الحرب على غزة وتصاعد العدوان على اليمن

الأحد 14 كانون الثاني 2024
مظاهرة مناصرة لغزة في صنعاء
متظاهرون تضامنًا مع غزة في العاصمة اليمنية صنعاء، 5 كانون الثاني 2024. تصوير محمد حويس، أ ف ب.

هذه المقابلة جزء من ملف «مائة يوم من الحرب: غزة والمستقبل».

في العاشر من تشرين الأول 2023، أي بعد ثلاثة أيام على بدء عملية طوفان الأقصى، أعلن قائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي أن القوات اليمنية المسلحة جاهزة للتدخل المباشر في المعركة ضد «إسرائيل»، نصرة الفلسطينيين وغزة ودعمًا للمقاومة الفلسطينية.

وضع الحوثي عدة خطوط حمر في خطابه المتلفز في ذلك اليوم، أحدها كان تصعيد الحرب على غزة، والتدخل الأمريكي العسكري في فلسطين، وقال إن هناك تنسيقًا مع محور المقاومة حول الرد والتدخل المناسبين.

مع نهاية ذلك الشهر، كانت حركة أنصار الله قد نفذّت ثلاث عمليات ضد أهداف مختلفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر دفعات من الصواريخ الباليستية والمجنحة وعدد من الطائرات المسيرة. وفي 15 من تشرين الثاني، أعلنت الحركة أن السفن الإسرائيلية أو التي تشغلها شركات إسرائيلية ممنوعة من المرور في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. نتيجة لذلك، صادرت القوات العسكرية سفينة «جالاكسي ليدر» المملوكة إسرائيليًا، بعد رفضها الامتثال لأوامر القوات المسلحة بعدم المرور، ولا تزال السفينة ترسو في ميناء الحديدة إلى الآن. لاحقًا، استهدفت عدة سفن أخرى نتيجة رفضها كذلك للاستجابة لطلبات البحرية اليمنية.

مع تصاعد الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة ومنع إدخال المساعدات الإغاثية، أعلنت أنصار الله في 9 كانون الأول الماضي عن تصعيد جديد، وهو منع مرور أي سفينة تتجه لـ«إسرائيل» من أي جنسية كانت. 

لقي هذا التصعيد تحشيدًا دوليًا غربيًا ضد أنصار الله، حيث ادعت مجموعة من الدول على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أن أفعال الحركة تشكّل تهديدًا على سلامة الملاحة الدولية، وهو ما ترافق مع امتناع شركات شحن كبرى تسيير سفنها وناقلاتها عبر المضيق.

شكّلت الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا «متعددَ الجنسيات»، يضم عدة دول غربية ومملكة البحرين، قالت إنه يأتي لمواجهة التحديات التي تشكلها جماعة أنصار الله ولترسيخ المبدأ الأساسي لحماية الملاحة. وطوال الشهر الماضي، لوّح التحالف بتهديدات بضرب أهداف عسكرية يمنية في حال استمرّ منع مرور السفن المتجهة إلى «إسرائيل»، قبل أن يستهدف زوارق يمنية كانت في مياه البحر الأحمر نهاية الشهر الماضي، ما أدى لاستشهاد 10 مقاتلين من أنصار الله.

ويومي الجمعة والسبت، نفّذت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، استهدفت قواعد عسكرية يمنية وأجهزة رصد ورادارات، وأدت إلى استشهاد خمسة أشخاص.

لفهم موقف حركة أنصار الله، وقرار دخولها في معركة طوفان الأقصى وتداعياته عليها وعلى الشعب اليمني، تحدثنا إلى الصحفي والباحث الاقتصادي اليمني رشيد الحدّاد في صنعاء.

حبر: لنبدأ من الضربة الأمريكية البريطانية فجر الجمعة. ماذا حققت؟ وما هي تداعياتها؟

رشيد الحداد: الاعتداء وقع على مواقع في أربع محافظات يمنية، وأدى لاستشهاد خمسة يمنيين وست إصابات، إلى جانب إيقاع الضرر في بعض المناطق خاصة في محافظة الحُديدة، إذ تم استهداف مناطق ليس لها علاقة بالجوانب العسكرية. 

لم تكن العملية العسكرية الأخيرة مفاجئة للشعب اليمني ولا للقيادة العسكرية في صنعاء، خاصة أن القيادة السياسية تلقت الكثير من الرسائل والتحذيرات إن كان عبر وسطاء عرب أو بواسطة وسائل الإعلام الغربية والأمريكية. وحاولت بريطانيا أن تفتح مشاورات مع صنعاء ومحادثات مباشرة غير معلنة لإقناعها بالتراجع عن قرارها بمنع سفن الكيان الصهيوني من المرور. كذلك، كانت هناك تهديدات أمريكية تصل صنعاء بأنها ستلجأ للسلاح. لذا يُعتبر هذا الاعتداء آخر أوراق تحالف الدول الغربية المسمى «تحالف حارس الازدهار». 

لكن على الجانب الآخر، فإن تداعيات الضربة ستكون وخيمة. إذ قامت القوات اليمنية بردٍ أوليّ استهدف بوارج أمريكية، ما يرسل رسالة أن الهدف لم يتحقق من تلك العملية العسكرية، وأن الاستهداف عدميٌ بامتياز، لكنه يفتح بابًا لن تتمكن الدول الغربية من إغلاقه، خاصة أن صنعاء حذرت سابقًا بأن أي دولة سوف تعتدي على اليمن، سيكون هناك قرار بمنع مرور السفن التجارية والنفطية التابعة لها. وأذكّر أنه في الأسبوع الماضي -قبل الضربة- قامت أنصار الله بعملية عسكرية كبيرة في البحر الأحمر استهدفت بوارج وسفن بريطانية تابعة للولايات المتحدة بالصواريخ والمسيرات، وكانت عملية موجعة، لأنهما لم تألفا أن تتجرأ أي دولة على استهداف سفن بريطانية وأمريكية منذ عقود.

قبل العملية العسكرية الأخيرة، وجهت الولايات المتحدة ضربة مباشرة لقوات أنصار الله في البحر الأحمر موقعة 10 شهداء، كيف تؤثر هذه الضربات على مسار المواجهة في البحر وكيف يمكن أن يرد اليمن؟

فيما يتعلق باستهداف الزوارق اليمنية، فالقوات البحرية الأمريكية ارتكبت خطأ كبيرًا وجريمة بعد اعتدائها على ثلاث دوريات تابعة للبحرية اليمنية. هذه القوارب كانت تقوم بعملية تأمين للسفن بموجب القانون البحري اليمني الذي يخوّل القوات البحرية بأن تقوم بتأمين الممر الملاحي والمياه الإقليمية بشكل كامل، ويمنحها حق احتجاز وتفتيش أي سفن مشتبه بها. وكما يقول [الأمريكيون] إنهم ينفذون القانون الأمريكي، نحن لدينا قانون وننفذه. وتعمل هذه الدوريات منذ سنوات، لكن تم تكثيفها في البحر بعد إعلان اليمن دخول الحرب مع «إسرائيل».

العداء في عقيدة حركة أنصار الله لـ«إسرائيل» وأمريكا أمر أساسي. والحركة ترى أن الحرب التي التي شنت عليها خلال السنوات الماضية كانت بإيعاز ودعم الولايات المتحدة، بالتالي هذا أيضًا من دوافع القرار بدخول الحرب.

تقف السفن الأمريكية في مناطق قريبة من المياه اليمنية، لكنها على الطرف الآخر الذي يعود للسيادة الإفريقية، ولا يوجد هناك احتكاك. في الفترة السابقة، حاولت الولايات المتحدة تسيير حاملة طائرات وسفن، وكانت الدوريات في وضع أمني وليس لها علاقة بالقتال، لكن تم استهدافها واستشهد 10 من أفرادها.

بعد العزاء بالشهداء، كان هناك تأكيدات من مختلف المناصب [في صنعاء] أن  العملية لا يمكن أن تمر دون عقاب للولايات المتحدة. ولاحقًا، فعّلت أمريكا الأوراق الدبلوماسية والوسطاء الإقليميين لاحتواء الوضع، وردت صنعاء بوضوح بأن خفض التوتر في البحر الأحمر يمكن أن يحدث، لكن بعد الرد على الاعتداء الأمريكي، وهذا في حال إدخال المساعدات لغزة. 

انصار الله لم تستخدم 2% من قدراتها البحرية بعد، فهي تملك صواريخ بحرية وألغام بحرية قوية جدًا، وتستطيع أن تطلقها بواسطة زوارق أو قوارب مسيّرة، وبإمكانها أن تستهدف سفن وتدمر بوارج.

بالعودة لقرار حركة أنصار الله بفتح جبهة ثالثة في الحرب، إلى جانب نصرة غزة والتضامن مع فلسطين، كيف يمكن أن نفهم هذا القرار وما هي الرؤية الاستراتيجية التي جعلت منه مصلحة يمنية؟

هذا القرار يعدّ أحد أهم وأخطر القرارات التي اتخذتها القيادة هنا في صنعاء، لما لها من تداعيات وأثمان كبيرة جدًا. 

بدأ هذا القرار بعمليات مساندة تمثلت باستهداف مدينة أم الرشراش ومواقع استراتيجية بصواريخ باليستية كبّدت الإسرائيليين مخاسر. وعندما باشرت القوات اليمنية عملية مساندة الشعب الفلسطيني استهدفت قاعدة «دهلك الاسرائيلية» في إرتيريا، لتعمية أجهزة الرصد الإسرائيلية للمسيرات وحركة السفن، من أجل ضمان وصول  المسيّرات بأمان لجنوب البحر الأحمر. لكن تبيّن أنه لا بد من فتح جبهة أخرى، نتيجة لبعض الضغوط والإشكاليات، منها اعتراض السعودية للعديد من الصواريخ، ووجود انزعاج من الجانب المصري والأردني فيما يتعلق بمرور الصواريخ والطائرات المسيرة، لذا استخدمت ورقة البحر الأحمر.

أؤكد أن هذا القرار لا يمثل مصلحة يمنية [ضيقة]، فالمصلحة اليمنية كانت تتمثل باستخدام ورقة البحر الأحمر خلال السنوات الثماني الماضية، التي عانينا فيها من الحصار الاقتصادي الكبير والخانق بكل معنى الكلمة، ولا زلنا نعاني حتى اليوم. والآن، يتم استخدام ورقة تشديد الحصار على صنعاء وتجويع الأسر لثني الحركة عن قرارها، بالإضافة لمحاولات تقويض مسار العملية السلمية في اليمن والتلويح بإجهاض اتفاق السلام، الذي تحاول جهات أمريكية ربطه بوقف العمليات العسكرية لأنصار الله، لكن هناك مصلحة عربية وقومية ودوافع دينية تحتّم اتخاذ هذا القرار.

الانتقال للمرحلة الثانية من التصعيد، وهي منع مرور السفن المتجهة لـ«إسرائيل»، جاء بعد فشل القمة العربية والإسلامية في إدخال المساعدات لغزة. هناك 15 ألف شاحنة تحمل المساعدات والإغاثات تقف على معبر رفح. والقرار اليمني ربطَ خفض التوتر في البحر الأحمر بإدخال هذه المساعدات، لأنه من المؤلم جدًا أن يستشهد الكثير من اخواننا الفلسطينين وهم جياع. الشعب اليمني لا يستطيع احتمال مشاهدة مثل هذه الأشياء، فالقضية الفلسطينية بالنسبة للشعب اليمني قضية محورية ومركزية وتشكل إجماعًا وطنيًا، حتى في المحافظات التي لا تقع ضمن سيطرة حكومة صنعاء. تقع 13 محافظة تحت سيطرة حركة أنصار الله، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 21 مليون نسمة، أي ما يقرب 70% من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية، لكن جميعهم لديهم مشاعر وطنية وقومية وخرجوا لمساندة طوفان الأقصى والتضامن مع فلسطين.

من جانب آخر، فإن العداء في عقيدة حركة أنصار الله لـ«إسرائيل» وأمريكا أمر أساسي ورئيسي، وهذا واضح في خطابات قائد الحركة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، إذ لا يخلو أي من الخطاب من المناداة بمعاداة «إسرائيل» وأمريكا. والحركة ترى أن الحرب التي التي شنت عليها خلال السنوات الماضية كانت بإيعاز ودعم الولايات المتحدة، وبالتالي هذا أيضًا من دوافع القرار.

مجددًا، اللجوء لهذه الورقة من أخطر القرارات وأكثرها جرأة التي اتخذتها حكومة صنعاء، لما لها من تداعيات ولما تتطلبه من دقة كبيرة. إذ أن هناك تدفقًا للسفن والناقلات فيما يتعلق بخطوط الملاحة الدولية، وعمليات رصد السفن الإسرائيلية ليست بالأمر السهل، تحديدًا بعد أن قامت السفن الإسرائيلية برفع أعلام دول أخرى، ما يتطلب عملًا استخباراتيًا كبيرًا لتجنب أي سفن غير متجهة للموانئ في فلسطين المحتلة، لذا هي عملية معقدة استوجبت تعاون مع دول أخرى.

هناك تعاون وتواصل مع الجانب المصري، فاليمن حريصة على أن لا تتسبب بالضرر لقناة السويس، والإحصائيات الواردة من القناة تشير إلى وجود تدفق كبير يصل إلى 80 سفينة وناقلة نفط بشكل يومي، وأنه لا توجد أضرار كبيرة وفادحة على حركة الملاحة. 

وعلى مستوى الدول المشاطئة للبحر الأحمر، نلاحظ عدم دخول أي دولة مشاطئة في تحالف «حارس الازدهار»، وهذا يدلّ على وجود رضا ضمني وإن كان غير معلن تجاه هذه العمليات. 

كذلك، هناك تعاون مع عدد من الدول الإفريقية، ومن أبرزها ما صدر عن وزير خارجية جيبوتي الذي بارك هذه العمليات. ةهذا ينبع من السخط العربي والإسلامي الكبير على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. 

كل هذا أدى لأن تكون عمليات أنصار الله دقيقة، إذ لم تعلن أي دولة عن وجود أضرار أو أن القوات اليمنية قامت باستهداف سفن غير مرتبطة بـ«إسرائيل».

لماذا ذهبت الولايات المتحدة باتجاه تدويل قضية البحر الأحمر عبر تأسيس تحالف «حارس الازدهار»؟ كيف تنظر أنصار الله إلى هذا المسعى الأمريكي وإلى أي حد يمكن أن ينجح؟

هذا التحالف يأتي في إطار محاولة توظيف ما يحدث من منع للملاحة الإسرائيلية من أجل عسكرة البحر الأحمر، رغم أنه قبل هذه العمليات كانت هناك بوارج أمريكية في أعالي البحار وكانت تتواجد في المناطق المشاطئة في دول القرن الأفريقي، وتحرك طيرانها المسيرّ كان يتم بشكل يومي في المياه الدولية في البحر الأحمر، وصولًا لخليج عدن وباب المندب، وكانت هناك زوارق وقوارب بحرية أمريكية وإسبانية وبريطانية تمرّ بشكل روتيني دون اعتراض.

لكن هذا التحالف والتحشيد الأمريكي جاء لحماية «إسرائيل» وبتوجيه إسرائيلي، وحتى يتم إبعاد «إسرائيل» عن الشبهة تقول الولايات المتحدة أن هدف التحالف هو حماية الملاحة الدولية. 

حاول الجانب الأمريكي تهديد صنعاء بإعادة تصنيف حركة أنصار الله على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية، وما يتبعها من تشديد للحصار ومنع المساعدات، ولوّح باستهداف وضرب صنعاء، وحاول الضغط على الجانب السعودي والإماراتي، لكن لم يصل لنتيجة ولم يحقق ما يريد. لذا، هو يحاول أن يكسب شرعية دولية للبقاء في البحر الأحمر. 

حركة أنصار الله حذرت من عسكرة البحر الأحمر، واعتبرت هذا التحشيد بمثابة استدعاء للعالم لاستعدائها، وأكدت أن عملياتها واضحة ولا تستهدف الملاحة الدولية، بل هي قامت بحماية حركة الملاحة طوال السنوات الماضية.

هناك حالة تفكك واضحة فينا تعلق بما يسمى تحالف «حارس الازدهار»، سواء عبر اعتذار عدد من الدول عن الانضمام، أو بالتمثيل الرمزي لدول أخرى، كأن يتم ارسال ضابط ارتباط أو زورق بحري أو تعاون لوجستي.

لكن الدول الكبرى والمؤثرة التي كان يمكن لها أن تشكّل إحراجًا هي الدول المشاطئة للبحر الأحمر، إذ أن انضمامها للتحالف كان سيخلط الأوراق، لأن لها الحق في حماية البحر. ونلاحظ اليوم أنه لا وجود لهذه الدول. إنه تحالف غربي أمريكي بامتياز، تنظر له صنعاء على أنه وجد من أجل خدمة «إسرائيل»، وقد عزز موقف اليمن ولم يقلل منه.

هناك مخاوف أمريكية من أضرار اقتصادية، فصنعاء لم تستخدم الكثير من الأوراق بعد. هي تستطيع أن تنقل الحصار من غزة إلى شوارع مدن أوروبية وأمريكية، فهي لغاية الآن لم تمسّ إمدادات النفط العالمي، حيث يمرّ من باب المندب نحو ستة ملايين برميل نفط خام بشكل يومي، بالإضافة للبتروكيماويات وإمدادات الغاز بما يساوي 10% من إجمالي الإنتاج العالمي. هذه الأوراق قادرة على رفع أسعار النفط عالميًا، لكن صنعاء تثبت للعالم أنها حريصة على حماية الملاحة الدولية.

وبقدر ما تم التحشيد لهذا التحالف، لكنه أكد على تداعيات عملية طوفان الأقصى على المستوى العالمي، بأن القضية الفلسطينية عادت للواجهة، وهناك تفهم عالمي لعمليات صنعاء. 

كيف تنظر أنصار الله الآن إلى استخدام المسيرات والصواريخ ضد «إسرائيل»؟ هل لا تزال تفكر باستخدامها مجددًا وما هي مدى فعاليتها؟

القوات العسكرية اليمنية نفذت 12 عملية عسكرية على أم الرشراش، كان لها تأثير على قطاع السياحة نظرًا لأنها وجهة سياحية للكيان الصهيوني، وتضررت بشكل كبير. عمليات استهداف جنوب الكيان لا تزال في قائمة الحركة، ولم تتراجع، لكن هناك تحضيرات لعملية كبرى قد تكون استهداف ما بعد إيلات، واستهداف قواعد أمريكية في المنطقة.

القيادات اليمنية التي تتواطئ إلى جانب الإسرائيلي والأمريكي في طوفان الأقصى وضد الشعب الفلسطيني تجد نفسها وحيدة. وأي اعتداء على اليمن سيضاعف مستوى الإجماع الوطني ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

أنصار الله تملك قدرات صاروخية كبيرة، واستطاعت خلال السنوات الماضية أن تطور هذه الصواريخ. لا نقول أنها قامت بتصنيعها 100%، لكن تم تطويرها. البعض يعود لخمسينيات وستينيات القرن الماضي وتم تزويده برؤوس حربية وتشغيلها بالوقود الصلب.

أما المسيرات، ففي عملية واحدة من عمليات استهداف أم الرشراش، كانت تستخدم من خمس إلى ثماني طائرات مسيرة بعيدة المدى. هذه الطائرات أصبحت تصنع بشكل يومي، فهناك صناعة للطائرات المسيرة تصل في اليوم الواحد من 5 إلى 10 طائرات، وتتراوح كلفتها من ألف إلى ألفي دولار. وهناك اهتمام كبير بهذا الجانب، خاصة أنه أقل كلفة من الصواريخ الباليستية والمجنحة. وهناك تضامن شعبي كبير وصادق، يصل إلى أن يتبرع الناس وتبيع النساء مصاغهن من أجل التبرع للقوة الصاروخية، من أجل صناعة الطائرات المسيرة كي تصل إلى «إسرائيل».

أعتقد أن العمليات لا يمكن أن تتوقف إلا بوقف الحرب على غزة وإدخال كافة المساعدات لسكان شمال القطاع قبل جنوبه.

بالنظر للإجماع اليمني بشأن الموقف من فلسطين، ذهبت بعض التحليلات إلى أن انخراط أنصار الله في الحرب قد يفتح أبوابًا لمصالحة داخلية أو يدفع معارضيها لإعادة النظر في موقفهم. لكن في الأسابيع الأخيرة بات خصوم أنصار الله أكثر صراحة في التعبير عن معارضتهم للخطوات في البحر الأحمر. كيف تنعكس القضية على الشأن الداخلي اليمني وهل تتجه الولايات المتحدة لتوظيف هذا الخلاف؟

تم بالفعل توظيف الأطراف الأخرى المعادية لحركة أنصار الله منذ اللحظة الأولى في 10 تشرين الأول، حيث استدعت القيادة الأمريكية في البحرين رئيس الأركان العامة في قوات الطرف الآخر، وتم عقد لقاءات والحديث بأنه في حال قامت أنصار الله باستهداف «إسرائيل» فعليكم تصعيد الجبهات الداخلية الموجودة ضد أنصار الله. وتم توحيد بعض الفصائل التابعة للإمارات والسعودية، ولوّحت أنصار الله إنها مستعدة لاستهداف آبار النفط في هذه الدول إذا لعبت دورًا في هذا الجانب. لكن مع ذلك، فإنه في داخل المحافظات التابعة لتلك القوات هناك معارضة لها، واستقبلت صنعاء المئات من الضباط والجنود في تلك القوات الذين أعلنوا تمردهم على تلك القيادة العسكرية بسبب موقفها من «إسرائيل»، وباعتبارها لا تمثل الشعب اليمني، وأولئك دعوا زملاءهم في مختلف التشكيلات العسكرية لعدم الانجرار للدعوات التي تريد منهم أن يكون حراسًا لـ«إسرائيل».

أي قضية بشأن حماية «إسرائيل» في اليمن تثير جدلًا كبيرًا في الشارع، والقيادات التي تتواطئ إلى جانب الإسرائيلي والأمريكي في طوفان الأقصى وضد الشعب الفلسطيني تجد نفسها وحيدة. حتى الآن الضغوط الدولية مستمرة والتهديدات مستمرة، والقرار اليمني سينفذ، حتى ونحن نتوقع عمليات عسكرية. وأي اعتداء على اليمن سيضاعف مستوى الإجماع الوطني ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية