معرض عمان للكتاب 2023: ترشيحات كاتبات وكتاب حبر

الثلاثاء 26 أيلول 2023
رواد معرض عمان الدولي للكتاب 2023. تصوير مؤمن ملكاوي.

كما اعتدنا منذ سنوات، ومع كلّ معرض كتاب، نطلب من كاتبات وكتاب حبر، أن يشاركونا عددًا من العناوين التي اشتروها مؤخرًا أو تلك التي سيشترونها من معرض عمان الدولي للكتاب، والذي يشكّل لدى الكثيرين مناسبة لشراء الكتب التي ستضاف إلى مكتباتهم، وربما يقرأونها في بقية العام وحتى موعد المعرض التالي.

في القائمة التالية، مجموعة من الكتب المنوّعة، والتي توزعت ما بين الأدب والفكر والتاريخ. ولمزيد من الترشيحات يمكن لكم متابعة تغطيتنا للمعرض عبر حساب حبر على انستغرام، والتي ستجدون فيها ترشيحات إضافية من رواد المعرض، ونصائح لكيفية الاستعداد للذهاب إلى المعرض، وكذلك ترشيحات لكتب يقدمها لنا فريق حبر، وتشمل ترشيحات حول كتب عن تاريخ الأردن الاجتماعي، وأخرى عن المناخ وأزمته، وكتبًا للأطفال، وأخرى حول الاقتصاد السياسي، وأخيرًا ترشيحات لمجموعة من كتب السير الصادرة حديثًا.

الأكراد الأردنيون ودورهم في بناء الأردن الحديث
محمد علي الصويركي
منشورات وزارة الثقافة الأردنية – مكتبة الأسرة، 2021

خالد بشير

يضم الكتاب مادة تقدم إجابات على تساؤلات حول خصوصيات وسياق قدوم واستقرار واندماج المكوّن المنحدر من أصول كردية في الأردن. لماذا الأكراد بالأردن ليسوا قومية مستقلة؟ هل يعتبرون أقلية؟ وما الذي يميزهم عن حالة وسياق غيرهم من الأقليات، من الشركس، والشيشان، والداغستان، والأرمن، والدروز، والتركمان، إلخ؟ ولماذا اختلفت وضعيتهم السياسية عن غيرهم؟ ولماذا لم يمنحوا «كوتا» انتخابية؟ وما حدود وشكل تمسكهم بهويتهم وأصولهم اليوم؟

يوثّق الكتاب ويسرد سياقات ومسارات هجرة الأكراد الى الأردن، ما بين أسباب ودوافع التجارة والمعيشة، أو العوامل العسكرية والجنديّة والخدمة في العساكر والجيوش أو الالتحاق بالوظائف الإدارية، وذلك ما بين العصور الإسلامية الوسيطة، والعصر الحديث، والفترة المعاصرة، متتبعًا كيف كوّن الأكراد «محلات» و«عُصب» في مدن جنوب بلاد الشام، كما في السلط، والقدس، والخليل.

لا يمكن اعتبار الكتاب ذا طابع تحليلي خالص، بقدر ما يغلب عليه طابع التوثيق والتسجيل والسرد. وهو بلا شك كتاب مدخليّ، ومرجع لا غنى عنه للمهتمين بتاريخ الأكراد وعلاقاتهم المتداخلة مع العرب، وكذلك للمهتمين بدراسات النسيج والتركيبة الاجتماعية للأردن وبلاد الشام.

من حوران إلى حيفا
زياد الزعبي
منشورات وزارة الثقافة الأردنية – مكتبة الأسرة، 2022

خالد بشير

لا ينطلق كاتب هذه الرواية من أحداث خيالية وإنما يوثق ويسرد رحلة والده، محمد يوسف الزعبي، الذي انتقل من قرية «حريما» في الأردن إلى مدينة حيفا، مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، فيسرد تجربة انتقاله من قريته الحورانية البسيطة، إلى مدينة حيفا الساحلية الفلسطينية الصاعدة آنذاك، ومن ثم عودته مجبرًا بسبب النكبة عام 1948، بكل ما تضمنته تلك الرحلة من تجارب وتحوّلات نفسية واجتماعية.

يوثق الزعبي التفصيلات الاجتماعية في كلا المكانين؛ القرية البسيطة، والمدينة الساحلية الأكثر تعقيدًا، مشخصًا الفوارق الاجتماعية والثقافية والحضريّة، خلال مرحلة تكثّفت فيها التحولات، في سنوات الانتداب الإنجليزي، موثقًا مشاهد الحياة اليومية في حيفا التي بدت آنذاك كمكان وأرض فرص واعدة، مستقبلة الباحثين عن فرص العمل، القادمين من أنحاء شمال الأردن وفلسطين، قبل أن تتهاوى الأحلام سريعًا مع لحظة النكبة.

نص الرواية مختلف عمّا ألفه القرّاء من بنية سردية في الرواية العربية، وتكاد تكون أقرب إلى سرد وتوثيق وتصوير لمرحلة وسياق تاريخي، مستندةً إلى مرويات شهود عيان، وهو سياق تداخل وتقاطع فيه السكان والجغرافيا من شرقي نهر الأردن وغربه، كما كان الحال عبر الأزمنة الممتدة، لتقدم توثيقًا وشهادة تكشف الامتداد والتداخل الجغرافي والسكاني والحضاري الذي يربط بين الداخل الأردني والساحل الفلسطيني، وبما يمنح القرّاء من الأجيال التي لم تشهده ولم تعشه، القدرة على إعادة التخيّل والتصوّر للمخيال الجغرافي الاجتماعي-السياسي، والتجاوز لما كرسته الجغرافيا الاستعماريّة من تقطيع لأوصال وتكريس لفوارق وحدود عاندت الاتصال والتكامل الممتد عبر الأزمنة والعصور.

شرف المحاولة – معاركنا الصغيرة ضد الرقابة
بثينة العيسى
منشورات تكوين، 2023

روان بيبرس

ربما يكون من الطبيعي أن يجذبني العنوان بعد صدور قانون الجرائم الإلكترونية، وبالنظر إلى المزاج العام والأحاديث والثرثرات التي أسمعها مؤخرًا عن تداعيات التعديلات القانونية.

يَعِدُ الكتاب بتقديم نظرة فاحصة في «لُطخ الفراغ في الذاكرة الاجتماعية والأرشيف السياسي»، وصولًا إلى «السَّرديات المبتورة والقصص المسطَّحة، وتمظهرات التفكير الثنائي الكسول». ويتناول الآثار الاجتماعية والأخلاقية، والتشوهات الناتجة عن ذلك.

أحب قلم بثينة العيسى الذي أراهن على قدرته على الانتقال بين العام والخاص، وجذبني الاقتباس في تقديم الكتاب الذي تقول فيه: «وبتعبير هنري ستيل كوماجور: «الرقابة تخلقُ مجتمعًا لا يستطيع أن يكون راشدًا»، وهذا ما صرنا إليه.. مجتمعًا من القُصَّر الأبديين؛ كائنات عالقة في «ليمبوس» الطفولة المدنية، وقد صودر حقهم في التحوُّل إلى مواطنين مكتملي النمو، وحُكم عليهم بالعيش خارج قوانين التأثر والتأثير الحضاري».

حتى وإن كان الحديث عن الكويت إلا أنني أظن أنه سيكون مثريًا في قراءة السياق المحلي. كما أنني مهتمة بمعرفة كواليس العمل على تعديل قانون الرقابة على المطبوعات الذي ورد في الكتاب، وبالتمعّن في تباين أو تشابه مصطلحات كالرقابة والحريات عربيًا. يشجعني عدد صفحات الكتاب الواقع في 152 صفحة، والذي لا أعدّه متطلبًا، لكنه في الوقت نفسه قادر على إيصال الفكرة.

في معنى المكان – دروس من تجربة المقاومة المقدسية
بلال عوض سلامة
مركز دراسات الوحدة العربية، 2023

كمال الجعبري

يعد هذا الكتاب من المصادر المهمة التي توثق تجربة نضالية فلسطينية، ليست بعيدة عنا في الزمن، وهي تجربة المقاومة الشعبية في القدس المحتلة، والتي لم يكتب عنها أو يفسر خلفياتها وتداعياتها، إلا نفرٌ قليلٌ من الباحثين المشتبكين مع الواقع المقدسي.

لا يتوقف الكتاب عند توثيق الحدث، شبه المستمر في القدس المحتلة ومحيطها منذ نحو ثماني سنوات، بل يتناول الخلفيات الاجتماعية والثقافية، ومختلف أشكال الروافع، التي دفعت الفلسطينيين لخوض ما يسميه الكتاب بـ«حرب الأمكنة»، مستعرضًا ثلاثة ميادين لتلك الحرب، في الشيخ جراح، وباب العامود، والمسجد الأقصى.

الكتاب للباحث بلال عوض سلامة، وهو باحث مختص بعلوم الإنسان وعلم الاجتماع، وسبق أن قدم عدة كتب ودراسات تبحث في ماهية ومعاني ورمزيات مفردات وأبجديات الصراع مع الاحتلال الصهيوني في القدس.

تجربة الاختفاء الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي 1967-2022
حسن فطافطة
مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2023

كمال الجعبري

منذ أكثر من عشر سنوات، بل منذ أن تشكل وعينا الجمعي تجاه القضية الفلسطينية، حاز «المطارد» و«المطلوب» نصيبًا وافرًا في مخيالنا الشعبي، لما لعبه المطاردون من الاحتلال الصهيوني وأعوانه، من دورٍ مهمٍ في المقاومة الفلسطينية، إذ أثبتوا بتجاربهم التي انتهت بالاستشهاد أو الأسر، قدرتهم على مغالبة سلطة القوة والتقنيات والسيطرة التي سعى الاحتلال لفرضها، ولأن تجربة المطاردة، ومن بعد نمذجة وصعود عدد من التجارب، مثل تجربة الشهيد باسل الأعرج، وتجربة أبطال نفق الحرية، ومن قبلهم إبراهيم حامد، وغيرهم، قد تصاعد الحديث والتساؤل عنها، فقد جاء هذا الكتاب مجيبًا وموثقًا لتلك التجربة.

وتنقسم التجارب التي تعامل معها الكتاب إلى مراحل، فبدأ من تجارب المطاردين المبكرة في جبال الضفة الغربية ومخيمات قطاع غزة بين عامي 1967 و1977، والتي غلب عليها مطاردة الشيوعيين، وبعدها مطارة كوادر الجبهة الشعبية في الفترة ما بين  1977 و1994، ومن ثم تناول كوادر كتائب الشهيد عز الدين القسام بين عامي 1991 و2000، ليختم الكتاب بالحديث عن الفترة الأهم في دراسة هذه الظاهرة، وهي بين عامي 2000 و2022، معرّجًا على سمات كل تجربة من تلك التجارب، وأهم أنماطها.

يوميّات الضوء والمنفى
حيدر حيدر
ورد للنشر والتوزيع، 2022

وفيقة المصري

يوميّات الروائي والقاصّ والصحافيّ السوري حيدر حيدر الذي رحل عنّا قبل عدّة شهور. هذه اعترافات قديمة كانت حبيسة دفاتر حيدر بعيدًا عن عوالمه الروائيّة والقصصيّة، إلا أنّها تُجاورها في التجربة والمغامرة، مُتمخّضة عن سنوات طويلة من هجرته وتنقّله من مدينة إلى أخرى.

يقع الكتاب في 310 صفحة، مُقسّمًا إلى أربعة أقسام: «الطفولة، المراهقة مرحلة الستينات»، و«يوميّات الجزائر»، و«الجزائر، عنابة، بيروت، باريس، قبرص، دمشق»، و«العودة من المنفى».

تقدّم لنا هذه اليوميّات الكاتبَ في أبهى حلّته قارئًا ومُحرّرًا لنفسه؛ مُمسكًا القلم الأحمر ليمارس على نفسه نوعًا من الرقابة الذاتيّة. إذ بعد أنّ حثّته زوجته «أسمى» على نشر هذه اليوميات، يُحّذرنا حيدر في المقدّمة أنّ معظمها يوميّات «مُفلترة» سياسيًا، لا تطمح إلى كشف المستور، لا سيّما في هذه المرحلة الصعبة والوحشية. لكنّه، على ما يبدو، يُعزّي نفسه فيما تبقّى من هذه اليوميّات بعد تصفيتها، معوّلًا على قيمتها الأدبيّة والجمالية والفكريّة، وما تختزنه من قسوة المنفى في تأثيره على تجربته الأدبيّة.

كاتبٌ لا يستيقظ من الكتب (حوارات)
محمد أيت لعميم
أكورا للنشر والتوزيع، 2023

وفيقة المصري

يشتمل الكتاب على 15 حوارًا طويلًا مع عدّة كُتّاب ومُفكّرين وفلاسفة، مثل: الناقدة النسوية والروائية البلغارية جوليا كريستيفا، والناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو، والكاتب المسرحي البيبليوفيلي «عاشق الكتب» جون كلود كاريير، وغيرهم. يجمع المُترجم هذه الحوارات مُستقصيًا علاقة الأدب بالحياة، والكتابة بالوجود، وباحثًا من خلالها عن تلك الآثار الخفيّة التي تُلهم وتنير عملية الكتابة.

كما يأتي الكتاب مدفوعًا بإيمان المترجم بعدّة أفكار متداخلة؛ أوّلًا: أنّ الترجمة عمليّة استرداد لأفكارنا التي كُتبت بلغة أخرى. وثانيًا: أنّ الحوار جنسٌ أدبيّ قائم بذاته، لما يتمتّع به من ذكاء اللحظة، والقدرة على العثور الجمل المناسبة، وصياغتها بتكثيف وإيجاز. وأخيرًا: أنّ الكتابة النقدية وما ينبني عليها من البحث في تاريخ الأفكار والتأويل وعملية القراءة ليست محض كتابة من الدرجة الثانية بل نوع آخر من الأدب كذلك، تُحاكي الكتابة الأدبية في قدرتها على سرقة الواقع والحكايات، والتلصّص والاستيلاء على الأفكار، ثمّ هضمها وإعادة كتابتها مُجدّدًا.

أنا قادم أيها الضوء
محمد أبو الغيط
دار الشروق، 2022 

أفنان أبو يحيى

«أراني أقرأ هذا الكتاب مع ابني بعد نحو عشرين عامًا، نتناقش في تفصيلة هنا أو موقف هناك ونضحك»، يقول  الصحفي الاستقصائي والطبيب المصري محمد أبو الغيط في كتابه أنا قادم أيها الضوء. بعد شهر من صدور الكتاب بتاريخ تشرين الثاني 2022، توفي أبو الغيط الذي وجد في كتابة سيرته «أهراماته الخاصة» والتي ستبقى ماثلة بعد أن تحول من «أصغر صحفي في صحف وقنوات تلفزيونية» إلى «أصغر مقيم في جناح الرعاية الخاصة بمرضى السرطان في مستشفى بريطاني».

يشكل هذا الكتاب سيرة واقعية لشكل المعركة التي ينخرط بها مريض السرطان دون رغبة منه، والأسئلة الوجودية التي تمثل أمامه والتي يبدو أبسطها «لماذا أنا؟». يخلق الكتاب نقاشًا مع القارئ حول مركزية الأمل في حياة المريض بدءًا من ردود فعله حيال التشخيصات الطبية الصادمة حتى الانخراط في علاجات تجريبية بنسب نجاح لا تتجاوز 2%.

عَبَرت كتابة أبو الغيط من الخاص إلى العام في نقاشه لبعض أحداث الربيع العربي في مصر وشرحه المعلومات العلمية حول مراحل الإصابة بالسرطان وعلاجاته. ومع أن هذا الكتاب مزيجٌ من المعرفة الطبية والإنسانية والسياسية المتمحورة حول مرض السرطان، إلا أن أبو الغيط رحل داعيًا ألا يتم اختزال الأشخاص في معاناتهم، «ألا يكون تعريف اللاجئ أنه لاجئ فقط، أو الناجية من التحرش أنها ناجية فقط، لا أريد أن يكون تعريفي وهويتي هما مريض سرطان وينمحي كل شيء آخر».

فرسان السينما سيرة وحدة أفلام فلسطين
خديجة حباشنة
دار الأهلية،  2020

شربل الديسي 

مجموعة أسلحة مرفوعة عاليًا رفقة كاميرا فيديو قديمة مع عنوان كبير«فرسان السينما». هكذا يبدو غلاف الكتاب الذي يتحدث عن تاريخ المجموعة السينمائية الفلسطينية الأولى التي تأسست مع بدايات حركة التحرير الفلسطينية (فتح) لنتعرف على هؤلاء الفرسان؛ سلافة جاد الله وهاني جوهرية ومصطفى أبوعلي وزملائهم الذين آمنوا بأهمية توثيق حياة الفدائي الفلسطيني ومعاناة اللاجئ الفلسطيني والحروب المختلفة التي خاضتها الفصائل الفلسطينية بداية من معركة الكرامة وانتهاءً في حصار بيروت.

تعود الكاتبة خديجة حباشنة بالزمن لتتناول بتفاصيل دقيقة مرحلة التأسيس وانبثاق مؤسسة السينما الفلسطينية من نواة هذه الوحدة والتحديات التي رافقت السينما الفلسطينية، وتعرض شهادتها وزملاءها عن حادثة اختفاء أرشيف مؤسسة السينما الفلسطينية الذي يُعتقد أنه سُرق، ورحلتها الخاصة في البحث عنه واسترجاع جزء من هذا الأرشيف الفلسطيني السينمائي المفقود في دول مثل تونس.

الكتاب شيق جدًا ويؤسس لفهم دهاليز صناعة وإنتاج أفلام الثورة الفلسطينية بعد النكسة، وفي أوقات عصيبة جدًا مثل الحرب الأهلية اللبنانية وحصار بيروت. كما يضيء على فرص تعاون مع حركات تحرر مختلفة مثل الجزائر وسينما دول العالم الثالث مثل الأرجنتين.

آثار استعمارية : تشكل الهوية الوطنية في الأردن
جوزيف مسعد، ترجمة شكري مجاهد
دار مدارات للأبحاث والنشر

أسماء محمد أمين

«آثار استعماريّة» واحد من أهمّ الأعمال التي تناولت تشكّل الهويّة والثقافة الأردنيّة، وارتكز في أطروحته على تحليل دور المؤسستين العسكريّة والقانونيّة في إنتاج الدولة الوطنيّة، مستخدمة أدواتها القمعيّة والإنتاجيّة، وذلك في السياق الاستعماريّ وما بعده.

الكتاب يدرس عملية إنتاج الأردن الحديث بتقديمه محاور تحليليّة عدة كالتحليل التاريخيّ للحظات المفصليّة في تشكيل الهويّة الأردنيّة، بدءًا من لحظة تأسيس الإمارة عام 1921 إلى عقد التسعينيات النيوليبراليّ الذي شهد صعودًا في الخطاب الهوياتيّ، مرورًا بلحظات المرونة التي تمدد فيها الوطن (1948) وانكمش بعدها في (1987). كما يعرض أيضًا لرؤية مهمة للفئات و«الأنواع» الاجتماعية للأفراد مثل النساء والبدو، والأدوار والفضاءات التي تتحرك ضمنها في العام والخاص، في ظل الهويات والتقاليد الجديدة المفروضة قسرًا.

ومن هنا أرى أنّ أهميّة الكتاب تتجاوز إطار التثقيف الذاتيّ، فرغم زخم المحتوى ومتعة الاطلاع على التماعاته الذكيّة، إلّا أنّ المعطى الأهم هو أنّ هذه الأطروحة قادرة على إثارة نقاش عام موسّع أو حالة من الجدل، يمكنها تحريك المياه الراكدة ولو قليلًا، وفي ظل تفعيل قانون الجرائم الإلكترونيّة وحالة الريبة والسكون المهيمنة محليًّا؛ فإن الكتاب يمنح طرحّا جريئًا، طال بالتحليل مؤسسات ورموز يحرم تناول شأنها في الفضاء العام. ومن حيث أنهى مسعد كتابه بسؤال: «من هو الأردنيّ؟» يمكن لنا البدء بالبحث عن إجابات جديدة من وحي متغيّرات واقعنا، يمكن أن تكون مدخلًا للتفكير في تكوين هويّة مستقبليّة، قد نحاول السعي لها.

أسئلة كبيرة من أطفال صغار وأجوبة بسيطة من عقول عظيمة
جيما ايلوين هاريس، ترجمة سامر حميد
دار سطور، 2021

أسماء محمد أمين

زارت الكاتبة جيما ايلوين هاريس عشر مدارس ابتدائيّة وجمعت أكثر من 125 سؤالًا من أطفال ما بين سنّ الرابعة والـ12 عامًا، واستعانت بمجموعة كبيرة من المختصّين والمفكّرين في مجالات مختلفة للإجابة عليها، بأسلوب علميّ مبسّط وسلس.

الكتاب ممتع وشيّق ابتداءً من لحظة تفحّصك  لفهرسه واطلاعك على مجموع أسئلة الأطفال، والتي ستدعوك وحدها للابتسام لظرافة بعضها ونباهتها، أو لصعوبة وتعقيد بعضها الآخر، والتي أجاب عليها المختصّون ببراعة في مواضع كثيرة في الكتاب، وسنجد أنّ بعض الأسئلة صالح لكلّ زمان ومكان، كسؤال «ما الذي يجعلني أنا؟» أو «كيف أقع في الحبّ؟»  أو «من أين يأتي الخير؟».  

بلا شكّ أنّ الكتاب مليء بالمعلومات المثرية والمفيدة، لكن ما لامس قلبي بالفعل هو ما توقظه هذه التساؤلات الطفوليّة من رغبة بالتأمّل وطرح تساؤلاتنا عن العالم، ما أظنّ أنّ معظمنا قد تركه مع الوقت، وأشار إليه المترجم سامر حميد باقتباسه من كارل سيغان -الذي أهدى ترجمة الكتاب له – بأنّ «كلّ طفلٍ هو عالمٌ بالفطرة إلى أن يفسد التلقين فطرته. لا ينجو من هذا القدر إلّا قلّة ممّن بقيت شرارة الفضول العلمي لديهم متّقدة رغم كلّ شي» . لذلك أقترح هذا الكتاب ليكون فسحة يوميًّة خفيفة الظل، يمكن لها أن تضيف معلومة جديدة، أو تساؤلًا جديدًا، يمكن الرجوع إليه وتصفّحه بخفّة في أيّ وقت، ولا أظنّ أنّ على معظم الكتب أن يكون أكثر من ذلك. 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية