المدينة التي ضاقت بأهلها

إعداد: دعاء علي، حسام دعنة، سارة عبيدات، محمد حجازي، وسفيان الأحمد.

كما يلفها غبار البادية، يلف المفرق عمى عن التفاصيل. فالتهميش جعل المدينة الشمالية تبدو أبعد عن عمّان من السبعين كيلومترًا التي تفصلهما فعليًا، ولم تقطع قصص المدينة هذه المسافة إلا لتصل مهوّلة أو غير دقيقة.

لكن هذه القصص ليست أمرًا يمكن الاستمرار في تجاهله. فبعد ثلاث سنوات على اندلاع الثورة في سوريا التي تحوز محافظة المفرق الجزء الأكبر من الحدود معها، أصبحت المفرق مدينة مختلفة بأردنييها وسورييها الذين تركوا خيامهم في الزعتري ليحاولوا إعادة بناء حياتهم في المدينة.

في نيسان الماضي، تحدث رئيس الحكومة عبد الله النسور عن “توجه لإعلان محافظات الشمال منطقة منكوبة” بسبب “الضغوط الكبيرة” التي أدى إليها لجوء السوريين إلى هذه المحافظات. هذا “التوجه” انتهى إلى أرشيف الصحافة، لكن المشكلات التي دعت النسور لإطلاق هذا التصريح لم تزدد سوى تفاقمًا.

فضعف الخدمات والبطالة وتكلفة المعيشة في المفرق كلها كانت مصادر تذمر لسكان المدينة قبل اللجوء السوري. لكن تذمرهم تحول اليوم إلى حنق وإحساس بالخطر، وجّهه بعضهم إلى الحكومة في شكل مطالب واحتجاجات، فيما وجهه آخرون إلى جيرانهم السوريين في شكل نفور وتحميل للمسؤولية.

مخيم الزعتري الذي يرُى من المدينة كخط أبيض في الأفق تشكّله رؤوس الخيام لا يحتوي قرابة 110 آلاف لاجئ فحسب، بل مرّ منه كذلك أكثر من 45 ألفًا تم تكفيلهم للخروج من المخيم بحسب وسائل إعلام، إضافة إلى عشرات الآلاف ممن تم تهريبهم منه. هؤلاء اللاجئون الخارجون من المخيم وغيرهم ممن دخلوا الأردن بشكل نظامي في بداية الأزمة اتجه الكثير منهم إلى المفرق لقربها، رافعين عدد سكان المدينة إلى أكثر من 157 ألفًا في نهاية عام 2013 أكثر من نصفهم سوريون، بحسب بلدية المفرق.

خالد مصيطف أحد هؤلاء. “عفنا الأول والتالي وطلعنا بأواعينا”، يقول المسن الذي هرب مع عائلته من دير بعلبة في حمص قبل ستة أشهر عابرًا الحدود إلى الأردن. لم يبقَ مصيطف في الزعتري سوى يوم واحد، تم تهريبه وعائلته بعده إلى المفرق ليستصدر بطاقات لجوء من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين توفر له ولعائلته قسائم الطعام وجزءًا من أدوية الضغط والسكري التي يحتاجها هو وزوجته، ليظل بعدها “على البطانيات، لا شغلة ولا عملة”.

حياة الأردنيين والسوريين تتقاطع في المدينة الصغيرة. الفيديو أدناه يتتبع السوري أحمد بهاء الدين والأردنيين حازم الخطيب وسمير كساب في أعمالهم اليومية التي تأثرت بالضغط المتنامي على البنية التحتية المترهلة في المفرق.

7iber administration:
Related Post