مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في الدوحة – الترف الأخضر؟

الإثنين 03 كانون الأول 2012

بشار حميض – الدوحة

يتقاطر آلاف المشاركين  إلى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الذي تناقش خلاله السياسات التي تتخذها دول العالم لمواجهة ما يعرف بـ :”تحدي  التغير المناخي العالمي وانبعاثات الغازات الدفيئة”. منذ 26 نوفمبر/تشرين الثاني  2012 هبطت عشرات الطائرات من شتى أنحاء العالم تنفث هذه الغازات الدفئية ذاتها حاملة على متنها المئات تلو المئات من المشاركين في هذا المؤتمر الذي سيستمر حتى 7 ديسمبر/كانون الأول. سياسيون وخبراء وصحفيون ينقلون من مطار الدوحة الدولي إلى عشرات من الفنادق الفخمة التي تهدر فيها أجهزة التكييف كل ليلة رغم أن درجة الحرارة في الخارج مثالية ولا تتعدى 21 درجة.

 لكن بغض النظر عن  كل هذا التناقض بين الأقوال والأفعال، ولرؤية النصف الممتلئ من الكأس، يجب أن يقال أيضا أن هذا المؤتمر مختلف عن غيره من المؤتمرات، ذلك أنه يشمل اجتماعا سنويا لما يسمى بالدول الأطراف COP، أي الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول  التغير المناخي UNFCCC والتي أبرمت عام 1995، وأن ما يتفق عليه في هذا المؤتمر عادة ما يجد طريقه للتطبيق على أرض الواقع من خلال اتفاقية كويوتو الشهيرة التي نتجت عام 1997 عن هذه الاتفاقية الإطارية  وألتزمت فيها الدول الصناعية (عدا الولايات المتحدة ومؤخرا انسحبت كندا أيضا) بتخفيض أنبعاثاتها من الغازات الدفيئة.

لكن ماذا يعنينا كل ذلك اليوم في العالم العربي؟ أليس الحديث عن تخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون والاهتمام بالبيئة ضرب من الترف الفكري في ظل ما تشهده منطفتنا من اضطراب سياسي وعسكري وانهيار لدول وولادة عسيرة لدول أخرى؟ من ذا الذي يفكر اليوم في البيئة في مناطق شديدة الاضراب مثل دمشق أو غزة أو ميدان التحرير؟ أليست الأولوية اليوم هي للتخلص من الاحتلال والدكتاتورية بدلا من التفكير في السياسات البيئية والتغير المناخي؟

قد يبدو هذا المنطق مقنعا للمواطن العربي الذي تباغته السلطة السياسية كل مرة  بقرارات وطلقات وصواريخ، إن لم تسقط عليه وتصيبه، فهي تؤثر عليه وعلى نمط حياته المعتاد. لكن الحقيقة هي أن هناك من يفكر بالحلول الخضراء حتى في أكثر المناطق اضطرابا في المنطقة. فمؤخرا بدأ ناشطون سوريون بنشر طريقة لاستخدام نفايات المنزل العضوية لإنتاج الغاز لاستخدامه في الطبخ والتدفئة. بالطبع ليس قصد هؤلاء الناشطين من تطوير هذه الوسيلة هو التخفيف من الانبعاث الكربوني للثورة السورية، لكنها وسيلة فعالة لمواجهة نقص امدادات الطاقة الحاصل في كثير من مناطق سوريا وزيادة قدرة الأهالي على المقاومة والصمود. كذلك حصل أمر شبيه في غزة قبل سنوات عندما قطع الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الوقود والإسمنت عنها فاتجه الأهالي إلى تحويل سيارتهم للعمل بالمحركات الكهربائية وبناء بيوتهم من الطين والرمل بدلا من الإسمنت.

صورة لنظام إنتاج الغاز من مخلفات المنزل العضوية الذي طوره ناشطون سوريون

إن ما يحدث لدينا من أزمات وحالات طارئة يكشف عن هشاشة نظام حياتنا المنغمس في الاستهلاك والاعتماد المفرط على مشتقات البترول. لذا تدفع هذه الأزمات الناس للبحث عن حلول أكثر فعالية وتوفيرا في استخدام الموارد، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كانت الاضطرابات السياسية –الاقتصادية والنزاعات المسلحة هي التي ستفرض علينا تغييرا جذريا على نمط حياتنا واستهلاكنا بحيث تصبح اكثر تناغما مع البيئة، أم أن سياسيي العالم ومفكريه الاستراتيجيين المجتمعينن حاليا في أحد أكثر العواصم استهلاكا للطاقة سيكون لهم اليد الطولى في أيجاد الحلول؟

لمتابعة آخر تطورات المفاوضات والنقاشات الحاصلة ضمن مؤتمر التغير المناخي في الدوحة يمكن متابعة نشرة مفاوضات الأرض بعدة لغات منها اللغة العربية

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية