حرّية الإنترنت: ما هو الأكثر أهمّية لأفريقيا، حق الوصول للمعلومات أم الأمن؟

الخميس 13 حزيران 2013

تقرير: كاتب مركز التعاون في مجال سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الدولية في شرق وجنوب أفريقيا (CIPESA)

مترجم عن الانجليزية

يدور حوار مثير للاهتمام في العاصمة السويدية ستوكهولم، ضمن منتدى ستوكهولم للإنترنت (SIF)، والذي يتابعه المهتمّون من حول العالم مباشرة عبر شبكة الإنترنت، حيث وجّه صحافي يعمل في صحيفة “الديلي مونيتور” اليومية في أوغندا سؤالاً محورياً يصب في لب النقاش الدائر هنا: هل يجب أن يشكل ما يُطلق عليه “حقوق الإنترنت” هاجساً لدى أفراد شعبه في حين أن معظمهم لا يملك إمكانية الوصول إلى الشبكة العنكبوتية في المقام الأول، وأن أعداداً كبيرة منهم لا تنعم برفاهية توفر الماء النظيف؟ سأل الصحافي سؤاله في ستوكهولم مخاطباً جمهوره من ناشطي حقوق الإنترنت حول العالم، وأثناء ذلك في أوغندا تم إغلاق الصحيفة التي يعمل فيها، ومحطتي الإذاعة التابعتين لها، بالإضافة إلى صحيفة مستقلة أخرى هي (ذا ريد ببر)، حيث قامت قوّات الشرطة بتطويق تلك المقرّات الإعلامية والسيطرة عليها لليوم الرابع على التوالي، فيما تستمر عمليات تفتيش أجهزة الحاسوب فيها بعد أن تم فصل أجهزة الإرسال الإذاعية التي تبث من خلالها، وذلك بحجة البحث عن وثيقة قيل إنها صدرت عن رئيس جهاز الاستخبارات الأوغندي، والتي قرّرت حكومة الرئيس يوري موسيفيني أنها تشكل تهديداً للأمن القومي، على الرغم من صدور قرار قضائي بحق القوّات الأمنية بإخلاء المقرّات الإعلامية.

بيد أن السؤال الذي طُرح تماهى مع تساؤلات دارت في خلد مشاركين آخرين في المنتدى، مثل: هل يجب أن تعطي الدول النامية الأولوية لإيصال الإنترنت لأعداد أكبر من مواطنيها، أم يجب عليها التركيز على تحسين مستوى الأمن والخصوصية لمستخدمي الإنترنت الحاليين لديها؟ أسئلة كانت محور النقاش في المنتدى.

بالنسبة للعديد من المشاركين الأفارقة الذين تحدثوا إلينا، كان حق الوصول للإنترنت هو أحد أهم القضايا المطروحة في القارّة السمراء، فعدد مستخدمي الإنترنت في أفريقيا يكاد لا يساوي شيئاً (يقدّر العدد بـ 15% فقط من سكان القارة). لكن أعداد مستخدمي الإنترنت حالياً في ازدياد مضطرد، ويعود ذلك لأسباب مثل إمكانية الحصول على اتصال بالإنترنت من خلال شبكات الألياف الضوئية البحرية، ارتفاع الاستثمارات في القطاع من قبل القطاع الخاص، الشعبية الواسعة لشبكات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الأجهزة الذكية المبتكرة، دون أن نغفل الدور المتزايد لاستخدام الأجهزة الذكية للولوج إلى الشبكة العنكبوتية.

ولكن ازدياد عدد الأفارقة المتواجدين على شبكة الإنترنت يرافقه ارتفاع في وتيرة التضييق على حريّة تصفّح الإنترنت من قبل الحكومات الأفريقية، بطرق قانونية وغير قانونية. يقول المراقبون الأفارقة إن المحزن في الأمر هو حالة انعدام الوعي الكافي في الدول الأفريقية تجاه أهمية وترويج حقوق وحريّة تصفّح الإنترنت. بالإضافة للعدد القليل من الناشطين الذين يثيرون المسألة والذين ينشرون الوعي بالنسبة لحق المواطنين في البحث والحصول على المعلومات والأفكار ونقلها من خلال التقنيات التكنولوجية الحديثة في معظم الدول الأفريقية.

عودة للسؤال: هل يجب على الدول الأفريقية أن تعطي الأولية لحق الوصول إلى شبكة الإنترنت أم للأمن؟ علّق روس لاجونيس الرئيس الدولي لحرية التعبير والسياسات الدولية في جوجل قائلاً: “عند الحديث عن الإنترنت، فإنه من الأهمية بمكان أن لا يتم التفكير به ضمن تسلسل زمني”، وتابع: “الإنترنت كما نعرفه اليوم من المفترض أن يكون مفتوحاً وحراً، وتقديمه للناس بأي شكل مخالف لذلك لا يعتبر خدمة صادقة للناس”. أنجا كوفاكس من مشروع ديمقراطية الإنترنت في دلهي في الهند وافقت قائلة: “لا يجب أن نسعى لأن يتواجد الجميع على شبكة الإنترنت قبل أن نبدأ بالتفكير بسبل توفير الأمن للناس وهم على الشبكة” وأردفت: “على الأمن أن يلازم إمكانية الوصول للإنترنت يداً بيد”.

حماية حريّات الإنترنت أصبح موضوعاً يثير اهتمام الأكاديميين، ناشطي حقوق الإنسان والإعلام في شتى أنحاء العالم، حتى في الدول المتقدمة، حيث تقوم بعض الحكومات بتحديد حريّات الأفراد على الإنترنت بحجة محاربة الجرائم الإلكترونية. رون ديبرت رئيس “مختبر المواطنين” في جامعة تورنتو في كندا قاد بحثاً لعشر سنوات يتناول هذه القضية، وقد نشر يوم الثلاثاء الموافق للحادي والعشرين من شهر أيار كتاباً لاقى استحساناً كبيراً بعنوان “الرمز الأسود”، يدعي فيه أن الوعد الذي ارتبط بالإنترنت بأن يكون مشاعاً عالمياً لمشاركة الأفكار والتواصل يقبع اليوم تحت تهديد جدّي.

أجهزة الاستخبارات التي كانت أقل عرضة للمساءلة تقوم اليوم بدور في عملية مراقبة حريّات الإنترنت، فيما يقوم المواطنون بوضع كميّات هائلة من البيانات والمعلومات في أيدي الشركات الخاصة، والتي يُطلب منها بشكل متزايد القيام بمراقبة الإنترنت. ما يدعو للقلق أن معظم المستخدمين الجدد هم من دول ذات أنظمة ديمقراطية هشّة، حيث يمكن أن تُسحق حريّات الإنترنت بسهولة أكبر.

هذه المخاوف يتم التحقيق فيها من قبل مركز التعاون في مجال سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الدولية في شرق وجنوب أفريقيا (CIPESA) ضمن مشروع “الإنترنت المفتوح في أفريقيا”. هذا المشروع يراقب حريّات الإنترنت في عدد من الدول الأفريقية مثل إثيوبيا، كينيا، رواندا، جنوب أفريقيا وأوغندا. نحن نوثّق انتهاكات حقوق الإنترنت ونراجع سياسات وتشريعات الأمن الإلكتروني في هذه الدول لنرى كيف تقوم هذه الدول بتحسين أو تقويض حريّات الإنترنت.

للمزيد من المعلومات عن منتدى ستوكهولم للإنترنت

للمتابعة عبر تويتر: @sif13

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية