أربعمائة وخمسون لاجئًا، 192 منهم فلسطينيون والبقية سوريون يعيشون داخل مبنى قديم في الرمثا، هو ما بات يعرف بمخيم “سايبر سيتي”؛ المخيم الذي ظل مجهولًا حتى بالنسبة لأهالي المنطقة، رغم أنه من أول التجمعات للاجئين في الأردن منذ بداية الأزمة في سوريا. أكثر من نصف الفلسطينيين في المخيم يحملون -أو كانوا يحملون- وثائق ثبوتية أردنية، لكنها لم تشفع لهم إذ منعوا من الإقامة خارج المخيم، ومن استصدار كفالة تمكّنهم من ذلك.
“سايبر سيتي؟ وين بتيجي هاي؟ في إشي هيك اسمه؟”. إجابة سائق سيارة الأجرة التي قادتنا إلى “سايبر سيتي” لم تكن مفاجِئة، فكثيرون لا يعرفون أن في نهاية شارعٍ صغيرٍ يتفرع عن الشارع الرئيسي المتجه من إربد نحو الرمثا، ثمّة مخيم للاجئين داخل مدينة “سايبر سيتي” الصناعية، هو من أول الأماكن في الأردن التي استقبلت اللاجئين بُعيد بداية الثورة في سوريا.
المتوجه إلى المخيم يحتاج إلى أن يمشي قرابة ربع الساعة، مجتازاً مجموعات من العمال الآسيويين الذين يعملون في مصانع المنطقة، ليعبر حقول قمح واسعة تمتد حتى حدود مباني جامعة العلوم والتكنولوجيا، قبل أن يصل مصنعاً مهجوراً يتوارى خلفه مبنى كان سكنًا لعمال المصنع الآسيويين، يضمّ منذ سنتين لاجئي المخيم الذي أخذ اسمه من المدينة الصناعية التي يقع داخل سياجها.
طوابق المبنى السبعة تضم قرابة 450 لاجئًا يشتركون في حماماته ومطابخه، إذ يحوي كل طابق قرابة العشرين غرفة في كل منها ما لا يقل عن 4 أشخاص. 192 من قاطني المبنى فلسطينيون والبقية سوريون، وأكثر من نصف الفلسطينيين فيه يحملون وثائق أردنية. لجأوا معًا من سوريا قبل أن تغلق الحدود أمام الفلسطينيين منهم، أواخر السنة الماضية، بقرار رسمي بررته الحكومة في تشرين أول الماضي بمنع “موجة تهجير أخرى”.
لاجئون أردنيون في الأردن؟
أكثر من مئة من فلسطينيي المخيم كانوا يحملون أرقاما وطنية أو وثائق أردنية إلا أن غالبية هؤلاء سُحبت منهم جنسياتهم ووثائقهم
وفقًا لقائمة أعدها عدد ممن يصفون أنفسهم بممثلي فلسطينيي المخيم بالأوراق التي يحملونها، فإن أكثر من مئة من فلسطينيي المخيم كانوا يحملون أرقاما وطنية أو وثائق أردنية إلا أن غالبية هؤلاء سُحبت منهم جنسياتهم ووثائقهم قبل أو فور دخولهم الأردن كلاجئين. وحمل العديد من هؤلاء كافة الأوراق التي تثبت مواطَنتهم من جوازات سفر، وشهادات ميلاد، وشهادات زواج، ودفاتر عائلة، ودفاتر تأجيل خدمة العلم، وحتى شهادات وفاة أهاليهم الذين ورثوا الجنسية عنهم.
ورفضت جهات حكومية وأمنية تفسير قرارات سحب الأرقام الوطنية أو التعليق عليها، وهو الرد ذاته الذي حصل عليه اللاجئون ممن حاولوا إصدار أو استعمال وثائق أردنية. فيما رجّحت مصادر أن يكون السبب في حرمان هؤلاء اللاجئين من جنسياتهم هو كونهم من أبناء الأردنيين الفلسطينيين الذين غادروا الأردن إلى سوريا عقب أحداث أيلول عام 1970.
بالنسبة لمحمود أبو صبيح الذين تجاوز السبعين عامًا، فإن سحب الرقم الوطني لم يؤثر عليه وحده، بل على ثلاثة أجيال من عائلته. حيث سُحبت كل الوثائق الأردنية منه ومن أولاده وأحفاده أيضًا عند لجوئهم للأردن. “بالنسبة لي، الأمر صعب، لكنه أصعب بالنسبة لأحفادي”، يقول أبو صبيح. ويضيف مستشهدًا بحديث سابق لرئيس الوزراء عبد الله النسور “سحب الأرقام الوطنية حكمٌ بالإعدام”.
