تركيا والغرب: هل غيّرت أنقرة مواقفها؟

الخميس 27 تموز 2023
من قمة الناتو التي عقدت في تموز 2023. تصوير إيف هيرمان. أ ف ب.

تعهد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بإحالة طلب عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي «الناتو» للبرلمان التركي للموافقة عليه بعد مفاوضات طويلة مرّت بمنعطفات مختلفة طوال الأشهر الماضية. وظف أردوغان هذا الملف باعتباره ورقة استراتيجية في يده للمناورة بين الغرب وروسيا أملًا في الحصول على مكاسب تعزز مواقفه قبل انتخابات أيار التاريخية وبعدها. والآن، وبعد أن حصل أردوغان على تعهدات سويدية وغربية بتحقيق شروط ومطالب مختلفة، دخلت العلاقات التركية الأوروبية في مرحلة جديدة. فما هي المطالب التركية، وما مدى قدرة أنقرة الحصول عليها عمليًا، وما تأثيرها على سياسة البلاد الخارجية؟ 

المطالب التركية: جدل المطلوب والممكن

توصلت تركيا مع السويد وحلف الناتو إلى بيان ثلاثي يتضمن مطالب تركية مختلفة. منذ البداية كان المطلب التركي الأول من السويد -ومن خلفها الغرب- مقابل الموافقة على عضوية ستوكهولم في الناتو هو دعم الأطروحة التركية في ملف الحرب على الإرهاب، على اعتبار أنها دولة تعاني منه منذ عقود. إذ إن حجة أنقرة في رفضها لعضوية ستوكهولم كان ملف علاقة الأخيرة مع منظمات تعتبرها تركيا إرهابية، خاصة في ظل الحضور القوي للمنظمات الكردية المختلفة في السويد. نجحت تركيا في إعطاء ملف الحرب على الإرهاب مكانة مركزية في اتفاقيتها مع السويد وفي النقاشات داخل الناتو أيضًا، الأمر الذي تمخض عن تشكيل آلية أمنية ثنائية بين أنقرة وستوكهولم لمتابعة ملف محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، إضافة إلى استحداث منصب «المنسق الخاص بمكافحة الإرهاب» في حلف الناتو.

وفي الوقت نفسه، تضمن البيان الثلاثي ليس فقط إشارة واضحة إلى حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة وحلفاؤها إرهابيًا، بل وأيضًا إشارة واضحة إلى تنظيمات أخرى مثل تنظيم جماعة فتح الله جولن وحزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب، التي تصنفها أنقرة منظمات إرهابية بعكس حلفائها، الأمر الذي اعتبره البعض نجاحًا لتركيا في إبراز مقاربتها وإن لم يتم تبنيها رسميًا من الحلف أو أعضائه. ورغم ذلك، تظل مكاسب تركيا في هذا المطلب نسبية إلى حد ما، على اعتبار أن تضمين تعريفها ومقاربتها بخصوص الإرهاب في قمة تاريخية للناتو خطوة كبيرة يمكن توظيفها والبناء عليها مستقبلًا، لكن وبعيدًا عن السويد فليس من المتوقع أن تؤثر على مقاربة دول الناتو الأخرى تجاه هذه المنظمات، خاصة في ظل العلاقات المتنامية بين الطرفين، كما هو الحال في نموذج العلاقات الأمريكية مع القوى الكردية المختلفة في شمال سوريا.

وحتى بالحديث عن السويد، فإن خطوات ستوكهولم نحو تشديد مقاربتها في مكافحة الإرهاب دستوريًا وقانونيًا لا تزال أدنى من مستوى مطالب أنقرة، لا سيما من حيث مطالبها المتكررة بتسليم مطلوبين متهمين بالإرهاب، الأمر الذي لا يزال يصطدم بالنظام الحقوقي السويدي، وكذلك من حيث منع التحركات الشعبية للقوى الكردية في السويد ضد تركيا، مثل المظاهرات التي يتم فيها رفع أعلام العمال الكردستاني والهجوم على شخص أردوغان، الأمر الذي ترفضه تركيا ولا تزال تصنفه ستوكهولم كحرية تعبير.

ومن ناحية أخرى، أعادت تركيا إلى الواجهة مطلبها القديم الجديد برفع أي قيود أو عقوبات مفروضة عليها خاصة في مجال الصناعات الدفاعية. فعلى هامش العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا في السنوات الأخيرة، تعرضت تركيا إلى عقوبات غربية تم بموجبها حظر تصدير أسلحة وتكنولوجيا دفاعية كإجراء عقابي ضدها كما هو الحال في نموذج السويد، وفنلندا، وكندا، وفرنسا وغيرها من حلفاء الغرب والناتو. وفي هذا السياق حصلت تركيا على تعهد سويدي برفع قيود تصدير الصناعات الدفاعية المفروضة عليها مع تضمين بيان الناتو تأكيدًا على ضرورة التخلي عن هذه الممارسة بين الحلفاء. لكن وعلى أهمية ما حصلت عليه تركيا في هذا المطلب، إلا أن هذا التعهد وعلى افتراض التزام السويد به، ليس كافيًا لإلزام بقية الحلفاء برفع أي عقوبات ضد تركيا، خاصة وأن لكل عضو حساباته الخاصة في هذا الملف. ومن اللافت في هذا السياق أن مصادر صحفية مختلفة تحدثت عن أن كندا قررت البدء في محادثات لرفع حظر التسليح عن تركيا عقب خطوة الأخيرة في قمة الناتو.

وفي سياق دفاعي متصل، ساهم تغيّر موقف تركيا من عضوية السويد في دفع ملف صفقة الطائرات المقاتلة الأمريكية العالقة بين أنقرة وواشنطن منذ العام 2021. إذ ورغم رفض الجانبين التركي والأمريكي الربط بين الملفين رسميًا، إلا أن تصريحات مسؤولين أمريكيين كبار حول نية واشنطن المضي في تنفيذ هذه الصفقة بالتنسيق مع الكونجرس تكثفت بالتزامن مع تغير الموقف التركي من السويد، ما يشير بوضوح إلى وجود حالة ربط ضمني بينهما. إذ أكدت واشنطن مرارًا أن تنفيذ هذه الصفقة يصب في مصلحة الولايات المتحدة وحلف الناتو على اعتبار أنه يساهم في تقوية الحلفاء، إلا أن تعقيدات هذا الملف متنوعة، خاصة في ظل ارتباطه المباشر بملفات أخرى من بينها التوازنات بين تركيا واليونان والعلاقات الأمريكية مع القوى الكردية. وبالتالي من الممكن أن يجعل دور اللوبيات المعادية لتركيا في الكونجرس عملية تنفيذ الصفقة طويلة وشاقّة.

تتضمن المقاربة التركية الجديدة رهانًا على استغلال أهميتها لدى كل من الغرب وروسيا لتحويل خطواتها الحذرة إلى فوائد سياسية واقتصادية عبر التقارب مع الطرفين بشكل متوازن.

وعلى أهمية ما سبق، كان أكثر المطالب التركية لفتًا للنظر هو إعادة تركيا لملف عضويتها الكاملة في الاتحاد الأوروبي إلى الواجهة من جديد. فلقد فاجئ الرئيس أردوغان الجميع بربطه المباشر بين دخول السويد للناتو ودخول تركيا للاتحاد الأوروبي، فيما يمكن اعتباره ذروة مساعيه للضغط على الغرب في المفاوضات المعقدة التي خاضها الطرفان. وفي هذا السياق نجحت تركيا في تضمين البيان الثلاثي مع السويد والناتو تعهدات من ستوكهولم بدعم جهود إحياء مسار عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وكذلك مطلبيها بتحديث الاتحاد الجمركي مع بروكسيل ورفع التأشيرات عن الأتراك.

لكن ورغم أهمية ما حصلت عليه تركيا من الناحية المعنوية النظرية، إلا أنه يمكن القول إن هذا الملف أقل الملفات التي حققت فيها إنجازات عملية. فلقد رفض العديد من المسؤولين الأوروبيين الكبار، بما فيهم المستشار الألماني أولاف شولتس، بوضوح الربط بين ملف عضوية السويد في الناتو وملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. وأيضًا لا تبدو تعهدات السويد الداعمة لتركيا فعالة بشكل كافٍ لإحداث أي تحول ملحوظ، خاصة وأن تركيا تعيش أزمات مزمنة مع دول أخرى في الاتحاد مثل قبرص واليونان وحتى ألمانيا وفرنسا، بما يضع فيتو على خطواتها نحو العضوية الكاملة منذ سنوات.

يبدو من الواضح أن مسألة إمكانية تطبيق التعهدات التي حصلت عليها أنقرة -بالتأويل التركي لها- محل نقاش كبير، لكن هذه الخطوات تظل نصرًا سياسيًا ودبلوماسيًا -وربما اقتصاديًا- مهمًا يمكن لأردوغان توظيفه. حيث حرص أردوغان على ترك مساحة واسعة للمناورة تمكنه من اختبار صدق الغرب ومدى عزمه على منح تركيا ما تريده. ففي ظل تزامن قمة الناتو مع بداية العطلة التشريعية التي يدخلها البرلمان التركي سنويًا بين شهريْ تموز وتشرين الأول، أشار أردوغان إلى أن تركيا لن تتمكن من الموافقة على عضوية السويد قبل شهر تشرين الأول القادم، ما يمنح أنقرة أكثر من شهرين يمكن أن تراقب فيهما خطوات الغرب قبل إقرار عضوية السويد فعليًا.

داخليًا تصاعدت ردود الفعل ضد قبول عضوية السويد في الناتو حتى من حزب الحركة القومية، أهم حلفاء العدالة والتنمية. فلقد هاجم زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، السويد على اعتبار أنها لا تضع مسافة بينها وبين الإرهاب وتسمح بحرق القرآن، مشبهًا ستوكهولم بجبال قنديل[1] والسويد بمغارة العمال الكردستاني. يمتلك بهتشلي وحزبه مفتاح ترجيح الأغلبية البرلمانية للتحالف الحاكم، ما يعني أن أردوغان سيحاول إقناع حليفه أملًا في تمرير بروتوكولات عضوية السويد برلمانيًا.

لكن يرى البعض أن معارضة بهتشلي قد تكون واحدة من أدوات أردوغان التي يمكن أن يناور الغرب من خلالها. فإن لم تتمكن القيادة التركية حتى تشرين الأول من الحصول على ما يرضيها ويمكنها تسويقه داخليًا أمام قواعدها وحلفائها فإنها قد تستعمل هذه المعارضة للضغط على الغرب لتنفيذ مطالبها أو حتى انتزاع المزيد، لا سيما وأنها معنية بالحفاظ على التوازنات الداخلية. من اللافت أيضًا أن أردوغان لمح إلى هذه الاستراتيجية عبر إشارته المتكررة إلى أنه وكما تمتلك واشنطن الكونجرس الذي تحتاج موافقة لتنفيذ صفقة الطائرات المقاتلة، فإن تركيا تمتلك برلمانها الذي يمثل الإرادة الوطنية والمرجعية التي ستوافق على بروتوكولات انضمام السويد. وقد شدد أردوغان وغيره من المسؤولين الأتراك على أن ملف عضوية السويد خرج من يد السلطة التنفيذية وأصبح في يد السلطة التشريعية التي ستصدر حوله القرار النهائي، في ترك ملحوظ لمساحة للمناورة في البرلمان.

تركيا بين الشرق والغرب: «تحولات» مفترضة

ساهم الموقف التركي المعارض لعضوية السويد سابقًا في توجيه ضغط غربي كبير عليها ليس على المستويات الرسمية فقط، بل وإعلاميًا وشعبيًا أيضًا. تصاعدت هذه الضغوطات في الفترة الماضية إلى حد اتهام أنقرة بالتواطؤ مع موسكو على اعتبار أن معارضتها تأتي بالتنسيق بين الطرفين، بل وحتى مطالبة البعض بطرد تركيا من الناتو. وبالتالي يأتي الموقف التركي الجديد كفرصة تحاول تركيا من خلالها تخفيف الضغوط عليها والتقاط أنفاسها -ولو لمدة شهرين على الأقل- أملًا في تحسين ظروفها الداخلية.

فلقد منحت أنقرة الغرب بهذه الخطوة ما يريده بعد طول توتر وصدام، وهو ما يمكن ربطه بشكل مباشر بالظروف الحالية التي تعيشها تركيا. فليس من الممكن فصل هذا القرار المفاجئ نسبيًا عن أولويات أنقرة السياسية والاقتصادية بعد انتخابات أيار الماضي، لا سيما فيما يتعلق بسعي حكومة أردوغان الحثيث لتجاوز الأزمة الاقتصادية والاستعداد للانتخابات المحلية المهمة في آذار 2024. فبعد أن قررت تركيا رفع الفائدة والعودة التدريجية إلى قواعد السوق العقلانية، تأتي خطوة الوعد بالموافقة على عضوية السويد في الناتو كجزء من مقاربة تركية تسعى للتقارب مع الغرب ولو جزئيًا، على أمل توفير بيئة أقل صدامية تساهم في جذب استثمارات قد تلعب دورًا أساسيًا في تجاوز الأزمة الاقتصادية، ما يصب في صالح العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة. فكما يلاحظ من البيان الثلاثي مع السويد والناتو، نجحت تركيا في التأكيد على الملف الاقتصادي، خاصة من خلال تضمينه تعهدًا بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري التركي مع ستوكهولم والغرب.

يمكن القول إن التحولات التركية الحالية هي تحولات تكتيكية تستهدف تهدئة العلاقات مع الغرب والتقارب معه بعد طول صدام، من خلال تبني نبرة أقل حدة لتجاوز التحديات الداخلية دون التوجه إليه فعلًا.

وفي الوقت نفسه، شهدت العلاقات التركية مع أوروبا تحسنًا ملحوظًا في ظل الترحيب الأوروبي الواسع بالقرار التركي، الأمر الذي قد يحاول أردوغان تحويله إلى ما يشبه الانفراجة -وإن كانت جزئية أو مؤقتة- بما ينعكس على تركيا إيجابيًا، لا سيما على الاقتصاد وحركة المستثمرين الغربيين إليها. كان التحسن ملحوظًا على الجبهة الأمريكية أيضًا خاصة بعد لقاء أردوغان مع نظيره الأمريكي، جو بايدن، بعد طول جفاء بين الطرفين، الأمر الذي قد تتعامل معه تركيا كفرصة للتواصل مع واشنطن بما يساهم في حل الأزمات الثنائية أو تهدئتها على الأقل. إذ لطالما كان الغرب أهم الشركاء الاقتصاديين لتركيا، ما يجعل تعويل تركيا على إمكانية التعاون معه -ولو شكليًا- بدلًا من الصدام المباشر خطوة منطقية في هذه الظروف. فبينما كان من الممكن أن يجعل سيناريو الصدام مع الغرب مهمة الفريق الاقتصادي الجديد لتحسين الأوضاع الاقتصادية أصعب بكثير، فضلت تركيا المناورة بحذر لتعزيز فرصها في النهوض من أزمتها.

وفي إطار السعي الملحوظ لتبني سياسة أقل صدامية مع الغرب، استضاف أردوغان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وأكد له كالعادة دعم تركيا لوحدة أوكرانيا وسيادتها واستقلالها في تجديد للموقف التركي الرافض لخطوات الضم الروسية. لكن اللافت هنا هو دعم أردوغان الصريح لعضوية أوكرانيا في حلف الناتو على اعتبار أنها تستحقها، إضافة إلى السماح بعودة قادة كتيبة آزوف المنفيين إلى تركيا في نقض لاتفاق سابق مع روسيا يتضمن الإبقاء عليهم في الأراضي التركية حتى نهاية الحرب دون إبلاغ موسكو. وفي الوقت نفسه، شهدت هذه الزيارة توقيع مجموعة من الاتفاقيات من أبرزها اتفاقية في مجال الصناعات الاستراتيجية بما يشمل التطوير المشترك لإنتاج طائرات تركية مسيرة في أوكرانيا. يبدو من الواضح أن أنقرة تسعى للتأكيد لحلفائها على أنها جزء من حلف الناتو مهما كانت الخلافات في سياق التركيز على الأولويات السياسية والاقتصادية الحالية.

هل يمكن القول إن هذه الخطوات التركية انعطافة نحو الغرب؟ يرى البعض أن هذه التحولات تشير إلى احتمالية حصول تقارب تركي مع الغرب، إلا أن هذا المقال يحاجج أن ما يحصل وإن كان تقاربًا مع الغرب إلا أنه ليس توجهًا نحوه بالضرورة، على اعتبار أن تركيا ستحافظ على سياستها المتوازنة. إذ لا تشير كل هذه التحولات التركية إلى أن أنقرة ستغير بشكل جوهري في سياستها المستقلة والمنفتحة والمحايدة نسبيًا بين الشرق والغرب. فنظرًا لعمق العلاقات مع روسيا وتشابكها المعقد في العديد من الملفات والساحات الحساسة، ليس من المتوقع أن تخاطر أنقرة بأن يكون اقترابها من الغرب على حساب الابتعاد عن موسكو أو الصدام معها، على اعتبار أن ذلك سيرتد عليها سلبًا. فمثلًا ليس من المتوقع أن تشارك أنقرة في أي وقت قريب في العقوبات الغربية على روسيا، رغم أنها قد تتجه للحرص على منع اختراقها عبر أراضيها.

إذًا يمكن القول إن التحولات التركية الحالية هي تحولات تكتيكية تستهدف تهدئة العلاقات مع الغرب والتقارب معه بعد طول صدام، من خلال تبني نبرة أقل حدة لتجاوز التحديات الداخلية دون التوجه إليه فعلًا. وفي هذا السياق كان من اللافت أن الرئيس أردوغان تفاخر في خطابه من على منبر قمة الناتو بأنه «واحد من الزعماء القلة» حول العالم الذين يستطيعون الحوار مع الجانبين الروسي والأوكراني في آن واحد، في سياق تأكيده على استعداده للوساطة بين الجانبين لإنهاء الحرب وإشارته إلى استمرار مساعيه لتمديد اتفاقية ممر الحبوب عبر البحر الأسود.

وبالتوازي مع حرص تركيا على علاقاتها مع الجميع لا سيما روسيا، التي أشار أردوغان إلى أن رئيسها، فلاديمير بوتين، سيزور بلاده في شهر آب القادم، يمكن القول إن الجانب الروسي أيضًا ورغم تحفظاته حريص على الحفاظ على العلاقات مع تركيا وتطويرها، دون الدخول في أي صدام خاصة في ظل ظروفه التي تفرضها الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية.

تتضمن المقاربة التركية الجديدة رهانًا على استغلال أهميتها لدى كل من الغرب وروسيا لتحويل خطواتها الحذرة إلى فوائد سياسية واقتصادية عبر التقارب مع الطرفين بشكل متوازن. ورغم أن تركيا تتجه نحو تهدئة الأوضاع مع الغرب والتقارب معه، فلا يمكن بعد الجزم بصيغة التقارب المفترض ومدى استعداد أنقرة للتضحية لأجل الحفاظ عليه. إذ يسعى أردوغان عبر هذه المقاربة للحصول على مكاسب سياسية تحسن صورته وتفتح الأبواب أمام تعافي الاقتصاد، إلا أن قدرته على انتزاع مطالبه من الغرب عمليًا ومدى الرضى التركي قيادةً وشعبًا عن تطبيقها، من بين العوامل الأساسية التي قد تحدد خطوات تركيا القادمة.

  • الهوامش

    [1] سلسلة جبال في شمال العراق يتواجد فيها حزب العمال الكردستاني وأصبحت كناية عنه في الأدبيات السياسية التركية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية