الرقص فوق الألم: عن ماجدة صالح والاقتصاد السياسي للثقافة المصرية

إعداد محمد شحادة.

الرقص فوق الألم: عن ماجدة صالح والاقتصاد السياسي للثقافة المصرية

الثلاثاء 18 تموز 2023

لم يكن خريف موسكو أفضل حالًا من شتائها في عام 1963. تيار بارد من الهواء يشق مدرج الطائرات في مطار فنوكوفو الدولي، معترضًا طريق خمس فتيات مصريات ينزلن لتوهنّ من سلم طائرة شركة الطيران العربية المتحدة. ديانا حكاك، وودود الفايزي، وعليا عبد الرازق، ومايا سليم، ورائدتهنّ ماجدة صالح. يتركن وراءهن دفء القاهرة، ويدخلن مغامرةً غير مسبوقة لبنات جيلهنّ، ليتعلمن رقص الباليه، في مسرح البولشوي العظيم، أحد مفاخر الحداثة الفنية الروسية. بالكاد كانت أعمارهنّ تقارب العشرين، لكن ماجدة صالح كانت الأكثر براعة بينهن، بسبب رسوخها في الرقص منذ الطفولة الباكرة، وهي التي حافظت على هذه الريادة، راقصةً ومعلمةً وشغوفة بالفن حتى رحيلها قبل أسابيع عن 79 عامًا.

ولدت ماجدة صالح داخل عائلة من الشرائح العليا للطبقة الوسطى المصرية في عام 1944. مزدوجة الثقافة، بين والد مصري، شغل لسنوات مناصب أكاديمية في مجال الزراعة، وأم أسكتلندية، كانت ربة بيت لكنها لقنت أبناءها ثقافتها الأصلية، وربما كانت الخيط الواصل بين ماجدة وشغفها برقص الباليه النخبوي ذي الجذور الغربية. عاشت صالح سنوات طفولتها الأولى خلال الطور الأخير من عمر الملكية المصرية، حيث كان النفوذ البريطاني لا زال طاغيًا، خاصة من حيث تأثيره الثقافي على قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى العليا والطبقات المخملية. لذلك تلازمت جذور الأم مع هذه النزعة المتنامية لدى هذه الطبقات في الميل نحو الفنون واللغات الغربية، في توجه ماجدة نحو الباليه، الذي أتقنته باكرًا على يد مدرسين إنجليز، كما سافرت صغيرةً إلى بريطانيا في رحلات تعليمية، قطعتها ثورة عام 1952، حيث ما لبثت مصر أن تحولت إلى عدو بالنسبة للبريطانيين مع منتصف الخمسينيات. ومع العدوان الثلاثي خريف عام 1956، غادر القاهرة ما تبقى من الرعايا البريطانيين.

ديانا حكاك، وودود الفايزي، وعليا عبد الرازق، ومايا سليم، وماجدة صالح. المصدر: صفحة Magda Saleh على فيسبوك.

ربما يبدو الباليه هامشيًا في التاريخ الثقافي المصري، قياسًا للسينما والمسرح وبقية الفنون الإبداعية، لكنه مرتبط على نحو وثيق بالتاريخ السياسي للبلاد وتحولاته، ولا سيما الاقتصاد السياسي لمصر المعاصرة، بين نموذجين: رأسمالية الدولة، بقيادة البرجوازية البيروقراطية كما خطط لها الرئيس جمال عبد الناصر ونفذها، ثم النسخ المشوهة من الرأسمالية الطفيلية ورأسمالية المحاسيب في عصر سلفيه، أنور السادات وحسني مبارك. 

يبدو ذلك للوهلة الأولى مبالغًا فيه، لكن النظر من بعيد لهذا التاريخ يكشف بوضوح كيف أثرت النماذج الاقتصادية السائدة، أو أنماط الإنتاج بالتعبير الماركسي، على نمط الثقافة السائد. قبل قرن ونصف كتب كارل ماركس في «نقد الاقتصاد السياسي» مشيرًا إلى ذلك بالقول: «إن نمط إنتاج الحياة المادية يضبط سير الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية بشكل عام. ليس وعي البشر هو الذي يحدد كيانهم؛ على العكس من ذلك، فإن كيانهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم. في مرحلة معينة من تطورها، تدخل قوى الإنتاج المادية في المجتمع في تناقض مع علاقات الإنتاج القائمة، أو التي هي فقط التعبير القانوني، مع علاقات الملكية التي توجد فيها».

ستينيات الفنّ الرفيع

منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، أصبح نظام عبد الناصر يتوجه شرقًا نحو المعسكر الاشتراكي. كانت تأثيرات العدوان الثلاثي وتأميم قناة السويس جذرية على تفكير ناصر وبرنامجه السياسي والاجتماعي. في نيسان 1958 وصل إلى موسكو في أول زيارة له إلى الاتحاد السوفياتي، والتقى بالرئيس خروتشوف، فاتحًا فصلًا جديدًا من العلاقات بين روسيا والعالم العربي. منذ ذلك الوقت أخذ مدرسو الباليه الروس يشغلون مكان المدرسين الإنكليز، في تجلٍ شديد لرمزية تأثيرات العلاقات الدولية على الثقافة. بالشغف ذاته عادت ماجدة صالح إلى تلقي الدروس على يد أساتذتها الجدد منذ عام 1959، وقد ترافق ذلك مع إنشاء وزارة الثقافة المصرية لأكاديمية للفنون، مع المعهد العالي للباليه، والذي جلبت له مدرسين من مسرح البولشوي المسكوفي لإدارته. 

لم يكن التحالف مع السوفياتي وحده دافع السلطة الجديدة في مصر إلى دعم الثقافة الجماهيرية والنخبوية، بل حاجتها إلى خلق ثقافتها الخاصة، المعبرة عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي هي بصدد القيام بها على مستوى نمط الإنتاج وعلاقته. كانت الطبقة الحاكمة هي «البرجوازية البيروقراطية»، كما يسميها المفكر المصري اليساري، إبراهيم فتحي، والذي يذهب إلى أن برنامجها حينذاك كان: «توسيع نطاق رأسمالية الدولة على حساب الرأسمالية التقليدية، وأكثر طموحًا إلى التأميم، والحد من الملكيات الكبيرة للأرض وفتح المجال أمام سيطرة الدولة على أجهزة التسويق والتعاون الريفية وعلى مزيد من الأراضي المستصلحة. ومن المنطقي أن يكون هذا الاتجاه أعلى صوتًا في مجال التناقض مع الاستعمار. نتيجة لذلك كان هذا الاتجاه هو الذي يتبنى الاشتراكية القومية، التي تعني سيطرة الدولة على الإنتاج». 

كان هذا النموذج من الاقتصاد المسيّر، يحتاج بالضرورة إلى سيطرة الدولة على صناعة الثقافة، وقد ظهر ذلك بوضوح في تلك الفترة، التي تعتبر الفترة الأكثر ازدهارًا للثقافة المصرية، لا سيما السينما والمسرح. كما ساهمت التوجهات القومية لعبد الناصر في دفع السلطة نحو العناية بهذا المجال بوصفه أحد أدوات الناصرية الناعمة للتوسع خارج مصر، حيث لعبت الكتب المدعومة من الدولة والأفلام والأغاني الدور الأكبر في تصدير سردية «مركزية مصر القومية». وقد وضع عبد الناصر رفيقه ثروت عكاشة (1921 -2012) في قيادة هذه العملية، والذي شغل مواقع مختلفة في إدارة ملف الثقافة خلال الحقبة الناصرية.

حتى ذلك الوقت -أواخر الخمسينيات- لم يكن وجود معهد لتعليم الباليه أمرًا مستساغًا من الناحية الاجتماعية والدينية، في بلد يشار فيه إلى الراقصة بأحط النعوت. لكن قرار عكاشة كان رائدًا وفقًا لرواية ماجدة صالح نفسها: «لا يستطيع المرء أن يقول ما يكفي لإنصافه. أنا وجيلي من الذين حظوا بامتياز أن يكونوا جزءًا صغيرًا من رؤيته العظيمة وبعيدة النظر والمثابرة، رغم كل الصعاب. جيل ينظر إليه بإعجاب واحترام ورهبة وحب، ويحفظون ذاكرته، بوقار وامتنان لا ينتهي». وفي عام 1963 قدم الاتحاد السوفياتي منحة لماجدة ورفيقاتها الأربع لدراسة الباليه في مسرح ومعهد البولشوي. تحكي ماجدة صالح عن ذكرياتها الروسية فتقول:

«كنا خمس زميلات في المعهد العالي للباليه. في البداية، كنا معروفين لزملائنا الروس والمدرسة ككل باسم «العرب». وكذلك «الأميرات العربيات». كنا ملتصقات ببعض مثل الغراء، مع مرور الوقت وتعلمنا اللغة الروسية، نجحنا في تكوين صداقات. أما الصدمة الثقافية والحنين للوطن، فقد كان الأمر قاسيًا. كانت هاتان السنتين ما شكل شخصيتي. كان تحديًا صعب. الأداء الأخير في مسيرتي في الباليه كان عرض «جيزيل» مع فرقة بولشوي باليه في مسرح البولشوي، بالاشتراك مع عبد المنعم كامل الملقب بمايك. كما قمنا بعروض كثيرة في موسكو ولينينغراد. عند عودتنا المظفرة إلى مصر بشهادات بولشوي التي حصلنا عليها بشق الأنفس، أطلق علينا لقب (Bolshoi Five)».

وبعد سنتين عادت المجموعة إلى القاهرة، لتقدم عرض «نافورة بخشيساراي»، وهي رقصة باليه مكونة من أربع لوحات، صممها الكوريغراف الروسي روستيسلاف زاخاروف وألف موسيقاها بوريس أسافييف. تستند إلى قصيدة كتبها شاعر روسيا الكبير ألكسندر بوشكين عام 1823 تحمل نفس العنوان، تروي قصة أميرة بولندية اختطفها خان التتار، وقد عرضت لأول مرة في عام 1934 في مسرح كيروف الأكاديمي للأوبرا والباليه. طاف العرض أكثر من مدينة مصرية، ووجد جمهورًا لافتًا ونجاحًا غير مسبوق، انتهى بمنح عبد الناصر الراقصين وسام الاستحقاق. لكن ما ظل عالقًا في ذاكرة ماجدة صالح بعد عقود هو موقف عامل بسيط شاهد العرض بطريق الصدفة: «كان همي في ذلك الوقت تعريض الناس من جميع الطبقات إلى رقص الباليه. لا أنسى أبدًا عرضًا في مدينة أسوان على نهر النيل، حين قال لي عامل من عمال السدّ كان قد شاهد العرض إن الأداء كان شيئًا جميلًا حقًا».

ماجدة صالح ورفيقاتها الأربع أمام مسرح البولشوي، عام 1963. المصدر: صفحة Magda Saleh على فيسبوك.

صناعة الثقافة والانحدار

لم يقف وراء نجاح عرض «نافورة بخشيساراي»، الراقصون، ماجدة صالح ورفاقها، بل مؤسسة شركة أوبرا القاهرة للباليه التي حصلت على تمويل ودعم من وزارة الثقافة المصرية، وبنت سمعة دولية بفضل عروضها في الخارج. كانت ماجدة صالح، العنصر الأكثر تميزًا في هذه المؤسسة العامة، التي حظيت بالدعم الحكومي، حتى في أصعب الفترات التي عاشتها البلاد في أعقاب النكسة وحرب الاستنزاف. مطلع السبعينيات كانت ماجدة صالح تعيش ذروة مجدها في رقص الباليه بعد جولة ناجحة في الاتحاد السوفياتي. لكنها كانت ترقص فوق الألم، بعد مشاكل عضلية واجهتها.

بعد عامٍ واحد من رحيل عبد الناصر، التهمت النيران مبنى دار الأوبرا الخديوية. في الساعات الأولى من صباح يوم 28 تشرين الأول 1971، تداعت البناية الضخمة في لمح البصر، وبعد شهور حلّ محله مرآب للسيارات. كان ذلك الحدث مؤذنًا بلعنة قادمة في الطريق ولو بعد حين. تتذكر ماجدة: «لم تكن هذه نهاية للرقص في القاهرة فحسب، بل نهاية الحياة الثقافية». 

في أعقاب حرب 1973، أصبحت مصر غير تلك التي كانت منذ عام 1952. شرع أنور السادات في تفكيك الدولة الناصرية، منطلقًا من نمط التراكم. شئيًا فشيئًا، ارتخت قبضة البيروقراطية البرجوازية الحاكمة، مفسحةً المجال لطبقة جديدة من البرجوازية الطفيلية، التي ولدت وترعرعت في كنف النظام، عبر علاقات المحسوبية والزبائنية. هذا النموذج الاقتصادي، الذي أطلق عليه اسم «الانفتاح»، تحولت فيه الثقافة إلى صناعة، تحكمها قوانين السوق.

في الوقت نفسه كان أحد أجنحة هذه البرجوازية الطفيلية شديدة المحافظة من الناحية الاجتماعية، بوصفها قادمة من جذور إسلاموية، تجلت بوضوح أكثر في ثمانينيات القرن الماضي خلال عهد الرئيس حسني مبارك، في شركات توظيف الأموال وتنامي قوة الرأسمال النفطي الخليجي. في هذا السياق الجديد تغيرت الخارطة الثقافة المصرية على نحو جذري. فقد شهدت تلك الفترة صعود السينما التجارية ومسرح الترفيه والأغاني الخفيفة، حيث لم يعد للفنون «الثقيلة» سوق رائجة ولا زبائن، بمنطق الرأسمالية التسليعي.

ماجدة صالح في عرض دون كيشوت. المصدر: نيويورك تايمز.

في الوقت نفسه، كان السادات قد انحاز منذ نهاية السبعينيات إلى المعسكر الغربي تمامًا، بعد أن وقع اتفاقية سلام مع «إسرائيل»، وانخرط بقوة في الحرب الأفغانية ضد السوفييت. كما أقدم قبل ذلك على طرد جميع الخبراء السوفييت من مصر، بكل ما يعنيه ذلك من رمزية بالنسبة لفن الباليه، الذي وطد أركانه في مصر مدرسون سوفييت.

مدفوعةً بمشاكلها الصحية وتحولات السياسة والاقتصاد، وخيبة أمل لا توصف، اعتزلت ماجدة صالح الرقص، لكنها لن تبتعد عن الباليه مدرسةً وباحثةً، بعد أن حصلت على درجة الماجستير في الرقص الحديث من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وفي عام 1979، حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة نيويورك، وكانت رسالتها عبارة عن فيلم وثائقي بعنوان «رقصات مصر»، تقول صالح:

«كان هذا الفيلم رحلة استكشافية مدهشة لبلدي، وقد استمتعت بدهشة العديد من المصريين الذين طالبوا بمعرفة من أين حصلت على الرقصات؟ كأنني اختلقتها! يُصنف الفيلم اليوم من بين الكلاسيكيات الإثنوغرافية المعترف بها، وهو مطلوب بشدة من قبل الباحثين في أماكن ومتباعدة مثل أستراليا وأمريكا الجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط! وهذا يجعل النضال لإنتاجه يستحق الجهد المبذول. هذه الرقصات التراثية جزء من جذور الناس الذين يؤدونها. رغم ما يتعرضون له من ضغط للتخلي عن هذه الممارسات لأنها دليل على «التخلف»، أو تثير استياء المؤسسة الدينية وتخضع لقيودها، أو بسبب التحضر السريع الحالي للمناطق الريفية. أعتقد أن ذلك سيكون خسارة ثقافية بسبب تغير أنماط الحياة».

ماجدة صالح عام 2018. تصوير فنسنت تولو، المصدر: نيويورك تايمز.

منذ بداية الثمانينيات عاودت ماجدة صالح الاستقرار في مصر عميدةً لمعهد الباليه بين 1984 إلى 1986، ثم مديرة لدار الأوبرا الجديدة التي سيتم بناؤها بمنحة قدرها 50 مليون دولار من الحكومة اليابانية. بعد 16 عامًا من الغياب عادت دار الأوبرا بالقاهرة إلى الحياة في عام 1988. لكن ماجدة لم تواصل عملها على رأس الدار بعد خلافات جذرية مع وزير الثقافة فاروق حسني: «كان كل شيء قد تغير. بدا لي التدهور الذي عليه معهد الباليه رمزًا لانحلال البلاد، التي بدت لي وكأنها فقدت هويتها. لقد كنت غاضبة حقًا، وكانت العاطفة القوية تشد ابتسامتي المهذبة. لقد حاربت على جبهتين، ضد الانحلال والبيروقراطية المتفشية والفساد. لكنني أُجبرت على الاستقالة، حيث لم أكن أريد خدمة السلطة». منذ بداية التسعينيات، غادرت ماجدة صالح إلى الولايات المتحدة حيث عملت طويلًا في نيويورك لتعريف الجمهور الأمريكي بالفن المصري، من خلال إلقاء الدروس والمحاضرات في مكتبة نيويورك العامة للفنون المسرحية وفي مركز لينكولن ومعهد سميثسونيان للفلكلور الشعبي.

رحلت ماجدة صالح، لكن سيرتها بقيت تختصر على نحو مكثف ورمزي، الاقتصاد السياسي للثقافة في مصر المعاصرة، الموزعة بين عهدين: رأسمالية الدولة الراعية، والرأسمالية الطفيلية. وبين نموذجين: الثقافة بوصفها قطاعًا غير خاضع لمنطق السوق، والثقافة كصناعة -كما يعرفها تيودور أدورنو- على أنها ليست إلا إنتاج أعمال من أجل الاستنساخ والاستهلاك الجماهيري، وتنظيم الوقت «الحر»، أو بعبارة أخرى، بقايا مجال الحرية وفقًا لنفس مبادئ التبادل والتكافؤ الذي يسود في مجال الإنتاج خارج أوقات الفراغ. وبهذه الطريقة، تقدم «صناعة الثقافة»، الثقافة على أنها إعمال لحق كل فرد في إشباع الرغبة، بينما في الواقع تديم التكامل السلبي للمجتمع. 

يشير أدورنو بشكل مباشر وغير مباشر إلى أن التكامل الفعال للمجتمع من خلال صناعة الثقافة يمثل انتصار التكامل القمعي في الدول الديمقراطية الليبرالية، وهو ما تم الحصول عليه سياسيًا في ظل الفاشية، وكذلك ما عشناه في أنظمة عربية زاوجت بدهاء كبير من الليبرالية الاقتصادية والسلطوية السياسية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية