صور: مطبخ وجمعية ومقهى، مشاريع أنشأها لاجئون سوريون في القاهرة

يعاني اللاجئون السوريون في مصرمن ظروف أصعب وعدائية متزايدة تجاههم منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي وتولي الجيش للسلطة في مصر بعد ٣٠ حزيران ٢٠١٣. أكثر من ١٥٠٠ لاجئ سوري في مصر تعرّضوا للتوقيف دون أسس قانونية والاحتجاز دون محاكمة منذ آب ٢٠١٣، بحسب تقرير لمنظمة هيومان رايتش ووتش.

في الوقت الذي يسعى الكثير من اللاجئين السوريين في مصر للهجرة إلى أوروبا بحراً من الاسكندرية، مواجهين بذلك خطر الموت أو التوقيف من قبل السلطات المصرية، يحاول آخرون التأقلم مع واقع اللجوء في مصر. صبري خالد يتتبع قصص ثلاث مجموعات من اللاجئين السوريين في القاهرة ومحاولاتهم تأسيس مشاريع تمكنهم من الاستمرار.

مطبخ حياة وبراءة

لم تكن أم ناصر تعلم وهي تغادر حمص هربًا من ويلات الحرب أنها ستحترف الطبخ السوري في مصر، ولا أحد من رفاقها في «مطبخ حياة وبراءة» الذي أسسوه في ضاحية 6 أكتوبر، كان يعلم هذا.

​عائلة صغيرة من اللاجئين السوريين تكونت في المطعم، عائلة لم يعرف أفرادها بعضهم البعض من قبل.

بدأت القصة بأم حياة، واحدة من 150 ألف سوري نزحوا إلى القاهرة منذ بدء الحرب الأهلية السورية. وبعكس من تركوا سوريا في مراحل متأخرة من الحرب، نجحت أم حياة في استعادة بعض من أموالها لتبدأ بها مشروعًا صغيرًا في ضاحية «٦ أكتوبر» بالقاهرة، أطلقت عليه اسم «مطبخ حياة وبراءة للمأكولات السورية». كانت فكرة إنشاء مطعم سوري فكرة رائجة وقتها، وبالأخص في ضاحية «6 أكتوبر»، التي اشتهرت باسم «دمشق الصغيرة».

لم يحتج الأمر إلى وقت طويل كي يذيع صيت المطعم ويصبح مقصد العديد من الطلبة العرب والعائلات المصرية. غادرت أم حياة القاهرة إلى السعودية بهدف العمرة، ثم استقرت هناك بعد تدهور الأوضاع الأمنية في مصر، وأسندت إدارة المطبخ إلى طاقم العمل المؤلف من أم ناصر ورفاقها.

أم ناصر، وهي بمثابة الأم لهذه العائلة، لم تكن تعمل في سوريا، وظلت منذ اقترانها بزوجها الراحل تعرّف نفسها بوصفها ربة منزل. عملها في المطعم كان أول وظيفة تشغلها في حياتها الهادئة التي انقلبت تمامًا بعد استهداف أحد أحفادها على أيدي القناصة في سوريا. وهي الآن تعيل ابنها الأكبر ناصر وزوجته، اللذَين لم يتمكنا من العثور على وظيفة في مصر.

وفي دمشق كان أيمن عدنان حسنو يعمل في تجارة الملابس لمدة ٢٤ عامًا. وكانت زوجته ربة منزل، ثم اختارت العمل في المطعم لتساعد زوجها، أما محمد كريش فقد عمل لبعض الوقت في تجارة الخضروات مع أبيه في حمص، قبل أن يصل مصر مع عائلته عام ٢٠١٢. وقد عمل في مطاعم عدة، حتى أصبح الطبّاخ الرئيسي والابن المدلل في مطبخ «حياة وبراءة». وأخيرًا، هناك والد محمد كريش، تاجر الخضروات السابق مصطفى كريش، الذي اشترى سيارة صغيرة بما استطاع الهرب به من سوريا، ويعمل الآن على توريد وإيصال احتياجات المطابخ السورية في مصر. دور مصطفى كريش أساسي هنا، نظرًا لأن المواد الخام السورية تختلف عن نظيرتها المصرية، ولأن هناك توابل سورية بعينها مثل «المسمار» و«عين الجرادة» و«الهيل» و«الشمر» و«الزعتر العراقي» تُستخدم في معظم أكلات المطبخ السوري ولا تتوفر في السوق المصري.

للتغلب على هذا يتعامل مصطفى مع محلات العطارة الشامية التي بدأت في التواجد في أماكن تجمع السوريين مثل حي «مدينة نصر» وضاحية «٦ أكتوبر». أما الطلبات الاعتيادية فيأتي بها من أسواق الجملة، مثل السوق الواقع في «طريق الواحات» المؤدي للمدينة.

أماني مالك، ٣٠ عاماً، زوجة أيمن، تقوم ببعض الأعمال الإدارية في المطبخ. كانت أماني تدرس الشريعة في سوريا ولم تكمل دراستها، وتزوجت من أيمن ابن عمها، فأصبحت ربة منزل. في القاهرة تبدل حالها فعملت لأول مرة في حياتها في الطهي.
أيمن وأم ناصر ومحمد أثناء إعداد وجبات الإفطار لعدد من زبائن المطبخ، أغلبهم من الطلبة العرب في مدينة السادس من أكتوبر.
مصطفى كريش والد محمد كريش الذي عمل في تجارة الخضروات في سوريا، يعمل على توريد وتوصيل احتياجات المطابخ السورية في مصر بعد أن استثمر ما استطاع الهرب به من سوريا في شراء سيارة صغيرة.
أيمن عدنان حسنو، ٤١ سنة، من دمشق، يؤدي صلاة العصر أثناء الاستراحة. لم تكن المطابخ وإدارتها من اهتمامات أيمن مطلقًا، بل كان يعمل في تجارة الملابس لمدة ٢٤ عامًا.
أماني تترك المطبخ عائدة إلى منزلها في السادس من اكتوبر لإعداد الطعام لأطفالها الثلاثة ولانتظار عودة زوجها أيمن.
أم ناصر، ٥٧ سنة، من حمص، أم لثلاث رجال وسيدتين. تخصصت في «لف ورق العنب»، حيث تقضي ثمان ساعات يوميًا في أداء هذه المهمة.
بعد آذان المغرب، أيمن في طريقه إلى منزله الذي يبعد حوالي عشرين دقيقة عن محل عمله. يستخدم أيمن التوك توك الذي يكلفه ثلاثة جنيهات ذهابًا ومثلهم إيابًا.
يعيش أيمن مع أسرته في قبو إحدى الفيلات، وبعد تكرار أحداث الاعتداء علي السوريين، أصبح هذا القبو المتنفس الوحيد لأطفاله لممارسة حياتهم في غير أوقات المدرسة.

ابنة ايمن تتابع المسلسلات السورية، «هي الشيء الوحيد اللي بيذكرني بسوريا».

جمعية يديرها لاجئ سوري لمساعدة أهل بلده اللاجئين

كمال سعيد كان موسراً قبل أن تأتي الحرب على كل ما لديه ويضطر إلى الهرب من بلاده لتأمين عائلته، فاستقر في منطقة فيصل في القاهرة وأصبحت شقته مركز تجمع واستقبال كل أفراد عائلته الذين لجأوا إلى مصر، حيث يمكثون معه فترات إلى حين ترتيب أمورهم.

استغل كمال علاقاتة برجال الأعمال السوريين الذين سبقوه وأنشأ جمعية أهليه لتقديم المساعدات للاجئين وحصرهم. ويدير هذه الجمعية منفردا وأحيانا بمساعدة ابنه محمد الذي تركت فيه الحرب آثراً نفسياً كبيراً.

المساعدات التي يقدمها كمال هى سلع تموينية غالبا ما ترتبط بالمناسبات ويصاحبها ملابس للأطفال في أوقات مثل الأعياد.

منزل كمال سعيد أصبح مركز استقبال كل أفراد عائلته الذين لجأوا إلى مصر.
إحدى السيدات تترك القبو الذي اتخذة كمال مكانا للجمعية ومعها من المواد الغذائية ما يعينها على الطبخ لمدة أسبوع في رمضان.
ملفات مرتبة حسب المناطق المختلفة في القاهرة تحتوي بيانات العائلات السورية التي تستفيد من الجمعية.
كمال سعيد في الجمعية.
نضال طالب بكلية الهندسة ويعمل أيضا في الخياطة مع خاله، الناجي الوحيد من عائلته. في طريقة للمنزل بعد الحصول على نصيبة من المساعدات.
يقسم كمال المساعدات حسب عدد أفراد كل عائلة وظروفها.
سيدات سوريات مع كمال في الجمعية.

مقهى سوري في وسط البلد؛ نجاح لم يستمر

في قلب العاصمة المصرية وبالتحديد في منطقة وسط البلد اجتمع مراد ونوار وقررا خوض تجربة إدارة مقهى باب الورد بما تمكنا من ادخاره من أعمالهما السابقة. وبالفعل نجح المشروع لعدة شهور قبل أن يقضي علية قيام أصحاب العقار برفع الإيجار واستيلاء عمال البلدية على الكراسي بدعوى عدم وجود ترخيص من المدينة. كان باب الورد يمتاز بجو مختلف عن مقاهي وسط البلد فكان أول مقهى كلً عمّاله سوريون ويقدم كل شئ على الطريقة السورية بالإضافة إلى الموسيقى التي يرقص الزبائن على أنغامها الدبكة أحياناً. باب الورد أغلق لمدة أربع شهور قبل أن إعادة فتحه بداية العام بإدارة مصرية. مراد لم يحصل على عمل آخر حتى الآن على عكس نوار الذي تنقل للعمل بين عدة مقاهي يمتلكها مصريون في نفس المنطقة.

مقهى باب الورد
نوار يبدأ بترتيب طاولات المقهى في الساعه الرابعة عصرا لاستقبال الزبائن.
مراد ونوار وأصدقائهما يؤدون الدبكة في المقهى على أنغام الموسيقى السورية.
ترك مراد مساحة للتفاعل في المقهى حيث يمكن لأي احد الرسم أو ترك أي عمل كتذكار للمقهى.
صبري خالد: صبري خالد، مصور وثائقي وصانع أفلام تسجيلية، مقيم في القاهرة. درس طب الأسنان قبل أن يتجه للصحافة، وغطى الكثير من الأحداث في مصر وبعض الأماكن الأخرى في الشرق الأوسط. يتركز عمله الصحفي على القصص المصورة عن المواضيع الاجتماعية والإنسانية بموازاة التغيرات السياسية المتلاحقة التي تحدث في المنطقة. يقوم أيضًا بتدريس التصوير الصحفي في الجامعة البريطانية ومؤسسات اخرى.
Related Post