التورنت: لماذا ننسحب من حربنا الرابحة؟

الأحد 18 أيلول 2016
جزء من الملصق الدعائي للفيلم الوثائقي TPB AFK.

في الحادي والعشرين من تموز الماضي تعرض أرتِم فولين، مؤسس ومدير موقع Kickass Torrents، للاعتقال في بولندا، وبدأ معركة قانونية للتهرب من ترحيله للولايات المتحدة التي تسببت باعتقاله، والتي تريد محاكمته بتهمة التسبب بخسائر تتجاوز قيمتها المليار دولار أمريكي. تزامن اعتقال فولين مع إغلاق الموقع وحذف أرشيفه. وبعد أكثر من أسبوعين بقليل، أغلق محرك بحث Torrentz.eu بشكل مفاجئ ونهائي، وحقيقة أنه استمر طلية ثلاثة عشر عامًا في خدمة ملايين من الزوار يوميًا لم تعد تعني شيئًا.

هذه الحوادث ليست جديدةً على مشغلي مواقع التورنت، ففي 2009 تعرض المسؤولون السويديون الثلاثة عن موقع The Pirate Bay للمحاكمة بالسويد إثر دعوة رفعتها عدة شركات إنتاج إعلامي ترفيهية، معظمها أمريكية، الأمر الذي انتهى بمسؤولي الموقع بأحكام سجن تتراوح بين أربعة وعشرة أشهر، وضريبة بلغت 6.5 مليون دولار أمريكي. سلم أحد المسؤولين نفسه بينما ألقي القبض على الآخرَين بعد عدة أعوام، اعتقل أحدهما في كمبوديا والآخر في تايلاند. وفي 2013، غُرّم موقع isoHunt بـ110 مليون دولار أمريكي إثر دعوى قضائية رفعتها استوديوهات أفلام من هوليوود، وأدى ذلك لإغلاق الموقع ضمن تسوية.

تبدو هذه الأخبار مثيرة للحزن.. لأصحابها فقط، دون أن يكون لها علاقة بحياتنا اليومية. معظم من عرف منا عن إغلاق هذه المواقع كانوا من مستخدمي التورنت أنفسهم، بينما لم يسمع معظمنا عما حدث عبر وسائل الإعلام العربية (أو حتى العالمية) باعتبار أن سلسلة الاعتقالات والدعاوى القضائية والإغلاقات هذه إما غير مهمة أو لا تعنينا أو الاثنين معًا. حتى مستخدمو التورنت منا عثروا على بدائل، فبعد أيام من إغلاق Torrentz.eu تم إطلاق بدائل أبرزها Torrentz2.eu، أرشيف هذا الموقع غير كامل لكنه يحتوي على ستين مليون ملف تقريبًا، وهذا ليس سيئًا. حتى المواقع التي سبق إغلاقها مثل The Pirate Bay و isoHunt عادت للعمل باستخدام نطاقات من دول شرق أوروبية أو شرق آسيوية تتعقد فيها الإجراءات القانونية. ما المشكلة إذًا؟ ولم علينا أن نعرف عما يحدث؟ وكيف يؤثر ما يحدث على حياتنا؟

لماذا يهم التورنت تقنيًا؟

تقسم وسائل تبادل البيانات عبر الإنترنت إلى نوعين رئيسيين هما الأكثر شيوعًا. الأول هو مواقع استضافة البيانات، مثل 4shared وMedia Fire الذي تعامل معهما معظمنا. شكلت هذه المواقع الوسط الرئيسي لانتشار الملفات المقرصنة في بداية الألفينات. لكن لاحتوائها هذا الكم الهائل من البيانات، تلجأ هذه المواقع المستضيفة لاستخدام أجهزة تخزين هائلة التكلفة وتشغل مساحات فيزيولوجية واسعة، وفي حال تعرض أحد المواقع للإغلاق ومصادرة المعدات سيكون من المكلف والصعب جدًا إعادة إطلاقه، خصوصًا في حال تعرض مشغليه للاعتقال أو المقاضاة، كما حدث مع كيم دوتكوم مؤسس موقع Megaupload. لهذا بدأت هذه المواقع بالاستجابة لطلبات أصحاب حقوق النشر، وأصبح من المعتاد جدًا أن نتبع رابطًا لتنزيل ملفٍ ما فنصل لصفحة: «تم حذف هذا الملف نظرًا لانتهاكه قوانين حقوق الملكية».

الوسيلة الثانية لتبادل البيانات هي مواقع التبادل الشبكية غير المركزية، أي من مستخدم لمستخدم، والتي يطلق عليها الـ Bit torrent. في هذه الطريقة، فإن الملف الذي يتم تبادله ليس موجودًا على الإنترنت. كل ما يوجد على الإنترنت هو ملف يبلغ حجمه بضعة كيلوبايتات، أي بحجم الملف النصي الذي كتب به هذا المقال، يتيح عند تشغيله على أحد برامج التورنت، وأشهرها BitTorrent وUtorrent، الولوج لشبكة من المستخدمين يقومون بتبادل الملف الأصلي المراد تشاركه. على سبيل المثال، لو أردتُ تنزيل فيلم وودي آلن الجديد، سأشارك في شبكة مكونة من الأشخاص الذين يمتلكون الفيلم ويرغبون بمشاركته، ومن الأشخاص الذين يحصلون على الفيلم من هؤلاء. بديهيًا، سأنضم للأشخاص الذين يودون الحصول على الفيلم، بينما يوزع ممتلكو الفيلم سرعة رفعهم للبيانات علينا بشكلٍ متساوٍ. بعد تنزيلي نسبةً من الفيلم، عشرين بالمائة منه مثلًا، سيبدأ برنامج التورنت بمشاركة هذا الجزء مع مستخدمين آخرين ينزّلون الفيلم، فأتحول لمرسل ومستقبل للفيلم في الوقت ذاته.

على هذا الأساس توجد الملفات المقرصنة بطريقة التورنت عند كافة المستخدمين، ما يجعل محاكمتهم ومصادرة أجهزتهم أمرًا مستحيلًا، إذ بلغ عدد مستخدمي التورنت يوميًا حوالي 30 مليون شخص في 2013، توجد نسبة كبيرة منهم في دول عالم ثالث ذات وضع قانوني لا يكترث حقًا لحقوق الملكية، كمعظم الدول العربية. أما ما يوجد على مواقع التورنت، فهي الملفات التي تنظم شبكات التبادل هذه، والتي تشغل حجمًا صغيرًا جدًا نسبيًا لا يتجاوز أرشيفها الكلي عشرات التيرا بايتات، أي تكلفة آلاف قليلة من الدولارات من أقراص التخزين. في الفيلم الوثائقي TPB AFK، يصور مشغلو موقع The Pirate Bay قاعدة بيانات موقعهم، يقولون ضاحكين: «هذا هو خليج القراصنة!» مشيرين إلى كتلة معدات لا تتجاوز بالحجم خمسة حاسبات محمولة طبقت فوق بعضها البعض. لهذا السبب يسهل ويرخص توفير عدد كبير يصل للعشرات من النسخ الاحتياطية لأراشيف مواقع التورنت، والتي لا تحتاج سوى لبضعة سيرفرات تشغيل شبكات وأجهزة تفعيل خاصية البحث الداخلية لإعادة إطلاق الموقع من مكان آخر في العالم، الأمر الذي جعل هذه المواقع وسيلة تبادل البيانات المقرصنة الأولى عالميًا منذ أكثر من عشر سنوات.

طيب، وما علاقتنا بالموضوع؟

بسبب تدني متوسطات الدخل في الكثير من دول العالم الثالث، ومن ضمنها معظم دول العالم العربي، يغدو من شبه المستحيل على مواطني هذه الدول تحمل تكلفة المواد الترفيهية أو الثقافية أو الفنية من السينما والموسيقى إلى المسلسلات والألعاب. البديل الذي كان متاحًا لمعظم المواطنين العرب في ظروف مالية المماثلة، أو مواطني دول أخرى من العالم الثالث، هو المادة الترفيهية الثقافية التي تعرض على التلفاز، وبشكلٍ ثانوي على الإذاعة. لم يحدد التلفاز والإذاعة علاقتنا بالمحتوى الترفيهي العالمي فقط، بل حتى العربي، وسرعان ما توحدت الذائقة الفنية عند غالبية جمهور عربي متباين. الموسيقى والسينما والدراما المفضلة هي الموسيقى والسينما والدراما المتاحة. المصيبة لا تنتهي هنا، بل تمتد لكون رُخَص بث الأفلام الغربية مرتفعة التكلفة، الأمر الذي يدفع المحطات التلفازية العربية لإمهال الفيلم بضعة سنوات حتى تنخفض تكلفة عقد بثه، ما جعل المحتوى الغربي متأخرًا بغض النظر عن جودته بالأساس.

كان انتشار الملفات المقرصنة، والذي بلغ درجة عالية من الاستقرار والتنوع بفضل التورنت، نقطة تحول. في الدول التي كان يصعب بها توفير اتصال سريع بالإنترنت منذ حوالي عشر سنوات، كسوريا، انتشرت الملفات المقرصنة عبر متاجر الأقراص الليزرية رخيصة السعر، حيث تراوح سعر الدي في دي من ربع إلى نصف دولار، أما قرص البلو راي ذو السعة التي تبدأ من 9 جيجابايت كان يكلف دولارًا كاملًا، لكنه يضم مئات الألبومات أو مجموعات أفلام كاملة لمخرج أو ممثل ما. في دولٍ أخرى كمعظم دول الخليج، كان الإنترنت متاحًا بشكل أفضل، وكان الناس يختارون بأنفسهم الأفلام أو الموسيقى التي يريدون الحصول عليها. حتى من كان يلجأ لمصادر أخرى كالمواقع التي توفر مشاهدة أفلامًا مجانية دون ضرورة تنزيلها، أو سماع الألبومات على يوتيوب، كان يعتمد على التورنت بشكل غير مباشر نظرًا لكونه المصدر الرئيسي لكل هذه الملفات.

هذه الإتاحة المذهلة لم تلعب دورًا ترفيهيًا فقط، بل نحتت جمهورًا عربيًا ذا ذائقة متطورة في عدة أوساط فنية.

هذه الإتاحة المذهلة لم تلعب دورًا ترفيهيًا فقط، بل نحتت جمهورًا عربيًا ذا ذائقة متطورة في عدة أوساط فنية. أشتركُ على الفيسبوك في عدة مجموعات سينمائية ذات أعضاء من مختلف الدول العربية، يعتمدون كلهم تقريبًا على التورنت لمشاهدة الأفلام، وتطال نقاشات المجموعات كافة الأفلام من الهوليودي الذي يعرض حاليًا في السينما، لإنغمار برجمان وأندريه تاركوفسكي. تطور ذائقة الجمهور بهذا الشكل أدى لتطور تلقي الجمهور للأعمال الفنية العربية، ما وضع الموسيقى والسينما المبتذلة تحت تيارٍ متنامٍ من الانتقاد، وبالمقابل شجع وآزر صعود موسيقى وسينما بديلة خلال السنوات الماضية، وجدت جمهورًا ينتظرها وجمهورًا آخر يسهل استقطابه. كما ساعدت هذه الإتاحة على صعود نقاد وصحفيين فنيين أكثر تخصصًا لما أتيح لهم من سعة اطلاع. عن نفسي، استمعت على مدى السنوات الماضية لمئات الألبومات والحفلات الموسيقية، وحضرت العشرات من الوثائقيات عن الموسيقى، الأمر الذي لولاه لما وجدت نفسي اليوم أعمل كناقد موسيقي متفرغ متخصص بالروك، الصنف الموسيقي الذي لو انتظرت المحطات التلفازية والإذاعية العربية لتعريفي به بشكلٍ لائق لانتظرت طويلًا.

هل تحتاج هذه المواقع للتبرع والدعم المادي؟

تجني مواقع وبرامج التورنت مبالغ جيدة من المال من بيع الإعلانات. تكفي هذه المبالغ أصحاب الموقع لتغطية كافة التكاليف والخسارات ونفقات الحياة وبالطبع فواتير المحامين عند تعرضهم للمحاكمة. في الواقع، لا تقدم معظم مواقع التورنت خيارًا للتبرع من الأساس.

ماذا عن الفنانين؟ هل يؤذيهم التورنت؟

يمكن تقسيم الفنانين إلى شعبيين تصل أرباحهم للملايين بغض النظر عن الخسائر، الأمر الذي يؤثر على رفاهية حياتهم لكن ليس جودة فنهم غالبًا، وإلى مستقلين أو مغمورين قد يسبب تسريب أعمالهم مشاكل مالية مؤذية لهم. عن هذه المعضلة يقول الأستاذ الفخري في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم، روجر واليس، والذي دافع عن مشغلي موقع The Pirate Bay، في المحكمة عام 2009: «أريد أن أعبر عن رأيي هنا كمؤلف موسيقي أيضًا، حيث أننا [هو وزوجته] اشترينا منزلنا الأول من أرباح أغنيةٍ قد كتبتها. أنا أدعم حقوق الملكية، لكن فقط عندما تشجع هذه الحقوق على الإبداع أو تشكل محفزًا اقتصاديًا أو تحرض على الخلق. لا كما هي اليوم؛ أداة تحكم هائلة بيد أناس يجلسون على مساحات لا تنتهي من حقوق (النشر)». يبدو كلام واليس منطقيًا، لكن هل يغير شيئًا على أرض الواقع؟

في الحقيقة، وانطلاقًا من اقتناع بعض الفنانين المستقلين بهذه الفكرة، بدأ نوعٌ مثيرٌ من التعاون بالظهور بين الفنانين المستقلين ومواقع التورنت. فيلم TPB AFK الذي اقتبسته في عدة مواقع من هذا المقال، تم تصويره اعتمادًا على التمويل الجماعي، ونشره بموافقة منتجيه منذ البداية على مواقع التورنت، الأمر الذي ضمن للفيلم شعبية بلغت اثني عشر ألف تقييمًا على موقع IMDB، وهو رقم قياسي بالنسبة لوثائقي منخفض التكلفة بهذا الشكل.

في مطلع آب الماضي، حمل برنامج BitTorrent هذا التعاون لمستوى جديد. إذ أعلن عن منحة باسم Discovery Fund مخصصة للموسيقيين والفنانين المغمورين. تقدم المنحة دعمًا ماليًا وخدماتٍ ترويجية لخمسةٍ وعشرين فنانًا، تتراوح قيمة دعم الفنان الواحد ما بين 2,500 إلى 100,000 دولار أمريكي. المثير للاهتمام أن ذلك لا يتطلب تنازل الفنان عن أي حقوق نشر لصالح البرنامج، حيث تحمل المنحة شعار «أنت تبدع. أن تمتلك إبداعك. نحن ندعمه»، وتشرح رؤيتها كالتالي: «نحن ندعم المبدعين. نحن لا نشتري محتوىً إبداعيًا. لأن الموسيقى والسينما هي أكثر من ذلك. لأن الأصوات المغمورة يجب أن تسمع».

ما مواقف الحكومات من التورنت؟

يعد تسريب أعمال فنية مقرصنة آخر هموم الحكومات الغربية عندما يتعلق الأمر بالتورنت، إذ أن مواقع التورنت لا تتمتع بنشاط سياسي وحسب، إنما تشكل إحدى أخطر وأجرأ الجهات السياسية الاحتجاجية المضادة للمركزية في العالم. في 2004 شارك غوتفريد وارك، أحد المشغلين الثلاثة لموقع The Pirate Bay والاسم الأبرز في عالم التورنت، في تأمين وإتاحة تبادل البيانات على موقع America’s Dumbest Soldier، الموقع الذي أغلق خلال العام ذاته ولا تزال ويكيبيديا لا تجرؤ حتى اليوم على تخصيص صفحة له. في هذا الموقع كان يتاح للمتصفح رؤية ملفات جنود أمريكان حقيقيين قتلوا في الحرب في العراق، أسماؤهم وصورهم وبضعة أسطر تصف طريقة موتهم، وكان على المتصفح أن يصوت من واحد لعشرة مقيمًا مدى غباء ميتة هذا الجندي.

أغبى جنود أمريكا كان مجرد مقدمة لما حصل في 2010، حيث تعاون غوتفريد بدعمٍ من زملائه في الموقع مع جوليان أسانج من ويكيليكس، ومع حزب القراصنة في السويد، لنشر تسريبات عمليات عسكرية للجيش الأمريكي في بغداد عام 2007. تظهر التسريبات المصورة التي سميت بـ«قتل على جنب» (Collateral Murder) عمليات عسكرية أمريكية استهدفت مدنيين عزَّل لا يمثلون خطرًا. لعب غوتفريد الدور الرئيسي في تشفير بيانات التسريب التي لولاها لكان من المحتمل اعتراضه قبل نشره، ثم ساهم بنشر التسريب إلى جانب تسريبات لاحقة لويكيليكس على مواقع التورنت وخصوصًا The Pirate Bay، مؤمنًا لها وسطًا للانتشار دون رقابة كان حاسمًا في شهرة ويكيليكس وتطورها.

هل تكترث مواقع التورنت بالفعل لمصلحتنا؟

أم أن مصلحة العالم الثالث هي تحصيل حاصل؟ تصعب الإجابة على هذا السؤال بشكل حاسم. فمن ناحية يظهر فريدريك نيج، أحد المؤسسين الثلاثة لموقع خليج القراصنة في وثائقي TPB AFK، كشخص لا يخفي عنصريته. يرجع العديد من المشاكل في السويد للمهاجرين. بينما يقول بيتر ساندي، ثالث مؤسسي الموقع، أن زميله إنسان طيب لكنه يغدو أحمقًا كريهًا عندما يتعلق الأمر بعنصريته. الوثائقي الذي يقف بشكل واضح لصالح التورنت وموقع خليج القراصنة بالذات، حرص على إظهار هذا التناقض من باب عدم تنميق الواقع. هل تكترث مواقع التورنت ومؤسسوها بالفعل إذًا لحرية تبادل البيانات بما في ذلك المنفعة العائدة على سكان الدول منخفضة الدخل وخصوصًا دول العالم الثالث؟ أم أنه مجرد مجال عمل مربح ذو مخاطر مرتفعة؟

دلائليًا، يبدو الجواب أكثر ترجيحًا، أن مواقع التورنت تكترث بالفعل. لكن هل يهم ذلك حقًا؟ تعلن العديد من الجهات الحقوقية والمدنية المحلية والإقليمية والعالمية عن رغبتها الصريحة بتحسين مستويات الحياة في العالم الثالث بما فيه الدول العربية، لكن كم من التغيرات الثورية قد شهدناها نتيجة هذه المحاولات؟ هناك حملات لمكافحة التحرش الجنسي، أخرى لخفض البطالة، أخرى للتوعية الصحية، وتحظى كل هذه الحملات بدعم المؤسسات الحكومية والمجتمعية والدينية، أو على الأقل لا تواجه اعتراضًا من قبلها، لكن كم طفرة جذرية بنوعية الحياة قد لمسناها جراء تلك الحملات؟

في المقابل، يواجه التورنت حربًا بمعنى الكلمة، استوديوهات هوليوود وشركات التسجيل الكبيرة تنفق عشرات الملايين على الدعاوى القضائية، الحكومات تعتقل وترحّل، حتى الإنتربول الدولي بات مضطلعًا بمحاربة التورنت منذ عدة سنوات. سواءً كان ارتباط مصالحنا بالتورنت صدفويًا أو مقصودًا، فهذا لا يقلل من أهمية هذا الارتباط، ولا ينفي أن الإتاحة الواسعة للمواد الفنية والثقافية التي وفرها لنا التورنت، والتي غيرت مجتمعاتنا بشكلٍ أكثر جذريةً وفعاليةً وشمولًا من أية حملات أخرى، تجعلنا جزءًا من هذه الحرب. ورغم أن هذه الحرب تبدو حاليًا غير متكافئة -عشرات نشطاء التورنت مقابل جيوش من المحامين- إلا أن فريق التورنت لا يزال الطرف الرابح، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل: لماذا لا نشارك، أو بالأحرى ننسحب، من حربنا الرابحة؟

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية