هل سرّعت فاجعة البحر الميت تنظيم سياحة المغامرات في الأردن؟

الخميس 10 كانون الأول 2020
تصميم ندى جفّال.

بين حين وآخر، تنقل وسائل الإعلام المحلية أخبار إنقاذ الدفاع المدني مجموعة من السياح في منطقة ما، بعد أن تاهوا أو علقوا خلال ممارستهم لشكل من السياحة يدعى سياحة المغامرات. يقول بعضُ المطّلعين على هذا الشكل من السياحة إن حوادث عديدة حصلت خلال سنوات رواج سياحة المغامرات، قبل العام 2018، نتيجة نقص الخبرة عند بعض منظمي هذه الرحلات. وكانت هذه الحوادث تسجّل على أنها حالات فردية من دون الالتفات إلى حصولها نتيجة تقصير في إجراءات السلامة العامة.

يوضّح حكيم التميمي، مدير قسم سياحة المغامرة في هيئة تنشيط السياحة، إنه بين العاميْن 2009 و2011 حدث ما يشبه الانفجار في مجموعات سياحة المغامرات في الأردن. وبعد وقوع عدة حوادث صغيرة بدأ النقاش حول ضرورة تنظيم هذا القطاع، في الأوساط المهتمّة بالسياحة، بشكل عام، وبهذا القطاع تحديدًا، لكن النقاش انتقل إلى المجال العام عقب فاجعة البحر الميت، التي حصلت في تشرين الأول 2018، حيث ونتيجة لهطول مطري تكوّنت سيول ضخمة وصلت منطقة وادي زرقاء ماعين قرب البحر الميت، لتودي بحياة 22 شخصًا، معظمهم من الأطفال، كانوا في رحلة مدرسية تم تنظيمها من قبل شركة سياحية.

على إثر ذلك، تشكّلت عدة لجان تحقيق، منها لجنة نيابية وأخرى مستقلة، وأُثيرت نقاشات في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي حول هذا النوع من السياحة وضرورة تنظيمه. ومُنع النشاط السياحي في عدد من المناطق بينها وادي زرقاء ماعين. وأوصت اللجنتان بإنشاء نقطة غوص متكاملة في منطقة البحر الميت، وبناء على التوصية، تم إنشاء مركز الإنقاذ المائي والجبلي، التابع لمديرية الدفاع المدني في منطقة البحر الميت، بحيث يشكل نقطة إنقاذ قريبة من المناطق الخطرة، وافتُتِح المركز في أيلول 2019.

سرّعت الفاجعة كذلك من محاولات تنظيم هذا الشكل من السياحة، الذي يختلف عن غيره من الأشكال السياحية، بتطلّبه من القائمين عليه مهارات إضافية متنوعة، بينها القدرة على قراءة الخرائط الجغرافية والطبوغرافية، ومهارات رياضية مختلفة بينها القدرة على المشي لمسافات طويلة في أراضٍ وعرةٍ، والقدرة على التسلق الصخري والجبلي. فإلى أين وصلت هذه المحاولات بعد أكثر من عامين على الفاجعة؟

خلاف حول تفسير التشريعات

عام 2016، عُيّن التميمي مديرًا لوحدة مستحدثة في هيئة تنشيط السياحة، هي وحدة المغامرات. يقول التميمي إنه أصرّ منذ البداية على أن يتضمن عمله السعي لتنظيم سياحة المغامرات، لا العمل على تسويقها فقط. خاصة وأن العديد من المجموعات السياحية من خارج الأردن، خلال تلك الفترة، كانت ترفض الخروج في رحلات مع أدلاء سياحيين محليين، إذ لم تكن في الأردن جهة تمنح رخصة دليل متخصص بسياحة المغامرات. وكان النظام الرسمي المعمول به حينها يقسّم الأدلّاء السياحيين إلى فئتين؛ دليل سياحي عام، تؤهله رخصة مزاولة المهنة للعمل في جميع مناطق المملكة، ودليل موقع، تؤهله رخصته للعمل في موقع أثري محدد. ولم يحوِ النظام إشارة إلى سياحة المغامرات. كما لم يكن مطلوبًا من منظمي الرحلات أن يكونوا حاصلين على رخص تنظيم رحلات من هذا النوع.

لكن بعد الفاجعة، وفي حزيران 2019 صدرت تعليمات أسس وشروط تنظيم رحلات سياحة المغامرات، وعُرّفت سياحة المغامرات على أنها نمط السياحة الذي «يغطي عنصرين على الأقل من ثلاثة عناصر؛ نشاط بدني واستمتاع بالبيئة وخوض تجربة ثقافية محلية مثل أنشطة (المسير، المسير مع مبيت، الوديان، الكهوف، ركوب دراجات هوائية، صعود الجبال، والتسلق الصخري، وغيرها)»، بحسب التعليمات. 

قبيل فاجعة البحر الميت، كانت النقاشات تدور بين وزارة السياحة والسفارة الفرنسية في عمّان لأجل إقامة برنامج لتأهيل الأدلاء السياحيين الأردنيين على سياحة المغامرات، وفق التميمي وكاترينا سباتيني-كلاش، ملحقة السفارة الفرنسية للتعاون الأكاديمي والتدريب. وتم الإعلان عن أوّل برنامج لتأهيل أدلاء في كانون الأول عام 2019، بتمويل من السفارة الفرنسية في عمّان. ومن بين البنود الرئيسة في الاتفاقية، أن تُقدّم المدرسة الوطنية للتزلّج وتسلق الجبال في فرنسا (ENSA) الدورات لشباب أردنيين، ليحصلوا بعدها على شهادات معتمدة ويكونوا مؤهلين لممارسة المهنة. لكن المفاجأة كانت حينما صدر، منتصف آذار الفائت، نظام خدمات أدلاء السياح لسنة 2020. وهو النظام الذي جاء تبعًا لتوصيات اللجنتين النيابية والمستقلة.

أضاف النظام الجديد ما يسمّى بالدليل المتخصص في أحد المجالات السياحية، وبين هذه المجالات سياحة المغامرات. وذكر النظام أن الجهة المخوّلة بمنح رخصة دليل متخصص هي جمعية الأدلاء السياحيين، ويُشترط للحصول عليها الانخراط بدورة مؤهِلة للعمل في الدلالة السياحية. 

بحسب رائد عبد الحق، رئيس جمعية الأدلاء السياحيين، فإن الدورة المطلوبة لتأهيل الأدلاء السياحيين بفئتي دليل عام، ودليل موقع، كانت تتم بتوجيه تعليمات من وزير السياحة، لكن لم تصدر تعليمات خاصة بتأهيل أدلاء سياحة المغامرات. ولذا فإن الإجراء المتّبع، بحسب عبد الحق، هو أن تقوم كُلية محدّدة بتنظيم الدورة بالتنسيق مع وزارة السياحة. وتتضمن الدورة 360 ساعة دراسية، مقسمة على فصلين، يدفع فيها الطالب رسومًا تبلغ 1800 دينار، ويتلقى بذلك شهادة الدبلوم.

يقول عبد الحق إن هذه الدورة ليس فيها جزء تدريبي للأدلاء في مجال سياحة المغامرة، لكن الأدلاء المرخصين في الجمعية يمتلكون خبرات في مجال سياحة المغامرات، وعملوا بها طوال السنوات الماضية، لحصولهم على دورات تقيمها الجمعية لمنتسبيها. وبحسبه فقد درّبت الجمعية خلال العام 2019، أي قبل صدور النظام الجديد، حوالي ستين دليلًا، لكنها لم ترفع بعد كتاب طلب ترخيصهم لوزارة السياحة.

بالتالي، أصبح البرنامج الذي تم الاتفاق عليه بين وزارة السياحة والسفارة الفرنسية غير مؤهّلٍ للمنخرطين فيه للحصول على رخصة العمل في مجال سياحة المغامرات، إلّا إن اجتازوا دورة الكُلّية، بحسب رئيس جمعية الأدلاء السياحيين. 

أثار هذا البند خلافًا بين هيئة تنشيط السياحة بصفتها الجهة التي عملت على توقيع الاتفاقية مع السفارة الفرنسية من جهة، وجمعية الأدلاء السياحيين المخوّلة بترخيص الأدلاء من جهة أخرى. تَعتبر الأولى بحسب التميمي، أن عمل الملتحقين بدورة المدرسة الفرنسية سيقتصر على سياحة المغامرة، ولن يعملوا في الدلالة السياحية بصفتها العامة، كمرشدين سياحيين للمواقع الأثرية. بينما ترى الجمعية، بحسب عبد الحق، أن سياحة المغامرة جزء من العمل في الدلالة السياحية بشكل عام ويجب أن يكون العامل فيها حاصلًا على رخصة دليل عام. ويقول إن الدليل العام المرخّص هو المسمى الشامل للدلالة السياحية، وتخوّله رخصته العمل في أي مجال سياحي يريده، لكن بهدف زيادة خبرته يحصل على دورات إضافية ويتم منحه رخصة متخصصة تدعم خبرته.

وفي الوقت الذي يرى فيه الدليل السياحي رائد أبو قاسم (29 سنة) ضرورة لتنظيم قطاع سياحة المغامرات، فإنه يشكو من أن التكاليف المطلوبة للحصول على رخصة دليل سياحي، خاصة للشباب في سنّه. بين هذه التكاليف: 50 دينارًا رسوم الحصول على رخصة دليل، بالإضافة إلى 500 دينار رسوم اعتماد محتوى، و350 دينارًا رسومًا سنوية، تستوفيها الوزارة. بالإضافة لرسوم دورة الكليّة، والبالغة 1800 دينار. تكلفة الكلّية هذه يراها عبد الحق عادلة لمن يريد الحصول على المعرفة اللازمة للعمل بالدلالة السياحية، بصفتها مهنة كغيرها من المهن.

في ظل الاختلاف حول الجهة التي يحق لها تدريب الأدلّاء المتخصصين، والدورة التي تؤهلهم للعمل في مجال سياحة المغامرات، لا يزال العمل في المجال مستمرًا دون تدريب مختص.

بحسب النظام الصادر مؤخرًا، يحق لوزير السياحة استثناء بعض الأشخاص من بعض الشروط اللازمة للحصول على رخصة دليل سياحي. لكن وزارة السياحة لم تجب بشكل مباشر حول إن كان هذا هو ما سيحصل مع متدرّبي المدرسة الفرنسية بحيث يحظون باستثناء من شرط الحصول على دورة الكلية المتعارف عليها.

تتضمن الاتفاقية بين وزارة السياحة والسفارة الفرنسية أيضا بندًا ملزمًا لاستدامة المشروع، بحيث يقوم الأدلاء الحاصلون على دورة المدرسة الفرنسية بتدريب غيرهم من الشباب، لكن تبعًا لهيئة تنشيط السياحة، فإنهم لا يعلمون إلى الآن إن كانت شهادة الدورة تتيح، دون رخصة مزاولة مهنة، لهؤلاء الأدلاء تدريب غيرهم أم لا. 

لكن حتى لو كان بإمكان أدلّاء المدرسة الفرنسية تدريب غيرهم، فإنه لن يكون لهؤلاء المتدرّبين الحق في الحصول على رخصة ممارسة مهنة الدلالة السياحية. الأمر الذي يمنع استدامة المشروع، ويجعل من هذا التدريب بلا جدوى بحسب متدرّبين قابلناهم. فيما تقول وزارة السياحة إنها «تدرس حاليًا عددًا من الاحتمالات المتعلقة باستمرارية هذا التدريب للسنوات اللاحقة ولم تقرر بعد الجهة التي ستقوم بتنفيذ هذا التدريب».

بحسب سباتيني-كلاش، فإن دورة المدرسة الفرنسية جاءت بناءً على طلب الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة السياحة نظرًا لحاجة قطاع سياحة المغامرات في الأردن إلى الخبرات في هذا المجال. وتُقدّم الدورة تدريبًا مجانيًا في أربعة مجالات هي دورة المسارات، ودورة الإنزال الجبلي، ودورة المختصين في الجبال، ودورة المختصين في الأودية، والأخيرة تكون لذوي الخبرة المصنفين في فئة المحترفين. تضمنت الدورة تدريب 43 دليلًا حتى الآن، نصفهم تقريبًا من النساء. وتبعًا لوزارة السياحة فقد تمت المرحلتان الأولى والثانية من التدريب، بينما توقفت المرحلة الثالثة نتيجة الظروف التي فرضتها جائحة كورونا.

يقول عبد الحق إن الجمعية مستعدة لمنح تصريح محدّد ومؤقّت لخريجي الدورة الفرنسية، بحيث يعملون مع السياح المحليين فقط، وفي مواسم محددة حتى لا يؤثر عملهم على الأدلاء التابعين لها. ترفض هيئة تنشيط السياحة هذا العرض وتؤكد أن خرّيجي هذه الدورة هم الأحق بممارسة هذا النوع من السياحة نظرًا لخصوصيتها ومتطلباتها المختلفة عما تتطلبه الدلالة السياحية العامة.

وفي ظل الاختلاف حول الجهة التي يحق لها تدريب الأدلّاء المتخصصين، والدورة التي تؤهلهم للعمل في مجال سياحة المغامرات، لا يزال العمل في المجال مستمرًا دون تدريب مختص. 

قصر تسيير سياحة المغامرات على المكاتب السياحية

خلاف آخر نشأ بين المعنيين في هذا المجال، وهو خلاف على الجهة التي يسمح لها بتسيير هذا الشكل من السياحة. نصّت التعليمات الصادرة عام 2019 على أن الجهة الوحيدة المخوّلة بتنظيم هذه الرحلات هي المكاتب السياحية. كما نصّت على أنه على الجمعيات التي تُعنى بسياحة المغامرات والمسارات السياحية التنسيق والعمل مع المكاتب لترويج مساراتها كمنتج سياحي من خلال برامج رحلات تنظمها المكاتب السياحية. وتبعًا لوزارة السياحة فإن هذا البند يعني أن «أي جهة ترغب بممارسة أي مهنة سياحية يجب أن تكون مرخصة من وزارة السياحة والآثار لغايات تنظيم المهنة، وتحديد المسؤولية، وحسب تعليمات أسس وشروط بيع الرحلات السياحية».

وبينما يرى التميمي أن على الوزارة أن تكون مرنة في هذه الجزئية بحيث يكون للدليل المرخص القدرة على تنظيم رحلات المغامرة تحديدًا دون العمل من خلال المكاتب. يقول رئيس جمعية الأدلاء إنه ليس من العدل أن تقوم جهات أخرى بتنظيم رحلات سياحية بشكل مستقل عن المكاتب، لأن المكاتب تدفع مبالغ بهدف ترخيص عملها، وتدفع أجورًا لموظفيها، وعليها كلف تشغيلية لا يدفعها غيرها.

في الوقت الذي فُرضت فيه تشريعات ناظمة لممارسة سياحة المغامرات، بربط تنظيمها بالمكاتب السياحية، لم تتناول التشريعات سياحة المغامرات الحرّة، التي ينظّمها المواطنون بشكل مستقل عن المكاتب.

يعمل الدليل السياحي أبو قاسم في القطاع السياحي منذ سبعة أعوام، خمسة منها في سياحة المغامرات تحديدًا، وقد بدأ عمله بشكل حر عن طريق أصدقاء له في المجال، ثم عمل بشكل منظم في مكتب سياحي، دون التخلي عن عمله الحر في تنظيم رحلات المغامرة، إلى أن وقعت الفاجعة. ليلتزم بعدها بالعمل ضمن المكتب فقط بصفته مرافقًا. 

يشكو أبو قاسم من إلحاق تنظيم سياحة المغامرات بالمكاتب السياحية غير المتخصصة بهذا النوع من الرحلات. «الفئة المستهدفة بتختلف، بنفعش أسوّق سياحة المغامرة لفئة ما بينفع تروحها. فالترويج إلها بصفّي صعب. عشان أنا أكون فعليًا عم بستهدف الناس الصحيحة لازم أكون منفصل». وهو ما يتفق معه التميمي، الذي يشير إلى أن هذا يعيق العمل في سياحة المغامرات والتسويق لها، إذ أن فئة سيّاح المغامرات عادة ما يكونون غير راغبين بالالتحاق برحلات سياحية شاملة كالتي تنظّمها المكاتب السياحية وبنظره لا يؤثر هذا على عمل المكاتب على اعتبار أن الفريقيْن يعملان في مجالات مستقلة عن بعضها.

وفي الوقت الذي فُرضت فيه تشريعات ناظمة لممارسة سياحة المغامرات، عن طريق ربط تنظيمها بالمكاتب السياحية، لم تتناول التشريعات سياحة المغامرات الحرّة، التي ينظّمها المواطنون بشكل مستقل عن المكاتب. يقول يوسف العواودة (30 عامًا) والحاصل على ماجستير علم البيئة، إن دراسته الجامعية كانت عاملًا في حبّه لسياحة المغامرات. ويقول إنه بدأ بممارستها منذ العام 2017، بعد أن تعرّف على أصدقاء تجمعه بهم هذه الهواية. لتتطوّر مع الوقت معرفته وخبراته بتنظيم مسارات بنفسه. ويبدي العواودة تخوّفه من السماح بتغوّل الشركات الاستثمارية على القطاع السياحي، ومن استيلائها على المواقع الطبيعية وإغلاقها أمام السياحة الحرّة، وفتحها فقط أمام السياحة المدفوعة، ويخشى أيضًا أن يتم تغيير شكل المكان الطبيعي، في حال أتيح المجال لتنظيم هذه المناطق.

كيف غيّرت الجائحة تنظيم سياحة المغامرات؟

يوضّح أبو قاسم أن الإجراء المتّبع في تنظيم رحلات المغامرات هو عرض المسارات المقترحة على الزبائن، بناء على شكل ونوع الرحلة التي يريدون، من حيث السهولة والصعوبة، وكذلك من حيث جغرافيّة المكان (مائي، جبلي، سهلي). وبعد الاتفاق على مسار معيّن، يذهب وزملاءه للاطلاع على المكان والتأكد من جاهزيته وعدم حصول تغيرات طبيعية جديدة عليه، والتأكد من درجة خطورته. ومنذ الفاجعة صاروا يشدّدون أكثر في التأكد من الجاهزية بحيث يجب أن يقوم أدلّاء الرحلة جميعًا بعملية التأكد هذه واختبار الموقع دائمًا بحيث لا يتم إغفال أي تفصيلة. 

معظم الرحلات التي ينظمها المكتب الذي يعمل فيه أبو قاسم من المستويين السهل والمتوسط، أمّا الرحلات الصعبة فلا ينظّمها إلّا لأشخاص ذوي خبرة، أو أشخاص خرجوا معه في رحلات من المستوى المتوسط أكثر من مرّة.

وقبل كل رحلة، يتواصل المنظمون مع الجهات الأمنية في الجهة المقصودة؛ الدفاع المدني والأمن العام، ويتم تزويدها بعدد أفراد المجموعة وفئاتهم العمرية، وتوزيعهم الجندري، ومكان الرحلة ومخططها. كما يتم التأكد من حالة الطقس قبل الرحلة وخلالها. كما يحاولون التواصل مع أبناء المنطقة المقصودة ليكونوا على علم بمجيئهم. «في مناطق بكون فيها طوافين مثلًا بالغابة، فبرضو إحنا هدول بنعلمهم، حتى إذا بدنا تأمين حماية»، يقول أبو قاسم، مضيفًا أن المنظمين يكونون على تواصل مع الجهات الأمنية في المنطقة المحيطة. هذه الإجراءات كانت قد نصّت عليها تعليمات أسس وشروط تنظيم رحلات سياحة المغامرات الصادرة 2019.

لكن على الرغم من صدور هذه التعليمات، لم يتم ضبط العمل التجاري في هذا القطاع، وما زالت بعض المجموعات تنظم هذه الرحلات بشكل مستقل عن طريق مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب بعض صفحات تواصلنا مع قائمين عليها، فإنهم لا يملكون أي رخصة، ويعملون بشكل حر بعيدًا عن المكاتب. وبحسب عبد الحق، فإنه قام أكثر من مرة بالإبلاغ عن هذه الصفحات، وقام بتزويد الوزارة شخصيا ببعض الأسماء، لكن لم يتم اتخاذ إجراء بحق من أبلغ عنهم. 

بعد الفاجعة، يقول العواودة إن التدقيق الأمني صار أكبر، فتوقف الدوريات الأمنية الحافلات، وتطلب الاطلاع على تراخيص الأدلاء، ويكون على يوسف وأصدقائه أن يثبتوا أنهم في رحلة تضم أصدقاء وليسوا في نشاط تجاري. 

يرى العواودة أن الإجراءات التي تم اتخاذها ضرورية، وبأن الفاجعة أثرت على العاملين في هذا المجال بأنهم أصبحوا أكثر حذرًا، والتزامًا بشروط هذه السياحة، ونبهتهم إلى ضرورة أخذ العامل الجوي بعين الاعتبار قبل كل مغامرة، وخلالها، بشكل جدي.

فيما يشكو أبو قاسم من معيقات تحول دون تطوير سياحة المغامرات في الأردن، بينها التعامل بعقلية الإغلاق مع المواقع السياحية عند حصول أي مشكلة طبيعية أو اعتداء على الموقع، كما حصل مع وادي زرقاء ماعين بعد الفاجعة، وكذلك مغارة برقش. «إذا بدي أسكر أي معلم سياحي خرب، رح أسكر الأردن. الفكرة هي أكيد ترميم المكان وتزبيطه، تزبط البنية التحتية تبعته». الأمر الذي يوافقه عليه رئيس جمعية الأدلاء السياحيين.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية