لندن، المملكة المتحدة

بريطانيا الميّتة

لندن، المملكة المتحدة، أ ف ب

بريطانيا الميّتة

الثلاثاء 11 تموز 2023

نشرت نسخة مطولة من هذا المقال بالإنجليزية في مجلة بالاديوم في 23 نيسان 2023.

كلّ عقد تقريبًا، تجدُ المملكة المتحدة نفسها متورطة في أزمةٍ ما. وتكون تلك هي اللحظات التي تشرع الأبواب للتأملات الشحيحة والموجزة بشأن تراجع أهميّة البلاد وثقلها الجيوسياسيّ. ثمّ تُغلق الأبواب بعدئذ، وتمّحي الأزمة، ويثبط قطاع الخدمات الماليّة المهيمن -مع هيبة المؤسّسات البريطانيّة المعمّرة- المسار الانحداري حتى تحلّ الأزمة التالية. قد تعتاش الطبقات البريطانية الحاكمة والتجارية على ما تبقى من القوة الناعمة المالية والمؤسساتية لقرن آخر على الأقل، بيد أن الأثر التراكميّ لهذه اللحظات، سيجعل من الصعب إنكار عجز النخبة البريطانية المتأصّل عن الحؤول دون حدوث الانحدار القوميّ. 

بإمكان المرء أن يفكّر أن بريطانيا تلعب اليوم دور دول المدن الإيطالية في القرن الرابع عشر؛ حيث تستغلّ البرستيج الثقافيّ التاريخيّ، وتُربّي أبناء نخب دول إمبراطوريتها السابقة، وتبدو ملعبًا تمارَس فيه ألعاب الثروة والحظوة والمكانة في حين أنّها، في واقع الحال، لا تُنتج أيّ شيء ذا قيمة قطّ. 

يُصبح هذا المسار الكلّي جليًّا حين ننظر إلى مخرجات الإنتاجية، والاستثمار، والموارد البشرية، والبحث والتطوير، والنمو، وجودة الحياة، وحصّة الفرد من الناتج المحليّ الإجماليّ، وتوزيع الثروة ونمو الأجور الحقيقيّ الذي يُقاسُ بوحدة تكلفة العمل. هذه المؤشرات كلّها إمّا في حالة سقوط أو ركود. ووفقًا لتقرير أصدرته صحيفة الفاينانشال تايمز، فإن المملكة المتحدة، بالمستويات الحالية، ستكون أفقر من بولندا في غضون عقدٍ من الزمان، وسيكون متوسّط الدخل الفعليّ للأفراد فيها أقلّ من سلوفينيا مع عام 2024. وبالفعل، فإنّ كثيرًا من المناطق الريفية في المملكة المتحدة تسجّل مستويات في الناتج الإجماليّ المحليّ أقلّ من أوروبا الشرقيّة. 

ورغم أنّ أوروبا برمتها تصبح أفقر وأضعف مع تقدّم القرن الحادي والعشرين، إلا أنّ المملكة المتحدة استثنائيّة في عجزها النسبيّ وتوقفها عن العثور على حلول مقارنةً بدول مشابهة مثل ألمانيا وفرنسا. إنّ هذه صيرورة تتسارع وتيرتها منذ قرون، وتعود إلى توجّهات كانت قد بدأت في القرن الثامن عشر في الوقت نفسه الذي كانت فيه إمبراطوريّتها آخذةً في التوسّع والنموّ. 

عمليًا، فإن الثقافة الابتكاريّة والأخلاقويّة التي امتازت بها إنجلترا عن باقي أوروبا، والتي تجلّت ذروتها في النزعات الطهرانية والجمهوريّة الكرومويليّة، تسرّبت إلى نُخب الساحل الشرقيّ الأميركيّ في الوقت عينه الذي قُمعت فيه على يد الأرستقراطيّة في موطنها الأمّ. لقد بزغت النسخة البريطانيّة من الطبقة التحديثية -التي تمثّلت في أماكن أخرى بنماذج مثل واشنطن ونابليون وغاريبالدي وبسمارك والإمبراطور ميجي ولينين وماو وعبد الناصر- قبل ذلك بأمد طويل حتى، أي خلال الحرب الأهليّة الإنجليزية [بين 1642 و1652] والثورة المجيدة [ثورة 1688]. بيد أنّها ماتت قبل أوانها، ولم تقدر على أن تقدّم لحظة تأسيسيّة جديدة لبريطانيا مثلما حصل في أميركا عام 1776، وفي فرنسا عام 1789، وفي اليابان عام 1868، وفي الصين عام 1949. 

وبسبب مكسبها المسبق الناتج عن كونها صاحبة الخطوة الأولى، فلدى المملكة المتحدة الآن نخبة محصّنة قانعة بالعيش على ريع الأزمنة الخوالي. ونظامها الاجتماعيّ يشكله الإرثُ الثقافيّ للأرستقراطيّة القديمة، ويؤمّنه سماسرة لندن الماليون، وتخدمه طبقة وسطى تتقلّص. وهكذا، طوّرت الطبقات السياسيّة والإداريّة لهذا النظام الاجتماعيّ ثقافةَ هُواة، غير معنيّة بالتعليم الكلاسيكي العام واسع النطاق، ولا بالتخصص التقنيّ المعمق. والنتيجة هي نظام يشجع على العمل الخدماتي الماليّ والاستشاريّ والمُضارِبيّ، على حساب التصنيع والإنتاج والبحث.

تحكم المملكةَ المتحدة شراكةٌ بين الأرستقراطيّة والبرجوازيّة، لكن هذه الأرستقراطية ليست أرستقراطيّة، وهذه البرجوازيّة ليست إنتاجيّة، إذ لم تعد الطبقة العُليا الإداريّة القديمة تُمارس سلطتها عن طريق الأرض أو المحسوبيّة، ولا تُنتج الطبقة الوسطى التجاريّة شيئًا يذكر من القيمة الابتكارية، فأضحى أكثر قطاعاتها رقيًا هو خدمة فائض أموال الدول الأخرى من خلال الشركات العائليّة والمصارف التجاريّة في لندن.

وبالرّغم من أنّ بريطانيا كانت البلد المهيمن في الحقبة الصناعيّة، غير أنّها لم تطوّر قطّ الآليات التي أتاحت للولايات المتحدة وألمانيا تخطيها أواخر القرن التاسع عشر في مجال الكيمياء والنقل وإنتاجيّة العمال والمناهج التنظيميّة. وهكذا، انقلبت مزايا لندن بوصفها صاحبة الخطوة الأولى إلى مساوئ معمقة. ولا يتعلّق الأمر بأنّ بريطانيا أصابها المرض والعطب، وإنّما يتعلّق أكثر بأنّ النخب البريطانيّة حالها حال المتقاعدين الطاعنين في السنّ: أحرزوا نجاحًا هائلًا في شبابهم، والآن يسحبون استثماراتهم وودائعهم الأخيرة تاركين المنزلَ الريفيّ لينهار.

علِم كثيرون في الحكومة البريطانيّة باحتماليّة حصول انحدار هائل منذ عام 1902، بيد أنّهم لم يبذلوا أيّ شيء من أجل تبديل المسار الذي قد يشكّل خطورة على النظام السياسيّ بحدّ ذاته. لربما يحتاج الأمر إلى انهيار كامل للمملكة المتحدة، وإلى مائة عام أخرى، حتى تستشعر الدولة الآثار الكاملة لانهيار النخبة.

نهضة متعثّرة

رغم الصّمت العامّ عن هذه المشكلات، إلّا أنّه قد جرى الحديث عنها بصورة هادئة في دهاليز داوننغ ستريت لما يربو عن قرن. ففي أوج زمن الإمبراطوريّة نهاية القرن التاسع عشر، بدأ نفرٌ من الأفراد يعون أنّ التأخّر في التطور العلميّ والصناعيّ من شأنه أن يؤدي إلى أن يكون نمو الناتج الإجماليّ المحليّ للمملكة المتحدة أبطأ منه في ألمانيا والولايات المتحدة. وقد شرعت محاولاتٌ ممنهجة، عام 1902، لتحديد أسباب الانحدار البريطانيّ وترسيم مسار الخروج منه قبل أن يغدو الإصلاح أمرًا مستحيلًا. وبُذلِت محاولات مبكّرة لإصلاح الطبقة الإدارية الإمبريالية، بيد أنّها عادت صفر اليدين. 

في سيرته الذاتية، عبّر مؤلف أعمال الخيال العلميّ هربرت جورج ويلز، مطلع القرن العشرين، عن تلك الإشكالية التي أدركتها النخبة بالقول:

«تدريجيًا، تضاءل الإيمان بالقيادة المحتملة لإنجلترا، وذلك بسبب التطور الاقتصاديّ لأميركا وجسارة ألمانيا. أنتج عهد الملكة فيكتوريا، المزدهر للغاية، عادات التراخي. وكشعبٍ خارج من السباق، لم تواكب جامعاتنا الحقبة الجديدة، وكانت طبقاتنا الحاكمة، المحصّنة بمزاياها، مرتاحة البال وكسولة إلى حدّ عميق، أمّا «الكفاءة» فساد شعورٌ بأنّها شكل من أشكال التزمّت».

أجبرت ضغوطات الحربيْن العالميتين التاليتين الدولةَ البريطانيّة على الإبقاء على مستوى عالٍ من القدرات البشرية، وعلى إمكانية الحشد بصورة فعالة. بالتالي، فإن الانحدار الحاصل إنما ظهر، أول ما ظهر، في الإنتاجيّة الاقتصاديّة والعلميّة. عام 1948، أبلغ العالِم اللامع السير هنري تيزارد، الجمعيةَ البريطانيّة لتقدم العلوم بأنّه:

«ليس من الممكن المحاججة بأنّ الأمريكيين يتفوّقون علينا في مجال البحث العلميّ والصناعيّ كمًا ونوعًا. غير أنّ لديهم معدّل معايير أعلى ممّا عندنا في التكنولوجيا، وعندهم نسبة أكبر من الأشخاص ذوي التعليم العلميّ العالي في الإدارة التنفيذيّة للصناعة، وبالتالي لن يسفر التوسّع في الأبحاث عن نتائج مأمولة إن لم يكن هنالك توسّع مماثل في التعليم التكنولوجيّ». 

تولّى تيزارد قيادة لجنة سياسات أبحاث الدفاع، التي لم تعمّر إلّا من عام 1947 إلى عام 1963، وهي بمثابة مجموعة مُوجِّهة للاستراتيجيّة العلميّة للجيش البريطانيّ في حقبة الحرب الباردة، ولم يكن للنصائح التي قدمتها أيّ أثر يُذكر على قرارات الدولة. والحال أن تيزارد، وخلال سنوات تأسيس لجنة سياسات أبحاث الدفاع، قد واجه ضغوطاتٍ لتوجيه التمويل بعيدًا عن الأبحاث طويلة الأمد ونحو المسائل العسكريّة قصيرة الأمد. ففي عام 1951، أعرب تيزارد عن استيائه بغضب قائلًا: «ما من عنصر على أجندة لجنة سياسات أبحاث الدفاع الحالية يمثّل تطبيقًا جديدًا للعلم. ما من شيء البتّة. ولا مفاجآت لدينا كي نستعرضها».

وجرّاء ذلك، ومع حلول الستينيّات، تضخّمت الإشكالات التي بيّنها تيزارد. وفي محاولة للاستجابة لذلك، بذل رئيس وزراء العمّاليّ آنذاك هارولد ويلسون محاولات عديدة، ولكن محدودة، لإنعاش الإنتاجيّة البريطانيّة مع تأسيس شركة إعادة التنظيم الصناعيّ (IRC). وقد لعبت هذه الشركة دورها باعتبارها «بنكًا تجاريًّا» للدولة لديه صلاحيّات التخطيط الصناعيّ طويل الأمد، وذلك لفرض عمليات دمج بين الصناعات الإنتاجيّة متوسّطة الحجم ذات المزايا التصديريّة المقارنة. وكانت الفكرة هي إجبار الصناعة البريطانيّة على السعي نحو القيام بالأعمال بكفاءة أكبر مع زيادة حجم الإنتاج، الأمر الذي يخلق قاعدة جماهيريّة من المستهلكين وتصنيعًا عاليًا في مجال التكنولوجيا. 

وبينما منحت هذه الشركة بارقة أمل، إذ ارتفع الناتج المحليّ الإجماليّ في غضون مدّة وجيزة، إلّا أنّها سرعان ما أُجهزَ عليها بفعل سياسة خفض النفقات، والسوق العالميّة التي شهدت معدّلات عالية من التضخم، وشحًّا في الطاقة، وإلغاء نظام بريتون وودز، والتحاق لندن بالمجتمع الأوروبي. كما أنّ تراجع تحكم بريطانيا في مصادر الطاقة عبر العالم، الناجم عن نهاية الإمبراطوريّة الرسميّة وغير الرسميّة، ساهم هو الآخر في تقييد الإصلاحات الاجتماعيّة-الديمقراطيّة التي اقتضى تمويلها فوائض كبيرة.

في السابع والعشرين من تشرين الأول عام 1970، أعلن مستشار الخزانة [1] الجديد ذو التوجّه المحافظ، أنتوني باربر، عن إغلاق شركة إعادة التنظيم الصناعيّ. وكردّ على ذلك، تحدّث النائب العُمّاليّ والمهندس الكهربائي رايموند كارتر دفاعًا عن الشركة في مجلس العموم، قائلًا:

«إنّ كلّ عامل أميركيّ مسنود بضِعف مقدار رأس المال الذي يسندُ العامل البريطانيّ، كما إنّ رأس المال الذي يسندُ العامل الألمانيّ أكثر من خمسين بالمئة من رأسمال العامل البريطانيّ. ما يُزعزع أمتنا هو مشكلة استثمار رأس المال. والحقيقة هي أنّنا كنا بحاجة إلى شركة إعادة التنظيم الصناعيّ قبل ثلاثين سنة خلت».

كان تحليل كارتر، بأن آخر فرص بريطانيا لعكس مسار الانحدار كانت عام 1940، محقًا. لقد برهنت الحربُ العالميّة الثانية، وما تلاها من تصاعد في الدين ومن تفكيك للاستعمار، أنّها لحظةٌ لا رجعة عنها لم تتمكّن المؤسسات والنخب البريطانيّة من تجاوزها. وفعليًّا، فإنّ الإصلاحات التكنوقراطيّة في فترة ما بعد الحرب مثل إنشاء لجنة سياسات أبحاث الدفاع وشركة إعادة التنظيم الصناعيّ كانت بمثابة إجراءات محكوم عليها بالفشل سلفًا. فما شلّهما على نحو قاتل لم يكن متعلقًا بالتقليصات قصيرة الأمد في الميزانيّة، وإنما عالمٌ تغيّر جذريًا.

لا يزال الأمل بأن المملكة المتحدة تستطيع أن تتخطّى قيودها الجيوسياسيّة وتقلب مسار انحدارها قائمًا. حينما أصبح مدير حملة «صوّتوا للخروج من الاتحاد الأوروبي» دومينيك كامينغز كبيرَ مستشاري بوريس جونسون، أعرب عن إحباطه بسبب المشكلات نفسها التي حاولت المنظمات السالف ذكرها أن تعالجها، ولذا كتب عام 2020 تدوينة يناشد فيها «خبراء البيانات ومديري المشروعات وخبراء السياسات ومجموعات شتّى»، لإنجاز مسارٍ تصحيحيّ لإرث «مُخادعي المدارس الحكوميّة المعتدين بأنفسهم» في الفئة الإداريّة من خلال تجييش «أشخاص بمثابة أوراق رابحة حقيقيّة، وفنانين، وأناس لم يذهبوا قط إلى الجامعة».

لقد آمن كامينغز بأنّ التخصّص التقنيّ المعمّق لا بد وأن يحلّ محل نظامٍ «يبدل فيه الناس مواقعهم بحيث لا يكتسبون أيّة خبرة»، وفي حين أنّ نقد كامينغز للعالم الإداريّ البريطانيّ كان متينًا نسبيًا، إلّا أنّ اعتقاده بأنّ النظام السياسيّ البريطانيّ مستقر بما يسمح بالتخطيط طويل الأمد كان اعتقادًا خاطئًا. حيث أفضت الصراعات والاقتتالات الداخليّة إلى حصول تغييرات متعددة في الحكومة في غضون سنوات قليلة.

رغم ترويجه لنفسه على أنّه واقعيٌّ يَقظٌ، إلّا أن كامينغز قلل كثيرًا من شأن القيود الجيوسياسيّة والاقتصاديّة التي سيواجهها أي إصلاح جذري للوظيفة العامة. فبعد أن سعى لإصلاح النظام من الداخل، ما كان من النظام إلّا أن لفظ كامينغز خارجه. وفي تحوّل صارخ، اقترح كامينغز فكرة أكبر قبل أشهر من رحيله عن منصبه: أن تحلّ شركة «Crown Consultancy» المُدارة من قبل الدولة محل الإنفاق الخارجيّ البالغ 2.6 مليار جنيه إسترلينيّ والذي يذهب إلى شركات الاستشارات الكبيرة مثل «برايس ووتر هاوس كوبرز» (PwC) و«ماكنزي» (McKinsey) وغيرهما -بما في ذلك تعيين استشاريين لاستشارتهم بشأن تعيين أقل عدد من الاستشاريين. وهكذا، وفي غضون أسبوعين من تركه لمنصبه، اختُزلت الفكرة إلى مجرّد مهمة «تقديم مشورة بشأن الإنفاق على المجال الاستشاريّ» عوضًا عن المهمّة الأوليّة. 

وفي نهاية المطاف، فإنّ كلّ سياسة إصلاحية تكنوقراطية قد آلت إلى انحدار مسيطر عليه. وحتّى مَن يدّعون أنّهم إصلاحيّون في بريطانيا، هؤلاء المدرّعون بالقوة الناعمة والخدمات المالية ذات الأجر المرتفع، يبخّسون بشدة من مشكلة رأس المال البشريّ التي تُلقي بأثرها على كلّ شريحة من شرائح المجتمع. ورغم أنّ المملكة المتحدة تُقارن نفسها بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيّ، إلّا أنها تفتقرُ إلى قوّتهم الإنتاجيّة ولسكانهم ذوي المهارات العالية. فلولا القبضة الماليّة للندن، لكان الانكماش الاقتصاديّ الآن الذي تنبّأ به صندوق النقد الدوليّ في حالة أسوأ بكثير. وهكذا، وبعد فشلٍ متراكم على مستوى أجيال متعددة من قبل الدولة البريطانيّة في تقييم العوائق التي تجابهها وبفشلها في بناء نظام اجتماعي مُنتج من الناحية المادية، يظهر أن نخب هذه الدولة قد فقدوا، جذريًا، اهتمامهم بالحكم. 

سوسيولوجيا النخبة الاصطناعيّة

تُفصح ثقافة الحوكمة البريطانيّة عن ثقافة وأولويّات نخبتها الإداريّة والسياسيّة. والحال أنّ الأسئلة التي تدور حول الثقافة هي أسئلة متعلقة، في نهاية المطاف، بسوسيولوجيا النخبة. إذ أضحى الولوج إلى عالَم النخبة البريطانيّة، رويدًا رويدًا، أكثر استنادًا على الجدارة على مرّ الأجيال، بالمعنى الرسميّ، بعدما ترك نظام الاختبار الصينيّ الإمبراطوري أثره على تقرير نورثكوت-تريفيليان عام 1854، وأسفر هذا بدوره عن محو بنى المحسوبيّة غير الرسميّة. بيد أنّ النظام غير الرسميّ للانتقاء الاجتماعيّ بقيَ موجودًا لمدّة طويلة من القرن العشرين، مقلّلًا من الكلفة المحتملة [للتحول نحو نظام قائم على الجدارة] على الذاكرة المؤسساتيّة والهندسة الاجتماعيّة للجماعات. فقد واصلت المؤسسات البريطانيّة منح الأولويّة للنخبة الإنسانويّة والمهنيّة في تسيير شؤون إمبراطوريّة كبرى صناعيّة وتجاريّة وعلميّة.

إنّ ما كان يميّز النخبة البريطانيّة آنذاك عن معظم نخب أوروبا هو تبنّي الإنتاج الرأسماليّ على يد كثير من أرستقراطيّيها. وبالرغم من الخلافات حول النزعة الحمائيّة، إلّا أن الطبقة الوسطى الصاعدة لم تجترح أبدًا المستوى نفسه من الصراع مع طبقة النُبلاء مثل نظريتها الفرنسيّة أو الأميركيّة. فلنقارن مثلًا خلفيّات اثنين من رؤساء طبقة النخبة: ألا وهما جورج بوش الابن وديفيد كاميرون. فقد أسس الجد الأكبر صامويل بوش السيطرة السياسيّة للعائلة من خلال التعليم التقنيّ وإدارة شركة تقوم بتصنيع أجزاء من السكك الحديديّة الفولاذيّة. 

«لم يكن لبريطانيا دافع للسعي وراء التنمية من أجل البقاء، لأنّها كانت القوة المسيطرة للتصنيع المبكر. بالتالي، لم تُنتج بريطانيا نخبةً ترتكزُ في ثروتها وسلطتها على الإنتاج الصناعيّ، على نحو يجعل لها مصلحة كبيرة في تطوير المجتمع الصناعيّ وإصلاحه»

على النقيض من ذلك، فإنّ والدَ كاميرون وجدّه لأبيه والجدّ الأكبر كانوا جميعًا خريجي أكسفورد وشركاء في شركة مصرفيّة عريقة في مجال البنوك والأوراق الماليّة (Panmure Gordon & Co)، بينما كان السير إوين كاميرون رئيس بنك HSBC. وانحدرَ جدّه لأمّه من أسرة نُبلاء وضبّاط عسكريين. لقد تمثّل العامل المُميز بين قطاعيْ النخبة البريطانيّة الرئيسين في أن أحدهما كان يتحصل على الإيجارات من ملكية أراضيه، فيما الآخر يجنيها من المضاربات المالية. وبالتالي لم يبن أيٌّ منهما ثروته على القاعدة الصناعيّة التي رسّخت من أسرة بوش وكثيرٍ من نُظرائهما الأميركيين. 

والحال أنّ النُّظراء المماثلين لأسرة بوش في بريطانيا -أي تلك الأسر الصناعيّة والمالكة للبنية التحتيّة- تمثّلت في البروتستانت المنشقّين المستبعدين من كنيسة إنجلترا، والمحرومين بالتالي من المداخل التعليميّة إلى أروقة الإدارة والسياسة. وعوضًا عن ذلك، فهم إمّا تعاونوا مع الدولة مع الحفاظ على مسافة منها، أو سعوا للانضمام إليها عبر الإلغاء التدريجيّ للتصنيع والاستفادة من الأرباح لشراء الأراضي وتلقي التعليم المهنيّ. ولم يحصل حتى أواخر القرن التاسع عشر -وآنذاك كانت بريطانيا متخلفة عن ألمانيا والولايات المتحدة- أن وجد التجار من غير طبقة النخبة، مثل النائب الليبرالي الوحدوي الصناعيّ جوزيف تشامبرلين، سبيلًا إلى المناصب السياسيّة.

وهكذا، كانت الدولة البريطانيّة في المحصلة مسخّرة بصورة فائقة نحو السعي وراء الريع الاقتصاديّ غير الإنتاجيّ. ولم يكن لبريطانيا بالتالي دافع للسعي وراء التنمية من أجل البقاء، لأنّها كانت القوة المسيطرة للتصنيع المبكر. بالتالي، لم تُنتج بريطانيا نخبةً ترتكزُ في ثروتها وسلطتها على الإنتاج الصناعيّ، على نحو يجعل لها مصلحة كبيرة في تطوير المجتمع الصناعيّ وإصلاحه.

لقد عنى الاستبعاد الدينيّ والاجتماعيّ من كامبريدج وأكسفورد أنّ الطبقات الوسطى لا تتقاسم التعليم العام الذي تتلقاه معظم النخب البريطانيّة. وبالنسبة إلى هذه النخبة الاصطناعيّة، كان الطريق إلى السلطة يتمثل، في غالب القرنين التاسع عشر والعشرين، بالالتحاق بمساق أكسفورد للآداب الإنسانيّة (literae humaniores) في اللاتينيّة واليونانيّة الكلاسيكيّة، الذي غالبًا ما يُستكمَل بدراسة اختبارات الخدمة المدنيّة التي تتمركز حول التاريخ المؤسساتيّ البريطانيّ. أنتجت هذه الاختبارات، بشقيها القديم والحديث، طبقةً إداريّة معممة لديها معرفة إنسانويّة ومؤسساتيّة، ولا تمتلك شيئًا يُذكر من المهارات التقنيّة. ومع ذلك، حتى بعد أن أُزيحت هذه التقييدات، بقيت التوترات متصاعدةً بين التفضيل القديم للتعليم العام والحاجة البرجوازيّة للخبرة التقنيّة. 

في 1920، دشّنت أكسفورد مساقها في السياسة والفلسفة والاقتصاد (PPE) لخلق مسار توفيقي تكنوقراطيّ ومعممّ يشكل مدخلًا لأروقة الخدمة المدنيّة. وما يزال هذا المساق مهيمنًا في الحياة العامّة البريطانيّة. لقد تبادلتُ أطراف الحديث مع ماتياس برينكمان؛ وهو فيلسوف سياسيّ ألمانيّ عملَ معلّمًا في مساق أكسفورد هذا بين عامي 2012 و2017. وكما يقول، فإنّ «جو المكان ما يزال موبوءًا بفكرة أنه وحده مقر تدريب النخبة البريطانيّة… ما من شيءٍ في ألمانيا يمكننا مقارنته بذلك البتة. فليس هنالك إجماعٌ اجتماعيّ بشأن أفضل الجامعات… إنّ ذلك ما هو إلّا تراتبيّة مسطّحة للغاية».

وقد تساءلتُ عمّا إذا كان المساقُ ذاته قد قدّم أيّ شيءٍ ذا قيمةٍ لهؤلاء الذين يتلقونه. وكان جواب برينكمان: «أظنّ أنّ الناس يُبالغون في تقدير محتوى هذا المساق»، فـ«قبل مساق الفلسفة والسياسة والاقتصاد، كانت هنالك الكلاسكيّات. يميلُ جزءٌ منّي للتفكير بأن المحتوى يمكن أن يكون أيّ شيء. فالأمر برمّته بمثابة لعبة تنسيق. فلو كانت النخبة البريطانيّة تُعيّن من تخصص الكيمياء الحيويّة؛ لوجدنا أن هذا هو المساق الذي نتحدث عنه». لقد كان مساق أكسفورد محاولة تعوزها الحماسة لمحاكاة النظام البيروقراطيّ في المدارس الفرنسيّة الكُبرى وفي الخدمة المدنيّة الألمانيّة. بيد أنّها محاولة لم تكن مسنودة بالإرادة السياسيّة لإصلاح بنية التربية النخبويّة نفسها أو مسنودة بأيّ تأثير من القادة والكوادر الإصلاحية، إذ تكمن تحت اللافتة الحداثيّة بنى التربية نفسها التي كانت قائمة وفاعلةً في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.

عاينَ برينكمان، أثناء تدريسه مساق أكسفورد في الفلسفة والسياسة والاقتصاد، تغير دوافع الانخراط الوظيفيّ في الخدمة المدنيّة: «فما تبدّل على الأقل منذ الأزمة الماليّة عام 2008 هو أنّ الناس لم يعودوا يريدون الانخراط في أتون السياسة. وإنّما عوضًا عن ذلك يريدون المجال الماليّ والشركات الاستشاريّة. فأنتَ لا تملك سوى أقليّة صغيرة للغاية من الطلبة الذين يودّون الالتحاق بسلك الخدمة المدنيّة… لقد فقدت الخدمةُ المدنيّة أهميتها الاجتماعيّة». ولو وجد أشخاص نُبهاء وأذكياء في أكسفورد وكمبريدج مثل أشعيا برلين وجون مينارد كينز أنفسهم في القرن الحادي والعشرين، فإنّه من غير الواضح تمامًا لمَ سيختارون العمل الحكوميّ عوضًا عن إعمال عقولهم وذكائهم في القطاع الخاص. عادةً ما يكون عسيرًا تحديد دوافع وعناصر التعليم التي تحفّز هؤلاء الذين ما يزالون مكرسين أنفسهم في سلك الخدمة المدنيّة. ولذلك، فقد رأيتُ أنّ الطريقة المثلى لفهم ذلك هو الشروع في الحديث مع هؤلاء الذين انخرطوا في الخدمة العامة بالفعل. 

يخبرني آرثر سنيل، وهو دبلوماسيّ سابق، ترك العمل العام لينضم إلى شركة استخبارية أسسها المدير السابق لوحدة روسيا في المخابرات البريطانية MI6: «إنّ أناسًا بخلفيتي ذاتها قد مضوا إلى المدينة قبل ثلاثين عامًا خلت. بيد أنّ كثيرًا منهم انضموا إلى الجيش وسلك وزارة الخارجيّة. إذ كان يُنظر إلى هذه المهن بوصفها جزءًا من التشكيل الثقافيّ…إنني أعتقدُ بأنّ النخبة البريطانيّة -أو الإنجليزيّة على نحو أضيق- قد تخلت بصورة كبيرة عن فكرة الخدمة المدنيّة، مع استثناء محتمل لقطاع أو قطاعين من سلك الجيش لا يزالان مغريين».

يقول جيم كين، وهو موظف حكوميّ سابق في أمانة التجارة بمكتب مجلس الوزراء، يعمل الآن في سلك السياسات التجاريّة، إنّ التنافس العالميّ وتدفق الأموال إلى قطاع الخدمات الماليّة قد أضعفا من حوافز دخول سلك الخدمة العامة: «لقد تضخمت كُلفة المعيشة إلى حدّ أنّه غدا من المستحيل، سياسيًا، رفع الأجور في القطاع العامّ إلى الحدّ المطلوب للصرف على نمط حياة مرتقب للطبقة الوسطى العليا…إنّك لا تتنافس على توظيف أشخاص من الرتبة نفسها سينخرطون في سلك الصناعة». تكريمات الخدمة العامة المتعددة، والتي كانت تعني تقديم البرستيج للموظفين الحكوميين، مثل الحصول على لقب سير أو كوماندر، لم تعد تُعوِّض كُلفة الفرصة الأخرى للدخل المفقود في أحد بنوك لندن. 

وكما اكتشفتُ، فإنّ الغرض الدقيق من تعليم النخبة كان على نحو مفاجئ موضوعًا للخلاف. إذ يؤمن جيمس شنايدر، والذي كان مدير الاتصالات الاستراتيجية لزعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربن، بأنّ الدّولة البريطانيّة تواجه قوى أجنبيّة خارجة عن سيطرتها. ونظرًا لذلك، فإنّ الإصلاحات التعليميّة لا يمكن أن تحسّن الأمور وتجعلها أكثر فعالية وجدوى. «إذا أردتَ أن تحسّن الاستجابة لجائحة كوفيد… فإن عدد الناس الذين سيدرسون الكلاسيكيّات، أو لن يدرسوها، لن يغير ذلك إلّا بنسبة تتراوح من الـ2% إلى 3%». 

بيد أنّ هناك آخرين قد اعترضوا على ذلك وخالفوه الرأيَ، فعلى سبيل المثال، يؤمن كين بأنّ أنماط التعليم من المرجّح أن تكون مسؤولة عن هذا الانحدار الأوسع. ومثلما قال فإنّ «هنالك سؤالًا حقيقيًّا بشأن السبب الذي يجعل ألمانيا متقدمة على بريطانيا وفرنسا بنسبة 20%. و[الأمر مردّه بالنسبة إليّ] متعلّق بالاستثمار القويّ في المهارات على المدى الأطول. فالتعليم الألمانيّ أقلّ تمركزًا حول النخبة من نظيره البريطانيّ والفرنسيّ، ومن ثمّ فإنّ لديهم قوّة عاملة صناعيّة أمهر. إنّها كفاءة العمّال الأفراد وقدرتهم على توجيه أنفسهم لإحراز إنتاجيّة ذات أثر واضح». 

وقد أوجزَ شنايدر الرؤية الأكثر شيوعًا في أوساط من عملوا في الخدمة المدنية بالقول: «إنّ الدولةَ البريطانيّة ليست فعّالة للغاية. لقد ضُعضعت إلى حدّ كبير مقارنةً بنظيراتها من الدول الأوروبيّة… فهنالك جبلٌ من الديون يرقد على عاتقها، وهي ديون ناجمة عن [الاطمئنان إلى] فكرة أنّنا في المستقبل سيكون لدينا نموّ أقوى، وهو ما لا يتحقق. إنّ سلاسل الإمداد التي لدينا هشّة للغاية وهي تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج. والأحزاب الموجودة لا تملك أدنى فكرة حول التعاطي مع ما هو قادم».

 بحسب تقرير للفايننشال تايمز  فإن المملكة المتحدة، بالمستويات الحالية، ستكون أفقر من بولندا في غضون عقدٍ من الزمان، وسيكون متوسّط الدخل الفعليّ للأفراد فيها أقلّ من سلوفينيا مع عام 2024

وعلى نحوٍ مماثل، قلّل كين من شأن الأجهزة التكنوقراطيّة في الخدمة المدنيّة: «إنّ المشكلة الكبرى في الخدمة المدنيّة هي أنها ليست فعالة حتى كجهاز تكنوقراطيّ. إنّها تفشلُ في أبسط المقاييس التي هي من كلاسيكيات البيروقراطية التي ترجع إلى بابل القديمة». وضربَ على ذلك مثالًا بالقدرة على حفظ السجلات البسيطة. إذ «انهار نظام إدارة المعلومات مع عملية الرقمنة. ففي منتصف الألفينيّات، انتقلنا إلى الرقمنة، ووجدنا فيها فرصة للتخلص من أيّ نوع من إدارة المعلومات. إذ نُظر إلى الرقمنة كفرصة رائعة للتوفير والاقتصاد. لكن للأسف، كانت عاقبة ذلك أنْ لديك كمًّا هائلًا من البيانات غير المنظمة». 

تمثّلت تبعات هذا الضعف في التنظيم والفعالية في واحدة من أسوأ حالات الفشل الحديثة للدولة البريطانية. أشار سنيل إلى السياسة الخارجية بشكل خاص، بالقول إن «المضيّ إلى هلمند [في أفغانستان] لم يكن مدفوعًا سوى بالرغبة في استعراض القوّة العسكريّة… جزء كبير من ذلك لم يكن سوى خداع ذاتيّ. لقد أمضيت ساعات في غرف إحاطة إعلاميّة مع الجيش البريطانيّ، حيث يخبرونك هناك بأنّ [المشاركة في الغزو] جاءت بسبب [خبرتنا السابقة في التعامل مع] تمردات ماو ماو ومالايا وإيرلندا الشمالية، وأننا بالتالي القائد العالمي في مكافحة التمرد. بيد أنّ حالتيْ مكافحة التمرد [أفغانستان والعراق] باءتا بالفشل».

في نهاية المطاف، فإن هذا الانهيار الشامل على كافة الأصعدة للثقة والكفاءة والأهداف المشتركة هو ما يصيب الدولة البريطانيّة بالشلل. ولا يسفر هذا الفشل العابر للأجيال للنخبة في التكيف مع المشهد ما بعد الصناعيّ للسلطة إلّا استفحالًا لهذه المشكلات البنيويّة. فقد أفضى عجز بريطانيا عن الحكم السليم على قدراتها الصناعيّة والتصنيعيّة والعلميّة والدولتيّة إلى أن تبالغ في تقدير نفسها بصورة ممنهجة. وعليه، فإنّ السعي نحو المزيد من التكنوقراطية، حتى إن نجا من التقشف الذي تتبعه الحكومات البريطانية المتعاقبة، لا يمكن أن يكون سببًا في زوال القيود -التي شُكلت على مدار قرون- والتي تعمل المملكة المتحدة تحت وطأتها. وهكذا، بعد بلوغ هذه المرحلة الحرجة، فإنّ الآثار المتراكمة للانحدار أضحت جليّة للعيان، ورغم ذلك، لا يزال هنالك إنكار كبير لها بين من يملكون مقاليد السلطة والحكم. 

لا يمكن بدقة تعيين نقطة التحول بين الانحدار التدريجيّ والأزمة المفاجئة. وطالما ظلّت لندن مزدهرة نسبيًا، فإن النخبة البريطانية ربما تكون قادرة على إدارة الانحدار لعقود، أو حتى لقرن آخر. إنّ هنالك منحنًى طويلًا من الفشل والإخفاقات يمتد من إعادة التأسيس الناجحة وحتى انهيار الدولة. لقد أبصرت الطبقات الحاكمة في بريطانيا الهاوية بأم عينيها عام 1902، لكنّها رغم ذلك سمحت للقوة الناعمة التي تمتلكها مؤسساتها بأن تعيق مسار التصحيح، وكانوا راضين بالاستفادة من النجاحات المبكرة والمؤسسات المحترمة سعيًا وراء الريع والعائد، وفي الطريق خسروا كلّ شيء.

إنّ الدرس المستفاد من بريطانيا هو أنّ الأزمة المرتقبة التي ستكون بمثابة فرصة للإصلاح لن تحصل أبدًا. فالانحدار عادة ما يكون أكبر بكثير وأعمق بنيويًا مما تعكسه اللحظة المؤقتة للأزمة. تسير الأمور على ما يرام لأولئك المهمين، أمّا البقية فلهم الكثير من المشاغل والمشتتات. وفي نهاية المطاف، ستجد بريطانيا نفسها مجرد جزيرة تابعة أخرى وسط محيط رمادي بارد.

  • الهوامش
    [1] تعبير مماثل لوزير المالية في دولٍ أخرى.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية