مين اللي قطع النت؟

من مظاهرة قرب الدوار الرابع في عمان في 3 كانون الثاني الماضي. تصوير البراء البلبيسي.

مين اللي قطع النت؟

الخميس 20 حزيران 2019

مع تجدد الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية في عمّان في نهاية تشرين الثاني 2018، امتلأت حسابات شركات الاتصالات بشكاوى من تعذر مشاهدة البث المباشر على فيسبوك أو تشغيل معظم الفيديوهات عليه، إلا باستخدام خدمة الـVPN. فمع بدء تجمع المتظاهرين قرب الدوار الرابع أيام الخميس، الموعد الأسبوعي للمظاهرات، كانت رسائل «هنالك عُطل ما» تبدأ بالظهور على شاشات فيديوهات البث المُباشر على فيسبوك في جميع أنحاء الأردن، لكنها تعود للعمل من جديد في اللحظة التي تخلو فيها ساحة الدوار الرابع. وهكذا، على مدى أيام التظاهرات الأسبوعية التي استمرت لشهر كانون الثاني 2019، قبل أن تبدأ بالتراجع تدريجيًا.

«ما انقطع» كان رد وزير الاقتصاد الرقمي والريادة (وزير الاتصالات حينها) مُثنى غرايبة، على استفسار المذيع عن شكاوى تعطل مشاهدة البث المباشر في مقابلة له على قناة رؤيا عقب أول مظاهرة. حيث شدد على أن «النت كان معبي الرابع» وأن الفيديوهات لم تكن مُعطلة بل بطيئة، بسبب ضغط المشاهدة. لكن تكرر هذا الانقطاع في الأسابيع اللاحقة ولّد عاصفة من التساؤلات والنظريات حول أسبابه، انتهت باستجواب رسمي من قبل النائب ديمة طهبوب. الرد الرسمي للوزير لم يبتعد عن تصريحه السابق، إذ اعتبر أن الانقطاع «مسألة متعلقة بالشركات المزودة لهذه التطبيقات [أي فيسبوك] وليست من شركات الاتصالات المحلية».

لكن الخميس الماضي شهد إصدار تقرير مستقل جاء بنتيجة مغايرة. فقد أطلقت الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح تقريرًا سعى للتحقق من وجود تدخل لتعطيل مشاهدة البث المباشر على فيسبوك أثناء الاحتجاجات، عبر اختبارات فنية مُوثقة. وخلص التقرير إلى أن سبب العُطل الذي شهدته خدمة مشاهدة البث المُباشر على شبكة الإنترنت في الأردن لم يكن الضغط على البنية التحتية، كما أشار الوزير غرايبة، ولا خللًا من موقع شركة فيسبوك، بل كان «تدخلًا فنيًا مُؤقتًا في حُزم البيانات التي تطلب خدمة البث المُباشر على فيسبوك»، أي أن طرفًا ثالثًا، لم يحدده التقرير، عرقل سير الطلبات التي ترسلها أجهزة المشاهدين إلى خوادم فيسبوك من أجل مشاهدة الفيديو، على الأقل على شبكات زين ودماماكس وڤي تل.

عقب نشر التقرير، طلبت حبر من الوزير غرايبة التعليق على التناقض بين تفسيره السابق لتعطل البث والنتائج الحالية. وفي إجابته، أكد الوزير على تصريحاته السابقة بأنه «ليس هناك إمكانية فنيّة لوزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بالتدخل في تقديم الخدمات وحجبها»، وبأن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات لم تقم بأي حجب رسمي لخدمة البث المباشر، دون أن يعلق على ما أثبتته الدراسة من وجود تدخل مقصود في نقل حُزم البيانات مما عطّل إمكانية مشاهدة الفيديوهات.

في رده، شكر الوزير الجمعية على جهدها في التحقق مما أسماه أسباب «الاختناقات التي حدثت العام الماضي على بعض خدمات الاتصالات وبالتحديد إرسال واستقبال الفيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي»، لكنه علق على الدراسة بأنها «كان يمكن أن تكون أكثر شمولية في حال شملت العينة المزودين ذوي الحصة السوقية الأكبر حيث أن الدراسة لم تتعامل مع الشركات التي تخدم 70% من السوق»، كونها لم تركز على شركتي أورانج وأمنية.

كيف تعمل خدمة البث المباشر على فيسبوك؟

بشكل عام، عندما نستخدم أي متصفح أو تطبيق متصل بالإنترنت، تجري في الخلفية عملية اتصال مستمرة وغير مرئية لنا، بين المتصفح أو التطبيق والخوادم التي تستضيف بيانات الموقع الذي نزوره أو التطبيق الذي نستخدمه. وفي عملية الاتصال هذه، يطلب المتصفح أو التطبيق بيانات من الخادم (وهو حاسوب ذو سعة تخزين عالية تُحفظ فيه بيانات موقع أو تطبيق ما بأكملها)، ليرسل الخادم هذه البيانات إلى المتصفح أو التطبيق المفتوح على أجهزتنا، فنشاهد ما طلبناه. هذه البيانات تنتقل في حُزم، وتحوي الكثير من المعلومات التي لا نراها، ومنها عنوان الـIP الخاص بوجهتها، أي عنوان الخادم الذي يُخزن المُحتوى الذي نطلبه، يكون في حالة البث المُباشر عنوان الخوادم المحلية الخاصة بفيسبوك.

سبب العُطل لم يكن الضغط على البنية التحتية، ولا خللًا من موقع شركة فيسبوك، بل كان «تدخلًا فنيًا مُؤقتًا في حُزم البيانات التي تطلب خدمة البث المُباشر على فيسبوك».

قد نعتقد للوهلة الأولى أننا حين نفتح فيديو ما على فيسبوك فإننا نتصل بالخوادم الرئيسية التابعة للشركة، التي تخزن النُسخ الأصلية من أي مُحتوى أو خدمة على الموقع. إلا أن التقرير يُوضح أن شركة فيسبوك صممت بنية تحتية متعددة الطبقات لاستخدام أو مشاهدة فيديوهات البث المُباشر حتى تضمن فاعلية وصول المحتوى بأكبر سرعة قياسية ممكنة. فبالإضافة للخوادم الرئيسية الخاصة بها، تخزن فيسبوك نسخًا من محتوى الفيديوهات التي شوهدت في دولة معينة على خوادم محلية تستضيفها عادة شركات الاتصالات ومزودي خدمة في تلك الدولة، تُسمى نقاط تواجد (Point of Presence – PoP)، كما تُخزن أيضًا نسخ من هذه الفيديوهات في خوادم إقليمية تُسمى مراكز البيانات (Data Centers). أي أنك عندما تبدأ مشاهدة أي فيديو على فيسبوك، يتصل متصفحك أولًا بالخوادم المحلية التي تستضيفها شركات الاتصالات المحلية، للبحث عن نُسخة من محتوى الفيديو المطلوب وإرساله لمُتصفحك، وهو ما يوفر بعض الوقت، فتشاهد الفيديو المطلوب بسرعة أعلى.

في اللحظة التي يظهر فيها لفيسبوك أن هنالك بثًا مباشرًا حاول شخص ما في الأردن مشاهدته، تخزن الشركة نسخًا منه على نقاط التواجد المحلية، كلها تحت رقم تعريفي خاص بالفيديو. وباستخدام هذا الرقم التعريفي، يطلب متصفحك من الخوادم المحلية إرسال البيانات الخاصة بالفيديو، فإن لم يجده، يعيد الخادم المحلي توجيه الطلب إلى الخوادم الإقليمية، وإن لم تجده تعيد توجيهه إلى خوادم فيسبوك الرئيسية.

لدى فيسبوك تسعة خوادم محلية في الأردن تستضيفها شركات الاتصالات ومزودو الخدمة، تتوزع كما يلي: 3 لدى زين، 2 لدى أورانج، 2 لدى أمنية، 1 دماماكس، و1 لدى ڤي تل. ومن خلال تتبع الاتصالات التي أجرتها المتصفحات في الأردن أثناء الاحتجاجات من 30 تشرين الثاني 2018 إلى 10 كانون الثاني 2019، بينت دراسة الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح أن طرفًا ثالثًا استطاع اعتراض وتغيير قيمة حزم البيانات التي حاولت الوصول للخادم المحلي الخاص بفيسبوك. أي أنه تم تعطيل الاتصال بالخادم المحلي الذي كان يفترض أن يرسل محتوى فيديوهات البث المباشر إلى الأجهزة التي تطلب مشاهدتها. ولأن خوادم البث المُباشر مختلفة عن خوادم الخدمات الأخرى على فيسبوك، كان باستطاعة الناس في الأردن الوصول لفيسبوك، لكن لم يستطيعوا مشاهدة البث المباشر.  

في نهاية تشرين الثاني من العام الماضي، تواصلت حبر مع شركة فيسبوك لمعرفة سبب تعطل البث في أوقات الاحتجاجات بعينها. حينها، أقرت الشركة في ردها بأنه «أثناء ساعات العطل [على البث المباشر] لم يكن باستطاعة خوادمنا في الأردن استقبال أية طلبات لتشغيل الفيديوهات» (video playback requests). أي أنه في تلك الساعات المحددة من أيام الخميس، فإن حزم البيانات التي أرسلها مستخدمو فيسبوك في الأردن إلى خوادمها المحلية لطلب مشاهدة فيديوهات البث المباشر لم تصل تلك الخوادم أساسًا، وهو ما يقصي احتمالية أن يكون سبب التعطل هو الضغط على الشبكة. كما صرحت فيسبوك حينها أيضًا بأنها ستتحقق إن كان العُطل ناتجًا عن عامل داخلي أم خارجي.

لكن الاختبارات الفنية التي أجرتها الجمعية في دراستها توصلت إلى أن تدخلًا مؤقتًا هو ما حال دون وصول طلبات المشاهدة إلى الخوادم. فقد اعترض هذا التدخل الخارجي (أي من خارج الشركة) طريق الحُزم التي كانت تنطلق من المُتصفحات والتطبيقات طالبةً مشاهدة الفيديوهات أثناء فترة الانقطاع، وعليه أصبحت مشاهدة البث المباشر عندها غير ممكنة. عقب إطلاق الدراسة، تواصلت حبر مجددًا مع فيسبوك للاستفسار عن نتائج التحقيق الداخلي الذي أعلنت فيسبوك إطلاقه العام الماضي، ولطلب تعليق الشركة على نتائج دراسة الجمعية، إلا أن فيسبوك لم تُعلق.

في مقابلته سابقة الذكر، استدل غرايبة على عدم وجود أي انقطاع بأن قناة رؤيا كانت تبث من الرابع، وأن الفيديوهات على مواقع يوتيوب وإنستغرام كانت تعمل. سألنا المدير التنفيذي للجمعية الأردنية للمصدر المفتوح، عيسى محاسنة، إن كانت الدراسة تفسر عدم تأثر خدمات البث المباشر للمحطات التلفزيونية والفيديوهات على المواقع الأخرى، فأجاب: «لأنها، بالطبع، تستخدم عناوين إنترنت مختلفة عن تلك التي تعمل عليها فيسبوك، والاختلالات في الشبكة التي رأيناها كانت متواجدة فقط عند الاتصال بهذه العناوين»، أي عناوين فيسبوك.

من يملك القدرة على التدخل بحُزم البيانات؟

انطلقت الدراسة من فرضية أن العُطل الذي تعرض له البث المباشر في أنحاء الأردن في ساعات المظاهرات كان بسبب ضغط المشاهدة على خوادم فيسبوك، وسَعت للتحقق من هذه الفرضية. لكن نتائجها جاءت بخلاف ذلك، إذ خلُصت إلى أن سبب الانقطاع لم يكن الضغط على البنية التحتية ولا موقع شركة فيسبوك، بل كان تدخلًا متعمدًا في حُزم البيانات التي تحاول الاتصال بالخوادم المحلية الخاصة بفيسبوك دون فائدة.

حتى يتمكن طرف ثالث من اعتراض حُزم بيانات أو تعطيل اتصالها، فإنه يحتاج إلى أجهزة أو أدوات تَفحص هذه الحزم على الشبكة، وتسمى أجهزة «فحص الحُزم العميق» (Deep Packet Inspection – DPI). وجود هذه الأجهزة لا يعني بالضرورة استخدامها لاعتراض الحُزم أو الحجب، إذ يمكن أن تستخدمها شركات الاتصالات لفحص نسبة صغيرة من الحزم لأهداف تحسين أداء الشبكة دون أي تعديل في مسارها. لكن عبر السنوات السابقة، بينت عدة تقارير أن هذه المعدات قد استُخدمت بالفعل في حجب عشرات المواقع على شبكة زين في الأردن عام 2013، وحجب مئات المواقع في مصر عام 2017، وجني أرباح مادية عبر تسخير آلافٍ من مستخدمي الإنترنت للمشاركة في عملية تعدين للعملات الرقمية.

لم تحدد الدراسة الجهة التي يمكنها التأثير على الحُزم أو اعتراضها، فالدراسات التقنية لا تذهب عادة أبعد من «قياس مدى التدخلات على الاتصال بعنوان ما على الإنترنت»، بحسب محاسنة. لكن ما نعرفه عن هذه الجهة هو أنها لا بد أن تملك «القدرة على النفاذ إلى بنية الشبكة التحتية لدى مزود خدمة إنترنت أو شركات الاتصالات، أو القدرة على فلترة هذه الاتصالات قبل أو بعد وصولها عند مزودي خدمة إنترنت».

يشدد غرايبة في رده على حبر على أن «دور الوزارة في القانون هو وضع السياسات العامة بينما تقوم هيئة تنظيم قطاع الاتصالات بتنظيم القطاع والشركات المقدمة لخدمات الاتصالات والإنترنت»، وأن الوزارة لا تملك الإمكانية الفنية للتدخل في تقديم الخدمات. ورغم أن الصلاحيات القانونية لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات (بحسب قانون الاتصالات) لا تشمل إصدار أوامر حجب، كونها هيئة تنفيذية، إلا أن وزارة الاقتصاد الرقمي وجهت سؤالًا رسميًا للهيئة عقب استفسار حبر، وكان الجواب هو أنه «لم تطلب الهيئة من الشركات حجب الخدمات عن المواطنين، بحسب ما أكدته الشركات أيضًا».

وتُعنى الهيئة بوضع أسس تنظيم القطاع وتراخيص الشركات. أما دورها في مسألة الحجب، فيتمثل في تنفيذ القرارات الصادرة عن جهات لها صلاحية الحجب، كالقضاء وهيئة الإعلام، مثل تنفيذ قرار قضائي بحجب تطبيق كريم العام الماضي، أو تنفيذ القرارات الصادرة عن هيئة الإعلام بحجب مواقع إلكترونية غير مُرخصة. لكن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ليست مخولة بإصدار هذه القرارات.

كيف تمت الاختبارات الفنية؟

بعد أن تواردت أخبار عن انقطاع البث في الأسبوع الأول لعودة المظاهرات في تشرين الثاني 2018، بدأت الجمعية  الأردنية للمصدر المفتوح استخدام أدوات تقليدية لفحص الشبكة، قبل أن تنتقل لأدوات قياس أكثر تقنية مثل مِسبار أووني (OONI Probe) بالتعاون مع مجموعة من الباحثين والمتطوعين. تُسجل أدوات أووني تفاصيل الاتصال بموقع معين، وتتبع حُزم البيانات التي يرسلها المتصفح عندما يطلب أن يبث أو يشاهد فيديوهات بث مباشر على فيسبوك. وردًا على سؤالنا عن مدى مصداقية هذه الاختبارات، يقول محاسنة إن مجموعة أدوات أووني تحظى بثقة كبيرة بين المجتمع الدولي التقني حيث أنها «استُخدمت حتى الآن للحصول على أكثر من 250 مليون اختبار لشبكة الإنترنت (..) وهذه الأدوات كلها مفتوحة المصدر، أي أننا مدركون بالضبط لآلية عملها وتفاصيلها»، يقول محاسنة.

بالإضافة إلى تقرير الأردن، نجد على موقع مجموعة أووني تقارير عن حالة الحجب في عشرات الدول، منها إثيوبيا، ونيجيريا، وأوغندا، وجنوب السودان، ومصر التي كشف تقريرها عن تقنيات متقدمة وظفتها جهات حكومية في 2017 لحجب مئات المواقع والخدمات، منها خدمات الـVPN. ومن الجدير بالذكر أنه عام 2013، استخدمت أدوات أووني أيضًا لفحص طرق حجب مئات المواقع في الأردن، عقب تعديل قانون المطبوعات والنشر.

بالرغم من ورود شكاوى عن انقطاعات للبث المباشر على فيسبوك من مناطق خارج عمان، إلا أن الدراسة غطت مناطق من عمان فقط، لأن «اختباراتنا لم تهدف إلى تحديد مدى الاتساع الجغرافي للانقطاعات، بل [تحديد] التفاصيل التقنية المتعلقة بكيفية حدوث الانقطاع»، كما يقول محاسنة، خاصة وأن قطع خدمة البث المباشر فقط، هو «أمر غريب» حتى في سياق انقطاعات الانترنت العالمية. «عادة ما تُقطع الخدمة بأكملها، لا البث المُباشر وحده» يقول محاسنة.

الحصة الأكبر من عينات الاختبارات التي جمعتها الجمعية كانت على شبكات زين ودماماكس وڤي تل.  لكن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك انقطاع على شبكات أورانج وأمنية، بل أن العينات التي جُمعت من شبكات الشركتين لم تؤكد، بحسب محاسنة، وجود تدخلات فيهما بنسبة مئة بالمئة، وهو ما تم تأكيده في الشبكات الأخرى. فالبلاغات التي وردت الجمعية أثناء المظاهرات شملت انقطاعات على أورانج وأمنية. 

خلال إحدى المظاهرات التي شهدت تلك الانقطاعات، جمعت حبر أيضًا من قرائها بلاغات شبيهة، عبر استبيان يستفسر عما إذا استطاعوا تشغيل فيديوهات البث المباشر، وعن تفاصيل الشبكات التي يستخدمونها. أجاب على الاستبيان 273 شخصًا، أفاد 86.5% منهم بأنهم واجهوا مشكلة في مشاهدة الفيديوهات على فيسبوك يوم 10 كانون الثاني 2019. وشملت الشركات التي استخدموها زين وأمنية وأورانج وداماماكس وجي سي أس.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية