أمير تاج السر: كيف أثرّت الانترنت على كتابته وإلهام “مجنون ليلى”

الثلاثاء 04 شباط 2014

 مقابلة: م. لينكس كوايلي (موقع الأدب العربي (بالانجليزية))، ترجمة سوار مسنّات

 اختيرت رواية أمير تاج السر “٣٦٦” على القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام ٢٠١٤ (البوكر العربية). وكانت روايته “صائد اليرقات قد وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة في عام ٢٠١١ وترجمها للغة الانجليزية ويليام هتشنز. ولد تاج السر في السودان عام ١٩٦٠ ويعمل حالياً كطبيب في الدوحة.

م. لينكس كوايلي من موقع الأدب العربي (بالانجليزية) تحدثت إليه عن عملية الكتابة بالنسبة له وعن روايته ٣٦٦، وعن المشهد الأدبي في السودان:

أمير تاج السر: أنا لا أعرف لماذا اخترت أن أكتب الرواية. بالحقيقة لقد ابتدأت الكتابة بنظم الشعر وعندما كنت أدرس الطب في مصر نشرت العديد من القصائد في مجلات وصحف. في 1988 التقيت بالكاتب الكبير عبد الحكيم قاسم الذي أعجب بقصائدي ونصحني بأن أجرّب كتابة الروايات. كتبت رواية قصيرة بعنوان ” كرماكل”، وهذا اسم القرية التي عشت طفولتي فيها، وعندما تمت طباعتها من قبل دار نشر صغيرة كانت ردود لفعل تجاهها جيدة. وبعد ذلك تخرجت من الجامعة وعدت للسودان وتوقفت عن الكتابة حتى 1995عندما عملت في قطر. وهذا كان الوقت الذي بدأت فيه بتأليف كتاب صغير واستمريت حتى الآن. لقد وجدت ذاتي  فعلا من خلال تأليف الروايات.

لقد كتبت رواية 366 بسرعة كبيرة، بغضون ثلاثة أشهر، أليس كذلك؟ هل تخيّلت القصّة بعقلك، ورسمت محتواها، أم أنك بدأت كتابتها واندمجت فيها مرّة واحدة وسمحت للكتاب أن يجدّ ولأحداثه أن تحصل خلال مسارالكتابة؟ 

هذا صحيح، لقد استغرقتني كتابة الرواية ثلاثة أشهر، ولكنني لم أخطط لها من قبل. طريقتي بالكتابة تبدأ بخلق فكرة جيدة أولاً، يليها تفكير معمق ومستمر بهذه الفكرة، ومن ثم عندما أجد مدخلا قويا للرواية أستغرق فيها دون تخطيط مسبق، فأكتب حتى تنتهي القصّة. عادة، أكتب تقريبا 1000 كلمة في اليوم مما يعادل ثلاث لأربع ساعات من الكتابة.

بعد أن تكتب النص كاملا، ما هو أسلوب المراجعة و التنقيح الذي تتبعه؟ هل لديك قرّاء معينين تعتمد على آرائهم، أم أنك تعمل لوحدك كليا؟

عندما أنتهي من كتابة فصل ما أنقّحه قبل أن أبدأ الفصل التالي وهلّم جرا، وبعد ذلك أقوم بمراجعة الكتاب المكتمل مرتين على الأقل. لم أعط كتبي لقرّاء قط، وفي العالم العربي لا يوجد لدينا محررون أدبيون من الممكن أن نستشيرهم، ولهذا تبقى العمليّة مقتصرة على الكاتب نفسه. عندما أحس بأن نصا ما أصبح جاهزا تبعا لرأيي الخاص أقوم بارساله للناشر.

رواية 366 مبنية على رسائل وجدتها قبل عقود بالصدفة عندما كنت طالبا. ما الذي أثار ذاكرتك وجعلك تفكر بأن هذه هي اللحظة المؤاتية للكتابة عن هذه الرسائل؟

لقد مرت عدة سنين منذ أن وجدت رسائل المرحوم، و لكنني تذكرتها فجأة ــ لم أتذكر مضامين الرسائل أو نصوصها ولكنني تذكرت حادثة العثور عليها. كتبت عن هذه الذكرى على جدار صفحتي في فيسبوك ووجدت أن جميع أصدقائي يقترحون أن هذه الذكرى رواية يجب أن أكتبها، ولذلك بدأت أفكر بهذع الفكرة وثم بدأت بكتابة الرواية.

هل ما زالت الرسائل بحوزتك؟ أو أنك حاولت أن تعيد تخيّلها لكتابة الرواية؟ وهل كانت هناك عناصر معينة من هذه الرسائل الرومانسية/ الغرامية المكتوبة منذ عقود سابقة قد استولت على انتباهك وتفكيرك ومكثت معك طول السنين؟ ما الذي كان مميزاً في هذه الرسائل؟

لا، لقد كانت الرسائل ضائعة عندما أعدت تخيلها. لقد كتبت سابقا رواية ذات فكرة مشابهة ولكنها كانت مختلفة. الآن لا أستطيع أن أتذكر الكثير عن هذه الرسائل. و لكنني أتذكر أنها كانت مكتوبة بخط جميل وبحبر أخضر اللون،  وقد كانت حوالي خمسين رسالة بمغلف واحد. على الغلاف كان مكتوبا: “رسائل المرحوم لحبيبته أسماء”.

لقد ذكرت سابقا أن تأليف هذه الرواية كان صعباً وأنها كانت رواية اولى من نوعها بالنسبة لك. هل تعني بهذا التعليق أنها كانت أول مرة تكتب بها رواية بشكل رسائل متسلسلة موجّهة لشخصية أخرى؟ وكيف تعرّف اختلاف منهجها عن رواياتك الأخرى؟ كيف كانت كتابتها مختلفة؟

لقد عنيت بتلك الملاحظة أن هذه كانت المرة الأولى التي أكتب فيها قصة حب قريبة للواقعية بالرغم من أنني أضفت جوانب سياسية ومجتمعية لها. عادة أنا أفضل نمط “الواقعية السحرية” ولدي أسلوبي الخاص بي  بهذا النمط، ولكن الصعوبة كانت أن أتخيل أني أنا هو الرجل الذي كتب تلك الرسائل. و لكنني كتبتها بالنهاية.

لماذا تعتقد أن هذه الرواية تطلبت نمط الواقعية بدلا من الواقعية السحرية؟

ان الرواية عصرية ومبنية حول رحلة رجل ذهب يبحث عن امرأة أحبها وهي تصف أيضا السياسة و المجتمع في ذلك الوقت و هذا النوع من الكتب يجب أن تكتب بمثل هذا الأسلوب. حسناً، ولكنها ربما ليست واقعية بحتة: فستجدين بعض الأحداث الغربية فيها.

ما الصعوبات التي واجهتها عندما ألفت\ جمّعت الرواية؟ هيكلتها، شخصياتها، أسلوبها؟

فقط الأسلوب. الهيكلة واللغة كانتا سهلتين بالنسبة لي، لأنني لفترة طويلة أستخدم لغة خاصة بي مختلفة عن باقي الكتّاب.

هل استخدمت قصص حب معينة كنماذج؟ هل لديك قصص حب عربية  معينة تلهمك أو تستمتع بقراءتها؟

 كان الهامي الأول رسائل المرحوم، ولكنني ألهمت أيضا بقصص عربية مشهورة مثل “مجنون ليلى” وهي قصة حب رائعة مسرودة من خلال قصائد. هنا القصة تشبه “مجنون ليلى” عصرية.

لماذاحددت الرواية في زمن السبعينات؟ هل صدى الأوضاع السياسية/الاجتماعية في السودان في السبعينات يشابه ما تراه في العالم اليوم؟ أو كيف ترى السودان اليوم؟

لا، لا يوجد تشابه بالوضع السياسي/الاجتماعي. الرواية محددة بالذلك الوقت لأنني وجدت الرسائل في 1978.

ما رأيك بوضع القرّاء و الكتّاب في السودان؟ هل تفكر بالعودة أو هل أنت مستقر في قطر؟

الأدب السوداني تطوّر كما هو حال أي أدب عربي. لدينا العديد من الكتّاب الموهوبين وأنا أذهب الى السودان كل عام لألتقي بالقرّاء والكتّاب هناك. و بالنسبة للعودة الى السودان فانني سأعود عندما أتقاعد من عملي كطبيب.

ما رأيك بالجوائز الأدبية بشكل عام؟ هل ترى أنها تحفّز مؤلفين الجدد، وتطورالكتابة، وتشجع القراء؟ أم أنها تشجّع فقط نمطا معينا من الكتابة مما يجعل المؤلفين يكتبون لكي يربحوا الجوائز؟ فهل تراها كقوّة ايجابية أم سلبية أم الاثنتين معاً؟

كل ما تذكرين من الممكن أن يكون صحيحاً، فمن الممكن أن نكسب كتّابا جدداّ جيدين أو من الممكن أن نجد العديد ممن يكتبون فقط لأجل الجائزة. ولكن الجوائز الأدبية عادة ما تكون جيدة للأدب بشكل عام.

هل تعتقد أن جائزة البوكر العربية غيرت مشهد الأدبي العربي أو العربي المترجم في عالم الأدب؟ وكيف؟

نعم لقد غيرت المشهد. فهنا نجد روايات معظمها جيدة تجد طريقها للترجمة ولقرّاء جدد. هذا من المؤكد دعم للأدب العربي.

هل تغيرت كتابتك في هذا العصر الرقمي؟ فأنت الآن تستطيع أن تتلقى ملاحظات وردود فعل سريعة من أنحاء المنطقة. أو أنك تكتب بنفس الطريقة التي مارستها منذ عشر أو عشرين عام؟

أعتقد أن كتابتي تغيرت مع التغيرات التي تحصل في العالم وفي التكنولوجيا. فالآن أنا أستطيع أن أبحث عن الأشياء التي أحتاجها بسهولة وأستطيع أن أكتب دون صعوبات كالسابق.

هل تجعل الانترنت عملك أسهل من خلال القدرة على البحث على كلمات أغنية ما مثلاً؟ وهل هذا يغير كيف تكتب كتبك؟ وكيف تتعامل و تتواصل مع قرّائك؟

أكبر أهمية للانترنت برأيي هي أنني أستطيع أن أبحث عن المعلومات التي أحتاجها خلال الكتابة  وأنني أستطيع أن أرى آراء القرّاء وأن أتواصل معهم. هذه الأشياء تجعل الكاتب دائم التحديث والمعرفة والشخص يستطيع أن يستفيد كثيراً من ذلك.

للمزيد من المقالات عن الكاتب أمير تاج السر

مراجعة أدبية للرواية بقلم إيناس العباسي

مقتطفاتمنالكتاب

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية