«ليست كافية»: ما نفع منظومة حقوق الإنسان؟

الثلاثاء 06 شباط 2024
أطفال غزة
أطفال غزيون في أحد مخيمات النزوح في القطاع. أ ف ب.

قصف، مجازر، إعادة إعمار، ثالوث الحياة في غزة. ثلاث كلمات شكلت دائرة مفرغة، لا تتوقف منذ أكثر من عقد، وظنّ الجميع أنه واقع لا فكاك منه. إلّا أنّ كل شيء تغير بعد السابع من أكتوبر، ذلك اليوم المشهود للمقاومة، والشاهد على همجية الاحتلال؛ يوم انخرطت الديمقراطيات الغربية بشكل مباشر في الحرب على المدنيين، ضاربة بعرض الحائط كل مفاهيم الإنسانية وحقوقها.

منذ ذلك الحين، صبت الإرادة السياسية الغربية الداعمة للاحتلال جل اهتمامها الداخلي على حصر موجات التضامن بالترهيب تارة، وبالتشريعات القانونيّة تارة أخرى. هذا الاتجاه العدائي الذي سلكته الديمقراطيات الغربية وضع مفاهيم حقوق الإنسان على المحك، ودفع ازدواجية معايير وتطبيق حقوق الإنسان حول العالم إلى أقصاها، طارحًا تساؤلات حول جدوى مبادئ وقوانين حقوق الانسان إذا لم يكن تطبيقها عالميًا أمرًا ممكنًا، وما إذا كانت هذه المنظومة كافية أساسًا.

لنفترض أنّ مواطنًا ما، يعيش في دولة -ولتكُن ناميّة أو من العالم الثالث بالتوصيف الأقدم- ولنفترض أيضًا أنّ هذا المواطن في تلك الدولة وفي لحظة ما، أصبح حرًا يملك حقوقه السياسيّة، فلا تنازعه الدولة في قراره أمره وحياته، ولا تعرف السجون والتعذيب والنفي ووسائل القمع طريقها إليه. لنفترض أيضًا أن تلك الدولة طبقت معايير حقوق الإنسان العالميّة بحذافيرها، وضمنت لهذا المواطن أن يعيش مع باقي سكانها على حد الكفاية، ولديه ما يكفي أن يفصل بينه وبين من هم تحت، أي تحت خط الفقر. فإن سألنا هذا المواطن: «هل هذا كافٍ؟» فماذا ستكون إجابته؟

على أغلب الظن ولأغلب البشر، فإن الإجابة البديهيّة على سؤالنا الافتراضي السابق هي لا. أخذ صامويل موين أستاذ التاريخ والقانون بجامعة ييل، من واقع هذه الإجابة البديهيّة منهجيّة لكتابه «ليست كافية: حقوق الإنسان في عالم غير عادل»،[1] ومنذ البداية يتحدى الكتاب قرّاءه بسؤال: كيف تخدم حقوق الإنسان مصالح العدالة العالمية عندما يتزامن عصر حقوق الإنسان مع عصر عدم المساواة؟

يُعد هذا الكتاب مُتممًا لمشروع كبير استهله موين في 2010 بكتاب صدامي أتى بعنوان «اليوتوبيا الأخيرة: تاريخ حقوق الإنسان». ارتكز المشروع على محورين رئيسيين، الأول هو تفنيد مفهوم حقوق الإنسان وتاريخه في كتابه السابق، والثاني هو بحث العلاقة بين عصر النيوليبرالية مع صعود خطاب حقوق الإنسان في سبعينيات القرن الماضي وهو ما يعنى به كتابه الأخير.

حين قدم موين «اليوتوبيا الأخيرة»، كانت آثار الانهيار الاقتصاد العالمي عام 2008 قد وصلت ذروتها، بما نتج عنها من تحركات مجتمعية ثورية، وكارثة وجد العالم الغربي نفسه معها في اختبار صعب لإنسانيته، صدق فيه القليل وسقط فيه الكثير. بينما ارتفع في أروقة السياسة ومراكز صنع القرار خطاب الالتزام بحقوق الإنسان وسوق على أنه الحل الوحيد والنهائي لكل المشاكل.

وسط هذا المدّ الإنساني، ألقى موين بكتابه الصدامي «اليوتوبيا الأخيرة» قائلًا إنّ المفهوم الحديث لحقوق الإنسان يختلف جذريًا عن مفهومها السابق الذي ورد في كتابات جان جاك روسو، سواء كانت الأدبية مثل رواية «جولي» أو كتابه الأهم «العقد الاجتماعي». تابع موين تفنيده للحقائق الراسخة نافيًا إرجاع مفهوم حقوق الإنسان الحالي للحظة كتابة مسودات الرئيس الأميركي توماس جيفرسون في القرن الثامن عشر، موضحًا أنّ تلك الحقوق كانت تتعلق بالعلاقة بين الدولة ومواطنيها، بينما تعبر حقوق الإنسان اليوم عن أخلاقيات عالميّة لحقوق الإنسان تتجاوز الدولة وتستقل عنها من الناحية المفاهيميّة.

جادل موين بأنّ مفهوم حقوق الإنسان في تلك الفترة لا يمكن وصفه «بالعالميّة»، إذ إنّ قوائم الأشخاص غير الجديرين بالمشاركة في العمليّة السياسية لم تكتفِ باستثناء الأطفال والمساجين والأجانب، لكنها شملت أولئك الذين لا يحوزون الممتلكات، والرقيق، والأحرار السود، والأقليات الدينية في بعض الأحوال، والنساء، دائمًا وفي كل مكان. ويتعجب موين من المؤرخين القائلين إنّ الحقوق الفرديّة كانت عالميّة منذ أواخر القرن الثامن عشر، بالنظر إلى أنها ولدت من أمثال جيفرسون مالك العبيد، وماركيز لافاييت الأرستقراطي!

لذا يُمكن تفهم التباين الذي استقبل به كتاب «اليوتوبيا الأخيرة» ما بين نقد وهجوم، ومدح وثناء. فما قدمه موين من سرديّة مختلفة يطعن في مفاهيم وتاريخ حقوق الإنسان الراسخ في الوجدان الغربي كأيديولوجيا عالميّة، في وقت مضطرب تكثّفت فيه المُطالبات بإعلاء تلك الحقوق. فكان من الطبيعي أن سرديّة موين قُبلت بنقد واسع لا يخلو من اتهامات بـ«تعمد التهميش» و«إغفال» لحظة مهمة ومؤسسة في أربعينيات القرن التاسع عشر عقب الحرب العالمية الثانية، لحظة تدشين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، وأن هذا الإعلان يعد المنطلق الأول لعصر حقوق الإنسان الحديث.

ارتكز مشروع موين في كتابه الأخير «ليست كافية» على تفنيد تلك السردية والرد عليها. يرى موين الادعاء بأن الأربعينيات كانت حقبة عظيمة من حقوق الإنسان هو «جريمة تاريخية»، معللًا ذلك بأنّ أثر تلك الفترة وهذا الإعلان يكاد لا يذكر، ولأنه أثبت فشل واستحالة تطبيق هذه المفاهيم بشكل عالمي، والأهم من ذلك في رأي موين، أن هذه المفاهيم لم تحمل إجابات على أسئلة مهمة مثل عدالة التوزيع أو أي إشارة إلى المساواة الاقتصادية في أهدافها. لم يكتف موين بذلك واستبعد أن تكون حقوق الإنسان بشكلها الحالي -المعترف بها وتحظى بحماية دولية- نابعة من عصر التنوير، أو من الدوافع الإنسانية في القرن التاسع عشر.

رفض النظام الاقتصادي الدولي الجديد الهدف المتمثل في المساواة العالمية لصالح المُثل العليا للمصلحة التي تمّ اعتمادها في الغرب، وظل مفهوم حقوق الإنسان غير مطالب به حتّى إعادة تعريفه في السبعينيات والثمانينيات.

يعتقد موين بأنّ المفهوم الحديث لحقوق الإنسان ظهر بهذا الشكل «من العدم» في السبعينيّات، كاستجابة أخلاقيّة غير مسيسة لخيبة الأمل من المشاريع السياسية الثورية، وفشل حركة تقرير المصير الوطني، في ضمان الكرامة الإنسانية للشعوب، وكجزء من جهود الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، لجعل حقوق الإنسان إحدى ركائز السياسة الخارجية للولايات المتحدة، في حربها الباردة. يبحث موين عن تفسير لما أسماها بـ«أسئلة ملغمة»، مثل كيف يتماشى صعود عصر النيوليبرالية، الذي يعتقد أنه ترسخ في أواخر القرن العشرين، بشكل شبه كامل مع عودة خطاب حقوق الإنسان بشكل جعلها أيديولوجية عالمية؟ وكيف يمكن أن تكون تلك الحقبة التي كان فيها مفهوم الذات الأخلاقي متجذرًا في حركة عابرة للحدود الوطنية هي نفسها الحقبة التي سمحت لأصحاب رؤوس الأموال الأثرياء بالحصول على الغالبية العظمى من مكاسب الإنتاجية الاقتصادية؟ ولماذا لم تستغل حالة التضامن البشري عقب الحرب العالمية في الأربعينيات لإضفاء الطابع المؤسسي على روح المساواة بشكل دائم في أي بلد؟ وكيف دفعت الدول دفعًا نحو اللامساواة؟

خصص موين الفصول الأولى من كتابه لتناول شرح تاريخ وتطور العلاقة بين بعض المؤسسات أو المفاهيم، والأهداف والآثار الأوسع نطاقًا لحقوق الإنسان. لذا، منذ بداية الكتاب يتتبع موين مسار تطور حقوق الإنسان بين الأربعينيّات والسبعينيّات من القرن الماضي، ثم يناقش الآثار المترتبة على هذا التاريخ في خطاب العدالة الاجتماعيّة اليوم، وفي وضع حقوق الإنسان في مجالاتها الجغرافيّة والزمنيّة والسياسيّة.

في هذا السياق، اهتم موين بتوضيح التمايز الواضح بين خطاب حقوق الإنسان في الأربعينيات وخطاب السبعينيات؛ إذ شمل الأول مجموعة واسعة من الحقوق، بما في ذلك الحقوق الجماعية والاقتصادية والاجتماعية. بينما ركز الأخير في المقام الأول على الحقوق والحريات السياسية الفردية، والعلاقات الرسمية بين الأفراد مع الدولة مثل «المساواة أمام القانون» و«حق الاقتراع»، وضيّق نطاق التركيز على الحقوق السياسية الفردية والقضاء إلى حد كبير على أشكال محددة من الأذى الجسدي الذي تسببه الدولة. ويلاحظ موين أيضًا كيف تم إغفال معالجة قضية المساواة الاقتصادية أو مسائل التوزيع الأوسع في السبعينيات، الأمر الذي يراه فشلًا فكريًا وأيديولوجيًا ونسخة مبتورة من حقوق الإنسان، وأداة مفيدة في الحجج الأخلاقية التي تدعي تفوق الرأسمالية الليبرالية الغربية على الأنظمة الاشتراكية الشرقية.

أفرد موين فصلًا كاملًا للحديث عن لحظات الفرص الضائعة في منتصف القرن، لتعميم مفهوم المساواة وكيف أنّ الاقتصاد العالمي الذي طرحه الحائز على جائزة نوبل غونار ميردال في الخمسينيات من القرن الماضي، قدم لدول النظام الاقتصادي الدولي الجديد أساسًا تأسيسيًا لتعزيز المساواة بدلًا من الحقوق الاجتماعية. ركز ميردال في عمله ليس على الحد من الفقر -أي تحسين الأسوأ إلى الحد الأدنى من الاكتفاء- ولكن بدلًا من ذلك طالب بمساواة عالميّة، وجادل ميردال بأنّ السياسات القومية ذاتها التي جعلت دول الرفاه ممكنة محليًا كانت هي من تمنع تحقيقها عالميًا. وبالنسبة له، كان هذا يرجع إلى حد كبير إلى تركيز العدالة الاجتماعية على الكفاية بدلًا من المساواة.

تعمق موين في الديناميكيّات التاريخية المُحيطة بالتعايش بين صعود الليبرالية الجديدة وخطاب حقوق الإنسان، ساعيًا إلى كشف العلاقة المعقدة بين هاتين القوتين وتأثيرهما على عدم المساواة العالمية. قدم موين عمل ميردال كإجابة على مخاوف المدافعين عن ما بعد الاستعمار، مثل المفكر الفرنسي فرانتز فانون الذي أثار فكرة الحقوق، والتخطيط الوطني، والمواطنة، ضمن نظريته «لإنهاء الاستعمار» الغربي.

وصف موين كيف تم رفض الهدف المتمثل في المساواة العالمية من قبل النظام الاقتصادي الدولي الجديد، لصالح المُثل العليا للمصلحة التي تمّ اعتمادها في الغرب، وكيف ظل مفهوم حقوق الإنسان غير مطالب به حتّى إعادة تعريفه في السبعينيات والثمانينيات.

يؤكد موين على أن خطاب حقوق الإنسان لم يكن مجهزًا بشكل جيد لمعالجة عدم المساواة الاقتصادية وصعود السياسات النيوليبرالية، وأن التركيز على الحقوق الفردية وانتهاكات الدولة جعل من الصعب على حقوق الإنسان أن تتحدى امتيازات الجهات الخاصة القوية اقتصاديًا، ونتيجة لذلك، كانت حقوق الإنسان بمثابة القشرة الأخلاقية لفاكهة النيوليبرالية المسمومة.

اتهم موين مفكرين من أمثال بول ستريتن وروبرت ماكنمارا بـ«التضليل» في تحديد مفهوم حركة حقوق الإنسان، وخصص الفصل الخامس من كتابه في الرد على أفكارهم القائلة بأنّ حقوق الإنسان واحتياجاته الأساسية يمكنهما التواجد بشكل مستقل عن الآخر، عن طريق إعادة تصوير حقوق الإنسان -مثل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية- من خلال سياسات التوزيع العالميّة، ومحاربة الفقر عن طريق التنمية، والتخلي عن المثل العليا للمساواة صعبة التحقيق. ومع ذلك، ورغم هجومه الشديد على هؤلاء المفكرين، فإنّ موين يُلاحظ أمرًا مثيرًا للاهتمام في المناقشات النقدية التي نشأت لاحقًا، ويستغل ذلك في سرد كيفية تزامن الصعود الجديد لحقوق الإنسان مع الاهتمام بالأفراد بدلًا من الدول. وصل موين لتلك النتيجة من خلال الخوض في تحليل البيانات التفصيليّة لأنماط توزيع الدخل والثروة فيما يقرب من 12 دولة صناعية، بالاعتماد على أعمال علماء مثل توماس بيكيتي. إذ يكشف فحص موين أن منتصف القرن العشرين مثل فترة استثنائيّة من المساواة الاقتصادية، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع عدم المساواة الصارخة التي استمرت خلال القرن التاسع عشر، والتي تم تخفيفها إلى حد كبير بسبب تدمير الثروة في زمن الحرب وسياسات الرعاية الاجتماعية بعد الحرب. ومع ذلك، ابتداءً من السبعينيات، بدأت التفاوتات في الدخل والثروة في الظهور من جديد، مما أدى إلى مستويات من عدم المساواة تذكرنا بالقرن التاسع عشر.

لم يكن خطاب حقوق الإنسان مجهزًا بشكل جيد لمعالجة عدم المساواة الاقتصادية وصعود السياسات النيوليبرالية، وجعل التركيز على الحقوق الفردية وانتهاكات الدولة من الصعب على حقوق الإنسان أن تتحدى امتيازات الجهات الخاصة القوية اقتصاديًا.

لا يمكن إخفاء ميول موين اليسارية في كتابه تحديدًا في الفصل السادس، حيث يتعمق في سياسات العدالة التوزيعية، من خلال إشراك جون رولز وتشارلز بيتز وهنري شو. ففي هذا الفصل يميز موين بين مبدأين أخلاقيين مختلفين ينطبقان على مجموعة متنوعة من المجالات، سواء كانت اقتصادية أو سياسية: هما «أخلاقيات المساواة» مقابل «أخلاقيات الاكتفاء». تؤكد أخلاقيات «المساواة» أنّ النظام الأخلاقي العادل يعتمد على تحقيق توزيع متساوٍ تقريبيّ «للأشياء الجيدة في الحياة» بين الأفراد، بما في ذلك السلع المادية ولكن أيضًا الكرامة والسلطة السياسية. بينما على النقيض من ذلك، تهدف روح «الاكتفاء» إلى ضمان أن كل فرد يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية. يُجادل موين أنّ كلًا من خطاب حقوق الإنسان ومبررات تطوير دول الرفاه في الأربعينيات كانت غامضة، ورغم أن هناك بعض الأفراد الذين سخروا من المساواة، إلا أنّ جزءًا كبيرًا من دافع دول الرفاه في بناء المدن الكبرى كان تجنب المواجهة المباشرة لمسألة المساواة. وعند تحقيق الحد الأدنى من الدعم الاجتماعي، ساهم ذلك في تقليل الفروق بين الأفراد الأقل حظًا والأكثر حظًا، على الأقل سياسيًا. ومع ذلك، فإن الفشل ترسيخ المساواة كأخلاقية أساسية لدول الرفاه في اللحظة نفسها أدى إلى عودة عدم المساواة في السنوات اللاحقة.

يستحضر موين في آخر فصول كتابه وجهات نظر مختلفة لعدد من المفكرين من نعومي كلاين إلى توماس بيكيتي لدعم أطروحته حول دور حقوق الإنسان في السياسات الاقتصادية والاجتماعية. ويشير إلى أن حقوق الإنسان قد سمحت بالفعل بنمو التوزيع الاقتصادي العالمي، وخلقت فرصًا للناس للخروج من حالات الفقر بشكل أكبر من أي آلية أخرى. مع ذلك، يرى موين أنّ حقوق الإنسان ظهرت كرد فعل على عقبات النيوليبرالية، وأنها تعمل داخل الهيكل النيوليبرالي وتعززه، وأن حقوق الإنسان ليست كافية بذاتها لتحقيق هدف المساواة في التوزيع. ينظر موين إلى العلاقة بين حقوق الإنسان والهيكل النيوليبرالي بشكل نقدي ويقترح استخدام حقوق الإنسان كجزء من استراتيجية أو إطار أو مكمل للتصدي لمشكلات العدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية الأكبر.

النقطة المهمة التي يحاول موين توضيحها هي أنه ليس هناك حاجة إلى التخلي عن حقوق الإنسان، بل استخدامها بشكل أكثر فعالية في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، إذ يمكن أن يكون لديها دور في تعزيز التوزيع العادل للثروة والفرص في المستوى العالمي وليس فقط في تقديم الحماية من انتهاكات الحقوق. ويختتم الكتاب بأمل ضعيف في أن تتمكن روح المساواة التي تم إحياؤها من معالجة القضية الملحة المتمثلة في عدم المساواة العالمية.

ومع ذلك، يعترف موين بالتحديات التي تفرضها الطبيعة العالمية للاقتصادات المعاصرة، وأنّ قدرة رأس المال على التحرك عبر الحدود تجعل من الضروري النظر في المؤسسات العالمية القادرة على تنظيم وإعادة توزيع الموارد على نطاق الكوكب. يقودنا هذا إلى الفكرة الاستفزازية المتمثلة في تشكيل حكومة عالمية، والتي قد تكون ضرورية، رغم طبيعتها الطوباويّة الواضحة، في التصدي للتحديات المعقدة التي يواجهها العالم.

  • الهوامش
    [1] صامويل موين، «ليست كافية: حقوق الإنسان في عالم غير عادل»، ترجمة أمين الأيوبي، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2022.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية