مقترح تصاعدية نسب الضريبة على الشركات: بعض الحقائق المنسية

الثلاثاء 26 شباط 2013

بقلم جواد جلال عباسي

يتم تداول فرض نسب ضريبة تصاعدية على الشركات بالاردن بشكل واسع هذه الايام ويعتبر مقدمو هذا الاقتراح انه حل عادل ويتواءم مع الدستور الاردني بخصوص تصاعدية الضريبة. لنبدأ ببعض الحقائق:
•    الشركات ليسوا افرادا طبيعيين. الشركات عبارة عن وثائق قانونية تؤطر لعلاقة قانونية بين المساهمين والموظفين والعملاء والحكومة وتنظم مسير الاموال بينهم.

•    الشركات –التي هي عبارة عن كتلة اوراق قانونية- لا تدفع الضرائب. من يدفع الضرائب هم أصحاب ومساهمو الشركات. وهولاء المساهمون قد يكونون اشخاصا طبيعيين أردنيين أو أشخاصا طبيعيين غير أردنيين أو شركات  اخرى أردنية وغير أردنية او صناديق تقاعد او حكومات أجنبية أو الحكومة الاردنية. بالمحصلة أصحاب الشركات النهائيين هم من يدفعون ضرائبها. فضرائب الشركات هي عملياً أيضا ضرائب على الافراد الذين يملكونها.

•    في القطاعات ذات التنافسية المنخفضة تستطيع الشركات في معظم الوقت تمرير زيادة الضرائب الى المستهلكين. وفي القطاعات ذات التنافسية العالية تستطيع الشركات في معظم الوقت تمرير زيادة الضرائب إلى موظفيها (بتقليل منافعهم والزيادات السنوية) و اخيرا مساهميها عندما تقل الارباح الصافية.

•    فرض االضريبة كنسبة هو أيضا تصاعدي: 14% من 10 مليون هي عشرة أضعاف 14% من مليون. والدستور يتحدث عن تصاعدية الضريبة ولا يتحدث عن تصاعدية النسب الضريبية. فالنص الدستوري يقول “على الحكومة ان تاخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي ” . وهنا الأولى عكس تنازلية ضرائب المبيعات والجمرك وليس زيادة تصاعدية ضريبة الدخل التصاعدية اصلا.

قد تبدو مقترحات عمل شرائح ونسب تصاعدية على الشركات في الاردن منطقية لكنها تحمل في طياتها بعض التعقيدات التي قد تاتي بنتائج عكسية . لننظر في بعضها:
•    تصنيف الشركات بحسب ارباحها قد يخفي حقائق مهمة عن مدى “غناها”. مثال: شركة تربح مليون دينار سنوي ويملكها أربع اشخاص اثرياء وشركة في نفس القطاع تربح 20 مليون دينار سنوي لكنها مملوكة لألف مساهم من الطبقة الوسطى مع حصة للضمان الاجتماعي. اذا زادت نسبة الضريبة على الشركة ذات الربح الأعلى فعملياً القانون سيكون قد فرض نسبة ضريبة أعلى على الطبقة المتوسطة والضمان الاجتماعي  ونسبة أقل على الاغنياء.

•    رفع النسب الضريبية بحسب الربح يتجاهل موضوع العائد على رأس المال. مثال: مطعم شعبي برأس مال 10 آلاف دينار ويربح 15 الف دينار سنوي مقابل مطعم خمس نجوم برأس مال مليون ويربح نصف مليون. نسبة الضريبة التصاعدية  ستكون أعلى على المطعم الفاخر مع أن العائد على رأس المال هو 50% مقابل عائد على رأس المال 150% في المطعم الشعبي.

•    فرض نسب ضريبة تصاعدية على الشركات سيعاقب الشركات التي تستثمر في النمو والتوسع ويحابي الشركات الأصغر. والمثال الأهم هنا البنوك: لطالما كانت السياسة الحكومية في الأردن تحث على اندماج البنوك الصغيرة للحصول على بنوك ذات قاعدة راسمالية اكبر. زيادة نسبة الضريبة على البنوك الكبيرة مقارنة بالبنوك الصغيرة (قليلة الأرباح) هو حافز عكسي ضد الاندماج وتوسيع راس المال.

•    ستؤطر نسب الضريبة التصاعدية على الشركات لأساليب تجنب قانونية. مثال: شركة أدوية بثلاث خطوط إنتاج. إذا أرادت التوسع بمصنع وخطوط إنتاج جديدة فإن وجود تصاعدية نسب الضريبة على الشركات سيحفزها على إنشاء شركة جديدة للمصنع الجديد لتجنب تصاعدية نسب الضريبة بدلا من إنشائه ضمن الشركة الحالية. ونكون قد وضعنا قيوداً امام نشوء شركات كبيرة ذات ربحية عالية.

نسب الضرائب التصاعدية على الشركات غير معمول بها في معظم اقتصاديات الدول النامية والمتقدمة. ففي أميركا مثلا نسب الضريبة على الشركات تنتفخ في الوسط ليكون أثرها كالضريبة الثابتة. وفي السويد نسبة ضريبة الدخل على الشركات 26% مقابل نسبة ضريبة دخل 56% على اعلى شريحة لدخل الافراد. وفي فرنسا أعلى نسبة ضريبة على الشركات هي 34% – وهي غير تصاعدية مقابل بعض الإعفاءات للشركات الصغيرة – مقابل 46% لأعلى شريحة على دخل الافراد (حاول الرئيس الفرنسي رفع اعلى شريحة افراد ل 75% ولكن المحاكم الفرنسية ابطلت قراره).

ولنتذكر أنه في السياق الاردني أقل نسبة ضريبة على الشركات في الأردن (شرائحها بحسب القطاع هي 14% و24% لشركات الااتصالات والتامين والشركات مالية و30% للبنوك) اعلى من اعلى نسبة على الافراد (شرائحها 0% و7% و14%). 

في ظل التهرب الضريبي الواسع في الأردن والاقتصاد غير الرسمي يبقى الحل الأساس هو توسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب لا العبث بالنسب الضريبية كل سنة او سنتين وتغيير السياسات التي تلخبط المستثمرين وتزيد من حوافز التهرب والتجنب الضريبي. الحل بان يدفع الجميع حصتهم العادلة لا معاقبة من يدفع بامانة بزيادة نسب الضريبة عليه وكاننا نكافىء من يتهرب. كذلك فان قياس تصاعدية الضريبة على الأفراد الأفضل ان يشمل كافة العبء الضريبي (دخل وجمرك ومبيعات) لا ضريبة الدخل فقط ولنا في تنازلية ضريبة المبيعات مثال واضح. مشكلتنا واضحة: تنازلية ضريبة المبيعات والتهرب الضريبي. والشرائح التصاعدية على الشركات ليست الحل.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية