وهي تعتمد على دواءٍ مساند يصرفه لها الطبيب، دون أن تغيّر في النمط الحركي لحياتها، وكان الطبيب قد أوصاها بالحركة دون أن يخبرها عن الممارسات الفضلى لها، كما تقول. ورغم اعتقادها بأن المنطقة التي تسكن فيها الآن «مرتّبة»، إلا أنها لا تحب التجوّل فيها مشيًا على الأقدام، وتعتمد في حركتها على أعمال المنزل فقط، قائلة: «ما بلاقي حدا من الجيران بمشي بالمنطقة، ولا عندي جارات صاحبات أمشي معهم».

تستذكر أم محمود أيام سكنها في الزرقاء الجديدة، وتقول إنها كانت بغرض التسلية تمشي يوميًا مع جاراتها لمسافات طويلة، ورغم أنها تفضّل السكن في عمّان على الزرقاء إلا أنها تفتقد المشي مع الجارات، قائلة: «هسة أنا ساكنة لحالي، حتى بناتي متزوجات، يعني مفيش حدا أمشي معه».

وجدت دراسة أُجريت على مرضى السكري الأردنيين أن حوالي 35% فقط لديهم التزام كافٍ بالأنشطة البدنية.

تصنّف عمان أكثرَ المدن الأردنية قابليةً للمشي، من حيث الاهتمام بالبنية التحتية فيها وارتفاع الميزانية المالية المخصصة لها مقارنة بالمدن الأخرى، إلا أن مستويات الحركة البدنية للسكان قد تكون أعلى في المحافظات الأخرى مقارنةً بعمان، والحركة في الأرياف قد تكون أعلى منها في المدن، بحسب المهندسة نيرمين الدلقموني، عضو هيئة التدريس في قسم تخطيط وتصميم المدن في جامعة العلوم والتكنولوجيا، إذ يتأثر مفهوم الحركة في المدينة باعتبارات عديدة كالشعور بالسلامة والانتماء للمكان والنسيج الاجتماعي، فكلما زادت العلاقات الإنسانية داخل المدينة زاد معها الشعور بالاطمئنان للحركة، حيث أن معرفة الجيران ببعضهم في المحافظات يتيح مساحة أكثر أمانًا للحركة في الأحياء السكنية، وكذلك الأمر في القرى التي ينتمي سكانها لنفس العائلة، بحسب الدلقموني.

وتضيف زميلتها في القسم نفسه، المهندسة ياسمين العكور، إن مهمة التخطيط الحضري لا تقتصر على النظر إلى الجانب المادي أو الفيزيائي للمدينة فحسب، إنما تتعلق أيضًا بكيفية خلق مساحات تواصلية بين السكان، ودراسة احتياجهم وإشراكهم بما سيتم تصميمه من أجلهم.

وما يجعل التصميم الحضري في الأردن ذا مستوى متواضع، بحسب العكور، هو أن متخذي القرار بشأن تصميم الأحياء والمدن ينظرون للتخطيط من ناحية فيزيائية فقط، بغض النظر عن الجانب الاجتماعي، فمهندسو العمارة هم من يقوم غالبًا بمهمة اتخاذ قرارات التخطيط، ويعود ذلك لقلة عدد المصممين الحضريين في الأردن، وقلّة عدد خريجي هذا التخصص من الجامعات الأردنية، وعدم الاستعانة بمخططي المدن الموجودين. 

وتنعكس هذه الإشكالية على نواحٍ عدة في واقع المدينة الأردنية، كتطبيق مفاهيم العدالة بين مختلف المناطق على اختلاف دخل السكان، إذ ترى الدلقموني أن القرارات الجيدة المتخذة لخلق نمط حياة صحي في عمان عادةً ما تصب في صالح الأحياء التي يتمتع سكانها بدخلٍ عالٍ، رغم أن الأحياء الفقيرة هي الأكثر حاجة لذلك. وتتفق العكور معها، موضحةً أن القوانين والتعليمات التي تحكم التخطيط في الأردن لا تنص على ضمان العدالة في تصميم الفضاء العام، قائلة: «في نماذج ثانية من العالم، القوانين تتضمن نصوص واضحة، تتطلب إنهم يثبتوا إنهم وفروا أو حققوا العدالة، بحيث تكون المساحات العامة تخدم جميع فئات المجتمع، هذا مش موجود عندنا».

مشاة في مسار الباص السريع بطبربور، وفي حدائق الحسين غرب عمّان. تصوير مؤمن ملكاوي.

يتساءل المخطط الحضري الأمريكي جيف سبيك عن إمكانية جعل المشي جذابًا للسكان. وقد يكون من المنطقي لو طرحنا التساؤل نفسه من أجل مرضى السكري الذين يحتاجون الحركة لضبط مستويات الغلوكوز في الدم، ومع ذلك تصير حركتهم أقل منها لدى الأشخاص الأصحّاء. فكيف لمرضى السكري أن يلتزموا بالمشي والحركة في المدينة؟ يشترط سبيك في نظريته العامة للمشي أن الرحلة سيرًا على الأقدام يجب أن تفي بأربعة شروط رئيسية: أن تكون مفيدة وآمنة ومريحة ومثيرة للاهتمام. وهو ما يجب أن توفرّه المدينة لسكانها ليحافظوا على صحتهم البدنية.

قد تكون قصة فواز محمد (40 عامًا) مثالًا على ما يمكن للمدينة أن توفره لمريض السكري، يعيش محمد في مدينة العقبة، وقد عرف بإصابته بالنوع الثاني من السكري قبل عام، فترك عمله فنيًا للبواخر وصار مشرفًا على سكن من أجل الابتعاد عن الإجهاد البدني. أوصاه الطبيب في المراجعة الأولى بالالتزام بحمية غذائية وممارسة المشي لنصف ساعة يوميًا. وهو ما التزم به محمد، ثم أضاف إلى برنامجه الرياضي ركوب الدراجة والسباحة عدة مرات في الأسبوع.

