لن أدعي ضلوعي في موضوع الطاقة النووية، ولكنه أمر يستلزم منا التيقظ أولا ثم التصرف، ففي ظل سياسة التعتيم الأزلية التي تمارسها حكومتنا، علينا استنباط المعلومة والاعتماد على المصدر البديل إلى أن تتحق مطالبنا المنادية بالشفافية والحوار وحق المشاركة.
في قراءتي للموضوع، حصلت على عدة روابط منها: الأول كتاب ترجمته من الألمانية ونشرته مشكورة مؤسسة في رام الله يشرح فيه الكاتب خطورة المفاعلات النووية وكيف يتم خلق الأساطير من قبل قوى صنع القرار وأصحاب رؤوس الأموال لتسيير الرأي العام، والرابط الثاني يرصد الجدوى الاقتصادية والبيئية للطاقة الشمسية على المدى البعيد. فسؤالي بعد قراءتهما هو الآتي: لماذا تسعى الحكومة لإنشاء المفاعل النووي؟ ولماذا تسعى الحكومة إلى وأد فكرة الطاقة الشمسية؟
يكتب مراجع ترجمة الكتاب باتر وردم مقدمة شاملة للموضوع يطرح فيها نقدا علميا لنواحي عدة فشلتُ بالحصول عليها من بيانات حكومية، فصفحة وزارة الطاقة شبه خاوية من أي طرح علمي أو معلومة مفيدة. طرح وردم مشاكل عدة كجدوى المفاعلات الاقتصادي ومشاكلها البيئية كالتخلص من النفايات النووية التي لم تجد لها حل دول الطاقة النووية المتقدمة إلى الآن ونحن بلد وللأسف أبعد ما يكون عن أسس الوعي البيئي واحترام معايير الصرف والبيئة. ومشاكل أخرى كمصادر مياه التبريد التي تكون عادة مياه حلوة، أما في حال استخدام المياه المالحة فهذا يخلق عبء اقتصادي آخر ويلزم وجود طاقة أخرى مطالبها عالية. وأضيف أنا إلى ذلك الاستثمار في الجانبين التعليمي والتأهيلي الذين لم نر أو نسمع عن أي خطة لإستقطاب وتأهيل العقول والأيدي الأردنية مع العلم أن وزير الطاقة الحالي وزير تعليم أسبق! هل سيكون الاعتماد على الأيدي العاملة الأجنبية في هذا المجال الحساس؟
في ما يتعلق بالإتفاقيات الثنائية لإنشاء المفاعلات النووية، تنص إلى منع الدولة الراغبة في إنشاء مفاعل نووي من تخصيب اليورانيوم حيث يتم إستيراده مخصبا من مصادر عالمية مراقبة ومحددة. فالسؤال إذا: في بلد غني باليورانيوم كالأردن، لماذا علينا استبدال الرخيص المتوفر بالغالي المستورد والمقنن؟ لماذا ترغب حكومتنا بالتخلي عن حق التخصيب؟ كسائر ثروات بلادنا التي دثرت بين أقدام الخصخصة والاستثمارات الرخيصة، هل يرى صناع القرار أن إنشاء مفاعل ذو عواقب عدة أفضل وأجدى على كافة الصعد من امتلاك مادة مهمة تستطيع الدولة تخصيبها وتصديرها؟ وإذا أثبتت دراسات الحكومة الاقتصادية ذلك، يا حبذا لو شاركوها عامة الشعب.
وماذا عن طاقة مستدامة نحصل عليها بوفرة وبدون انقطاع؟ فها هي اليابان أعلنت عن استبدال طاقتها النووية بالطاقة المستدامة. وهي طاقة لا تحتاج لاستخراج ولا تنقية ولا تخصيب كالنفط واليورانيوم، فالاستثمار يعطي جدواه في مدة زمنية ملموسة والمصدر ليس بآيل للنفاذ. أين نحن من مزارع الطاقة الشمسية؟ ولماذا تتجاهلها الحكومة كبديل منطقي نسعى نحوه؟
لا شك بأن قرار استملاك مفاعل نووي مزين بصبغة سياسية واستراتيجية كما يشير لها وردم حيث يشير إلى تسابق البلدان العربية لامتلاك “حق التكنولوجيا النووية” ولكنه بعيد كل البعد عن الصبغة البيئية الاقتصادية التعليمية التي لم نحصل على تفاصيلها نحن، عامة الشعب، ناهيك عن بعدها عن أبسط ضروب المنطق.