أيام صلاح السعدني

الثلاثاء 30 نيسان 2024

في عام 1994، وعقب النجاح المدوي الذي حققه مسلسل أرابيسك في عرضه الأول في رمضان ذاك العام، قامت مجلة «نصف الدنيا» بإصدار عدد خاص يضم ملفًا عن المسلسل، بدأ بمقال يختلف فيه الصحفي محمود الكردوسي مع مؤلف العمل أسامة أنور عكاشة حول رؤيته عن هوية مصر والشخصية المصرية كما طرحها في عمله، تلاه مقال آخر وعدد من الحوارات، مع هدى سلطان والمخرج جمال عبد الحميد وبعض صنايعية الأرابيسك وحرفييه. وفي مقدمة إحدى الصفحات يقع مربع صغير كتب فيه الكردوسي أنه حاول طوال أسبوع كامل أن يصل إلى صلاح السعدني ويحاوره ولكنه ظل يتملص منه، إلى أن استطاع محاصرته ومجالسته.

غير أن صلاح لم يكلمه عن المسلسل، بدأ بالحديث عن عادل إمام وشلة كلية زراعة، ثم انتقل إلى الكلام عن أخيه وأبيه الروحي محمود السعدني، كلمه عن كامل الشناوي ويوسف إدريس وعبد الرحمن الخميسي، كما أثنى على رواية «مدن الملح» لعبد الرحمن منيف. حاول الكردوسي العودة إلى عمله الصحفي وسؤاله عن المسلسل موضوع الملف، إلا أن صلاح سأله «مش الدور حلو وعجبك؟»، فأجابه «طبعًا»، «والناس انبسطت؟»، «أكيد»، «خلاص، لازمتها إيه بقى نفصص ونتفذلك؟ وبعدين مش أنت كلمت أسامة أنور عكاشة وجمال عبد الحميد؟ لازمتي إيه أنا؟ أنا مش بتاع حوارات يا عم محمود، أنا ممثل زي أي صنايعي، أقولك، اكتب اللي أنت عايز تكتبه وما توجعش دماغي، وابقى كلمني». 

يشير هذا الملخص الذي سرده الصحفي عن لقائه وحواره غير المكتمل مع السعدني إلى سبب من أسباب قلة حواراته التليفزيونية واقتصار ظهوره في البرامج على مرات قليلة تفصلها سنوات، وحتى في هذه الحوارات المتباعدة نجد أن أشهر لقائين كانا بخصوص فنانيْن اثنين آخرين من أصدقائه المقربين، فأحد اللقاءات كان ضمن حلقة عن مشوار عادل إمام، والآخر جمعه مع نور الشريف ليجترّا ذكريات الشباب، وفيه كان صلاح يفتح الأبواب لنور ويتركه ليكمل السرد والحكايات.

التزم صلاح السعدني بهذا الإحجام عن الظهور ولم يخرج عن هذه العادة إلا قليلًا، رغم أنه متحدث لبق وحكاء متمكن، تأثر بطريقة أخيه الآسرة في الحكي، فروى بها ذكرياته في الصعلكة والشقاوة واندفاع الشباب، وبدا حكيه ممتعًا وهو يمزج العامية بالفصحى، والجد بالهزل، والسخرية بالمرارة. لو كان محبًا للبرامج أو مرحبًا بأحاديثها لصار نجمًا متألقًا فيها، إلا أنه كان منصرفًا عنها، يبرر ذلك للكردوسي قائلًا إنه تربى بطريقة خاصة جعلته ينفر من مسائل النجومية هذه. 

الصداقة فوق النجومية

لا أذكر متى بالضبط تعرفت على صلاح السعدني وعرفت اسمه وشكله، أذكر مشاهدتي لمسلسل «النوة» مع أمي وأنا في الخامسة أو السادسة من عمري. كما أذكر انتظاري لعرض حلقة أسبوعيًا من مسلسل «الزوجة أول من يعلم»، وكانت تعرض عصر الخميس من كل أسبوع على القناة الثانية المصرية. وبالتأكيد صادفت أجزاء ومشاهد من «ليالي الحلمية» قبل أن أشاهدها لاحقًا بشكل كامل، إلا أنني انتبهت لصلاح والتفت إليه بشكل خاص مع «أرابيسك». انجذبت لهذا الشخص البوهيمي الضائع، التائه في عالم جديد لم يعد يعرف مفرداته ولا يرضى بها، كنت صغيرًا ولم أفهم الأمر بشكل كامل ولكنني لمست أن شيئًا استثنائيًا يكمن في هذا العمل، شيئًا صادقًا وحقيقيًا. برهن صلاح في هذا الدور على قدرة تمثيلية غير عادية، إلى الحد الذي نسي فيه الجميع صلاح السعدني نفسه، الذي لا يشبه حسن أرابيسك في الانفعالات أو في اللغة أو في طريقة التعبير، نسوه تمامًا ونسوا شكله وتسريحة شعره الأصلية، ليحل محله حسن أرابيسك، في تجسيد كامل وعميق وصادق لشخصية ذات ثقافة مغايرة وبنت بيئة مختلفة.

بدا صلاح السعدني لامعًا منذ اللحظة الأولى، لفت الأنظار منذ بدايات ظهوره التلفزيوني في مسلسل «الضحية» ومن بعده مشاركته في مسلسل «لا تطفئ الشمس»، حيث جسد في الأول شخصية أبو المكارم الأبكم شديد الطيبة والمغلوب على أمره، وفي الثاني قام بدور «ممدوح» الشاب المنطلق المرح الطموح الذي يتعرض لحادث سيارة ويقع على إثره صريعًا. كانت ملامح صلاح ودودة ومألوفة، وقادرة على فتح الأبواب والنفاد إلى القلوب مباشرة، ولذلك اختير للقيام بهذه النوعية من الأدوار التي يتعاطف معها المشاهدون. 

أما أول ظهور سينمائي لصلاح السعدني فكان في فيلم «شياطين الليل» حيث أدى دور الشقيق الأصغر لفريد شوقي، وكان طالبًا في مدرسة الصنايع ومنخرطًا في العمل السري المقاوم للاحتلال الإنجليزي. قد يذكرك بشخصية فهمي في «بين القصرين»، إلى أن ينتهي به الأمر مقتولًا على يد أحد رجال أخيه البلطجي. مرة أخرى تموت الشخصية النقية التي يجسدها السعدني ويبكي من أجلها المتفرجون.

كان سر صلاح السعدني الأول ومكمن تواصله مع الجمهور هو تلك الملامح الصادقة الودودة التي تشعرك بالألفة مع صاحبها، خصوصًا عندما يأتيك عبر شاشة التليفزيون في حجرة نومك فيصبح وجوده أكثر حميمية.

تزامنت هذه الأعمال مع بطولته للمسلسل الإذاعي الشهير «الولد الشقي»، فطرق السعدني أبواب البيوت كلها سواء عبر الراديو أو التليفزيون، كان سر صلاح السعدني الأول ومكمن تواصله مع الجمهور هو تلك الملامح الصادقة الودودة التي تشعرك بالألفة مع صاحبها، خصوصًا عندما يأتيك عبر شاشة التليفزيون في حجرة نومك فيصبح وجوده أكثر حميمية، وهو ما فتح له الباب مع الناس في بداياته.

في السنوات العشر الأولى لصلاح السعدني في عالم الفن، أي منذ ظهوره المبكر في 1964 وهو في الحادية والعشرين من عمره وحتى أعقاب حرب أكتوبر وبدايات الانفتاح والانقلاب الساداتي على الناصريين واليساريين، قام السعدني بأدوار بارزة ومميزة في مسلسلات مأخوذة عن روايات لعبد المنعم الصاوي وإحسان عبد القدوس، وفي مسلسلين من أكثر الأعمال شعبية حينها وهما «القاهرة والناس» و«عادات وتقاليد»، وفي مسرحيات من إخراج كمال ياسين وكرم مطاوع وسعد أردش وعبد المنعم مدبولي، كما شارك في أفلام «الأرض» و«أغنية على الممر» وكذلك الفيلم الأكتوبري «الرصاصة لا تزال في جيبي»، هذا بالطبع بجانب عدد من الأعمال الأقل قيمة، سواء فنيًا أو جماهيريًا، ما شكّل حصيلة ممتازة لشاب يطرق أبواب الثلاثينيات، تبشر بمستقبل كبير وبقدر من الوعي وتنوع في الاختيارات.

كتب عنه أخوه السعدني الكبير في كتابه «المضحكون» الصادر عام 1971: «ورث صلاح السعدني عداء كل السينمائيين بسببي، وأسدلوا عليه ستارًا من الإهمال والنسيان انتقامًا مني، ثم حالة الصياعة والضياعة التي يعيش فيها باختياره، وشلل الأنس التي تجره خلفها أو يجرها خلفه، يستوي الأمر لأن النهاية واحدة. ثم أزمته الشخصية بسبب الهوة السحيقة بين ثقافته الفنية وبين الأعمال التافهة التي يقوم بها لدواعي أكل العيش». يضيف محمود السعدني أنه واثق من أن موهبة صلاح وخفة ظله وقبوله قادرة على التغلب على كل هذه العوامل وتجاوزها مستشهدًا بدوره في مسلسلي «الضحية» و«الرحيل».

ستزداد أزمة صلاح عقب إلقاء نظام السادات القبض على أخيه في عام 1972 والحكم عليه بالسجن لسبعة أعوام، خففت إلى عامين، وفي وقت متزامن وعقب عرض فيلم «أغنية على الممر» أقامت جامعة القاهرة ندوة لأبطال العمل ومن بينهم صلاح الذي أبدى خلال الندوة رأيه السلبي في سياسة السادات، فاستدعته مباحث أمن الدولة بعد أيام للتحقيق معه. انعكست هذه الأحداث السياسية على مستقبله الفني، حيث بات مستبعدًا من الأعمال التابعة للدولة، كما تجنبه الكثير من منتجي القطاع الخاص، وتضاءلت أدواره فجأة وانحسر وجوده ليقتصر على أدوار صغيرة في أعمال ضعيفة فنيًا. 

سنجد أن الكثير من مشاركاته في هذه الفترة المريرة كانت في أفلام من بطولة صديقه نور الشريف، واللذين جمعهما على مرّ السنين أكثر من 15 عملًا، كان من ضمنها خمسة أفلام في فترة التضييق على السعدني وتوابعها في منتصف السبعينيات. كانت بداية نور في أدوار هامشية في سهرة «الامتحان» وفي مسلسل «لا تطفئ الشمس» اللذين قام فيهما السعدني بأدوار رئيسية، ثم تغيرت الأحوال سريعًا، إذ اقتحم نور عالم السينما وانطلق بعدها في آفاق النجومية، ويحكي نور أن صلاح الذي كان الأكثر احتفاءً به بعد أول بطولاته في فيلم «السراب»، لم تظهر عليه أية أعراض للغيرة أو عدم الرضا بسبب تغير المواقع السريع وربما المفاجئ.

ربما كانت الصداقة هي القيمة الأكبر في حياة السعدني، القيمة الأهم من النجومية ومن الصراعات الفنية، سواء صداقته الأولى والدائمة بعادل إمام وسعيد صالح، أو فيما بعد مع نور الشريف وأسامة أنور عكاشة وفاروق الفيشاوي وغيرهم. كانت أولوية عند صلاح تسبق كل حسابات العمل والنجاح، حيث يقوم بأدواره بحب دون أن ينشغل بمكانه وسط الصفوف أو على قوائم الإيرادات والأجور، ربما لأنه يعرف أيضًا أن الجمهور صديقه في المقام الأول، فالصدق والصداقة هما مفتاحا السعدني الأساسيان، ولذا كان من مفارقات القدر أن يكون واحدًا من آخر مسلسلاته الناجحة بعنوان «الأصدقاء».

من السادات إلى مبارك: السعدني بين الفن والسياسة

في نهاية العقد الساداتي، بدت ملامح انفراجة في التعامل مع السعدني، وبدأت رحلة عودته إلى مكانه مرة أخرى بمسلسل «أبنائي الأعزاء، شكرًا» وما حققه من صدى جماهيري كبير، ثم بطولته لمسلسل «أبواب المدينة» لأسامة أنور عكاشة، والذي سينضم صلاح إلى كتيبته الفنية ويقدم معه أهم أدواره وأجملها في السنين اللاحقة. في هذين المسلسلين يعود صلاح مرة أخرى إلى قلب الصورة من خلال المنطقة التي برز فيها منذ البداية، الشاب الطيب اللطيف، الذي ربما يعاني من ضعف في شخصيته أو شيء من التردد والتخبط، ولكنك لا تملك إلا أن تتعاطف معه.

 بعد أسبوع واحد من انتهاء العرض الأول لـ«أبواب المدينة»، قُتل أنور السادات، وبعدها بشهور عاد محمود السعدني إلى مصر واستقبله مبارك في القصر الجمهوري. تبدلت السياسة ومالت نحو احتواء المعارضين واحتضانهم واحتواء غضبهم، فعُرض على صلاح السعدني الترشح لمجلس الشعب على قوائم الحزب الوطني بعام 1984، غير أن أخاه المخضرم حذره من هذا الفخ، أخذ صلاح بالنصيحة وقرر أنه كفنان يجب أن يحتفظ بحريته، أن يهوى السياسة دون أن يحترفها، أن يعبر عن آرائه دون ارتباط بالسلطة أو التزام بسياساتها، وهو ما تزامن مع تراجع من قيادات الحزب عن ترشيح هذا الفنان المتمرد على قوائمه!

لم يقع السعدني فى فخ التحول إلى واعظ أو أستاذي مدرسي، ولم يكن في مجمل أعماله مباشرًا، بل اختار نصوصًا تطرق أبواب التاريخ والتغييرات الاجتماعية والأفكار السياسية كلما تسنى له ذلك، ولكن دون أن ينسى أنه ممثل.

وصل السعدني إلى قمة منحناه الفني في نهاية الثمانينيات وعلى مدار التسعينيات، حيث باتت الشخصيات التي يقدمها حقيقية وحية بين الناس، موجودة بذاتها ومحفورة في وجدان الناس بأسمائها، وكأنها مستقلة عن السعدني، لها كيانها المستقل عنه هو نفسه، بداية من العمدة سليمان غانم في خماسية «ليالي الحلمية»، مرورًا بجوهر في «شحاتين ونبلاء» ومرسي قبطان في «النوة» وحسن النعماني في «أرابيسك» وصولًا إلى نصر وهدان القط في «حلم الجنوبي». 

لم يكن حظ السعدني في السينما مماثلًا لما لاقاه من توفيق في التلفزيون، غير أنه أبدى رضاه عن مجمل ما قدمه، وفخره بدورين تحديدًا، دوره في الفيلم البديع «أغنية على الممر»، أول وأفضل ما أخرجه علي عبد الخالق، بل أفضل ما قدمته السينما المصرية عن الصراع مع «إسرائيل»، والعمل الثاني الذي يفتخر به هو دوره في «شحاتين ونبلاء» المأخوذ عن رواية الكاتب المصري البديع ألبير قصيري ومن إخراج أسماء البكري، دور «جوهر» الذي يحتاج في أدائه إلى ميزان دقيق، حتى لا يفلت إلى المبالغة أو يقع إلى الانمساخ، فشخصية جوهر تعبر بالصمت أكثر من الكلام، يعبر بعينيه عن نظرته للحياة، بات السعدني مشبعًا بروح «جوهر» حتى باتت كل نظراته ونبرات صوته الهادئة تنطق بطبيعة هذا العدمي الصعلوك اللامبالي الذي يعيش حياة الاستغناء الكامل، فيما يشبه كل أبطال ألبير قصيري، بل يشبه ألبير نفسه. 

ما إن استقر صلاح السعدني في مكانة جماهيرية مناسبة، حتى بدأ في البحث عن التنويع، وكسر النمط الذي لازمه في سنينه الأولى، خرج من المناطق الآمنة إلى مساحات أوسع وأكثر رحابة، لعب بحرية ومهارة، كان أكثر شرًا في السينما عنه في التليفزيون، وأثبت أنه ممثل جيد بالفعل، ليس مجرد وجه ودود ومألوف. ساهمت تلك الملامح في فتح الأبواب أمامه في مرات عدة، ولكنه قرر ألا يحبس نفسه داخل الدور الواحد، وانتقل صلاح بين حين وآخر إلى مناطق الشر أو الشخصيات المشوهة، وأقنعنا في هذه الأدوار أيضًا، مبرهنًا على موهبته وقدرته على تقديم ألوان مختلفة وشخصيات متباينة، مثل شخصيته في مسلسل «النوة»، ودوره في فيلم وحيد حامد وعاطف الطيب «ملف في الآداب»، حيث جسد تحول الضابط المثالي المتحمس تحت وطأة فساد قياداته إلى ضابط مدلس وأناني وبلا قلب، وفي أفلام «مهمة صعبة جدًا» و«تحت الصفر» و«لعدم كفاية الأدلة»، وكذلك فيلم «ليل وخونة» الذي جاء فيه السعدني في دور ثالث بعد محمود ياسين ونور الشريف ولكنه تفوق على كليهما بأدائه المنضبط دون انفعال زائد، حيث نجا من فخ المبالغة الذي وقع فيه كل منهما.

صلاح السعدني في فترته الذهبية

آمن صلاح السعدني أن الفن في عالمنا العربي يجب أن يكون له دور توعوي وتثقيفي، فشعوب هذه البلاد عانت من التجهيل وتغييب الوعي لسنين طويلة، لا تقرأ إلا قليلًا ولا تصل كلمات المفكرين فيها إلا لقلة من المثقفين، ولذا فعلى السينمائيين والتلفزيونيين أن يقوموا بدورهم في تنمية ثقافة هذه الشعوب والمساهمة في توسيع منابع اطلاعها.

ربما آمن آخرون من الجيل ذاته بالفكرة نفسها، محمد صبحي مثلًا، غير أن الفكرة باتت تكبر وتسيطر على صبحي تدريجيًا وبمرور السنين، إلى أن تحول إلى واعظ أو أستاذ مدرسي، وسقط الفن في الطريق، لم يقع السعدني في هذا الفخ، ولم يكن في مجمل أعماله مباشرًا، يختار نصوصًا تطرق أبواب التاريخ والتغييرات الاجتماعية والأفكار السياسية كلما تسنى له ذلك، ولكن دون أن ينسى أنه ممثل وأن ما يقدمه هو فن في الأساس، ودون أن يضع نفسه في مكان أعلى من الجماهير أو يخاطبها بفوقية.  

استطاع السعدني في فترته الذهبية أن يحقق بعضًا من أحلامه بالمشاركة في أعمال ذات قيمة فنية وفكرية مناسبة لثقافته ولدوره الذى يسعى إليه، حقق ذلك عبر تعاونه المستمر مع أسامه أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ، حيث تشاركوا في رؤية سياسية وإجتماعية متقاربة، وكذلك في بعض مؤلفات وحيد حامد وأفلام عاطف الطيب، إضافة إلى مجموعة من الأعمال المأخوذة عن أصول أدبية، سواء عالمية مثل «الوحش داخل الإنسان» و«وقال البحر»، أو عربية مثل «أديب» و«عصر الحب» و«بين القصرين» و«قصر الشوق» و«زقاق المدق» و«شحاتين ونبلاء» و«الدخان» و«الملك هو الملك» و«الناس في كفر عسكر» وأخيرًا «عمارة يعقوبيان».

انسحب صلاح السعدني من الحياة العامة بكل صورها قبل عشرة أعوام، لظروفه الصحية بالطبع، ولكنني أتخيل أنه في لحظات اختلائه بنفسه كان مرتاحًا ومطمئنًا لما قدمه عبر حياته الفنية، عن المحاولات التي أصابت أحيانًا وأخفقت في أخرى. لم يحنّ إلى الأضواء أو النجومية، لم يندم على مواقفه وابتعاده عن السلطة. يجلس على الكنبة أمام التلفزيون، يتابع الأحداث ويهز رأسه، يشاهد المسلسلات الجديدة ويقول بتفاؤله الفطري أن مستقبلًا أجمل سيصنعه الشباب، وفي لحظات أخرى يطرق برأسه ويقول بحسرة وحزن «دي مش أيام حسن التعماني، لأ، دي أيام رمضان الخضري».

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية