مَن مِن الأردنيين والأردنيات تابع بحماسة أخبار مشاركة رياضيي بلدهم من ذوي الإعاقة في مسابقات عربية ودولية كما تحمسوا على غيرهم من الرياضيين؟ هؤلاء الرياضيون، وفقًا لشهاداتهم، يعانون تهميشًا مضاعفًا. ففوق استثنائهم من العديد من النشاطات وإبعادهم عن الحيز العام عبر عدم تأهيله بما يسهّل تحركهم، يُعاملون في مجالهم الرياضي كملحق ثانوي لا يحظى بدعم كافٍ، لا كمحترفين يحققون إنجازات على مستويات دولية.
هذه الإنجازات توالت في السنوات الأخيرة، وكان بينها أرقام قياسية ومراتب أولى في بطولات مراكز عالمية. لكنها لم تكن مقنعة كفاية على ما يبدو لتحظى بتغطية إعلامية لائقة، والأهم بدعم رسمي وخاص يساعد عمليًا على استمرار تفوقهم.
معتز الجنيدي، مها البرغوثي، وعامر العبادي هم ثلاثة رياضيين حققوا إنجازات دولية في رياضاتهم. حبر قابلهم وتتبعهم خلال تدريباتهم لينقل تفاصيل مسيراتهم الرياضية الشاقة.
معتز الجنيدي
قبل سبعة أسابيع، رفع معتز الجنيدي 229 كيلو غرامًا من الحديد الصلب في دبي جعلته بطل العالم في رفع الأثقال في فئة 88 كيلوغرامًا. هذا الوزن كان رقمًا قياسيًا عالميًا كذلك، وهي ليست أول مرة يكسر فيها الجنيدي رقمًا قياسيًا في بطولته.
اليوم يدرس الجنيدي عروضًا للتدريب في كل من السعودية والسودان والولايات المتحدة. فهو رغم كونه مسجلًا كموظف في وزارة الصناعة والتجارة ومتفرغ للرياضة، إلا أنه يقول إنه لا يجد دعمًا ماديًا كافيًا يساعده على تقديم كل ما عنده. “تريد أن تتفرغ تمامًا لكنك لا تحصل سوى على 70 دينارًا بدل مواصلات”.
يتحدث الجنيدي بانفعال عن ضعف التغطية الإعلامية الأردنية لرياضات ذوي الإعاقة، معتبرًا أنها تعكس عدم أخذ الإعلام ومن ورائه المجتمع لهؤلاء الرياضيين على محمل الجد، باعتبار أنهم ينخرطون في الرياضة “ترفيهًا” عن أنفسهم لا أكثر.
لكن مشقة التدريب توحي بغير ذلك. “هل من الترفيه في شيء أن أرفع 230 كيلو غرامًا؟” يسأل الجنيدي. “أنا لم أعد أستطيع أن أتخيل حياتي دون رياضة”.
مها البرغوثي
حين بدأت مها البرغوثي مسيرتها الرياضية، لم تكن تفكر بطاولة التنس التي أصبحت بطلة أولمبية فيها، بل بدأت بسباقات الكراسي المتحركة 100 متر و200 متر. بعد سنوات قليلة على تلك البداية، سجّلت البرغوثي رقمًا قياسيًا عالميًا في بطولة العالم في ألمانيا عام 1996.
لكن السباقات لم تكن المكان المناسب للبرغوثي التي اتجهت لتنس الطاولة لاحقًا، خاصة وأن السباق كان يحتاج كراسي متحركة خاصة تجدد باستمرار، وكانت تكلفة كل منها قرابة 5000 دولار، ما لم تستطع البرغوثي تحمله دون دعم رسمي في ذلك.
“الرياضة كانت وسيلة للفت النظر”، تقول البرغوثي. فحين نالت ذهبية أولمبياد سيدني عام 2000 حظيت باهتمام إعلامي كبير كان وسيلة لتسليط الضوء على قضايا ذوي الإعاقة بشكل عام. لكنها مع ذلك تشعر بأن التعامل الرسمي مع إنجازات الرياضيين ذوي الإعاقة يعطي انطباعًا بأن “إنجازهم ناقص”، رغم أن الأردن “انشهرت في الرياضة عن طريق الرياضيين المعوقين أكثر من غيرهم” بحسبها.
“الأساس هو المجهود الشخصي”، تقول البرغوثي التي ترى أن دعم عائلتها كان الأساس في مسيرتها، لا الدعم الحكومي. لكنها في ذاتها الوقت تعذر الاتحاد الأردني لرياضة المعوقين قائلة إن “العبء عليه كبير”، كونه يشرف على لاعبين في عدة رياضات ولديهم إعاقات مختلفة.
عامر العبادي
بعد الحادث الذي أدى إلى بتر ساقيه في معصرة زيتون، تحول عامر العبادي من رياضة كرة القدم التي كان يمارسها قبل الحادث إلى ألعاب القوى بتشجيع من والده. سنوات قليلة وبدأ العبادي يشارك في دورات دولية في مسابقات رمي الكرة الحديدية ورمي القرص.
حقق العبادي مركزًا رابعًا في كل من أولمبياد أثينا 2004 وبكين 2008. لكن البطولات بالنسبة له أكثر من طريق للمجد الرياضي. “مصدر دخلي هو البطولات” يقول العبادي المتفرغ للرياضة لكن مصدر دخل ثابت ودون دعم من الاتحاد الأردني لرياضة المعوقين.
“منذ عام 1999 حتى اليوم والاتحاد يبحث لي عن عمل. آخر طلب عمل قدمته رُفض خلال يومين”. حتى التغذية الخاصة التي يحتاجها الرياضيون يوفرونها بشكل شخصي بحسب العبادي. لكن قدرة الاتحاد على الدعم محدودة أصلًا وفقًا له. “لا يوجد دخل خاص للاتحاد أساسًا. ما يتلقاه هو ما يصرفه”.