«الشارع لمين؟.. الشارع لنا». هذا ما كتبه صلاح جاهين في أغنية فيلم «حدوتة مصرية»، وهذا ما توحي به عروض فريق باركور إيجبت في الشارع، وسط متفرجين من المارة بلا تذاكر أو صالات عرض.
قفز من فوق أسوار، دوران في الهواء وشقلبة تحمل سمات من شقاوة الأطفال وتمرد الشباب، هذا هو حال عروض فريق باركور إيجبت الذي تأسس عام 2008، ليدخل لعبة الباركور إلى مصر بعد أن انتشارها كالحمى في مختلف أنحاء العالم.
ينبني الباركور على فكرة الانتقال من نقطة معينة إلى أخرى باستخدام قوتك البدنية وقدرتك على تطويع العقبات التي تقف أمامك، كالحوائط والسلالم والأعمدة، لتصبح داعمة لحركتك لا عائق لها. وتعود جذور هذه الرياضة إلى فرنسا، فقد كانت في البداية إحدى الفنون القتالية التي يتدرب عليها الجنود في الجيش، لكن ديفيد بيل، الأب الروحي لهذه اللعبة، طورها وانتقل بها إلى مستوى آخر أكثر شعبية.
أما «الركض الحر» فهو نوع أخر من الحركة قائم على التشقلب والدوران في الهواء والركض ولا يتضمن شرط الوصول من نقطة إلى أخرى كالباركور.
«الطريق أو الممر» هو معنى كلمة «باركور» بالفرنسية، وهي بالنسبة لممارسيها تتجاوز كونها لعبة لترقى إلى مرتبة الفلسفة. كلاعب باركور عليك أن تؤمن بأنه لا توجد عقبة في الحياة لا يمكن تجاوزها، فقط عليك ابتكار حل يناسبك والبحث عن طريقك الخاص المختلف عن الأخرين.
لكن ماذا عن أفكار لاعبي الباركور في مصر تجاه اللعبة؟ كيف يرونها؟ ماذا تمثل لهم؟ كيف يتفاعلون مع الحيز العام؟ وما مدى تقبل المجتمع لما يفعلوه؟
أحمد زورو، عضو في فريق باركور إيجبت، يقوم بإحدى الحركات أمام إحدى مباني الجامعة الأمريكية بالتجمع الخامس. بالنسبة له الباركور يعني «حرية وإدرينالين». يقول زوزو: «كل الخوف الذي أشعر به قبل أن أقفز من مكان لآخر يحتشد بداخلي ويتحول إلى فرحة بمجرد إتمام الحركة».يواجه لاعبو الباركور في مصر تحدي ممارسة رياضتهم المفضلة في الأماكن العامة. يتذكر زورو ضاحكًا إحدى المرات التي كانوا يصورون فيها حركات في ميدان التحرير ومعهم مصور أجنبي: «فجأة وجدنا حولنا رتب كبيرة وعساكر يحيطوننا من كل جانب ويتساءلون بريبة عما نفعله، اقتادونا لقسم الشرطة وتحرّوا عنا جميعًا. بعد أن استوعبوا ما نفعله، تركونا نذهب مع تعهدنا بعدم اللعب مرة أخرى في منطقة وسط البلد».أعضاء فريق باركور إيجبت يؤدون حركات جماعية وهم يرتدون قمصانًا تحمل شعار الفريق «PKE»، اختصارًا لـ «Parkour Egypt».كريم عبد المقصود، عضو باركور إيجبت، يؤدي حركة بمسجد الحاكم بأمر الله بالحسين. «عندما ألعب الباركور أشعر وكأن لدي طاقة لا تنفذ ورغبة مستمرة في الحركة والقفز هنا وهناك»، يقول كريم.كريم يفكر في كيفية أداء إحدى حركات الباركور بحرم الجامعة الأمريكية في التجمع الخامس. يشعر كريم إن فريق باركور إيجبت كعائلته. «ثقافة تقبل الأشياء المختلفة غير منتشرة في مصر.غالبا ما تقابلنا كلمة (ممنوع)، فتصبح الأماكن العامة المتاحة أمامنا محدودة» يقول كريم.تمرين داخلي للفريق بإحدى قاعات التدريب بنادي الشرقية بمنطقة الهرم.عمر فودة يقفز من فوق إحدى الحواجز. يشرح عمر أسباب تعلقه بالباركور، فيقول «خلال طفولتي، كنت أهوى الركض والقفز وتسلق الأشجار. أحببت الباركور لأنه يعبر عني ويذكرني بلعبي في الصغر».أعضاء فريق باركور إيجبت خلال تمرين خارجي. يتذكر أعضاء الفريق عندما كانوا يتمرنون مرة بالقرب من إحدى المناطق السكنية، وفجأة سمعوا أصواتًا تنادي «حرامي»، فما كان بوسعهم سوى ترك المكان فورًا وعدم الرجوع إليه مرة أخرى.الإصابات واردة في هذه اللعبة ولم يسلم غالبية لاعبي باركور إيجبت منها، إلا أن أحد منهم لم يفكر في التوقف. نالت إحدى هذه الإصابات من محمد مادو، عضو في باركور إيجيبت، عندما سقط أثناء أدائه لأحدى الحركات ليصاب بكسر في اليد ويضطر إلى تركيب شريحة في عظامه. ما زالت آثار العملية تبدو على ذراع مادو.موقف الكثير من أهالي اللاعبين تجاه الباركور غير مشجعة، فهم ينصحون أبنائهم بالبحث عن لعبة أخرى أكثر هدوءًا وأمانًا. يصف مادو ردة فعل أهله، فيقول عندما دخلت على أهلي ويدي مكسورة، غضب أبي كثير وكاد أن يخرجني من البيت». لا يزال مادو يمارس رياضته المفضلة.عندما يتجمعون للتدريب، لا تخلو لقاءاتهم من حس الفكاهة والمرح.
* صحفية مصرية، عملت في مواقع إخبارية مصرية منها جريدة المال وبوابة يناير ومصر العربية، وهي عضو بنقابة الصحفيين المصرية.
«إن المؤرخ الذي يسرد الوقائع دون التفريق بين الصغائر والكبائر يضع في اعتباره حقيقة أن أي واقعة ماضية لا تسقط من التاريخ أبدًا».
فالتر بنيامين[1]
في الحادية عشرة صباحًا يوم 11 تشرين الثاني عام 1918، صمتت المدافع على الجبهة الغربية في أوروبا معلنةً نهاية صراع دموي استمر أربعة أعوام، جرّت خلاله القارة العجوز ...
ينصّ قانون الولاية على المال الصادر عام 1952 على أنّه «للأبّ ثمّ للجدّ الصحيح إذا لم يكن الأبّ قد اختار وصيًّا الولاية على مال القاصر وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحّى عنها إلّا بإذن المحكمة». لم يزل هذا القانون معمولًا به في مصر رغم مرور ما يزيد عن سبعين عامًا ...