في البداية، صاحبه شعور بالإحباط نتيجة الإصابة بالسكري، لكنه محمد صار يستمتع لاحقًا ببرنامجه الرياضي، «ما بنكر أول ما عرفت إنه عندي سكري صابني إحباط، بعدين تأقلمت. يعني كنت أول حياتي أتحرك بس ما كنت أمارس الرياضة، الآن صار الوضع إجباري، إنه يلا روح، يلا بكفي قعدة، ما مشيت اليوم، ما سبحت اليوم»، يقول محمد. وقد استطاع في الأشهر الثلاثة الأولى بعد تشخيصه من تخفيض وزنه 10 كيلوغرامات، وتشير الفحوصات إلى تمكّنه من ضبط مستويات السكر في دمه بشكل جيد.

صارت الرياضة لمحمد متنفّسًا لإزالة الضغوطات، وهو يعتقد بأن العقبة مكان جيد لممارسة الرياضة، «فيها أماكن كثيرة للمشي، ممتازة ومبلّطة وشوارعها كثير ممتازة، إذا بتقطع الشارع السيارات بتوقفلك، والبحر موجود بدك بتروح بتسبح»، ما يوحي بأن العقبة قد تكون نموذجًا حضريًا جيدًا حين يتعلق الأمر بتعزيز الحركة.

مدينة صحية من أجل الوقاية

«عادةً ما يكون التزام صناع القرار من أجل مكافحة السكري ضعيفًا عند مقارنته بالأمراض المعدية»، هذا ما أشار إليه مختصّون في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السكري للأعوام 2010 – 2015. أعدّت وزارة الصحة الاستراتيجية بمشاركة عدد من الأخصائيين من مختلف المؤسسات، وهي تشير إلى أن المسؤولين لا يعدّون مرض السكري مشكلةً كبيرة، ويعطون الأولوية للإجراءات ذات التأثير قصير المدى التي من المحتمل أن تُنجز خلال فترة ولايتهم، على حساب الإجراءات ذات التأثير طويل المدى التي من المحتمل أن تظهر نتائجها في فترة ولاية من يخلفهم، وهو ما ينطبق على المبادرات المتعلقة بالسكري، ما يشكّل تحديًا يقف في طريق مكافحة المرض.

إن إحدى غايات «المدينة الحضرية الصحية» هو أن تخلق المدينة الفرصة لتمكين المواطنين من ممارسة النشاط البدني في الحياة اليومية.

توضح الاستراتيجية أن محاولات التخفيف من معدلات المرض في السنوات المقبلة لن تكون بتنظيم الحميات الغذائية وحدها دون الالتفات إلى التوعية بأهمية التمارين البدنية وتحفيز السكان للحركة من خلال التخطيط الحضري، وشددت على ارتباط زيادات معدل الإصابة بالمرض في الأردن بانخفاض مستويات الحركة بين السكان، وأن واحدة من المبادرات التي سيظهر تأثيرها بعد سنوات على المرضى والسكان بشكل عام هي إعادة حق الأفراد في استخدام المساحات العامة كالمتنزّهات ومساحات المشي كالأرصفة.

ومن أجل تحقيق هذا التأثير وضعت لجنة متابعة الاستراتيجية عددًا من المهام التي يتوجب على أمانة عمان والبلديات الكبرى والصغرى تنفيذها بالاعتماد على ميزانياتها الخاصة، منها إزالة العوائق عن أرصفة المشاة، وتخصيص ثلاثة شوارع في كل حي بين الساعة الخامسة والتاسعة مساءً للمشاة فقط، ومنع السيارات من دخولها. لكن الاستراتيجية لم تكن ملزمة قانونيًا، بحسب رئيس قسم الوقاية من الأمراض القلبية والوعائية في وزارة الصحة رفقي محمود، لذا لم يتم تطبيق هذا الهدف من قبل الجهات المسؤولة.

ورغم عدم وجود خطط طويلة الأمد للتخفيف من زيادة معدلات السكري في الأردن، إلا أنه أحد الأمراض المكلفة اقتصاديًا، فقد أشار وزير الصحة سابقًا محمود الشياب في مؤتمر صحفي في 2016، إلى أن التكلفة الاقتصادية السنوية لهذا المرض في الأردن تتراوح بين 1.4 إلى 1.6 مليار دينار آنذاك. وبحسب رفقي محمود فإن هذه الأرقام تقديرية، اعتمد فيها الوزير على دراسة سابقة أجريت عام 2004 لتقدير كلفة مرض السكري وارتفاع الكوليسترول وضغط الدم في الأردن، وكانت تُقدّر حينها بـ654 مليون دينار أردني، حيث تشتمل على نفقات الدواء والمستشفيات والمختبرات والاستشارات الطبية للمرضى.

يمكن القول إن إحدى مقاصد مخططي المدن من مفهوم «المدينة الحضرية الصحية» هو أن تخلق المدينة الفرصة باستمرار لتمكين جميع المواطنين من ممارسة النشاط البدني في الحياة اليومية. وهذا المفهوم قد ينتج عنه تأثيرات اقتصادية جيدة، بحسب المهندسة نيرمين الدلقموني، حيث أن اتخاذ قرار جيد بشأن تعزيز الحركة البدنية أثناء تصميم المدينة سيؤدي حتمًا إلى تخفيف الصرف على القطاع الصحي في الأردن.

تم إنتاج هذا التقرير ضمن مشروع «عيون» للصحافة المحلية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية