معلومات تفاعلية: من أين يأتي قمحنا وإلى أين يذهب؟


الأربعاء 12 كانون الأول 2018

تصميم مايا عامر وبرمجة رامي عرفات

 

هذا التقرير جزء من ملف مشترك بين مجموعة المواقع الإلكترونية العربية المستقلّة هي منشور، والجمهورية، وحبر، ومدى مصر، وكحل، والمفكرة القانونية، وصوت، وميغافون. للاطلاع على الملف كاملًا، اضغط/ي هنا.

 

يعد القمح عنصرًا هامًا في الحمية الغذائية العربية[1] والعالم. إذ يشكل الخبز، أحد أهم منتوجات القمح، 35% من السعرات الحرارية المستهلكة يوميًّا في البلدان العربية. كما يشكّل القمح ما نسبته 33% من مساحة الأراضي المزروعة بمحاصيل الحبوب في الوطن العربي عام 2016، بحسب تقرير أوضاع الأمن الغذائي العربي الصادر عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية.

في هذا الإطار، تبرز أهمية عرض الاتجاهات العامة لعلاقات المورِّد/المستورد الاقتصادية بين دول العالم، والدول العربية بشكل خاص، وكيف تغيَّرت هذه الاتجاهات خلال العقود الأخيرة، من خلال الاطلاع على كمّيات الإنتاج، والاستهلاك المحلي، والاستيراد، والتصدير لمعظم دول العالم، من أجل معرفة الأساس الإحصائي للتحليلات المتعلقة بدور القمح في رسم سياسات اقتصادية معينة أو تأثير التغير في هذه السياسات على التعامل مع القمح.

إجمالًا، بلغ مجموع مساحات الأراضي المزروعة بالحبوب في الوطن العربي عام 2016 نحو 30.6 مليون هكتار (60% من إجمالي المساحات المزروعة في المنطقة العربية)، وهي مساحة تقلّ عن عام 2015 بمقدار 8.8% (33.6 مليون هكتار). وتوزّعت معظم تلك المساحات المزروعة بمحاصيل الحبوب لعام 2016 على أبرز الدول العربية التالية: السودان (38%)، والمغرب (15%)، ومصر (10%)، والعراق (9.5%)، والجزائر (8.4)، وسوريا (8%).

تراجَعَ إنتاج القمح في المنطقة العربية عام 2016 عن عام 2015 بنسبة 16% (27.63 و23.2 مليون طن، على التوالي)[2]. وهو تراجع استمرّ في العام الذي يليه بالنسبة لبعض الدول (مثل العراق والسودان وسوريا واليمن)، وتم تجاوزه بالنسبة لدول أخرى بنسب صغيرة (مثل الجزائر ومصر والمغرب وتونس)[3]. لكن إجمالًا، فإن إنتاج القمح في المنطقة العربية في تزايد، إلا أن هذا التزايد، كما يظهر في الشكل أدناه، تقل قيمته مع مرور الزمن.

يلاحظ الناظر إلى هذه المعدّلات، تزايد اهتمام المنطقة العربية بالزراعة (خصوصًا الدول ذات الإمكانات المادية والمناخ المناسبين) إبّان الثمانينات والتسعينات، وانحسار هذا الاهتمام مع الزمن، لاعتبارات الانفتاح الاقتصادي وبروز قوى اقتصادية جديدة في مجال القمح في العالم. لكن على الرغم من هذه الزيادة (التي تتضاءل مع الوقت)، فإن إنتاج القمح يظل غير كافٍ للمستهلك في المنطقة العربية، ولا تتناسب الزيادة في الإنتاج مع الزيادة على الطلب. فعلى سبيل المثال كانت نسبة الاكتفاء الذاتي في المنطقة العربية من القمح ما بين 1970 – 1972 (90%)، وفي الفترة ما بين 1975 – 1977 (49.3%)، وفي الفترة ما بين 1987 – 1989 (40.4%)[4]. وفي السنوات العشرة الأخيرة، لم يتعد معدّل الاكتفاء الذاتي من القمح للمنطقة العربية الخمسين بالمئة في أفضل حالاته.

يُعزا ذلك الاكتفاء الذاتي المنخفض من القمح لأسباب عديدة، منها زراعية مثل انخفاض المساحات المزروعة في المنطقة العربية، والاعتماد على الأراضي البعل (المطريّة) بشكل كبير، حيث تتذبذب المحاصيل حسب طبيعة الموسم، وقلة الأبحاث العلمية واستخدام التكنولوجيات الزراعية[5]، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في التعداد السكاني للمنطقة وتبني سياسات اقتصادية حرّة منفتحة على التصدير والاستيراد، مما يجعل للعلاقات السياسية تأثيرًا في توفّر مصادر القمح للدول المستوردة.

تختلف أبرز الدول المصدّرة باختلاف العوامل المؤثرة بالاستيراد إجمالًا، فمنها أسباب متعلقة بالطبيعة (مثل الحرائق ومواسم الجفاف)، وأسباب اقتصادية تؤثر على القدرة الاستثمارية في الزراعة ونشوء قوى اقتصادية جديدة، وأسباب أخرى تكون نتيجة لقرارات سياسية مثل قيام الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي عام 2008، مثلًا، استخدام القمح في إنتاج الإيثانول من قِبل الأسواق الناشئة مما أثّر سلبًا على المحاصيل[6]. وكانت أكبر خمس دول مصدّرة للقمح في السنوات العشرة الأخيرة هي، على التوالي: الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي، روسيا، كندا، أستراليا. أما في السنوات العشرة التي سبقتها فكان ترتيب أكبر خمس دول مصدّرة للقمح كالتالي، على التوالي: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، أستراليا، الاتحاد الأوروبي، الأرجنتين. مما يدلّ على تغيّر قوى القمح الاقتصادية بمرور الزمن.

لمعرفة كيف تغيّرت علاقات المورِّد/المستورد حول العالم عبر الزمن، وملاحظة نشوء وأفول قوى اقتصادية في مجال القمح انظر/ي الخريطة التالية (اختر/اختاري القيمة التي تودّ عرضها واردات/صادرات، ثم حرّك/ي الخطّ الزمني لملاحظة التغيُّر):

في المنطقة العربية، تختلف مصادر استيراد الدول بحكم اختلاف القوى الاقتصادية وعلاقاتها. فمثلًا عند النظر في مصادر استيراد القمح إلى سوريا، نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية، كأكبر مصدّر للقمح في العشرين سنة الأخيرة، كانت خيارًا غير محبّذ للاستيراد بالنسبة لسوريا. وتناوبت على مركز المصدّر الأول للقمح في سوريا دولُ روسيا وأوكرانيا ورومانيا والأرجنتين والعراق، وبلغاريا وفرنسا بنسبٍ أقلّ، على امتداد الفترة ما بين 1995 إلى 2016 [7]. بينما كان مصدر الأردن الأول من القمح في الفترة ما بين 1999 – 2005 هي الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا في الفترة ما بين 2005 – 2012، وثم رومانيا في الفترة ما بين 2012 – 2016[8].

ويمكن لتوزيع مصادر الاستهلاك المحلي أن يعكس مدى الاكتفاء الذاتي من القمح عبر إظهار نسبة ما يُنتج محليًا وما يستورد من مجموع الاستهلاك. للتعرّف على مصادر الاستيراد في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة لمصادر الاستهلاك المحلّي (إنتاج – استيراد) اختر/اختاري اسم الدولة من القائمة، ومن ثمّ حرّك/ي الخط الزمني لتتبّع التغيّرات عبر السنوات:

تم إعداد هذه المادة بدعم من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)

المصادر

[1] اقتصاديات القمح والأمن الغذائي، سلطان أحمد الخلف، مجلة التقدّم العلمي، 2011، عدد 73، ص 20، الكويت.

[2] نفس المصدر.

[3] بيانات تم جمعها لهدف بحثي من أجل هذه المقالة من وزارة الزراعة الأمريكية.

[4] إمكانات تنمية إنتاج القمح والحبوب في الوطن العربي، جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتنمية الزراعية، 1991، ص 25.

[5] تقرير أوضاع الأمن الغذائي، 2016.

[6] اقتصاديات القمح والأمن الغذائي، ص 17.

[7] مَرْقب معهد MIT للعوامل المؤثرة في الاقتصاد OEC.

[8] نفس المصدر.