شهر على طوفان الأقصى: ما الذي يحصل للاقتصاد الإسرائيلي؟

الثلاثاء 07 تشرين الثاني 2023
شارع في تل أبيب بعد سقوط أحد صواريخ المقاومة عليه في السابع من تشرين الأول 2023. تصوير جاك غويز. أ ف ب.

بعد جائحة كورونا، شهد الاقتصاد الإسرائيلي تعافيًا كبيرًا، فنما خلال عام 2021 بنسبة 8.6%، وفي العام التالي بمقدار 6.5%، وكان من المتوقع له أن يعود هذا العام إلى حدود نموّ طبيعية، بحوالي 3%.

هذا التعافي والاستقرار، والذي كان نتنياهو قد بشّر به من على منبر الأمم المتحدة، وبشموله الشرق الأوسط بأسره، مع كثرة الحديث عن تزايد «قبول» دولة الاحتلال في المنطقة، واحتمالات التطبيع مع السعودية، والحديث عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي كان يفترض أن يعزّز حضور «إسرائيل» في المنطقة بوصفها لاعبًا اقتصاديًا واستراتيجيًا لا يمكن الاستغناء عنه، يمكن القول إنه كان محاولة منه للتعمية على أزمات يعيشها اقتصاد الكيان بفعل الانقسام السياسي الحادّ الذي تعيشه البلاد، والذي تمثّل في مظاهرات مستمرّة على مدى عشرات الأسابيع، احتجاجًا على ما وصفته المعارضة الإسرائيلية بمساعٍ حكومية للانقلاب على «الديمقراطية».

وكان من تبعات هذا الانقسام انخفاض في قيمة الشيكل لأدنى مستوى له منذ سبع سنوات، وهروب لرؤوس أموال، وحالة من عدم اليقين تسود الاقتصاد، خاصة مع ما وصف على أنه توتّر في العلاقات بين الاحتلال والولايات المتحدة. ويضاف إلى هذا بطبيعة الحال، الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، والمتمثّلة بشبح ركود اقتصادي يعمّ العالم، وتبعات الحرب في أوكرانيا.

لكن كل هذا الكلام عن التعافي، والتطبيع وما يستتبعه من منافع اقتصادية على الكيان، بات مشكوكًا به.

خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر

انعكست عملية طوفان الأقصى على الفور خسائر اقتصادية للاحتلال، وقد تبدّت هذه الخسائر في انخفاض حاد في قيمة الشيكل، والذي نزل لأدنى مستوى له منذ العام 2012، وفي الأيّام التالية، ومع اتضاح أن «إسرائيل» تدخل حربًا لن تكون قصيرة، وربما تتوسع، انخفض الشيكل أكثر، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 14 عامًا، أي منذ الأزمة الاقتصادية العالمية 2008/2009، وهو ما حاول بنك إسرائيل التعامل معه، مستفيدًا من تجربة دولة الاحتلال في التعامل مع تبعات جائحة كورونا،[1] من خلال خطة لبيع النقد الأجنبي بمبلغ يصل إلى 30 مليار دولار إلى جانب تنفيذ عمليات تبادل العملة بمبلغ يصل إلى حوالي 15 مليار دولار.

ومع نهاية الشهر، كانت الأسهم الإسرائيلية، بحسب تقرير لصحيفة بلومبيرغ، هي الأسوأ أداءً في العالم، حيث انخفض المؤشر الرئيسي في بورصة تل أبيب بنسبة 15% من حيث القيمة الدولارية، أي ما يعادل حوالي 25 مليار دولار. وتراجعت أسعار أسهم أكبر خمسة بنوك بنسبة 20%، وانخفض مؤشر البنوك بنسبة 6% منذ بداية عام 2023، خاصة مع بيع مستثمرين أجانب لحصصهم في البنوك الإسرائيلية. ويمكن عزو هذه الخسائر إلى مجموعة من الأسباب على رأسها انعدام اليقين بالغد، سواء على المستوى الأمني، أو على مستوى وجود دولة الاحتلال ذاتها، إذ كانت الضربة التي تلقاها الكيان هي الأكبر في تاريخه. ومع احتمالات تصاعد المعركة، انعكس هذا على نظرة المستوطنين لدولتهم وجيشها واقتصادها، وكذلك الأمر على نظرة العالم إليها، بغض النظر عن التطمينات الغربية، وعلى رأسها الأمريكية، التي قالت لقادة الاحتلال وجمهوره، وربما باقي العالم، إن راعية المستوطنة لا زالت متمسّكة بها.

انعكست عملية طوفان الأقصى على الفور خسائر اقتصادية للاحتلال، وقد تبدّت هذه الخسائر في انخفاض حاد في قيمة الشيكل، والذي نزل لأدنى مستوى له منذ 14 عامًا.

انعدام اليقين هذا لم يُبْق قطاعًا في المجتمع الإسرائيلي ولا مجالًا اقتصاديًا إلّا وانعكس عليه. فتوقفت السياحة على الفور، والتي تسهم بحوالي 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وألغت شركات الطيران حول العالم آلاف الرحلات إلى «إسرائيل»، وقد انخفض عدد الرحلات إلى مطار بن غوريون من 500 رحلة يوميًا إلى 100. وتعطّلت معها الفنادق مكتفية باستقبال حوالي 250 ألف مستوطن، نزحوا من مستوطنات غلاف غزة ومستوطنات شمال فلسطين المحتلة. ومع حالة التوتر والخوف من المقاومة تغيّر السلوك الاستهلاكي في مجتمع المستوطنين، ليتحولوا عن الإنفاق على أي شيء إلى الاكتفاء بالحاجات الأكثر ضرورية. كما أخرج الكثير من أصحاب العمل، مئات الآلاف من الموظفين في إجازات غير مدفوعة الأجر، وخسرت أكثر من 51% من المصالح التجارية المتوسطة والصغيرة أكثر من نصف إيراداتها مقارنة بالشهر ذاته من العام الفائت.

وخوفًا من صواريخ المقاومة وعملياتها، طلبت حكومة الاحتلال من الشركة المشغّلة لحقل تامار للغاز إيقاف العمل في الحقل الذي يزوّد الكيان بـ18% من حاجاته للغاز المستخدم لتوليد الطاقة، وهو ما ينعكس على الكيان بخسارة قدرها 200 مليون دولار شهريًا.

كل هذا دفع وكالات التصنيف الائتماني لتخفيض نظرتها للاقتصاد الإسرائيلي، فمثلًا خفضت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال نظرتها المستقبلية للاقتصاد الإسرائيلي من مستقرة إلى سلبية. وتوقع بنك «جي بي مورغان» أن ينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 11% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي، مقارنة بالربع الثالث مع تصاعد الحرب في غزة. ومع هذه المؤشرات قلّص بنك إسرائيل تقديراته للنمو الاقتصادي لعام 2023 إلى 2.3%، وإلى 2.8% لعام 2024، بعد أن كانت التوقعات للعامين تصل إلى 3%. هذه التوقعات، يقول حاكم بنك إسرائيل أمير يارون، تستند إلى تركّز الصراع على حدود غزة خلال الربع الأخير من العام، أمّا في حال كان الصراع أطول، أو شمل جبهة أوسع تشمل لبنان وغيرها من الجبهات، فمن شأن التقديرات أن تتغير بشكل كبير.

لكن ما الذي يعنيه هذا لقطاعات العمل المختلفة وللمجتمع الصهيوني ككل؟

أزمة العمالة

منذ سنوات تعاني «إسرائيل» من أزمة عمالة، إذ لا تكفي اليد العاملة فيها للقيام بالنشاطات الاقتصادية في البلاد، وتبرز هذه المشكلة في عدد من القطاعات الرئيسية التي يستنكف عدد من الإسرائيليين عن العمل بها، ولذا يعمل في الكيان حوالي 115 ألف عامل أجنبي، معظمهم في قطاع تقديم الرعاية (caregivers) وبعدها قطاعات الزراعة والبناء، يليها بنسب أقل الفنادق والتكنولوجيا المتطورة (High Tech). يضاف إلى هؤلاء حوالي 139 ألف عامل فلسطينيّ من الضفة وغزة،[2] يعمل معظمهم في قطاعيْ الزراعة والبناء. وللتعامل مع هذه المعضلة، وقبل الحرب بأشهر وقع الكيان اتفاقية مع الهند لاستقدام أكثر من 40 ألف عامل، للعمل في مجالات البناء وتقديم الرعاية.

هذه الحاجة للمزيد من العمّال تفاقمت أكثر مع اندلاع الحرب، إذ وبحسب تقرير صادر قبل أيّام، قالت وزارة العمل الإسرائيلية إن حوالي 764 ألف موظف وعامل هم اليوم خارج سوق العمل، بسبب الحرب وتداعياتها، أي حوالي 18% من مجمل القوى العاملة في الكيان. وقد توزّع هذا الرقم بحيث شمل حوالي 300 ألف جندي احتياط تم استدعاؤهم لينخرطوا في الجيش، و127 ألفًا من سكان الغلاف وشمال فلسطين المحتلة، و183 ألفًا هم أهالٍ أطفالهم دون سنّ العاشرة، وبالتالي مع تعطل المدارس فإن أحد الوالدين يجب أن يبقى في المنزل للاعتناء بهم، و319 ألفًا تضرروا بشكل مباشر من الحرب، ويعملون في قطاعات مثل السياحة والبناء، والتسلية. وبحكم التقاطع بين هؤلاء الأشخاص، قدرت الوزارة عددهم بـ764 ألفًا. ويضاف إلى هؤلاء 46 ألف عامل تم تسريحهم من عملهم منذ بداية الحرب.

وتبدو هذه الأزمة بوضوح في قطاع الزراعة، والذي تعرّض لضربة قاسية، إذ وإضافة إلى عدم قدرة المستوطنين على الوصول إلى المستوطنات معظم الوقت إلّا تحت حماية جيش الاحتلال، تعتمد «إسرائيل» في جزء كبير من زراعتها على مستوطنات الغلاف، والتي تعتبر «رقعة الخضار الإسرائيلية» (vegetable barn)، حيث تنتج حوالي 75% من حاجة الكيان من الخضروات. ومع تضرّر الزراعة في هذه المستوطنات، والحديث عن لجوء «إسرائيل» للتوسع في استيراد الغذاء، بات متوقعًا أن يحتاج القطاع لسنوات حتى يعود إلى ما كان عليه.

يشكّل العمال الفلسطينيون والتايلنديون حوالي نصف العاملين في الزراعة، ومع بدء الحرب، منعت دولة الاحتلال الفلسطينيين من العمل فيه. أمّا العمّال التايلنديّون، ويبلغ عددهم 30 ألف عاملٍ، فيعمل منهم في غلاف غزة ستة آلاف، ومع مقتل عددٍ منهم خلال عملية طوفان الأقصى، واحتجاز عدد آخر، شاع جوّ من الخوف في أوساطهم، ليغادر البلاد خلال الأسابيع الماضية أكثر من سبعة آلاف عامل.

قطاع آخر تظهر فيه مشكلة العمالة، وهو التكنولوجيا المتطوّرة (high tech)، وهو القطاع الذي يسهم بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الاحتلال، ويشغّل أكثر من نصف مليون، يشكّلون حوالي 14% من القوى العاملة الإسرائيلية، كما أنه مسؤول عن 48% من مجمل الصادرات الإسرائيلية و30% من العوائد الضريبية. ومن بين العاملين في القطاع، تم تجنيد رقم يتراوح ما بين 10% و15%، إذ إن معظم العاملين ممن تم تجنيدهم هم دون سن الأربعين، وهي الفئة العمرية الأكثر عملًا في قطاع التكنولوجيا، الأمر الذي يعني عدم قدرة الشركات العاملة في هذا المجال على الالستمرار في عملها بكفاءة.

وبحسب استطلاع أجراه معهد سياسات الأمة الناشئة وشمل 500 شركة عاملة في هذا المجال، فإن 80% من الشركات تضرّرت بسبب الحرب، وكان شكل الضرر الأكبر في العمالة، إذ قالت 70% منها إن استمراريتها العملياتية قد تضرّرت، وذلك لأن جزءًا مهمًا من موظفيها تجنّدوا، أو توقفوا عن العمل من المكاتب لحاجتهم الاعتناء بأطفالهم أو لأسباب عاطفية.

أمّا مجال البناء، فقد توقف في الأسابيع الأولى من الحرب، بأوامر من رؤساء البلديات، قبل أن يسمح له بالعمل من جديد، لكن مع منع حوالي تسعين ألف فلسطيني كانوا يعملون في البناء من العمل فيه، ومغادرة أربعة آلاف عامل أجنبي، من أصل 18 ألفًا، يعمل القطاع اليوم بنسبة 25% من قدراته.

ما الذي تفعله «إسرائيل» للتعامل مع التكلفة الاقتصادية؟

في مؤتمر صحفي عقده رئيس وزراء الاحتلال مع وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش، قال نتنياهو: «في العقد الماضي، بنينا اقتصادًا قويًا، وحتى لو فرضت الحرب علينا أثمانًا اقتصادية (..) فسوف ندفعها دون تردد. (..) سنهزم العدوّ عسكريًا، وسننتصر في الحرب الاقتصادية (..). إن الحكومة ستفتح جيوبها للإنفاق من دون تأخير، للتعامل مع تبعات الحرب». فيما أشار سموتريتش إلى أن الحكومة، خلال هذه الأسابيع تعمل على بناء خط دفاع آخر، هو هذه المرّة اقتصادي، للحفاظ على نمط حياة اعتيادي، قدر الإمكان، لمواطني «إسرائيل».

لكن وبعيدًا عن هذه الوعود، الأشبه ما تكون بالوعود الانتخابية، تكلّف الحرب، بحسب تصريحات أوّلية لوزير المالية الإسرائيلي، 246 مليون دولار يوميًا، وهذه تكاليف مباشرة، أمّا التكاليف غير المباشرة فعبّر عن عجزه عن تقديرها، وبناء على هذا يمكن أن تصل تكلفة الشهر الأول من الحرب إلى 7.5 مليار دولار أمريكي. وللتعامل مع هذه الأزمة، اقترحت حكومة نتنياهو، وأسوة بما فعلته خلال جائحة كورونا، إطلاق خطة إنعاش اقتصادي، بحيث تنقذ الاقتصاد والأعمال من الانهيار، مع ما يعنيه هذا بالطبع من رفع للمديونية وللعجز في الميزانية.

تعتمد تقديرات الخسائر الإسرائيلية في الحرب على مسارها، لا على نتائج الضربة الأولى التي تلقتها «إسرائيل» صبيحة السابع من أكتوبر فقط، وهذا يعني أن طول أمد المعركة، وحجم خسائرها سيحدد حجم خسارة «إسرائيل» الاقتصادية.

وقد شملت الخطّة، توفير دعم مادي للعمال الذين تعطلوا عن العمل، وللشركات التي تضرّرت أعمالها ضمن دائرة نصف قطرها سبعة كيلومترات من القطاع، قبل أن يعلن سموتريتش توسيعها لتشمل دائرة نصف قطرها أربعون كيلومترًا. وقد لقيت الخطّة معارضة كبيرة من أطراف مختلفة في الطيف السياسي والاقتصادي في دولة الاحتلال، على اعتبار إما أن الإنفاق غير كافٍ وأن نتنياهو يجامل حلفاءه في الحكومة ويعد بالكثير دون أن تتحوّل هذه التصريحات إلى أفعال، أو لأنه لم تتمّ استشارة العديد من الوزارات بخصوص الأموال التي سيتم سحبها من ميزانياتهم.

لكن هذه الإجراءات لن تكون كافية على الأغلب. صحيح أن الكيان يدخل الحرب باقتصاد قوي، رغم مشاكله، وباحتياطي من العملة الصعبة يبلغ حوالي 200 مليار دولار، تضاف إليها 14 مليارًا طلبها بايدن من الكونغرس دعمًا لـ«إسرائيل»، وستكون في الغالب في هيئة مساعدات عسكرية، تضاف إلى المبلغ الذي يحصل عليه الكيان عادة وهو 3.8 مليار دولار، إلّا أن مشكلة العمالة المزمنة لا زالت قائمة، إذ ومع بدء الحرب، اضطرّ الكثير من العمال الأجانب للعودة إلى بلدانهم، ومع طول أمد الصراع، ستتحوّل دولة الاحتلال إلى مكان غير جاذب للعمالة، أو أن العمال المضطرين للعمل فيها سيطلبون أجورًا أعلى من تلك التي يطلبونها في بلدان اخرى، بسبب العامل الأمني وكذلك لنقص اليد العاملة.

وللتعامل مع هذه الأزمة، وقعت «إسرائيل» اتفاقيات لاستقدام 10 آلاف عامل زراعي من سريلانكا، وتحاول استقدام عمالة من فيتنام والهند، ووافقت الحكومة على طلب وزيري العمل والداخلية استقدام  خمسة آلاف عامل للعمل في قطاع الزراعة، في خطوة وصفها وزير الزراعة بأنها تمنح مجالًا للمزارعين للتنفس. وللإبقاء على العمالة التايلندية العاملة في البلاد، تعرض الحكومة على كلّ عامل أجنبي يعمل في واحدة من مستوطنات الغلاف والشمال 500 دولار إضافية شهريًا، فيما سيحصل كلّ عامل إسرائيلي على 500 دولار في حال عمله في الزراعة بغض النظر عن مكان العمل. وقد اقترح وزير الزراعة الاستعانة بثمانية آلاف عاملٍ وعاملة من الضفة الغربية لغايات تغطية نقص العمالة في قطاع الزراعة، على اعتبار أن الأرض في موسم قطاف حاليًا، وفي حال لم يتم العمل في الأرض فسيخسر المزارعون الموسم، وكان مقترح الوزير يشترط أن يكون الرجال فوق الستين من العمر، إلّا أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قد اعترض على الفكرة. ومن الحلول التي يجري اللجوء إليها حاليًا الاستعانة بمتطوعين من طلبة الجامعات وغيرها لقطاف المحاصيل. لكن وبحسب ما يقوله أحد المستوطنين، السؤال الأكثر إلحاحًا اليوم هو إن كان للمنطقة القريبة من غزة أي مستقبل على الإطلاق، إذ لقد مررنا بجولات قتالية من قبل، لكن لا شيء مثل هذا.

وإن كانت هذه المقترحات تتعامل مع أزمة العمالة الزراعية، فإن مقترح وزير الاقتصاد يشمل عمالة لكافة القطاعات المتضرّرة من الأزمة، وينص على استقدام 160 ألف عامل أجنبي بأسرع وقت، وخاصة من الهند، ليحلوا مكان العمال الفلسطينيين، ويتوزعون بالشكل التالي: 80 ألفًا للبناء، و15 ألفًا للزراعة، و22 ألفًا للصناعة، و24 ألفًا للمطاعم وغيرها.

عجز عن تقدير الخسائر

تعتمد تقديرات الخسائر الإسرائيلية في الحرب على مسارها، لا على نتائج الضربة الأولى التي تلقتها «إسرائيل» صبيحة السابع من أكتوبر فقط، وهذا يعني أن طول أمد المعركة، وحجم الخسائر البشرية، وشكل الدمار الذي تتعرض له المدن الإسرائيلية، وأسماء القوى التي ستنخرط في المعركة، وحجم مشاركتها، كلّها عوامل رئيسة في تقدير حجم خسارة «إسرائيل» الاقتصادية.

ومن بين السيناريوهات التي يتمّ الحديث عنها اليوم، سيناريو يفترض أن تستمرّ الحرب ستين يومًا، وهذا سيعني خسارة «إسرائيل» لحوالي 38 مليار دولار، تتوزع ما بين تكاليف الحرب في هذا العام، وعجزًا في الميزانية العام القادم. وتشمل هذه الخسائر التكلفة المباشرة للقتال، والتعويضات عن الأضرار التي تلحق بالممتلكات، والمساعدات المالية للعائلات والشركات، وفقدان إيرادات ضريبية بسبب تعطل النشاط الاقتصادي.

فيما اقترح مؤخرًا سيناريو آخر، شديد التفاؤل بحسب واضعيه، أن الحرب ستسمرّ من ثمانية إلى 12 شهرًا، وفيه تبلغ خسارة «إسرائيل» حوالي 50 مليار دولار، ويشترط هذا السيناريو أن تقتصر المواجهة على غزة فقط، وألّا ترتفع وتيرة الاشتباكات في الشمال، وألّا تتدخّل إيران واليمن في المعركة، وأن يعود جنود الاحتياط إلى العمل قريبًا، من دون توضيح لما يعني قريبًا.

على أي حال، تبقى خطط الإنقاذ رهينة أخذ وجذب في المجتمع الإسرائيلي، بحكم الانقسام الذي يشهده، صحيح أن الحرب قد وحدت المجتمع على هدف قتل الشعب الفلسطيني في غزة، لكن ما دون ذلك يبقى رهنًا لهذه الانقسامات، والأهم لنتائج المعركة.

  • الهوامش

    [1] خلال جائحة كورونا، أطلقت الحكومة مجموعة حزم إنعاش اقتصادية بتكلفة بلغت نحو 50 مليار دولار.

    [2] الجهاز المركزي للإحصاء، صدر التقرير في شهر آب الفائت.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية