ميسي، رونالدو، مارادونا

أفضل 22 لاعب كرة قدم في التاريخ

تصميم محمد شحادة

أفضل 22 لاعب كرة قدم في التاريخ

الإثنين 14 تشرين الثاني 2022

مقدمة المحرر

من هو أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ؟ إنه سؤال مشحون يثير دومًا عصبيات مختلفة، وصراعات حول المعيار الأنسب للقياس. هل عدد البطولات التي حققها؟ أم أهمية الأندية التي لعب معها؟ أم موهبته الخالصة وإمتاعه للناظرين؟ هل هي مهارته الفردية أم قدرته على نقل فريق بأكمله إلى مستوى آخر؟ هل على مسيرته أن تكون طويلة وذات مستوى ثابت؟ أم يتعلق الأمر بتحقيقه إنجازات استثنائية حتى وإن لم تتكرر؟ 

ربما لن يكون هناك جواب قادر على نيل اعتراف الجميع بموضوعيته أو إنصافه، فكرة القدم وغيرها من الرياضات ليست عملية حسابية لها جواب واحد، ولا تنفصل عن الحياة الاجتماعية التي تُلقي بتعقيداتها وانحيازاتها على الملاعب ومن فيها. كما أن الطريقة التي تُلعب بها الكرة نفسها، بل حتى قوانينها وقواعدها، تغيرت على مدى السنوات، إلى الحد الذي قد يجعل مقارنة لاعبين من أجيال مختلفة أمرًا محفوفًا بالصعاب. لكن من بين متابعي كرة القدم الشغوفين والمواظبين، هناك من يستطيع جمع أكبر قدر ممكن من هذه العوامل للوصول إلى ترتيب يحظى بقدر من المصداقية، وإن كان لن يُرضي الجميع بأي حال.

مجلة «فور فور تو» الرياضية، التي أخذت اسمها من التشكيلة الكروية التقليدية، هي إحدى أوسع المجلات المختصة بكرة القدم انتشارًا، وتصدر بـ16 لغة في دول عدة حول العالم. وتعد قائمتها السنوية لأفضل مئة لاعب كرة قدم حاليين في العالم من أهم التصنيفات الصحفية للاعبين. الشهر الماضي، نشرت المجلة قائمة مطوّلة بأفضل مئة لاعب في تاريخ الكرة، مشفوعة بعرض لمسيرة كل منهم وأبرز الإنجازات التي حققوها. هؤلاء المختارون، بحسب محرري المجلة، هم «الأكثر تأثيرًا في حقبة معينة، أو الأكثر ارتباطًا بالذاكرة، أو أكثر من أدهشونا بموهبتهم وإنجازاتهم». 

مع اقتراب كأس العالم بنسخته الثانية والعشرين لعام 2022، تنقل حبر هنا جزءًا من هذه القائمة، نستعرض فيه أفضل 22 لاعب كرة قدم في التاريخ.

22: ماركو فان باستن

هو أحد أكثر لاعبي كرة القدم تألقًا في نصف القرن الماضي وأحد أعظم قصص «ماذا لو» الرياضية. ووفقًا للمعايير الإحصائية البحتة، فإن مسيرة فان باستن الرياضية كانت مثمرة بمعايير الجميع.

أحرز فان باستن 301 هدفًا وفاز بكأس أوروبا مرتين، كما فاز بـ14 بطولة محلية وثلاث كرات ذهبية. إلا أن النهاية المبكرة المأساوية لمسيرته كلاعب كرة قدم هي ما تجعل هذه الأرقام مثيرةً للإعجاب بشكلٍ مضاعف، حيث لعب مباراته الأخيرة وهو في سن الـ28. 

وانطلاقًا من روح ثقافة كرة القدم الهولندية التي ينحدر منها، كان فان باستن متعدد المواهب على نحو مذهل، وربما يكون المهاجم الأكثر اكتمالًا في التاريخ. غير أنه، وعلى النقيض من العديد من معاصريه الهولنديين، كان موقعه واضحًا للغاية: كان في قلب الهجوم، إنه هدّاف خالص. لقد كانت طرقه المتبعة لتأدية مهمته عديدة ومتنوعة. 

أبرز ما في مسيرته: ليس هناك خلافٌ حوله. نتذكر ذلك التأرجح الساحر لقدمه اليمنى حين كان في ميونخ لكي يمرر الكرة بضربة مقوّسة بشكل مثالي فوق [حارس المنتخب السوڤييتي] رينات داساييف، لتبحر كأس أمم أوروبا الفضية بذلك نحو هولندا. ذلك الهدف الذي يعز مثيله يسلبك أنفاسك في المرة الأولى، لكنه يَحسن مع كل إعادة مشاهدة.

21: فرانكو باريزي

كان الفريق الذي أداره أريغو ساكي، الذي فاز بكأس أوروبا عام 1989 وحافظ عليه عام 1990، والذي ضم باريزي وباولو مالديني وأليساندرو كوستاكورتا وماورو تاسوتي، يمتلك أفضل دفاعٍ على الإطلاق. كان باريزي قائد رباعيّ الدفاع، وبصفته الليبيرو، فقد كان مركز الدفاع.

فاز باريزي بستة ألقاب في الدوري الإيطالي، وثلاثة في دوري أبطال أوروبا، وثلاثة في كأس السوبر الأوروبي، وأربعة في كأس إيطاليا. ومن الجدير بالذكر أنه تعافى من تمزق في الغضروف المفصلي لركبته اليمنى في المباراة الثانية لإيطاليا في بطولة كأس العالم 1994، ليعود في الوقت المناسب للمباراة النهائية، بعد 25 يومًا فقط من خضوعه لعملية، مانعًا البرازيل بقيادة روماريو، من التسجيل لمدة 120 دقيقة، لتصل المباراة لركلات الترجيح.

أبرز ما في مسيرته: لعب باريزي، في تشرين الثاني 1989 ضمن ديربي ميلانو، لما يزيد عن ساعة بذراعٍ مكسور بعد ركلةٍ من يورجن كلينسمان لاعب فريق إنتر ميلان، الذي خسر في نهاية الشوط بنتيجة 3-0. وبالنسبة للاعب ميلانيّ أيقونيّ مثله، شغوفٍ للغاية بالسعي للمحافظة على شباكٍ نظيفة، كان هذا من أكثر الإنجازات التي يمكن أن يفخر بها.

20: أندريس إنييستا

قلةٌ من لاعبي كرة القدم يمكن مشاهدتهم بشغف؛ أحدهم هو أندريس إنييستا. ليس هناك أي طريقة تجعله يتخلى عن الاستحواذ، ولم يكن ذلك عبر الدقة الهندسية لتمريراته، كما هو حال تشافي، بل عبر انطلاقاته المتعرجة، ومراوغات الكروكيتا والهجوم عبر خط الوسط إلى الثلث الأخير. كان ذلك بمثابة مشاهدة فنان برفقة ريشة رسم. 

قد يرى إنييستا نفسه، بطريقة ما، غير محظوظ لأنه قضى مسيرته الرياضية في فريقين من أعظم الفرق إطلاقًا، على مستوى النادي وعلى مستوى المنتخب، إذ كان سيحظى بتبجيل أكبر لو لم يكن محاطًا بميسي وتشاڤي والبقية. لكن ما سيتبقى له هو أنه حاز تبجيلًا خاصًا به ضمن تلك الفرقة، بل كوّن لنفسه مكانة ربما تكون الأكثر إبداعًا وبلا ضجة ضمن هذا الثلاثي (بالإضافة إلى مجموعة كاملة من الميداليات).

أبرز ما في مسيرته: الهدف الذي ضمن الفوز بكأس العالم عام 2010، عبر تسديدة شمل صنعها الفوضوي إليها ضربةً هادئة بالكعب من إنييستا نفسه.

19: جوزيبي مياتزا

حين كان عمر جوزيبي سبع سنوات، أرسل إلى «مدرسة الهواء الطلق» في ميلان -المزودة بملاعب كرة القدم وحمامات السباحة وحديقةٍ للحيوانات- وذلك لتقوية رئتيه الضعيفتين. سار العلاج على نحوٍ مذهل تمامًا. لقد كانت مراوغته بالكرة وتقريره السريري الأخير مماثلين للمستوى المطلوب لدى الشباب، لدرجة جعلت صحيفة لاغازيتا واثقة بما يكفي لتكتب بعد أول ظهورٍ له مع الإنتر: «لقد ولد نجم».

بحلول اعتزاله عام 1947، كان قد فاز مرتين بكأس العالم وبلقبي دوري، حيث تغنت أغنية رائجة حينها بأن مياتزا الرشيق «قد سجل الأهداف على إيقاع الفوكستروت». 

لقد كان قصيرًا وممتلئ الجسم وذا مظهرٍ جيد، وغالبًا ما قورن في إيطاليا بنجم الشاشة المحبوب رودلف فالنتينو، إذ كانت حياته الاجتماعية المحمومة مصدر جذبٍ لا ينضب لوسائل الإعلام الإيطالية. سيبقى اسمه مرتبطًا على الدوام بثلاثينيات القرن الماضي، حين هيمن المنتخب الإيطالي على كرة القدم العالمية. في عام 1980، سُمي ستاد سان سيرو بعد وفاته على اسمه تكريمًا له. 

أبرز ما في مسيرته: استمر نجم مياتزا في الصعود حين سجل هدفين في غضون أربع دقائق فقط في شباك إنجلترا خلال «معركة هايبري» التي تلت كأس العالم عام 1934 مباشرة. وقد أعرب عن ندمه لعدم إتمامه للهاتريك وهو الندم الذي لازمه بقية حياته.

18: روماريو 

كان المهاجم البرازيلي قصيرًا وفتاكًا، ذا سيطرة مبهرة على الكرة، وقدرة على إنهاء الهجمات بلا تردد، فحين يسدد الكرة، يكون قد حُكِم على الحارس بالفشل.

نقلت مسيرة روماريو المهنية إياه من فريق فاسكو دا غاما إلى آيندهوفن ومن ثم إلى فريق برشلونة بقيادة يوهان كرويف في التسعينيات. كان غزير الإنتاج أينما حلّ، لكن لم يكن من السهل إدارته دومًا وذلك بسبب شخصيته القوية (وإيمانه الراسخ بأنه يلعب بأفضل ما لديه في كرة القدم بينما يحتفل كل الليل). 

لكنه عمومًا كان يستحق العناء. فسجله مع البرازيل كان رائعًا، ووضعته أهدافه البالغة 55 هدفًا خلال 70 مباراة تمامًا خلف بيليه [ونيمار] ورونالدو في قائمة أفضل هدافي منتخب السيليساو. 

أبرز ما في مسيرته: كان أفضل لاعبٍ في بطولة نهائيات كأس العالم لعام 1994، كما قاد تشكيلة البرازيل في وقتٍ كان فيه المنتخب في أمس الحاجة لذلك عبر تحقيق خمسة أهداف خلال سبع مباريات.

17: باولو مالديني

«كان يمتلك كل الإمكانيات، بدنيًا وعقليًا، كما كانت المتعة المتحققة لديه عند لعبه كرة القدم وهو في سن الأربعين جليةً تمامًا كما كان حين دخلتُ أبواب ميلان لأول مرة».
أندريا بيرلو

قلة من اللاعبين هم مَن يفخرون بخوضهم ألف مباراة. وعدد أقلّ منهم من لعبوا هذا القدر من المباريات كلاعبين ثابتين في التشكيلة في واحدٍ من أقوى الدوريات الأوروبية. لقد حاز مالديني كلا المرتبتين، حيث فاز سبع مرات ببطولة الدوري الإيطالي وخمس مرّات بكأس دوري أبطال أوروبا خلال مسيرته. كان يُجسّد على الدوام مفهوم الجرينتا، أو «العزيمة»، لكن من دون التضحية بالصفات الإيطالية النموذجية التي تتمثل باللباقة والدماثة والوسامة التي لا حدّ لها. 

كان وقع مجيء إيطاليا في المرتبة الثانية في كأس العالم عام 1994 وكذلك في بطولة أمم أوروبا عام 2000 خيبة أمله الوحيدة (بالرغم من أن أداءه لم تشبه شائبة في كلا البطولتين).

وإن كان اعتزاله عام 2009، عن عمر يناهز 40 عامًا، دليلًا على الآثار الحتمية للزمن، فقد كانت السنوات الـ25 السابقة دليلًا جيدًا على النقيض من ذلك تمامًا: لاعبٌ لم تزده السنوات إلا شحذًا لمواهبه الاستثنائية. 

أبرز ما في مسيرته: كان مالديني جزءًا من أفضل ثنائيتين دفاعية في التاريخ، عبر ثنائيته مع فرانكو باريزي، وبعدها مع أليساندرو نيستا، ترافقت إنجازاته السابقة مع حصوله، رفقة باريزي، على لقب بطولة دوريٍ بلا هزيمة عام 1992، وهو ما يحتل ذروة سنام إنجازات مسيرته.

16: بوبي تشارلتون

كانت الهالة التي تحيط بوبي تشارلتون جلية. في 1958 حصلت حادثة تحطم طائرة ميونخ، التي راح ضحيتها زملاء تشارلتون من «لاعبي بسبي»، وطار تشارلتون بسببها على بعد أربعين ياردة من موقع الحطام. احتاج تشارلتون لسنوات بعد هذه الصدمة التي تعرّض لها كي يستعيد ثقته بنفسه.

لقد كانت الدموع التي ذرفها حين فاز اليونايتد بكأس أوروبا في ويمبلي عام 1968 هي دموع الفرح، لكنها أيضًا دموع الحزن على ذكرى أولئك الأصدقاء والزملاء في فريقه الذين كانوا سيفوزون حتمًا باللقب قبل عقد أو نحوه من الزمن، لولا مأساة ميونخ. 

لقد كان تشارلتون إضافة لذلك عضوًا رئيسيًا في تشكيلة إنجلترا [الفائزة] بكأس العالم عام 1966. يصف المدرب ألف رامسي الهدف المدوي الذي سجله تشارلتون وشكل هزيمة للمكسيك في دور المجموعات بأنه «مشهد رائع لجميع الإنجليز»، كما وصعدت إنجلترا إلى نهائي كأس العالم بفضل لمسته الكروية الواضحة خلال نصف النهائي بينما كانت تواجه البرتغال. وبالرغم من أن تشارلتون وفرانز بكنباور قد حيّدا بعضهما البعض في المباراة النهائية، إلا أن تشارلتون استحق المجد الذي حظي به في عام 1966 بجدارة. 

أبرز ما في مسيرته: بعد عامين من تضييق الخناق الذي تعرض له في نهائي كأس العالم نتيجة رقابة بكنباور الشديدة، لعب تشارلتون دورًا محوريًا في فوز مانشستر يونايتد بكأس أوروبا على فريق بنفيكا. جاء بعد الشوط الأول الهادئ، ليمنح فريقه الصدارة بتسجيله لهدفٍ لا مثيل له بضربة رأس، ومن ثم، بتفوق يونايتد بـ 3 أهداف مقابل 1 في الوقت الإضافي، سجّل هدفًا نهائيًا مُنمّقًا بتسديدة رائعة.

15: غارينشيا

«بإمكانه أن يفعل بالكرة ما لا يستطيع أي لاعبٍ آخر أن يفعله، ولولا غارينشيا، لما كان لي أن أحصل على لقب كأس العالم ثلاث مرات».
بيليه

عانى غارينشيا من عدة عيوب خلقية. أحدها كان إعوجاجًا في العمود الفقري. ورجله اليمنى مثنية للداخل، بينما رجله اليسرى كانت أطول من اليمنى بستة سنتيمترات، ومنحنية للخارج نتيجة جراحة خضع لها في طفولته. 

كان الجري حيلته المفضلة، تاركًا الكرة خلفه مع مراقبتها. كان يعود لفعل ذلك مرارًا وتكرارًا، قبل أن يمضي قدمًا بالكرة في نهاية المطاف، تاركًا المُدافع المخدوع واقفًا في مكانه. 

عانى من ركبته في نهاية مسيرته الرياضية، مما جعله يلجأ إلى الكحول. توفي عن عمر يناهز 49 عامًا فقط، تاركًا خلفه ثلاث زوجات سابقات و14 طفلًا من مُختلف زيجاته. غالبًا ما تستدعى ذكراه في البرازيل بلقبه الآخر: بهجة الشعب. 

أبرز ما في مسيرته: قيادة البرازيل لتحقيق الفوز في كأس العالم عام 1962 بعدما كان زملاؤه تحت وطأة صدمة خروج بيليه المبكر بعد تعرضه لإصابة.

14: زيكو

هو أعظم لاعبٍ برازيلي لم يفز بكأس العالم. سجل 333 هدفًا لوحده في ملعب ماراكانا، وقاد نادي فلامنجو ليفوز بأربعة ألقاب في الدوري ولقب في بطولة كوبا ليبرتادوريس وكأس العالم للأندية في الثمانينيات. 

بينما انتهى مشوار البرازيل الذي لا يُنسى في كأس العالم عام 1982 بخيبة أمل، سجل زيكو أربعة أهدافٍ في خمس مباريات شارك فيها. كما شارك أيضًا في كأس العالم 1986، لكنه كان بعيدًا عن لياقته الكاملة حين خسرت البرازيل أمام فرنسا في ربع النهائي. 

لكن وبالرغم من ذلك، فإن المشجعين البرازيليين يحتفون بعيد ميلاده في الثالث من آذار كما يحتفون بالكريسماس. لن يتمتع أحد بتلك الحفاوة من فراغ.

أبرز ما في مسيرته: يعدّ زيكو أول لاعبٍ برازيلي ينتقل إلى كرة القدم الأوروبية، وذلك حين وقع عقدًا للانضمام إلى صفوف نادي أودينيزي عام 1983 رغم العروض التي تلقاها من روما وميلان. لقد حاولت السلطات الإيطالية عرقلة انتقاله نظرًا للمبلغ الكبير الذي دفعه أودينيزي، مما أثار موجةً من الاحتجاجات الانفصالية في الشوارع التي هتفت قائلة: «إما زيكو أو ننضم إلى النمسا».

13: ميشيل بلاتيني

يعدّ واحدًا من أعظم لاعبي خط الوسط في التاريخ، لقد كان شرسًا أمام المرمى، يمتلك عقلية فائزٍ. وبفضل ذلك تمكن من التفوق أينما حلّ، حيث قدّم ما يمكننا بأن نصفه بأنه أعظم أداءٍ فردي على الإطلاق في بطولة دولية، وذلك حين قاد فرنسا إلى الفوز على أرضها بلقب بطولة أمم أوروبا مسجّلًا تسعة أهداف خلال خمس مباريات. 

ترك لاتيني أفضل أداء له لمنتخبه الوطني، والذي شكل فيه مع كلٍ من آلان جيراس وجان تيغانا أحد أفضل خطوط الوسط في العالم، لقد اقتربوا من نهائي كأس العالم 1982، قبل أن يخسروا بشكل درامي أمام ألمانيا الغربية بركلات الترجيح خلال نصف النهائي. 

بعد عامين، وفي بطولة أمم أوروبا كان من غير الممكن إيقاف بلاتيني، إذ سجّل ثلاثيتين أمام بلجيكا ويوغوسلافيا في مرحلة المجموعات، وفي النهاية قال كلمة الفصل في المباراة النهائية أمام إسبانيا بركلة حرة. 

كان بلاتيني ألمع نجم في العالم حينها، فاز بثلاث كرات ذهبية على التوالي في 1983 و1984 و1985. بكى معه عشاق كرة القدم حين خسرت فرنسا نصف نهائي كأس العالم مرةً أخرى عام 1986. بعد ذلك بعام، اعتزل كرة الملاعب وعمره 32. وهو ما بدا قرارًا قاسيًا وسابقًا لأوانه بنظر الملايين الذين لطالما استمتعوا بمشاهدته يلعب. 

أبرز ما في مسيرته: يعدّ بلاتيني فوز فرنسا بنتيجة 3-2 على البرتغال في نصف نهائي بطولة أمم أوروبا 1984 أفضل مباراة لعبها. حيث أحرز الفوز لفريقه بشكل مثير خلال الوقت الإضافي، بعد 119 دقيقة.

12: ألفريدو دي ستيفانو

«مَن يكون هذا الرجل؟ أينما كان في الملعب فإن الكرة تكون معه. يمكنك أن تلحظ تأثيره على كل ما يحدث»، هذا ما كتبه بوبي تشارلتون بعد أن شاهد الأرجنتيني دي ستيفانو يلعب في صفوف ريـال مدريد عام 1957. صرّح عدة لاعبين من بينهم تشارلتون وفرانز بكنباور، بأن دي ستيفانو ربما يكون أفضل لاعبٍ من جميع النواحي. 

لقد تقاتل ريـال مدريد بأقصى جهده مع برشلونة خصمه اللدود لضم ستيفانو إلى صفوفه. وفي خضم المعركة الضارية بين أولئك العمالقة، اقترح الاتحاد الإسباني لكرة القدم أن يتشارك الناديان في اللاعب، غير أن المثير للجدل كان فوز مدريد به أولًا. ادعى مسؤولو فريق برشلونة بأن التأثير الفرانكوي Francoist كان السبب الرئيس خلف القرار الذي اتخذه الاتحاد، لكن تم إقناعهم لاحقًا ببيع حقوقهم للاعب على أية حال. 

فاز دي ستيفانو، خلال الـ11 عامًا اللاحقة، بثمانية ألقاب إسبانية، وانتزع 218 هدفًا خلال 282 مباراة وفاز بخمسة كؤوس أوروبية متتالية. وبطبيعة الحال، سجل أهدافًا في جميع النهائيات الخمس. في آخر يوم من موسم الدوري الإسباني عام 1958/59، وفيما كان كلا اللاعبين متساويين في عدد الأهداف المسجّلة، مرّر فرينتس بوشكاش الكرة لزميله في الفريق دي ستيفانو بدلًا من أن يسجلها هو. يقول المجريّ بوشكاش: «إن دي ستيفانو أفضل مَن جاء أو سيأتي». 

أبرز ما في مسيرته: سجل دي ستيفانو ثلاثية تخطف الأنفاس ساهمت في فوز ريـال مدريد المذهل بنتيجة 7-3 على نادي آينتراخت فرانكفورت في ملعب هامبدن بارك في نهائي كأس أوروبا 1960.

11: غيرد مولر

يمكننا القول بكل بساطة، إن غيرد مولر كان أفضل مهاجم خالص شهده العالم على الإطلاق. لم تكن مهاراته التقنية عظيمة، كما لم يكن سريعًا ولا ذا بنيةٍ جسدية مهيبة، غير أن ذلك الألماني الاستثنائي يمتلك موهبةً غير عادية في التواجد في المكان والوقت المناسبين لوضع الكرات في الشباك. لم يكن أحدٌ قادرًا على فعل ذلك مثله. 

حظي بسجل تهديفي مذهل. حيث سجل 365 هدفًا خلال 427 مباراةٍ في الدوري الألماني مع بايرن ميونيخ، كما فاز باللقب أربع مرات. وسجل 40 هدفًا في موسمٍ واحد في 1971/72. ومن ثم سجل 67 هدفًا خلال 49 مباراة في جميع البطولات في 1972/73. كما سجل أهدافًا في مبارتين من أصل ثلاثة مباريات نهائية في كأس أوروبا التي فاز بها الباڤاريون بين عامي 1974 وعام 1976. 

كان مولر أفضل هداف في بطولة كأس العالم 1970 برصيد ستة أهداف خلال ست مباريات. وفي بطولة أمم أوروبا 72، سجل هدفين في الدور نصف النهائي أمام بلجيكا ومرتين أخريين في النهائي ضد الاتحاد السوڤيتي حيث فازت ألمانيا الغربية. ومن ثم حقق الفوز الثمين في نهائي كأس العالم 1974. 

باختصار، لم يكن من الممكن كبح جماحه. لقد كانت قدرته على الاستجابة بصورة أسرع من أي شخص حوله، والقفز أعلى من غيره رغم أن طوله أقل من خمسة أقدام وعشر بوصات، قدرات تخطف الأبصار. أُعجب مشجعوه وزملاؤه على حدٍ سواء بقدراته الفريدة، ولذلك لُقب بالمدفع الألماني Der Bomber. 

أبرز ما في مسيرته: كانت هولندا جديرة حقًا برفع كأس العالم في 1974، لكن مولر كان الرجل الذي سجل الهدف الوحيد في اللعب المفتوح في النهائي ليحقق الفوز لألمانيا الغربية. كانت ركلةً ضعيفة، لكن يستحيل إيقافها. لقد تفوق على فريق يوهان كرويف وهو الأمر الأكثر أهمية.

10: رونالدو

«هل صورتم ذلك؟» وجه رونالدو السؤال للمراسلين والابتسامة تعلو محياه بعد أن سجل هدفه الخامس خلال مباراة واحدة عام 1993.

لم يكن قد أصبح حينها رونالدو البرازيلي المعروف. كان معروفًا برونالدينيو وسجل 12 هدفًا خلال أول ظهورٍ له في الموسم مع نادي كروزيرو، خمسةٌ منها كانت في شباك نادي باهيا، واحدٌ من تلك الأهداف كان تحفة فريدة حين سرق الكرة من حارس مرمى الأوروغواي المحنك رودولفو رودريغيز ودفعها نحو الشباك الفارغة. لم يكن يدرك، حينها، بأنها سيحظى بالعديد من تلك اللحظات مسجلةً على شريط. ولنكن أكثر دقة، بـ420 هدفًا طوال مسيرته. 

لقد أصبح مكان الطفل أصلع الرأس ذي الفلجة بين أسنانه محفوظًا الآن ضمن كوكبة لامعة تشمل عظماء العصر الحديث. فاز بأول جائزة فيفا لأفضل لاعب للعام في العشرين من عمره عام 1996، لقد كان ثاني لاعب كرة قدم يُكرّم ثلاث مرات، ويفوز مرتين بالكرة الذهبية وينال لقب أفضل هدافٍ في كأس العالم 2006 من خلال هدفه الخامس عشر (تقدم عليه منذ ذلك الحين ميروسلاف كلوزه في 2014). 

هل كان هناك موسم أول أكثر إبهارًا في أي نادٍ أينما كان يفوق ذلك الذي قدمه رونالدو في برشلونة؟ سجل البرازيلي 47 هدفًا في 51 مباراة حيث فاز الفريق الكتلوني بكأس الملك وكأس الكؤوس الأوروبية، وبصعوبة خسر لقب الدوري الإسباني. لكن برشلونة لم يتمكن من الاحتفاظ به طويلًا، حيث وقّع المهاجم مع نادي إنتر عام 1997 وكان النجم الجذاب في كأس العالم 1998، حيث فاز بالكرة الذهبية مُتممًا أربعة أهداف. 

ومع ذلك، لم يسر الفصل الأخير كما خُطط له، لقد كان سيئًا: عانى رونالدو من إصابة قبل النهائي ضد فرنسا ولم يلعب كما يجب بعد أن تم اختياره في التشكيلة الأساسية، فكانت النتيجة خسارة البرازيل 3-0 أمام أصحاب الأرض. وقّع لاحقًا مع ريـال مدريد وأظهر لمحاتٍ عجيبة من أفضل قدراته بصفته لاعبًا من لاعبي الغالاكتيكوس. لكن حاله لم يكن كما سبق، ليعتزل عام 2011. كان ما يزال يُحرز أهدافًا، لكن بعد أن أعاد اختراع أسلوبه، نظرًا إلى نمط حياته المنفلت وركبتيه غير المستقرتين. 

أبرز ما في مسيرته: شكل هدفاه المسجّلان في نهائي كأس العالم 2002 لصالح البرازيل ضد ألمانيا خاتمةً لواحدة من أعظم الحكايات في تاريخ اللعبة.

9: فيرينتس بوشكاش

بدأ بوشكاش لعب كرة القدم لصالح منتخبه الوطني في عمر الثامنة عشر، ووجد طريقه للشباك في أوّل مبارياته، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف عن التسجيل، إذ بلغَ معدّل أهدافه أكثر من هدف في المباراة الواحدة على مدار رحلته الكرويّة اللامعة، بما فيها 87 هدفًا في 85 مباراة لصالح المجر.

وقد أُحرزَت أربعة أهداف منها في كأس العالم عام 1954، حينما ارتدى بوشكاش شارة الكابتن، عن فخرٍ، وبدأ محرزًا الأهداف ضدّ ألمانيا الغربيّة في المباراة النهائيّة وذلك بعد ستّ دقائق فقط من بدء المباراة. لكن، وللأسف، لم يكن بوشكاش بكامل لياقته لتلك المباراة بعد تعرّضه لكسر شعري ضد الخصوم أنفسهم في دور المجموعات. وهكذا، باضطراب ملحوظ، خسرت المجر النهائيّ بنتيجة 3-2.

اختار بوشكاش ألّا يقيم في المجر بعد ثورة 1956، وسعى حثيثًا إلى مواصلة مسيرته الرياضيّة في الخارج. ومن سوء طالعه، فإنّ الإيقاف اللاحق من الاتحاد الأوروبيّ لكرة القدم استلزم أنّ ينتظر لعامين آخرين قبل أن يكون قادرًا على تمثيل ريـال مدريد. وانضمّ إلى الريـال في آخر المطاف عام 1958 وهو في عمر الواحد وثلاثين، غير أنّه مع ذلك أصبح هدافًا من أكثر الهدافين تسجيلًا في التاريخ بـ242 هدفًا في 262 مباراة. والحال أنّ شراكته مع ألفريدو دي ستيفانو كانت فاتنة عن حقّ، إلّا أنّه فاقَ الأرجنتينيّ العظيم فظلّ حتى عام 1966. وأضحت إسبانيا بلده الثاني، حتى إنّ بوشكاش مثّلها في كأس العام عام 1962، وإنْ كان ذلك دون فوز.

أبرز ما في مسيرته: تسجيله لأربعة أهداف -دخلت كلّها في الشوط الثاني- في ظهوره الأوحد في نهائي كأس أوروبا، حيث هزم ريـال مدريد آينتراخت فرانكفورت هزيمة ساحقة بفوزه بسبعة أهداف مقابل ثلاثة في ملعب هامبدن بارك عام 1960. ولم يشهد النهائيّ السابق عام 1959 بسبب إصابته، ولم يكن في تشكيلة الفريق الأساسيّة حيث ظفر ريـال مدريد بالبطولة الأخيرة من مسيرته في عام 1966.

8: فرانز بكنباور

كان بكنباور، مثله كمعظم اللاعبين الكبار، بارعًا في اللعب في عدّة مواقع في أرض الملعب. وبكنباور الذي كان بالأساس رأس حربة، ظهر أول مرة في البايرن كجناح أوسط في دوري الجنوب الغربيّ الإقليميّ. وفي أول موسم كامل لبكنباور، صعد البايرن إلى البوندسليغا (الدوريّ الألمانيّ) الذي شُكّل مؤخرًا حينها. وبازدهار الفريق الشاب للبايرن، أضحى القوة المسيطرة تدريجيًّا في كرة القدم الألمانيّة الغربيّة.

وقد فاز البايرن بثلاثة ألقاب الدوري الألمانيّ في الفترة ما بين 1972 إلى 1974، وفاز بالمثل في كأس أوروبا في الأعوام 1974 و1976. وقادَ بكنباور ألمانيا الغربيّة على الساحة العالميّة للفوز ببطولة أوروبا عام 1972، وبكأس العالم عام 1974. ولم يكن بكنباور -حاله حال البايرن- محبوبًا على الصعيد العالميّ، وأفصح في كثير من الأحيان عن صدمته من العدوان الذي أُبديَ ضد فريقه حين كان يلعب خارج البلاد في مباريات البوندسليغا. وقد حُظرَ بكنباور، وهو ابن الثامنة عشر، من فريق شباب ألمانيا الغربيّة بسبب رفضه الزواج من صديقته الحبلى، ومن ثمّ لم يعد يُختار -وهو أمر أثار الجدل- للمباريات الدولية بعد انضمامه إلى نادي نيويورك كوزموس عام 1977، وقضائه لأربعة أعوام مليئة بالنجاح.

رجع القيصر إلى البوندسليغا في بواكير الثمانينيّات، حينما قادَ هامبورغ إلى لقب الدوري. لقد وُلدِ بكنباور فائزًا.

أبرز ما في مسيرته: على أراضي ملعب هامبدن بارك عام 1976، قاد بكنباور البايرن في تلك الليلة التي أكمل فيها الفريق ثلاثية فوزه بكأس أوروبا، حيث أوقع الهزيمة بفريق سانت إتيان. «ولازلتُ أحمل كبيرَ فخرٍ بداخلي حيال هذه الانتصار الكبير»، هكذا يستدعي بكنباور.

7: جورج بست

كان ذلك عام 1968، حين كان جورج بست في الثانية والعشرين من عمره، بسرعته وإيمانه ومقدرته الفنيّة وتوازنه وإبداعه على نحو مثاليّ؛ حيث استحقّ، عن جدارةٍ، أن يلحق باثنين آخرين هما دينيس لو وبوبي تشارلتون ليشكلوا «الثالوث المقدس» في الفوز بالبالون دور. ومن بعدها، أخذ بِست ينحدرُ بصورة تدريجيّة.

تمثّل أول ظهور لجورج بست مع فريق مانشستر يونايتد في نيسان عام 1963. وفاز بحلول 1968 بلقب الدوري الإنجليزيّ مرتين، في حين توافقت أهدافه الاثنين والثلاثين في ثلاثٍ وخمسين مباراة عامي 67/68 مع فوزهم بكأس أوروبا.

لكن، وفي نهاية الأسبوع الأول من عام 1972، ومع تردّي اليونايتد وانهماك بست في لعب القمار وشرب الخمر بشراهة، غرّمه النادي بسبب تغيّبه عن التمرين. وكان بست قد أعلن اعتزاله لمرتين، وقد ازداد وزنه جرّاء كسله وقلة نشاطه، لكن عدلَ عن رأيه من دون أن يعيد اكتشاف مستواه السابق.

وكان ظهوره الأخير في مانشستر يونايتد ضدّ كوينز بارك رينجرز في كانون الثاني 1974. وقد وافته المنيّة وهو في عمر التاسعة والخمسين، بسبب اعتلاله المرضي المتعلق بإدمانه الكحولي. كان بست قد تزوج مرتين، وطلق مرتين، وعانى ماديًا، بل وقضى اثني عشر أسبوعًا في السجن عام 1984.

«أنا أوّل الذين جعلوا كرة القدم تظهر في الصفحات الأولى، بعد أن كانت في الصفحات الخلفية»، وهو اقتباس شهير من أقواله. غير أنّ بست كان لديه سحرٌ على أرض الملعب، ونجومية خارجه، ليسيطر على كليهما.

أبرز ما في مسيرته: ساهم أداؤه في نهائي كأس أوروبا عام 1968 ضد بنفيكا بفوز فريقه بنتيجة 4-1؛ وهو الأمر الذي جعل من يوناتيد أول الفائزين الإنجليز بهذه البطولة.

6: يوهان كرويف

«حوّل كرويف كلاعبٍ كرةَ القدم إلى ضرب من ضروب الفنّ. وهكذا، ما إن جاء يوهان حتى أحدثَ ثورةً على كلّ شيء. وبدأ برشلونة بشكله الحديث معه، فهو تعبيرٌ عن هويتنا؛ فقد جاء إلينا بنموذج لكرة القدم نحبه ونعشقه».
خوان لابورتا

بعد شهرين فحسب من أول ظهور له في الفريق، التقى كرويف رينوس ميتشلز، وابتدع الثنائي معًا «كرة القدم الشاملة». في هذا النمط، فتح لاعبو الأجنحة والأظهرة المتقاطعون معهم الملعب على اتساعه، وشُجّع المدافعون على لعب الكرة من الخلف (في حال تراجع لاعب خطّ وسط لملء الفراغ)، وبالتالي يمكن للاعب الوسط -الذي هو كرويف غالبًا- أن يتحرك بكل حرية، ليكون صانع اللعب لمهاجم مثل ميتشلز.

وقد آتت الخطة أكلها، ونجحت. وفاز كرويف بعشرين من الألقاب الكبرى، بما فيها الفوز بكأس أوروبا ثلاث مرّات متتالية من العام 1971 إلى 1973، وذلك قبل أن يُبعد، لكونه لاعبًا ثائرًا، إلى برشلونة. ولم يكتف بأنه أحدث ثورة في أحد النوادي، بل فعلها المخلّص مرّة أخرى ليفوز لبرشلونة بلقب الدوري الأوّل منذ 14 سنة. فما من أحد يقدر أن يضاهي سرعته ولا رؤيته ولا نظرته المسلّطة لإحراز الهدف.

يُقال إنّه كان جزءًا من أحد أعظم الفرق التي لم تفز بكأس العالم عام 1974، حيث خسرت هولندا 2-1 أمام ألمانيا الغربية في النهائي، بعد أن أحرزت هدفًا دون أن يمسّ الفريق المستضيف الكرة على ملعبه. لكن لربما لم يصل كرويف إلى ذروته مع المنتخب الوطني، وذلك لا يدل على شيء إلا على ألمعيته.

عن عمر ناهز الواحد والثلاثين، اعتزل كرويف عام 1978، رافضًا أن يذهب إلى كأس العالم ذاك العام. لكنه عاد من جديد في العام التالي بعد أن خسر ثروته في مشروع مزرعة خنازير في كاتالونيا. وبعد تجارب ناجحة في أميركا مع فريق لوس أنجليس أزتيك وواشنطن ديبلوماتس، عاد محمّلًا بالانتصارات إلى فريق أياكس، ولعب حتى لموسم واحد مع عدوهم اللدود فينورد.

أبرز ما في مسيرته: تلك الالتفافة، في كأس العالم ضد السويد عام 1974، تعدّ واحدةً من أعظم الخدع في كرة القدم، وأبرز ما في مسيرة ضحيتها يان أولسن، والذي وصفها لاحقًا بالقول: «لقد عشقت كل شيء متعلق بهذه اللحظة، وعلمت أنها ستصير ذائعة الصيت في كل مكان، ظننتُ بأنّني سآخذ الكرة. ولا زلتُ غير مستوعب كيف لم يحصل ذلك. في كلّ يوم أفكر فيه بكرة القدم، أفكر في يوهان كرويف».

5: زين الدين زيدان

ثمّة تصور سائد في كرة القدم بأنّ اللاعبين الأكثر إبداعًا غالبًا ما يكونون الأقلّ فعالية، وأن جمال الأسلوب يأتي على حساب القوة. هذه المعادلة هي ما يشكّل فكرة اللاعب المهاري. كان زيدان اللاعب الأشد مهارية في أسلوبه، إلّا أنّه ضمّ هذه المهارية إلى مستويات عالية من الإصرار على المنافسة، مشكّلًا مزيجًا صلبًا من التكنيك والجمال والتنافسية والمقدرة الخارقة على اختيار لحظات تدخله بكلّ براعة.

فبالنسبة إلى لاعبٍ تمثلت وظيفته الأساسية في التمرير والصناعة، وكان بعيدًا عن إحراز الأهداف بغزارة، فإنّ زيدان كان حاسمًا بصورة ملحوظة، كما يتضح من الأهداف التي أحرزها في نهائييْن منفصلين لكأس العالم ومن هدف الفوز المذهل في نهائي أبطال أوروبا مع ريـال مدريد عام 2002.

غير أنّه وبقدر إنتاجيّته، فالأمر يبدو كما لو أنّك تشاهدُ فنّانًا يمارس عمله.

يوجه أغلبية اللاعبين جهودهم في المباراة نحو ما يمكن أن يجعلهم فائزين؛ مضحين في سبيل ذلك بالجمال على مذبح الميداليات البراقة. أما لزيدان، فهذه التسوية بمثابة هرطقة: فالنجاح ببساطة هو النتيجة الحتمية لجماله الاستثنائي على أرض الملعب.

أبرز ما في مسيرته: يبدو أنّ الأهداف الحاسمة في نهائييْ كأس العالم ودوري الأبطال هي محطات الأبرز في مسيرته. لكن بالنسبة إلى كثير من المولهين به، فإنّ أفضل لحظاته واتته في ربع نهائي كأس العالم 2006. حيث قدّم زيدان ضد البرازيل واحدة من أمتع مبارياته على الإطلاق، وكأنه محفوف بعون إلهيّ في المراوغة واللعب وسط الميدان -بنضجٍ وحيويّة شبابيّة- وكأن السنوات تُستأنف من جديد، مؤمّنًا لنفسه جائزة أفضل لاعب في البطولة، آخذًا بيدي بلاده إلى النهائيّ.

4: بيليه

كان بيليه وهو في عمر السابعة عشر، عام 1958، أصغر لاعب يظهر في نهائي كأس العالم. سجّل ستة أهداف في بطولة كأس العالم في السويد، بما فيها ثلاثة في نصف النهائي واثنان في النهائي. من المفترض أن هذا الانتصار كان واحدًا من ثلاث كؤوس عالم رجعَ بها بيليه إلى وطنه الأمّ كإجابة على الدموع التي رآها تنهمرُ على خديْ والده، [يوم خسرت البرازيل نهائي كأس العالم 1950].

وصلت مشاركات بيليه عام 1962 إلى حدها الأدنى نظرًا إلى الإصابة، بينما جعله الاستهداف المستمر [ من مدافعي الخصوم] في 1966 يُقسم أنّ هذه ستكون آخر مشاركة له في كأس العالم. لكنّه نكصَ عن قسمه. فقد اقتنعَ بالعودة إلى البطولة الرابعة عام 1970، وصنّفت هجماته ضمن أفضل الهجمات التي أُحرزت على الإطلاق، جنبًا إلى جنب هجمات توستاو وجيرزينيو وريفيلينو وكلودوالدو وجيرسون. وفي حين أنّ جيرزينيو هو الأعلى في رتبة الأهداف، إلا أن بيليه أضاف إلى رصيده أربعة أهداف أخرى في كأس العالم.

جال بيليه في الستينيات والسبعينيات بناديه سانتوس العالم. وفي نيجيريا، أُعلنت هدنة مدتها يومان في الحرب مع بيافرا كوسيلة كي يتمكّن الفريقان المتحاربان من مشاهدته وهو يلعب. وأثر بيليه على جوهر كرة القدم النيجريّة كبير للغاية؛ حدّ أنه حين توقع أن تفوز دولة أفريقيّة بكأس العالم قبل الألفيّة الجديدة، رأى المشجعون المحليون في نيجيريا الفائز القادم بالفعل.

«لقد أرادوا في بعض البلدان أن يلمسوه بأيديهم. وفي بعض البلدان الأخرى، أردوا تقبيله. أمّا في بلدان أخرى، فقد قبّلوا الأرض التي مشى عليها»، هكذا حكى زميله السابق كلودوالدو.

لعبَ البرازيليّ مباراته الأخيرة لصالح سانتوس عام 1974، وأخَّر خططَ اعتزاله للتوقيع مع فريق نيويورك كوزموس. فقد كان مكبّلًا بالديون ومستميتًا من أجل أن يتعافى ماديًّا، ولذا اختار الانتقال إلى دوري أمريكا الشمالية لكرة القدم (NASL). وبعد أن قاد نادي كوزموس للحصول على لقب الدوري عام 1977، لعب بيليه مباراة الوداع في يوم ماطر بنيويورك. لكن، يا لها من أيام أشرق فيها وتألق قبل ذلك اليوم.

أبرز ما في مسيرته: في التاسع عشر من نوفمبر عام 1969، سجل بيليه هدفه الألف من ركلة جزاء في مباراة ضد فاسكو دا جاما في ملعب ماراكانا.

3: كريستيانو رونالدو

نعرفُ جميعًا مواصفاته: لمسته الأخيرة الغريزية، تحرّكاته الحاسمة، وتركيزه منقطع النظير. لدى رونالدو انفجاريّة في الركض، وجهاز عضلي لمقاتل شرس، وقفزة لا تكون إلّا للاعبي كرة السّلة في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين. تشتملُ تحركاته على عدد من الركضات الفردية المذهلة، وعلى ركلات حرة تتحدى الجاذبية، وضربات رأسية يبدو خلالها وكأنه عالق في الهواء. وبصفته هدّافًا، كان رونالدو أقرب ما يمكن تصوره للكمال.

لقد قال السير أليكس فيرغسون بأنّه لم يسبق له أن درّب لاعبًا أكثر موهبة منه، رغم أنّ الموهبة ليست سوى جزءٍ ممّا جعل رونالدو على هذا النحو من الروعة. وأهم من ذلك هو صرامته العقليّة. وإن كان هناك البعض ممَن هم أفضل منه، فإنّ الأقلّ منهم -في حال وُجِدوا- كانوا على هذا القدر من الاحترافية والانضباط والتفاني.

وفي حين أنه كان لاعبًا في اليونايتد بالفعل وهو ابن الرابعة والعشرين، فقد انتقل رونالدو إلى ريـال مدريد، مقتنصًا فرصة بعقد يبلغ ثمانين مليون جنيه استرليني. وبعد تحطيمه الأرقام القياسية وحصوله على الجوائز والميداليات، انتقل رونالدو من كونه جناحًا مخادعًا إلى هدّاف شرس، ما أطال من أمد بقائه على القمة.

وفي عمر الثانية والثلاثين، وهو عمر يكون معظم المهاجمين فيه معتزلين، مكّنه أسلوبُ حياته المنضبط من إحراز أهداف حاسمة في ثنائية فوز ريـال مدريد بالليجا ودوري الأبطال عام 2017. وقد يكون الزمن كفيلًا بإيصال أيّ لاعبٍ إلى نهايته، بيد أنّ رونالدو يبدو جاهزًا لخوض القتال ضدّ الزمن.

قد يحسبه التاريخ، وهو يسترجعُ نفسه، أنّه غير محظوظ لأنه لعب في الحقبة نفسها التي لعب فيها ميسي، غير أنّ هنالك الكثيرين ممّن ستلهمهم إنجازاته. إذ قلة من اللاعبين كرة القدم وصلوا بسعيهم إلى العظمة إلى الحد الأقصى. أما بالنسبة إلى هؤلاء الذين ليس بمقدورهم الارتكاز إلى المواهب الفطرية، فسيبقى ما سجّله رونالدو مثالًا على المثابرة والعزيمة وقوّة الإرادة.

أبرز ما في مسيرته: في عام 2008، ساعدت رأسية هائلة من رونالدو فريقه مانشستر يونايتد على التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا، وهو ما أفضى إلى تحقيقه حلم حياته في أن يتوّج، وله من العمر 23 عامًا، أفضل لاعبٍ في العالم، ولم تكن تلك إلّا البداية.

2: دييغو مارادونا

سجّل بيليه الكثير من الأهداف. وفاز رونالدو بميداليات كثيرة. وعاش كلاهما حياة أكثر استقرارًا من مدمن كوكايين سابق وبَدين يأتي في المرتبة الثانية من هذه القائمة، وقد أضحت علاقته بكرة القدم متوترة بصورة متزايدة كلما مضت سنوات مسيرته الكروية. لكن، إذا أبصرت الكرة تحت رجليْ مارادونا؛ فسوف تفهم.

بعد أن فاز مارادونا بالدوري مع فريق بوكا جونيورز، انتقل إلى برشلونة مقابل عقد قياسيّ عالميًّا بقيمة خمسة ملايين جنيه استرلينيّ، وذلك عام 1982. وفي كاتالونيا، كانت هي المرة الأولى التي جرّب فيها الكوكايين، وأُصيب بالتهاب الكبد كما كُسر كاحله بسبب اللاعب أندوني غويكيوتكسيا، في أيلول 1983. وقد احتفظ غويكيوتكسيا، الملقّب بجزّار بلباو (Butcher of Bilbao)، بالحذاء الذي استخدمه في ذلك الانقضاض في علبة زجاجية في منزله.

حاول مارادونا الثأر والانتقام في نهائي كأس الملك عام 1984، حيث نطحَ أحد اللاعبين، ودفع آخرَ بمرفقه، راكلًا لاعبًا ثالثًا في رأسه، بحيث أفقدهم وعيهم. وسُرعان ما بيعَ لنابولي، بسعر آخر قياسيّ على مستوى العالم.

وقد أكّد مارادونا أسطوريته في المواسم السبعة التي قضاها في نابولي. وما تزال كنيسة دييغو مارادونا قائمة، وموجودة. ولم تقترب نابولي أبدًا من الظفر بدوري الدرجة الأولى قبل مقدم الأرجنتينيّ مارادونا، لكنّه التألق الألمعي لمارادونا حدّ أن نابولي فاز ببطولتي دوري عاميْ 1987 و1990. وفي طريقه إلى الفوز بكأس الاتحاد الأوروبي عام 1989، بات إحماء الفتى الذهبي مارادونا في نصف النهائي قبل مواجهة بايرن ميونيخ منذ ذلك الحين بمثابة الأسطورة الكروية.

ثمّ ها هي الأرجنتين وكأس العالم في عام 1986. والحال أنّ خورخي فالدانو وخورخي بوروتشاجا وأوسكار روجيري كانوا لاعبين جيدين، بيد أنه من المستحيل -كما هو الحال مع نابولي- أن يفوز المنتخب الأرجنتيني بالبطولة دونما تسجيل أهداف خمسة من ساحرهم وكابتنهم الفذ ودون خمس تمريرات، ودون ألمعيّة عامة في كلّ أدائه. ميكافيلليًا على الدوام، تعلم مارادونا بأصعب السبل في شوارع بوينس آيرس ما يسمّيه الأرجنتينيّون حياة الكريول (viveza criolla)، أو الدّهاء المحلي، حيث الغاية تبرر الوسيلة على الدوام. وعرف مارادونا بأن [هدف] «يد الله» لا بدّ أن يلغى ولذا صرخ بزملائه في المنتخب «هلمّوا عانقوني، وإلّا سيلغي الحكم الهدف». إلا أن إيقاع الهزيمة بإنجلترا في ربع النهائيّ كان أشد أهمية.

«أحسست برغبةٍ في التصفيق. ولم أحس بهذا من قبل على الإطلاق»، هكذا قال [لاعب منتخب إنجلترا] غاري لينكر والذي لعب ذلك اليوم. «لقد كان من المحال تسجيل مثل هذا الهدف الجميل. إنه أعظم لاعب في كل الأوقات، وهو بمثابة ظاهرة فريدة وأصيلة».

أبرز ما في مسيرته: إحرازه لهدف القرن بكأس العالم في عام 1986. البشر الفانون لا يجب أن يكونوا قادرين على تسجيل أهداف مثل هذا.

1: ليونيل ميسي

ستُدبّج كتب التاريخ المدائح في ميسي، إلا أن محدوديتها ستسيء إليه. ففي عشرين عامًا، سيقرأ مشجعو كرة القدم من الشباب عن شخصية أسطورية أذهل تألقها العالم برمته، محطمةً مجموعات من الأرقام القياسية، ومستفتحةً حقبة من هيمنتها وسلطانها، ولكن وإلى أن يشاهدوا مقاطع الفيديو، فإنهم لن يدركوا حقيقة ما فاتهم. 

إن عدد أهداف ميسي يبدو باهتًا عندما يقارن بجمالها. وحتى هدف الشهر قد لا يصل إلى قائمة أجمل عشرين هدفًا في قائمة أهدافه، التي تشمَل هدفًا فرديًا بركضة من منتصف الملعب، وآخر بركلة حرّة مقوّسة، وآخر عبر تسديدة ماكرة، أو هدفه الشبيه بتسديدة لاعب غولف، أو ذاك الذي يشبه صاروخًا مدوّيًا.

عرف المعظم حكايته الآن: كيف قاده عقار علاج نقص هرمون النمو باهظ الثمن للانتقال من مدينته روزاريو إلى برشلونة، حيث وضعه ظهوره الأول عام 2004 على بداية حقبة من التألق. تم التصويت لصالحه ليكون ضمن أفضل ثلاثة لاعبين في العالم لمدة عشر سنوات، وضمن أفضل لاعبيْن لمدة تسع سنوات.

إن بلوغ القمة شيء، والبقاء عليها شيء آخر تمامًا. هناك مشجعون في العشرينيات من عمرهم لم يسبق لهم أبدًا أن عرفوا عالمًا لا يسحرنا فيه ميسي بأدائه كلّ أسبوع. 

بالتطور وحده استطاع ميسي الحفاظ على مستواه. لقد أصبح المراوغ المليء بالنشاط، صانع ألعابٍ ناضج يوجه اللعب بينما ما يزال حاسمًا قرب المرمى. لم يسبق أن امتلك ميسي، وهو الآن في الثلاثينيات من عمره، توازنًا أفضل في صناعة اللعب والمراوغة وتسجيل الأهداف كالذي يتمتع به اليوم. فهو كما وصفه خافيير ماسكيرانو بقوله، إنه ثلاثة لاعبين في واحد. يمكنك أن تحاجج بأنه أحد أعظم الهدافين في التاريخ وأفضل ممرّر أيضًا، ولن تنقصك البراهين التي تدعم ادعاءك.

غير أن ميسي لم ينته بعدُ. إذ يقدم كأس العالم في قطر فرصة للمجد أخرى مع الأرجنتين. لربما ساقاه أبطأ، إلا أن ذهنه لا يزال حادًا.

وفي خضم ذلك، سيسعى المعجبون والكتّاب كي يعربوا عن عظمته بالكلمات والاستعارات. لكنّهم سيفشلون كافة، مثلهم مثل هذه المقالة التي تطالعها الآن أيها القارئ. إنّ أفضل ما في وسعنا هو الإنصات إلى بيب جوارديولا، حيث قال: «لا تكتبوا عنه، ولا تحاولوا أن تصفوه. شاهدوه، وحسب».

أبرز ما في مسيرته: بعد أيام من الانتقادات التي وجهت له بسبب [ضعف] مهارته في الرأسيات، سجّل ميسي هدفًا بالرأس من فوق [الحارس فارع الطول] إدوين ڤان دين سار، محققًا به فوز برشلونة بهدفين مقابل لا شيء ضد مانشستر يونايتد في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2009. والحال أن هذه الضربة الرأسية كانت إحدى مفضّلات ميسي الشخصيّة.


ساهم في هذه القائمة: أليكس هيس، وماركوس ألفيس، وأليكس ريد،و ديكلان وارينجتون، وثور هوجستاد، ومايكل يوخين، وأندرو موراي، وسيب ستافورد بلور، وجون سبورلينج.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية