رسالة شكر من مستفيدي المعونة الوطنية من بريد الوحدات

بقلم رهف محمد

يستوقفني كل شهر منظر رجال ونساء مصطفين على الدور ينتظرون رحمة مدير بريد الوحدات الذي يتركهم في البرد خارجا منتظرين إذنه ليأخذوا المعونة التي أعطاهم إياها الملك. وكما تقول السيدة أم محمد: “والله ما بعرف الملك بيعطينا ومسؤولينه بذلونا على هالأربعين دينار اللي بناخدها بالشهر.” أو السيدة أم خالد التي تتعمد المجيء متأخرة حفاظا على كرامتها لأنها تحس بالمهانة لدى الوقوف في الخارج والمارون ينظرون، فقررت أن تأتي في منتصف الشهر علما بأن المعونة الوطنية توزع في بداية كل شهر، وحسبما سألت فقد أخبرتني النساء أن الوقت الواجب على البريد توزيع المعونة فيه هو من الساعة الثامنة والنصف وحتى الساعة الثانية عشرة ظهرا غير أن مدير البريد وموظفيه الذين يتحججون بالعمل وهم في الداخل يشربون الشاي ويستمتعون بالدفء تاركين الناس في الخارج يشعرون بالتعب والبرد يبدأون بالتوزيع في الساعة التاسعة وفي كل نصف ساعة يعطون شخصا واحدا فقط. علما بأنهم لو كانوا يؤدون العمل بكفاءة أصلا لاستطاعوا إعطاء على الأقل ست أو سبع أشخاص في هذه النصف ساعة. وما أن تبدأ النساء والرجال – والذين هم في الغالب من كبار السن الذين ما عادت أجسامهم تقوى على المسير وتحمل الجو البارد القارص – بالاحتجاج حتى يفقد المديرأعصابه ويغلق النافذة ويمنع الموظفين من إعطاء الناس، وهنا تنتهي رحلة هؤلاء الناس لهذا اليوم عائدين إلى بيوتهم جيوبهم فارغة ولكن عظامهم مليئة بالبرد وأجسامهم بالتعب ولكن على الرغم من كل ذلك يعيدون الكرة في اليوم التالي آملين أن يأخذوا نصيبهم من المعونة الوطنية.

يا جلالة سيدنا ويا أبونا وسندنا ويا ناصر كل كبير وضعيف وفقير انظر إلى حال هؤلاء الناس الذين فرحوا يوما عندما وجدوا معونة تسندهم قليلا في حياتهم أو من يدري حتى إذا ما كانت تسندهم أو لا أو أنها تصبرهم فقط على إكمال اليوم مستورين. ولكني أشك دائما من نقطة الستر هذه لأنني لن أنسى كلام أم خالد عندما قالت: “أصبحت آتي لأخذ المعونة الوطنية في منتصف الشهر والله بيعلم بالحال، حكينا يمكن أستر إذا المدير بفوتنا لجوا، بس الله يصلحو للمدير اللي صار يلطعنا جوا والرايح والجاي يدفع الفواتير بيطلع علينا، والله لوما الأكل لها الأولاد لما قبلت على حالي آخذ هالخمسين دينار وأذل حالي هالذل.”

شكرا جزيلا لوزارة التنمية الاجتماعية ولكل مسؤول سكت عن حقوق هؤلاء المواطنين الضعفاء وشكرا جزيلا لحركة الإصلاح التي تحتاج بحد ذاتها إلى إصلاح والتي سيبقى أفراد الشعب يحلمون بها ولن تبدأ خاصة عند بقاء مثل هذه الحالات والقضايا تنخر في عضد البناء الأردني.

Lina:
Related Post