منذ آذار ٢٠١٢، تتم محاكمة أكثر من ١٤٠ ناشطاً سياسياً أمام محكمة أمن الدولة بتهم مثل التجمهر غير المشروع وإطالة اللسان على الملك وتقويض نظام الحكم والعمل على تغيير الدستور وغيرها، تتراوح العقوبة القصوى لها من ثلاث سنوات إلى الحكم بالإعدام.
في جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحالة حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وجّهت عدّة دول انتقادات للأردن بسبب محاكمة مدنيين أمام محكمة أمن الدولة، وطالبت بإلغائها والإفراج عن النشطاء السياسيين.
الحكومة الأردنية ردّت بأن التعديلات الدستورية استبقت هذه المطالب، وأن التعديلات حصرت اختصاصات محكمة أمن الدولة في خمسة تهم رئيسية، ومنحت مهلة ثلاث سنوات لموائمة التشريعات مع الدستور ولهذا السبب ما زال قانون محكمة أمن الدولة ساريًا.
هذا الرد مضلِّل وغير صحيح، إذ أن المادّة ١٠١، فقرة ٢ من الدستور الأردني بعد التعديل تنص على أنه:
“لا يجوز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والارهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة.”
بالتالي فإن التعديلات الدستورية لم تحصر صلاحيات محكمة أمن الدولة بخمس تهم كما تردد الحكومة ويعتقد الكثيرون، بل حصرت فقط صلاحيات القضاة العسكريين، مما يعني أنه بالإمكان محاكمة المدنيين في محكمة أمن الدولة بأي من التهم المنصوص عليها في القانون الحالي، ولكن أمام قضاة مدنيين، وهو ما يحصل الآن.
لكن مشكلة محكمة أمن الدولة لا تكمن فقط في كون القضاة عسكريين أو مدنيين. هذه المحكمة الخاصة تخالف معايير المحاكمة العادلة المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتي صادق عليها الأردن، التي تؤكد على حق كل شخص في محاكمة عادلة وعلنية أمام قضاء مختص ومستقل ومحايد.
أولاً: قضاة محكمة أمن الدولة يمكن أن يكونوا مدنيين، يتم تعيينهم من قبل رئيس الحكومة، أو عسكريين، يتم تعيينهم من قبل رئيس هيئة الأركان المشتركة. هذا يخالف مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات، حيث أن القضاة في المحاكم النظامية يتم تعيينهم من قبل المجلس القضائي، ممثل السلطة القضائية المستقلة. (قانون محكمة أمن الدولة، مادة ٢)
ثانياً: حتى عندما يكون قضاة محكمة أمن الدولة مدنيين، فإن النيابة العامة فيها عسكرية. (قانون محكمة أمن الدولة، مادة ٧)
ثالثاً: محكمة أمن الدولة تخالف أحد أهم معايير المحاكمة العادلة وهو علنية المحاكمة، إذ أن المادة الثامنة من قانون محكمة أمن الدولة تعطيها الحق في إجراء المحاكمة بصورة سريّة بموجب سلطة تقديرية غير محددة المعايير.
رابعاً: خلافاً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني الذي ينص على لزوم إرسال المشتكى عليه إلى المدعي العام خلال فترة لا تتجاوز ٢٤ ساعة تحت طائلة بطلان الإجراءات (مادة ١٠٠/فقرة ٥ -ب)، فإن قانون محكمة أمن الدولة يسمح للضابطة العدلية (الشرطة) بإيقاف المشتكى عليه مدّة تصل إلى سبعة أيام قبل إحالته إلى المدعي العام، في تجاوز صريح لنصوص المادة ٩ والمادة ١٤ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن، التي تؤكد على حق كل متهم في أن يتم إبلاغه سريعاً بطبيعة التهم الموّجهة إليه.
المعلومات المصوّرة التفاعلية التالية تبيّن النشطاء الذين يواجهون تهماً أمام محكمة أمن الدولة منذ آذار ٢٠١٢ والتهم الموجّهة إليهم.
(مرر المؤشر على أيقونة كل شخص لعرض معلومات قضيته، واضغط على التهم لعرض المتهمين بها)