مروان عدرة، ذو العشرين عامًا، ورث مشكلة الوثائق عن والده أيمن كذلك. فحين لجأ أيمن عدرة مع عائلته إلى الأردن في نهاية عام 2012، حاملًا رقمًا وطنيًا وجواز سفر ودفتر عائلة ودفتر تأجيل خدمة علم من السفارة الأردنية في دمشق وحتى وثيقة من إدارة أمن الجسور تفيد بأنه لا يحمل بطاقة جسور، اكتشف أنه كان قد فقد رقمه الوطني عام 2010، واضطر لتسليم جميع وثائقه. حاول أيمن استصدار وثائق جديدة لكنه لم يحصل سوى على ردود مغممة. “الكل يقول السبب هو جهات أمنية. المشكلة عند من؟ لا نعرف”، يقول أيمن.
وبعد أن كان مروان يدرس في جامعة دمشق برسوم طالب أجنبي، نظرًا إلى أن جميع أوراقه الثبوتية أردنية، لم يستطع بُعيد لجوئه إلى الأردن أن يستكمل دراسته، حيث جعل سحب رقمه الوطني واحتجازه في المخيم التحاقه بجامعة أردنية أمرًا مستحيلًا.
وفي كشك الذي يحوي أكوامًا من الملابس المستعملة وآلة خياطة، يتطوع اللاجئ جهاد الحجوج -الخياط السابق في درعا- لاسئتناف عمله خدمةً لقاطني سايبر سيتي، بعد أن رُفض طلبه للحصول على وثائق أردنية تمكنه من الإقامة خارج المخيم، رغم أنه يحمل شهادة ميلاد أردنية، تفيد بأن والديه مواطنان أردنيان.
“منذ بلوغي، راجعت السفارة الأردنية في دمشق مرات عديدة للحصول على وثائق، وكان جوابها: لسنا معنيين بك. […] وعندما وصلت إلى [دائرة] الأحوال المدنية هنا لأتقدم للحصول على وثائق رُفضت نهائيًا، وقالوا لي: لا قيود لك عندنا”.
ورغم أن قرار منع فلسطينيي سوريا من اللجوء إلى الأردن صدر في تشرين الأول الماضي، إلا أن جهاد وعائلته الذين وصلوا الحدود في تموز الماضي كادوا يضطرون للرجوع إلى سوريا لولا أن تم استثناؤهم كحالة إنسانية، نظرًا إلى أن جهاد يعتمد على عكازين للمشي.
أما الفلسطيني المنسق بين مقاتلي الجيش الحر، محمد غبن -المعروف في المخيم باسمه الحركي: أبو حيدر- وصل إلى الأردن آملًا في استصدار أوراق ثبوتية أردنية لزوجته التي تحمل شهادة ميلاد أردنية، في الوقت الذي يحمل فيه إخوتها المقيمون في الأردن أرقامًا وطنية.
واقتصر مخطط أبو حيدر على إيصال عائلته إلى أقربائهم في الأردن، ليعود هو لاستكمال نشاطه مع الجيش الحر، خاصة بعد أن تعرض وعائلته لتهديدات بالقتل على خلفية هذا النشاط.
إلا أنه بعد انتظار ومحاولات استمرت لسنة كاملة، فشل في إخراج زوجته وأولاده من المخيم، ما قاده إلى المقامرة بحياته وحياتهم بالعودة إلى سوريا في آذار الماضي، حتى بعد أن أبلغه جيرانه في درعا بقصف بيته ودكانه.
“احتجاز” ناعم
سوريا هي واحدة من وجهات قليلة يمكن للاجئين في “سايبر سيتي” أن يخرجوا إليها. فاتساع الحقول المحيطة بالمخيم قد لا يوحي باحتجاز اللاجئين، إلا أن هذه الحقول محاطة بسياج لا يمكن تعدّيه سوى بموافقة المفرزة الأمنية المشرفة على المخيم.
اللاجئ أيمن عدرة قال إن رجال الأمن في المخيم متعاونون مع اللاجئين بالسماح لهم بالحركة ضمن ما تسمح به صلاحياتهم، حيث يُمنح اللاجئون عند الطلب تصريحًا للخروج لمراجعة المستشفيات أو الدوائر الحكومية، بمرافقة رجل أمن. لكن هذه التصريحات تظل مؤقتة وقصيرة المدة وبحاجة لمبرر، على عكس نظام الكفالة الذي يتيح للاجئ من سوريا بحسبه مغادرة المخيم نهائيَا إذا تكفله مواطن أردني، والذي يستثنى منه اللاجئون الفلسطينيون.
بسبب هذا الاستثناء، وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقرير أصدرته في آذار الماضي المخيم بـ”منشأة احتجاز”، معتبرةً حجز الفلسطينيين فيه “خرقًا لالتزامات الأردن القانونية الدولية”، ومن بينها بروتوكول الدار البيضاء الذي وقعت عليه الأردن عام 1965 كعضو في جامعة الدول العربية، والذي ينص على أن تعامل الدول الموقعة اللاجئين الفلسطينيين من حملة وثائق اللجوء معاملة مواطنيها في ما يتعلق بالإقامة وتأشيرات الدخول.
وفي الوقت الذي يأمل فيه اللاجئون من حملة الوثائق الأردنية قرارًا يتيح لهم الخروج إلى بقية الأراضي الأردنية، ليس بوسع الفلسطينيين من حملة وثائق اللجوء السورية أن يأملوا بالكثير.
اللاجئ الفلسطيني ناصر الشمالي، الذي لا يحمل أية ورقة ثبوتية سوى شهادة ميلاد سورية، ما زال يطرق الأبواب سعيًا لعقد قرانه على جارته في المخيم الفلسطينية روضة محاحي، التي تحمل وثيقة لجوء سورية.
ووفقًا لعيّاش الشمالي، شقيق ناصر، فإن إتمام الزواج بحاجة إلى إذن من وزارة الداخلية وآخر من متصرفية الرمثا، أو دفع غرامة بقيمة 1000 دينار في حال تم عقد القران عرفيًا وتثبيته لاحقًا.
واقعون في منطقة رمادية بين المنظمات
لاجئو سايبر سيتي هم جزء صغير من قرابة 8700 فلسطينيًا مسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) لجأوا من سوريا إلى الأردن، يتوزعون -إضافة إلى المخيم- في عمان وإربد والزرقاء، مقيمين مع عائلات مضيفة تربطهم بالعديد منها صلة قرابة، ويعيش معظمهم بحسب الأونروا في فقر مدقع.
من دخلوا من فلسطيني سوريا إلى سايبر سيتي لم يعلقوا في مبنى المخيم فحسب، بل علقوا بين مناطق صلاحيات المنظمات غير الحكومية أيضَا. فالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) والتي تشرف على مساعدة وإغاثة اللاجئين حول العالم تستثني الفلسطينيين من برامجها، نظرًا لوقوعهم في منطقة اختصاص الأونروا، التي كانت أشارت في تقرير لها في نيسان الماضي أنها متأخرة في الوصول إلى اللاجئين من سوريا إلى الأردن منهم، قبل أن تؤكد في تقريرها الأخير الصادر في آب الماضي أنها قدمت خدماتها إلى معظمهم.
وكان 140 لاجئًا فلسطينيًا في سايبر سيتي قد أصدروا في تموز 2012 بيانًا نشره موقع عمان نت أعلنوا فيه مقاطعتهم المنظمات الدولية التي تقدم خدماتها في المخيم، كونهم لم يعرفوا بعد من هي الجهة المسؤولة عنهم وما هي حقوقهم عليها.
وجاء في بيان اللاجئين: “المفوضية العليا للاجئين تقول بأننا لسنا مدرجين على قائمة مسؤولياتها وبأننا محسوبون على وكالة الغوث الأونروا التي إلى اليوم لم تتعرف علينا ولم تقدم إلينا إلا بعض الخضار غير الصالحة والعيادة السِّنية”.
ووفقًا للناطقة الرسمية باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تالا قطّام، فإن المفوضية تقدم خدماتها في المخيم للاجئين السوريين بوصفهم حاملين لبطاقات اللجوء الصادرة عنها، إلا أنها لا تفصل بينهم وبين اللاجئين الفلسطينين عند توزيع المساعدات العينية.
اللاجئ الفلسطيني جهاد الحجوج قال إن ما يصل الفلسطينيين من مساعدات أقل مما يصل السوريين من المفوضية. “نحن نحصل على كوبون غذائي بقيمة 24 دينارًا للعائلة شهريًا من برنامج الأغذية العالمي (WFP)، فيما يحصل اللاجئون السوريون على كوبون إضافي، أي 48 دينارًا للعائلة. الكوبون الواحد لا يكفينا سوى لمنتصف الشهر، ونضطر بعدها إلى الاستلاف من بعضنا”.
وسط هذه التعقيدات، بات الانتظار ما يجمع لاجئي “سايبر سيتي” على اختلاف وثائقهم؛ انتظارٌ طال حتى دفع بعضهم لاختيار العودة إلى الركام على البقاء بين جدران المخيم. أما من بقوا فلن يكون انتظارهم أقصر من انتظار أقرانهم السوريين لانفراج الأزمة التي باتت عصية على التنبؤ.
حاولت كفالة احدهم من سيبر سيتي بوساطة احد النواب وتم رفض معاملة الكفاله له متوورط
بعمليات ارهابيه متعدده ومشارك بعمليات ضد السفاره الاردنيه في بيروت واليونان
ومصنف كجاسوس ايراني عند السلطه الوطنيه الفلسطينيه ومتهم بقضيه اغتيال احد كوادر فتح
بالاضافه الى ثلاث قضايا سرقة اثناء حوادث ايلول ومتورط بتزوير جوازات سفر اردنيه والاتجار بها